"الوفد": غرفة عمليات الحزب في حالة انعقاد على مدار الساعة لمتابعة سير العملية الانتخابية    قرار جمهورى بإضافة كليات جديدة لجامعتى «اللوتس» و «سفنكس»    المرأة الدمياطية تقود مشهد التغيير في انتخابات مجلس النواب 2025    الصين: اعتزام اليابان نشر أسلحة هجومية قرب تايوان يهدد بإثارة التوترات الإقليمية    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    ضبط مدير أستوديو تسجيل صوتى "دون ترخيص" بالعجوزة    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    الكونفدرالية - دون تعادلات.. كل ما تريد معرفته بعد نهاية الجولة الأولى    كأس العرب - حامد حمدان: عازمون على عبور ليبيا والتأهل لمرحلة المجموعات    ارتفاع سعر اليورو بمنتصف تعاملات اليوم الإثنين 24 نوفمبر 2025 بالبنوك المصرية    واشنطن تهدد كييف بوقف كامل المساعدات.. وروسيا تصعد على الحدود الأوكرانية    الفيضانات توقف حركة القطارات وتقطع الطرق السريعة جنوبي تايلاند    كشف ملابسات ادعاء تعدي شخص على نجل سيدة بالإسكندرية    بعد واقعة مدرسة «سيدز الدولية».. «التعليم» تطلق حملة لتوعية الطلاب بالحفاظ على السلامة الجسدية    دولة التلاوة.. وترزية الجباية    في تعاونها الثاني مع كريم محمود عبدالعزيز .. دينا الشربينى تروج لفيلمها الجديد طلقنى عبر حسابها على إنستجرام    الصحة: لا توصية دولية بإغلاق المدارس بسبب الفيروسات التنفسية لعدم جدواها    طريقة عمل سبرنج رول بحشو الخضار    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    تألق مصري فى كونجرس السلاح بالبحرين وجوائز عالمية تؤكد الهيمنة الدولية    بعرض استثنائي لميسي.. إنتر ميامي يتأهل إلى نهائي المنطقة الشرقية    جامعة حلوان تطلق منافسات الألعاب الإلكترونية وسط مشاركة طلابية واسعة وحماس كبير    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    ترامب يؤكد انتظاره لقرار المحكمة العليا بشأن الرسوم الجمركية    البرهان يهاجم المبعوث الأمريكي ويصفه ب"العقبة أمام السلام في السودان"    التشى ضد الريال.. الملكى يعانى وألونسو يبحث عن حلول عاجلة    بانوراما الفيلم الأوروبي تعلن برنامج دورتها الثامنة عشرة    أحمد صيام يعلن تعافيه من أزمة صحية ويشكر نقابة المهن التمثيلية    عمرها سبعون عاما.. سعودية تتم حفظ القرآن الكريم فى جمعية ترتيل بالباحة    الرئيس البرازيلي السابق يبرر إتلاف سوار المراقبة بهلوسات ناجمة عن الدواء    رئيس جامعة بنها يتفقد زراعة النخيل بمزارع كلية الزراعة    ننفرد بنشر تفاصيل تعديلات قانون الضريبة العقارية الجديدة المقدمة من الحكومة    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    بدء توافد المواطنين على لجان الانتخابات بشمال سيناء للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع    رئيس حزب الجبهة الوطنية يدلى بصوته في انتخابات النواب 2025    ماراثون التصويت ينطلق بقوة.. شبين القناطر تسجل كثافة لافتة أمام اللجان    مأساة على طريق القاهرة-الفيوم.. وفاة شخصين وإصابة آخرين في تصادم سيارتين    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 5 أجانب خارج مصر    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    كيفية تأثير الأجهزة اللوحية على نوم الأطفال ؟    رئيس الهيئة الوطنية: كل صوت في صندوق الاقتراع له أثر في نتيجة الانتخابات    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    أسامة نبيه: تكريم محمد صبري أقل ما نقدمه.. وموهبة لا تُنسى تركت إرثًا في الزمالك    إيمان أبوالدهب: فخورة بنجاح "لينك" وتحقيقه أعلى نسب مشاهدة على DMC وWATCHIT    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحط مراتب الكذب
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 08 - 2013

يا إلهى. ما كل هذا الكذب الذى نسمعه هذه الأيام؟! متدينون وعلمانيون وإعلاميون وضيوف على الإعلاميين ورجال دين ورجال علم وسياسة، أكثرهم يكذبون.
تجاوزنا المدى فى الكذب على الغير وعلى أنفسنا. حتى الأطفال لم يسلموا. علموهم الكذب حين أوقفوهم صفوفا يحملون الأكفان. تأملت فى عيونهم فرأيتها تنطق بحب الحياة والرغبة فيها والتعلق بها، ولكن ها هم أمامنا، وأمام العالم بأسره، على الشاشات يمشون صفوفا وكأنهم فى عرس يحملون على أكفهم «جهاز» أعراسهم. دفعوهم دفعا وبوحشية إلى الكذب ومازالوا أطفالا لم يرشفوا بعد رحيق الربيع ويتذوقوا حلو العيش.
أتحدى أن يقول طفل من هؤلاء الأطفال إنه يريد الموت. هو كاذب إن نطق بها، والرجل الذى أثار فيه الرعب لينطق بها هو أيضا كاذب. كذب على الطفل بل اغتصب براءته وأفسد حياته وحضه على عصيان إرادة الخالق حين شجعه ليضع حدا لعمره أو حين قرر له أن يموت. الرجل يكذب والمهللون من حوله يكذبون والطفل تلقن، على أيدى إنسان يزعم التزامه الدين والأخلاق، أول درس فى الكذب.
●●●
ولدتهم أمهاتهم أحرارا بغير قيود ولكن ولدتهم أيضا صادقين لا يكذبون. الطفل من الطبيعة فهو ابنها، وكلاهما لا يعرف الكذب. الطبيعة لو كذبت لصار الكون فى فوضى ولعشنا فى جحيم. نحن، الأمهات والابناء، علمنا أطفالنا الكذب حين أثرنا فى نفوسهم الخوف من قول الحقيقة والاعتراف بالخطأ. الأصل فى الكذب، عند الكبار والصغار على حد سواء هو الخوف. يبدأ الطفل حياته لا يشك فى صدق كلمة تنطق بها أمه. يصدق كل ما تقوله حتى يكتشف أنها تكذب ثم يتعود على كذبها، ثم يكذب. لم يدرك، إلا بعد فوات الأوان، أنها كانت تكذب خوفا عليه ولحمايته.
●●●
الطفل حامل الكفن لم يكن الإنسان الوحيد الذى مارس الكذب فى هذه الثورة. سمعنا فى بدايتها أشخاصا كانت لهم قيمة علمية بين المؤرخين وعلماء السياسة وإعلاميين وكتاب، يقولون إن ثورة يناير 2011 خطط لها ونظمها وفجرها عدد من أعضاء حركة حماس الغزاوية. وأن لا فضل لمصرى عليها. سمعنا آخرين، يتمتعون بالسمعة نفسها ولهم شعبية لدى قراء ومشجعين، قالوا إن «الحقيقة» اكتملت عندهم بالقرائن الدامغة على أن هذه الثورة من صنع قوى غربية وصهيونية وماسونية ويقودها عملاء علمانيون أو كفرة. كل هؤلاء، السابقون واللاحقون، من الأشخاص المحترمين، كذبوا كذبا مفضوحا، ومازال بعضهم منغمسا فى الكذب. إذ لم يفرج واحد منهم، من هذا الفريق أو ذاك، عن مستند أو وثيقة يدعم هذه الحقيقة التى زعموا أنهم توصلوا إليها.
هؤلاء لن يكونوا آخر من اشترك فى تزييف التاريخ. كريستوفر كولومبس كان أحد أشهر من كذبوا فكادت كذبته تصبح حقيقة علمية وجغرافية دامغة. شارل بونزى وبرنى مادوف من الغرب والريان وسعد وآخرين من مصر والشرق استخدموا الكذب ليجمعوا ثروات طائلة. كذبوا على صغار المدخرين ووعدوهم بأرباح كبيرة بينما كانوا يدفعون لهم من إيداعات من يأتى بعدهم من المدخرين. انكشف الكذب ولكن بعد أن خسر الناس مدخراتهم وخسر الاقتصاد الثقة والأمان. الجدير بالذكر أنه فى معظم الحالات استخدم المحتالون علاقتهم بالمسجد والمعبد والتظاهر بالورع والأخلاق الفاضلة لتأكيد أنهم لا يكذبون. وكانوا يكذبون.
●●●
كتب التاريخ حافلة بقصص الكذب. والغريب فى الأمر، اننا كآباء وأمهات كنا نهتم بأن نقرأها لأطفالنا. لم ندرك وقتها أننا بما فعلنا كنا نمجد الكذب ونسميه إبداعا. كان بالفعل إبداعا ما فعله أهل المدينة الإغريقية حين زعموا لأهل طروادة، بعد حرب دامت عشر سنوات، أنهم تعبوا من الحرب وفى نيتهم إرسال هدايا ثمينة معبأة داخل حصان خشبى كبير الحجم. صدق أهل طروادة الكذبة وسمحوا بدخوله إلى المدينة المحاصرة. وبحلول الليل نام أهل طروادة وخرج من الحصان الجنود اليونانيون ليحرقوا المدينة.
●●●
هناك أيضا قصة أنا اندرسين، الشهيرة بأناستازيا، الطفلة التى ظهرت فى عام 1920 فى أحد المستشفيات بعد محاولة انتحار، زاعمة أنها الابنة الأصغر لقيصر روسيا التى استطاعت الإفلات من حفل الإعدام الجماعى للقيصر وعائلته. صدقها الكثيرون وكذبها الكثيرون، ولكنها عاشت مصرة على روايتها حتى ماتت فى عام 1984. وبعد موتها استطاع العلماء بفضل التقدم العلمى تحليل DNA لجثث عائلة القيصر وأصدروا حكمهم النهائى القاطع فى عام 2009 القاضى بأن الطفلة أنا اندرسين كانت تكذب وأنها ليست أناستازيا ابنة القيصر.
●●●
نقلوا عن نيتشه قوله «أنا لست منزعجا لأنك كذبت على، انا منزعج لأننى لن أتمكن من تصديقك بعد اليوم». وقد كتب حكماء العرب قديما أن الرجل المؤمن إيمانا صحيحا لا يمكن ان يكذب، فالإنسان العادى هو الخاسر إذا كذب على أصحابه لأنه يفقد صحبتهم واحترامهم، أما إذا كذب رجل دين وصاحب رسالة على جماعته وأمته فالخاسر هنا هو الدين والرسالة وليس فقط الجماعة أو الأمة.
●●●
أحط مراتب الكذب فى رأيى، كذب الأئمة على المصلين، وكذب السياسيين على شعوبهم، وكذب الشعوب على حكامها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.