كان مشهدا مؤثراً لكل عربي , حين رأينا أحلام الصهاينة المرسومة على جباههم تتهاوى تحت أقدام أبناء فلسطين , فاليهود يحلمون بطرد أهل غزة ليكملوا إقامة دولتهم الكبرى , ولكن هيهات هيهات .. لقد رأينا ثمرة الشهداء التي روت كل شبر من الأرض ..ثمرة الأمهات اللاتي أرضعن البأس والشجاعة .. ثمرة الإيمان بالأرض والإنسان .. لم يوفر الصهاينة باباً في إهانتنا , أهانوا خنساءنا وعمارنا .. واتهموهم بالإرهاب ... أهانوا نبينا وعلينا ... واتهموهم بالإرهاب ... أهانوا أبي وأمي .. واتهموهم بالإرهاب ... أهانوني .......... في عقر داري ...واتهموني بالإرهاب أنا مع الإرهاب متهمون نحن بالإرهاب ...
إن نحن دافعنا عن الوردة ... والمرأة ... والقصيدة العصماء ... وزرقة السماء ... عن وطن لم يبق في أرجائه ... ماء ... ولا هواء ... لم تبق فيه خيمة ... أو ناقة ... أو قهوة سوداء ... متهمون نحن بالإرهاب ... متهمون نحن بالإرهاب ... اذا كتبنا عن بقايا وطن ... مخلع .. مفكك متهرئ أشلاؤه تناثرت أشلاء ... عن وطن يبحث عن عنوانه ... وأمة ليس لها أسماء !
عن وطن .. لم يبق من أشعاره العظيمة الأولى سوى قصائد الخنساء !! عن وطن ... كتابه تعودوا أن يكتبوا ... من شدة الرعب .. على الهواء !! عن وطن .. يشبه حال الشعر فى بلادنا فهو كلام سائب ... مرتجل ... مستورد ... وأعجمي الوجه واللسان ... فما له بداية ... ولا له نهاية ولا له علاقة بالناس ... أو بالأرض .. أو بمأزق الإنسان !! عن وطن ... يمشى الى مفاوضات السلم .. دونما كرامة ... ودونما حذاء !!!
ابحث فى دفاتر التاريخ ... عن أسامة بن منقذ ... وعقبة بن نافع ... عن عمر ... عن حمزة ... عن خالد يزحف نحو الشام ... أبحث عن معتصم بالله ... حتى ينقذ النساء من وحشية السبي ... ومن ألسنة النيران !!
أبحث عن رجال أخر الزمان .. فلا أرى فى الليل إلا قططا مذعورة ... تخشى على أرواحها ... من سلطة الفئران !!... هل العمى القومي ... قد أصابنا؟ أم نحن نشكو من عمى الألوان ؟؟ متهمون نحن بالإرهاب ... إذا رفضنا موتنا ... بجرا فات إسرائيل ... تنكش فى ترابنا ... تنكش فى تاريخنا ... تنكش فى إنجيلنا ... تنكش فى قرآننا! ... تنكش فى تراب أنبيائنا ... إن كان هذا ذنبنا ما أجمل الإرهاب ... متهمون نحن بالارهاب ... ...
اذا رفضنا محونا على يد المغول .. واليهود .. والبرابرة ... اذا رمينا حجرا ... على زجاج مجلس الأمن الذى استولى عليه قيصر القياصرة ... .... متهمون نحن بالارهاب .. اذا رفضنا أن نفاوض الذئب .. وأن نمد كفنا ل.. أميركا ... ضد ثقافات البشر .. وهى بلا ثقافة ... ضد حضارات الحضر ... وهى بلا حضارة .. أميركا .. بناية عملاقة ليس لها حيطان ... متهمون نحن بالإرهاب اذا رفضنا زمنا صارت به أميركا المغرورة ... الغنية ... القوية مترجما محلفا ... للغة العبرية ... ... متهمون نحن بالإرهاب وإذا رمينا وردة .. للقدس .. للخليل .. أو لغزة .. والناصرة .. إذا حملنا الخبز والماء إلى طروادة المحاصرة متهمون نحن بالإرهاب إذا اقترفنا مهنة الثقافة إذا قرأنا كتابا في الفقه والسياسة إذا ذكرنا ربنا تعالى إذا تلونا سورة الفتح وأصغينا إلى خطبة الجمعة فنحن ضالعون في الإرهاب متهمون نحن بالإرهاب إن نحن دافعنا عن الأرض وعن كرامة التراب إذا تمردنا على اغتصاب الشعب .. واغتصابنا ... إذا حمينا آخر النخيل فى صحرائنا ... وآخر النجوم فى سمائنا ... وآخر الحروف فى اسمآئنا ... وآخر الحليب فى أثداء أمهاتنا ..
إن كان هذا ذنبنا فما أروع الإرهاب!! إن كان يستطيع أن يحرر المسيح .. ومريم العذراء .. والمدينة المقدسة .. من سفراء الموت والخراب .. أنا مع الإرهاب إن كان يستطيع إن ينقذني من قيصر اليهود أو من قيصر الرومان أنا مع الإرهاب ما دام هذا العالم الجديد .. مقتسما ما بين أمريكا .. وإسرائيل .. بالمناصفة !!!
أنا مع الإرهاب بكل ما املك من شعر ومن نثر ومن أنياب ما دام هذا العالم الجديد !! بين يدي قصاب أنا مع الإرهاب مادام هذا العالم الجديد يكره في أعماقه رائحة الأعراب أنا مع الإرهاب مادام هذا العالم الجديد يريد ذبح أطفالي ويرميهم للكلاب من أجل هذا كله أرفع صوتي عاليا أنا مع الإرهاب أنا مع الإرهاب أنا مع الإرهاب لم أجد أفضل من كلمات نزار قباني لتعبر عما يجول في خاطري . ** كاتب عربي دمشق