الإنسان هو المستهدف الرئيسى، وهو الأمل الذى نزل القرآن من أجله، والإنسان هو محور البلاغ القرآنى فقد ترددت فيه كلمات الإنسان/ الناس/ بنى آدم، وفوق ذلك نجد أسماء سور القرآن (الأسماء وحدها) تضع عقدا يعلن عن حفاوة القرآن بالإنسان، ويبين بعض خصائص الإنسان فى أسماء السور . فحينما تقرأ أسماء سور (الإنسان)، (الناس) فمجرد «اسم السورة» تدرك أن «الإنسان والناس» هدف رئيسى من أهداف القرآن، فإذا علمت أن الناس كل الناس فى معيار القرآن خمسة أصناف قد جعل الله «اسم كل صنف» اسم سورة من سور القرآن. ف «الناس» إما «مؤمنون»، وإما «كافرون» وإما «منافقون» وقد جاءت هذه الكلمات الأربع أسماء سور إشارة إلى أن القرآن قد نزل يخاطب كل الناس. لكن هناك شريحة أخرى رفضت الرسالة الخاتمة، وتوقفت عند ما فى أيديهم من رسالات سابقة وتلك الشريحة هى (أهل الكتاب) وهؤلاء يتميزون عن «الكافرين» فجاء القرآن باسم سورة تشير إلى الجزء الأكبر من أهل الكتاب وهم «الروم» كما لا ينسى القرآن أن يعين شريحة أخرى من بنى الإنسان لها ظرف خاص. فإما أن الرسالة لم تبلغهم، وإما أنهم لم يتبينوا ما فى الرسالة من حق وخير، فعاشوا حياتهم لا يتعاطفون مع الرسالة، ولا ينزلقون لمعارضتها أو حربها وهذه الشريحة من الناس تُبعث يوم القيامة فى مكان خاص بها لاهم فى الجنة ونعيمها، ولا هم فى النار وعذابها، إنما هم فى منطقة خاصة بهم تسمى «الأعراف» لذلك جاء اسم هؤلاء عنوانا لسورة من سور القرآن ((وَبَينَهُمَا حِجَاب وَعَلَى 0لأَعرَافِ رِجَال يَعرِفُونَ كُلَّا بِسِيمَىٰهُم وَنَادَواْ أَصحَٰبَ 0لجَنَّةِ أَن سَلَٰمٌ عَلَيكُم لَم يَدخُلُوهَا وَهُم يَطمَعُونَ(46) وَإِذَا صُرِفَت أَبصَٰرُهُم تِلقَآءَ أَصحَٰبِ 0لنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لَا تَجعَلنَا مَعَ 0لقَومِ 0لظَّٰلِمِينَ (47)7 وَنَادَىٰٓ أَصحَٰبُ 0لأَعرَافِ رِجَالا يَعرِفُونَهُم بِسِيمَىٰهُم قَالُواْ مَآ أَغنَىٰ عَنكُم جَمعُكُم وَمَا كُنتُم تَستَكبِرُونَ (48) )) مازالت أسماء سور القرآن تذكر بالإنسان وتعلن مكانته عند الله وفى القرآن ومن المعلوم أن الجنس البشرى ينقسم إلى نوعين الرجال والنساء وعلى طول الزمن تشغل قضية المرأة حيزا من الفكر والقلق والنزاع، كما تتسعت صفحة الأرض ل «عدوان ذكوري» على حقوق النساء. لذلك لا يندهش الإنسان إذا وجد سورة باسم (النساء) وكأن إعلان القرآن وإعلامه يلفت النظر إلى مكانة وحقوق النساء، ولا تسأل عن سورة باسم (الرجال) فالمستهدف إشعار الرجال بقيمة النساء وقد استخدم القرآن النوع (النساء) الأولى بالرعاية، وعندما يريد القرآن أن يعلى شأن الحكمة والحكماء فإذا به يختار نموذجين للحكمة ويحمل اسم كل واحد منها اسما وعنوانا على سورة. ففى القرآن سورة باسم «لقمان»، وسورة باسم «مريم»، وحتى يجعل القرآن هو المحور الرئيسى والهدف العام من الرسالة، فإن القرآن يذكر أول مرحلة من مراحل «خلق الإنسان وهو «العلقة» ويجعل «العلق» اسم سورة هى أول ما نزل من القرآن. ولا يترك القرآن عنصر الإنسان دون أن يتمم رسم صورة واضحة للإنسان، فالقرآن يجعل بعض السلوكيات السيئة عنوانا واسما لبعض السور فانظر اسم سورة «المطففين» يكاد يكون تحذيرا لهذا التعامل اليومى فى «الكيل والميزان»، اسم سورة «التكاثر» اسم يعلم الناس عدم الاكتراث بالعدد والكم كما يعلم الناس ضرورة الاهتمام بالكيف لا بالكم. وهذه أسماء ثلاث سور كل اسم فيها يوضح «سلوكا بشريا» ينبغى تدقيقه وترشيده، فاسم سورة «عبس» يكاد ينهى عن العبوس فى وجه أحد، واسم سورة «المجادلة» يذكر بأن الجدال إما أن يكون بالحسنى، وإلا فلا جدال، أما اسم سورة «الممتحنة» فهو بيان واضح فى حدود امتحان الناس بعيدا عن القلوب.