ساق على ساق، يدان من تراويح الورد. الحب جالسا فى مقهى الماضى يرشف الظلال من كوب شفيف، بمزاجِ عاشق يدخن الشيشة. وحيد كما عهدناه. وجه جامع لعصافير. فى جيب سترته رسالة على نبض منديل. ذلك السياج الخشبى صار أشجارا، أغصان أزهرت من طاولتنا ذات الجذور الطيبة، والرجل الأنيق فى ركنه. بطمأنينة نيل وطيور لا تهاجر. ملاك من فتات ابتساماتنا أرخى القوس والأجفان. بدستة من السنوات الزاهية الذاوية استبقنا التعاسة يا نانيس. على جلد تمساح أليف، بخطى مع الطيور خادعة. قبل صغارها حاملى الحصى، وصلنا. دموعنا دروع، فى عيوننا الوادعة شبابيك ترشق الشوارع بالورد. على كتان لافتة، كلمة «صحراء». محاكة بخيوط يابسة، بخط يدوى يضحك لأطفال البدو الطيبين. المقهى مصابيح متأرجحة مشانق لدمى ومباخر حصان من الخزف يلمع لوحات من حولنا تحوم. شاى أسود على شرفة واطئة: شهيرة تشرح الحب. الباقة بيننا، شىء فى أشواكنا يصغى بيقين ينابيع. بمنديل الست لوحنا، للحب لمراكبه المتلكئة المرحة. بمنديل الست أصبح لدينا شراع. من الملح جففنا وجوهنا. ضمدنا جراحا تضحك. رفعنا العلم عاليا ثم الراية البيضاء. ثم مسحنا الوحل عن أحذيتنا بمنديل الست، وبأرواح مبحوحة أكملنا السير صامتين. ورق أصفر على أرصفة مصر الجديدة. قرطاس قصر، بردية قمر. خريف كثيف كفصل أخير من رواية. جثث مغطاة بجرائد. توابيت بخفة يافطات. ملاك من الكرتون الأسمر يصد العاصفة بقصيدة صدره عن ملكة ليل تتساقط فى حماه. خرائط تتطاير. طوابع بأسنان مكسورة. ضحكات تذاكر سفر. شهادات وفيات تكفى لكسو شجرة كافور بأسماء شهداء دون الأربعين. كأكفاننا بين أكفنا، باقات باهتة متيبسة. جف الورد فى دواوين أيدينا. الرماد أنبت بيوتا لا تعرفنا. نخيل وبنايات على صفحة نيل لا تطوى. علبة كبريت مبتلة، دفتر ممزق فى جيبى. ليس الوطن بألوان بطاقة بريدية. رسالة طافية فى زجاجة. قاهرة من ورق.