سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فرانس برس: أنصار مرسى معزولون عن الخارج ولا يسمعون إلا خطاب الجماعة معظمهم جاءوا من قرى فقيرة .. ومقتنعون أن من تظاهروا فى 30 يونيو جنود الأمن المركزى والفلول
ينتظر إبراهيم محمد فى خيمته منذ 10 أيام تحت صورة للرئيس الإسلامى المعزول محمد مرسى عودة هذا الأخير إلى الحكم ويؤمن إبراهيم بأن «الملايين تساند رئيسنا» شأنه شأن عشرات الآلاف من مناصرى الإخوان المسلمين المعتصمين فى مدينة نصر، شرق القاهرة، والذين باتوا معزولين عن الخارج فلا يسمعون غير خطباء منصة الاعتصام. ومنذ أسبوعين، يحتشد عشرات الآلاف من انصار جماعة الإخوان، التى ينتمى إليها مرسى، بمحيط مسجد رابعة العدوية فى ضاحية مدينة نصر للمطالبة بعودة الرئيس المعزول، لكن هؤلاء ومعظمهم من قرى فقيرة لا يتلقون المعلومات إلا من منصة عملاقة يعتليها قادة الإخوان وأنصارهم. وعادة ما يعلن من على تلك المنصة عن أعداد مبالغ فيها للمتظاهرين، لكن المعتصمين يصدقونها دون نقاش، لا بل ويحتفلون بها.
وأعلن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان، الأحد الماضى للصحافة الأجنبية عبر بريد إلكترونى أن عدد المتظاهرين فى الاعتصام يتراوح بين 4 و5 ملايين مؤيد لمرسى، وهو رقم بعيد جدا عن العدد الحقيقى.
ويقول الشاب إبراهيم، الذى جاء من محافظة الشرقية «دلتا النيل» لفرانس برس «نحن هنا بالملايين، أعدادنا تفوق أعداد معارضى مرسى»، ويضيف: «الرئيس مرسى سيعود للحكم، المنصة تؤكد لنا ذلك».
وفيما كانت تمسك يد طفلتها التى تحمل صورة لمرسى، قالت حنان التى جاءت من الإسكندرية «نحن بالملايين، أعدادنا أكبر بكثير من المعارضة، قنواتنا تقول ذلك ونحن نصدقها».
ويعتقد أنصار مرسى أن معظم المصريين يساندون مطالبهم، ذلك رغم أن ملايين المصريين خرجوا فى 30 يونيو للمطالبة بعزله، ويقول المهندس سيد عبدالله: «من تظاهر فى 30 يونيو كانوا جنود الأمن المركزى والفلول. الإعلام كبر الصور وأشاعوا أن مصر كلها خرجت»، وهى رواية يوافق عليها العشرات من حوله.
ومن على «منصة رابعة العدوية» قيل مرارا إن هناك مسيحيين مؤيدون لمرسى فى الاعتصام للدلالة على أن الجميع يساند مرسى، وذلك برغم مشاركة الآلاف من مسيحيى مصر فى التظاهرات التى عزلت مرسى قبل أسبوعين، ويقول محمد احمد من الاسكندرية: «أصدق أن هناك مسيحيين موجودين معنا فى الاعتصام»، وهو ما ردده إبراهيم محمد القادم من الشرقية «يوجد بيننا مسيحيون مؤيديون لمرسى»، لكن كليهما يؤكدان أنهما لم يقابلا أى مسيحى منذ بدء الاعتصام.
وتستخدم المنصة الخطاب الدينى لبث الحماسة بنفوس المحتشدين، ويروى دعاة من الإخوان أو مقربون منهم رؤى بالمنام عن حضور مرسى مجلسا مع الرسول وأنه طلب منه أن يؤم الصلاة، او تمثل الملاك جبرائيل فوق رابعة العدوية وأخرى عن لفريق اول عبدالفتاح السيسى الذى عزل مرسى وهو غارق فى دمائه، بحسب قولهم. ويقول أحمد عارف، الناطق باسم جماعة الاخوان المسلمين لفرانس برس: «ليس لنا اى سيطرة على المنصة وما يقال عليها آراء فردية لأصحابها». ويضيف «نحن لا نستدعى أى أكاذيب أو (نمارس) ضغوطات، ولا نضغط على أحد للبقاء معنا فالقرار للمؤيدين».
ويقول الدكتور أحمد عكاشة استاذ الطب النفسى لفرانس برس ان «غالبية انصار مرسى مغرر بهم عبر عملية غسل مخ وتغيير المفاهيم المعرفية من خلال قصر تثقيفهم على تعاليم الجماعة وتفسيرها للقرآن والشريعة»، وتابع «هم منفصلون تماما عن الواقع». وعن خضوع أنصار مرسى لقادتهم، يقول عكاشة «هناك ما يسمى غريزة القطيع ومعناها أن البسطاء ينساقون وراء قادتهم بلا مراجعة أو تفكير».
وخلاف المنصة، يقول المئات من أنصار مرسى إنهم لا يتابعون ما يحدث فى البلاد إلا من خلال بعض القنوات الدينية او التابعة للتيار الإسلامى، وهو الأمر الذى يجعلهم معزولون تماما عن مصادر الأنباء الأخرى، سواء المحايدة أو المعارضة
واغلقت السلطات المصرية ست قنوات دينية تعد المصدر الرئيسى لأنصار مرسى من الإسلاميين. وهو ما اعتبروه اضطهادا لهم وتضييقا على الحرية.
ويقول المهندس محمد مصيلحى، القادم من طنطا: «نحن نتابع ما يحدث فى مصر عبر قنوات الحوار والأقصى واليرموك» وهى قنوات تابعة لتيار الاسلام السياسى، مضيفا: «لا نتابع أى قنوات أخرى لأنها غير محايدة». وقال الطالب السيد بدر القادم من الشرقية «أتابع صحيفة حزب الحرية والعدالة.. لا أصدق غيرها على الإطلاق».
ويعيش انصار الرئيس مرسى فى حالة صدمة بالغة جراء التغيير المفاجئ فى وضعهم من أنصار لحاكم البلاد إلى أنصار رئيس معزول وجماعة مطلوب قادتها للتحقيق. وتظهر المرارة والأسى على ملامح بعضهم، كما يبكى المئات منهم بإخلاص أثناء الصلاة وهم يدعون له بالعودة، ويقول ابويوسف الذى جاء مع زوجته للاعتصام «نحن نشعر بالخيانة والصدمة.. ما حدث أمر لا يصدقه عقل».
ويقول الدكتو حازم حسنى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: «الخطورة أن هناك قيادات قادرة على إرباك المشهد بجماهير غير واعية وليس لها إرادة حرة». وتابع: «يخشى فى حال تعقد المشهد استخدامهم فى عمليات انتحارية أو هجمات جماعية ضد المنشآت العسكرية والأمنية عبر خطاب دينى يعدهم بالجنة».
وبحمل اكفانهم البيضاء والسير بها أمام الكاميرات يعبر أنصار مرسى عن استعدادهم لبذل حياتهم من أجله ومن أجل الشرعية وفيما كان يحمل كفنه مع العشرات، قال طه أبوالشيخ بثقة «لو قالوا للناس روحوا انتحروا فى أى مكان سنحمل كفننا ونسير وراءهم».
وباتت تنتشر فى الشوارع قمصان قطنية كتب عليهم «مشروع شهيد»، ويقول المراهق محمد يسرى الذى كان يرتدى فانلة منها «لن أغادر المكان ولو على جثتى. سندافع عن مرسى بدمائنا»، وأضاف «أنا أعى معنى هذه العبارة تماما.. نعم مستعد للموت من أجل دينى وجماعتى ورئيسى».