«الجنيه دلوقتى يساوى 3 حزم جرجير أو 3 ليمونات.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. نعيش ازاى؟ كيلو البصل والطماطم وصل إلى 4 جنيهات.. والزيت ب10 جنيهات، كل حاجة غليت، الغلابة اللى زينا يعملوا ايه.. الجنيه ما بقاش له قيمة، والله أعلم بعد كده حيوصل لإيه»، تقول أم حنان، ربة منزل، وام لثلاثة أطفال. وتضيف أم حنان بأسى «هى البلد والحكومة دى حتودينا لغاية فين، وليه مش بتفكر فى الغلابة خالص، فين وعود الرئيس إن الغلابة على رأسه من فوق، ده احنا خلاص حنموت، وكل يوم الجنيه بيتدهور، هو احنا عندنا كام جنيه».
هانى جنينة، رئيس قسم البحوث فى بنك الاستثمار فاروس، يقول إن القيمة الشرائية للجنيه انخفضت منذ يوليو الماضى بنحو 10%، وهذا «ينعكس بوضوح فى معدل التضخم».
وكان معدل التضخم السنوى خلال ابريل الماضى قد وصل إلى 8.8%، مقابل 8.2%، تبعا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وتتوقع بنوك الاستثمار أن يواصل ارتفاعه خلال الفترة المقبلة، ليصل إلى 10% فى المتوسط خلال 2013.
ويرى رئيس قسم البحوث فى فاروس أن نقطة التحول الأساسية لمسار الجنيه كانت فى الربع الأخير من 2013، «أحداث الاتحادية والتعديلات الدستورية وعلاقات مصر الخارجية غير المستقرة.. كل هذه الأحداث أفقدت الشعب والمستثمرين لأول مرة منذ الثورة الاحساس بالأمان، وانه لن تكون هناك مساعدات من الخارج، ولذلك اتجهت الناس إلى الدولرة وتدخل المركزى لم يكن أمامه حل آخر لوضع قيود من حديد على تحرك العملة.. باختصار سياسات مرسى خلقت نوعا من الفزع زاد من تدهور القطاعات الرئيسية المدرة للعملة الصعبة مثل السياح، والاستثمار، مما اضطر المركزى للتخلى عن دعم الجنيه فى ديسمبر».
وهو ما أكدته عالية ممدوح، محللة الاقتصاد فى بنك الاستثمار سى أى كابيتال، قائلة «التدهور فى القطاعات الاقتصادية المختلفة جعل المركزى لم يعد يقوى على دعم الجنيه»، مؤكدة أن قيمة الجنيه تراجعت فى مواجهة الدولار منذ تولى الرئيس محمد مرسى الحكم فى 30 يونيو بما يعادل 13%، وذلك حتى نهاية مايو 2013، «وسينخفض أكثر من ذلك ليصل إلى 7.40 جنيه بنهاية العام»، بحسب توقعاتها.
كان المركزى قد دعم الجنيه منذ اندلاع الثورة لفترة كبيرة، حتى لا تنهار قيمته فى مواجهة الدولار، حتى وصلت الفجوة بين سعرى الدولار فى السوق الرسمية، والسوق السوداء، بحسب محللة الاقتصاد، إلى20% (6.40 جنيه السعر الرسمى و6.90 جنيه السعر فى السوق السوداء). ولكن فى ديسمبر 2012 قرر المركزى التوقف عن دعم الجنيه، نتيجة لنقص السيولة التى تتعرض لها الدولة، مما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار إلى 6.90 جنيه فى السوق الرسمية، وتدرج حتى وصل إلى 7.01 جنيه حاليا، مما أدى إلى انكماش الفرق بين سعرى الدولار إلى 6% حاليا ( 7.1 جنيه السعر الرسمى و7.30 جنيه السعر فى السوق السوداء).
وتذكر ممدوح عددا من العوامل أدت إلى الضغط على الجنيه، وستؤدى إلى المزيد من الضغط خلال الفترة المقبلة، اهمها عدم وجود مخزون من السلع الاستراتيجية، وأزمة المواد البترولية، مما يزيد من فاتورة الواردات، بالإضافة إلى عدد من العوامل الخارجية، مثل ضعف الاقتصاد الأمريكى والأوروبى مما يحد من رسوم قناة السويس.
وكان لصندوق النقد الدولى دور كبير فى التسريع بخطوة تعويم الجنيه، حيث اضطرت الحكومة، برغم تأكيدها عدم صحة هذا الكلام، إلى تعويم الجنيه، للإسراع فى إجراءات القرض، أضافت المحللة، وليست هذه المرة الأولى للصندوق فى التدخل فى سعر العملة المحلية لمصر، حيث إنه فى عام 1977، حين كان سعر الدولار يمثل 2.5 جنيه، تدخل الصندوق وطالب بتخفيض قيمة الجنيه ليصل الدولار إلى 1.4 جنيه.
وبرغم كل هذه الضغوط فإن محللة الاقتصاد فى سى أى كابيتال، تتوقع ثبات الجنيه فى مواجهة الدولار مع بداية 2014، وإن كان «ذلك مرتبطا بالإصلاحات ومنهج الحكومة، فمن المتوقع أن يكون هناك نوع من التعافى خلال الفترة القادمة إذا سلكت الحكومة المنهج السليم ولكن 30 يونيو سيكون نقطة فاصلة فى المسار الاقتصادى للدولة».
ومن جهته، يضيف وائل زيادة، رئيس قسم التحليل فى هيرميس، أن «الطبقات الاقل دخلا والمتوسطة هى الاكثر تضررا من انخفاض قيمة الجنيه، فكلما انخفضت قيمة الجنيه، انخفضت قدرته على تلبية احتياجاتها، حيث اصبح دخلها حاليا لا يلبى إلا ما يقرب من 90% من احتياجاتها التى اعتادت شراءها»، مشيرا إلى أن الطبقات الاعلى دخلا استطاعت تعويض انخفاض العملة المصرية بزيادة مصروفاتها لتلبية احتياجاتها. وتوقع زيادة أن يصل الدولار إلى نحو 7.50 جنيه كسعر رسمى، على أن يصل إلى 7.75 جنيه فى السوق السوداء».