«عميلنا العزيز: بناء على قرار البنك المركزى، يؤسفنا أن نبلغكم أن البنك لن يقبل من اليوم أى إيداعات إضافية فى حساب «كل يوم»، علما بأن المبلغ الموجود سيتم الإبقاء عليه بنفس النظام».. كانت هذه هى الرسالة، التى تلقاها محمد صباح الخميس الماضى، من البنك الذى يتعامل معه، وهو بنك «أتش أس بى سى» مصر. هذه الرسالة كانت سببا لجدال كبير بين محمد وبعض العاملين فى البنك، وبعض العملاء أيضا، حضرته «الشروق»، أثناء جولة لها فى البنوك، للاستفسار عن سبب القرار.
ويوضح أحد الموظفين فى البنك أن تعليق حساب «كل يوم» جاء نتيجة لقرار المركزى منذ أسبوعين بتخفيض نسبة مساهمة البنوك فى صناديق الاستثمار من 5% إلى 2%، «لقد تعدينا هذه النسبة فاضطررنا لوقف أى إيداعات جديدة فى أى صندوق، وحساب «كل يوم» ضمن الصناديق التى نستثمر بها»، بحسب قوله.
«لماذا يتم اتخاذ مثل هذا القرار؟ الحكومة، فى كل اجراءاتها، لا تفكر فى مصلحتنا. دائما المواطن، أول وأسهل تضحية لها، والمهم أولوياتها وأهدافها»، كان هذا رد محمد، على تفسير أحد موظفى البنك للقرار.
وحساب «كل يوم» هو حساب يومى قامت مختلف البنوك مؤخرا بالعمل به، لتشجيع الأفراد على الادخار بطريقة أسهل، حيث يستطيع العميل أن يضع كل يوم ويسحب أى يوم كما أن الفائدة تكون مركبة، وذلك من خلال وسيلة تدر للبنوك عائدا أكبر، حيث إن الاستثمار فى الصناديق فائدته أقل من شهادات الاستثمار، كما انها يتم استثمارها فى البورصة ومن ثم تدر عائدا اعلى. ومن خلال جولة «الشروق»، تبين أن هناك عددا كبيرا من البنوك، من بينها بنك بيريوس، والبنك العربى، وبنك مصر، لم تصل إلى الحد الأقصى للاستثمار فى صناديق الاستثمار، ومن ثم لا يزال بها نظام حساب «يوم بيوم».
ويستهدف المركزى، من خلال هذا القرار، بحسب مسئول فى بنك أتش أس بى سى، تعظيم السيولة التى يحصل عليها من البنوك، حيث إن كل بنك يمد المركزى ب 10% من إجمالى قيمة ودائعه، وهو ما لا ينطبق على الأموال المستثمرة فى الصناديق.
ويذكر كريم سليمان، مدير أحد فروع أحد البنوك الأجنبية، سببا آخر لقرار المركزى، وهو توفير السيولة لدى الأفراد لتشجيع الاستثمار فى الصكوك، المقترب طرحها قريبا. «الأفراد حين لا يجدون بدائل اخرى وسهلة لاستثمار أموالهم، سيتجهون للاستثمار فى الصكوك»، بحسب قوله، مشيرا إلى انه لم يتم تحديد بعد آلية مساهمة البنوك فى طرح الصكوك.
وكان البنك المركزى قد أصدر قرارا بعد يوم واحد من تحديد إقرار اللائحة التنفيذية لقانون الصكوك، بخفض الحد الأقصى، لمساهمة البنك فى مجموعة صناديق أسواق النقد التابعة له ليصبح 2%، من رأس المال الأساسى بدلا من 5%.، على ألا يزيد الحد الأقصى لأموال البنك المستثمرة فى مجموع صناديق أسواق النقد وصناديق الدخل الثابت للبنك على 7.5% من إجمالى ودائع البنك بالعملة المحلية. وأرجع المركزى هذا القرار، فى بيانه، إلى رغبته فى توفير سيولة للإقراض وتشجيع الاستثمار.
ويوضح سليمان أن حساب «يوم بيوم» أو «كل يوم» يتيح للعميل سحب النقود فى أى وقت، ومن ثم فهو لا يمثل مصدر سيولة دائم للبنك»، وذلك على عكس الودائع والشهادات، والتى تشترط على العميل عدم مساس أمواله لفترة لا تقل عن ثلاث سنوات. «هذا أيضا استهداف غير مباشر من المركزى لزيادة حجم السيولة»، بحسب قوله، مشيرا إلى أن هذا القرار لن يكون الاخير للمركزى الفترة القادمة، «ما خفى كان أعظم».