أثار اقتراح د.محمود خليل، رئيس لجنة الثقافة والفنون والآداب بحزب «الحرية والعدالة» أمانه القاهرة، بإنتاج فيلمين عالميين روائى ووثائقى عن ثورة 25 يناير، عاصفة غضب من جانب بعض السينمائيين الذين اعتبروا الاقتراح «محاولة لتزييف التاريخ وتجميل وجه الجماعة». وزاد من غضب السينمائيين أن الاقتراح جاء خلال اجتماع وزير الثقافة د.علاء عبدالعزيز مع قيادات حزب «الحرية والعدالة» الأسبوع الماضى، وهو ما اعتبره سينمائيون إهانة لهم، لا سيما مع عدم عرض الأمر فى حضورهم باعتبارهم أهل الفن والمهمومين به.
وقال الكاتب والسيناريست وحيد حامد «نحن نعيش الآن فى وطن محتل وبالتالى استقبل مثل هذه الأخبار بأسف وحزن كبيرين، وقبل أن أجيب أريد أن اسأل: هل هناك وزير ثقافة؟!».
وتوقع حامد فشل الفيلمين، وذلك على الرغم من امتلاكهم أموال تصنع عشرات الأفلام، لكنهم لا يملكون من يقدم هذه العمال بشكل جيد، مؤكدا أنها سوف تكون أفلاما دعائية وليست فنية، بحسب قوله.
كما أوضح حامد أن تلك الأفلام سوف تحمل وجهة نظر واحدة وهى وجهة نظر الإخوان، قائلا «لا علاقة للإخوان بالثورة والأفلام التى سيقدمونها ستكون عنهم وتجميلا لهم، ومن الصعب جدا كتابة أعمال فنية عن الثورة لأنها مازالت مستمرة كما أن هناك أحداثا مازالت غامضة ولم توضح كل الحقائق بعد».
من جانبه أشار المخرج داوود عبدالسيد إلى أن هذا الاجتماع دليل على «تبعية» وزير الثقافة لحزب الحرية والعدالة، وأنه جاء لتنفيذ برنامجهم وأوامرهم، بحسب قوله، متسائلا «أين هو برنامج الإخوان فى السينما؟، وهل هم يتفهمون طبيعة الفن وأن الأفلام لا تصنع بأوامر؟».
وأوضح عبدالسيد أن مصطلح أنها أفلام «عالمية» لا يحمل أى معنى، قائلا «نحن فى انتظار إبداعات الإخوان، لنشاهد ونضحك».
وحذر من أن إنتاج أفلام عن الثورة من جانب وزارة الثقافة فى هذا التوقيت ستحمل وجهة نظرهم وتلبى احتياجاتهم، والبداية كانت باختيار وزير غير معروف ومقابلته لأشخاص مجهولين لا علاقة لهم بالفن، مضيفا: «حديثى هنا عن التاريخ والانجازات وليس الشهرة».
ورأى المؤلف والسيناريست مدحت العدل أن الإخوان يفتقدون وجود كوادر فى المجال الفنى، وسوف يعرضون الثورة من وجهة نظرهم، وسيغيرون الحقائق، ويوثقونها وفق أهوائهم، وسيظهرون وكأنهم هم أبطال الثورة وأنهم من دعوا لها وشاركوا فيها.
وأشار العدل إلى أن هذا كان متاحا فيما مضى عندما كان الحاكم هو من يوثق التاريخ، ولكن الآن يوجد «يوتيوب» وأفلام وثائقية ومواقع اجتماعية راصدة لكل ما حدث فى الصورة لذا سوف يصعب عليهم تزييف الثورة.
وشدد د.مدحت العدل على أنه يجب على السينمائيين توثيق الثورة كلٌ بطريقته، وأى شىء جيد فنيا يعكس الثورة سوف يوثق لها، معربا عن اعتقاده أن الإخوان لو قدموا شيئا عن الثورة سوف يكون شاردا ولن نجد فيه روحا.
مسعد فودة نقيب السينمائيين أوضح أن مناقشة تطوير الفن كان يجب أن تتم فى اجتماع مع من هم مهمومون بالفن وعددهم كبير جدا سواء كان بخصوص الهيئات أو الأفراد، ولا مانع من حضور كافة الأطياف، لأن الفن المصرى لن يستأثر به أى فصيل بمفرده، كما أن الفن خط أحمر ولن ندع أى فصيل يستأثر به.
واعتبر فودة أن الإخوان مهما قدموا من أفلام، فالمواطن البسيط الذى شارك فى الثورة يعرف من نزل إلى الميدان وسعى لتحقيق مبادئ الثورة، لذا تناول الفيلم من وجهة نظر معينة لن يؤثر وتجربة لا نخشاها، ولكن المرفوض هو الاقصاء.
من جانبه، دافع صاحب فكرة المبادرة د.محمود خليل عن اقتراحه، وقال إن الزيارة كانت للتعارف مع الوزير الجديد، وبمجرد طرح الفكرة تبين أن لدى الوزير رؤية مسبقة بإنتاج فيلم وثائقى ضخم لتوثيق الثورة بعيون مصرية خالصة، وفيلم روائى ضخم يتناسب مع الثورة المصرية.
وأضاف أن الوزير تعهد بأنه «للأمانة التاريخية سنعرض كل ما حدث دون انحياز لأحد، والفكرة مسيطرة على الوزير بشدة وسوف تقوم بها الوزارة دون تدخل من أحد».
وأشار خليل أن الوزير كان لديه نفس الرؤية باعتباره «أحد شركاء الثورة وأحد المصابين فيها»، وكذلك باعتباره مبدعا يرى أن مصر والحالة الفنية بها حتى الآن لم تعبر عن الثورة تعبيرا صادقا ومبدعا.
وشدد خليل على أن هذا العمل سيكون شأنا فنيا بحتا يقوم به الفنانون بكامله، والاجتماع كان لطرح شرارة الفكرة ووزارة الثقافة لديها من الكوادر الفنية والمبدعين والفنانين ما يمكنهم من إنتاج فيلم عالمى عن الثورة.
وأكد خليل أن الإخوان ليسوا طرفا فى عملية الاختيار أو إنتاج أو تسويق الفيلم، لكن ثمة ضرورة أن ترتفع الحالة الفنية المصرية إلى أفق الثوة حتى لا تبرد الأحداث أو تتبعثر الحزمة التاريخية الوثائقية.
واعتبر اتهامهم بمحاولة تجميل الإخوان فى العملين «اصطياد فى الماء العكر»، مضيفا أن «ماء الثورة لن يتعكر لأنها ليست ملكا لأى طرف وحده».