«كله بيعدى هانعمل ايه يعنى.. أدينا بنحاول نظبط حياتنا على ظروف الحياة، بقيت أحاول كل شهر استغنى عن حاجة من اللى كنا بناكلها واهى بتمشى، الشهر اللى فات اشتريت 3 كيلو كشك ب30 جنيها، وكفونا فى غذاء أسبوعين، وقلت للعيال مش لازم بقى الفرخة اللى كنت باجبيهالكو كل شهر... وبقيت أشترى نصف كيلو طماطم ب1.50 جنيه كل يوم علشان العيال تتعشى بيهم مع كام رغيف والحمد لله ربنا برضه مابينساش المحتاجين، ساعات ممكن يوم كده حد قلبه يحن علينا ويجبلنا بنص جنيه كيس فول أو بجنيه جبنه قريش، وربع كيلو الفاكهة ربنا بيبارك فيه ويكفينا أسبوعين دلوقتى بدل أسبوع»، هكذا تتعامل أسرة انعام فى قرية الزاوية بأسيوط، المكونة من 6 أطفال، مع زيادة أسعار الغذاء خلال الفترة الأخيرة.
ولم تكن انعام الوحيدة التى تلجأ إلى استخدام أرخص أنواع من الطعام أو الاستغناء عن بعض الأصناف لمواجهة زيادة الأسعار، فهذه كانت أكثر الأساليب انتشارا بين الأسر الأكثر احتياجا، التى لا يتعدى متوسط إنفاقها الشهرى 661.7 جنيه، ولا يكفى دخل 88.9% منها احتياجاتها الشهرية، بحسب آخر تقارير مرصد الغذاء المصرى الذى تم الإعلان عن نتائجه أمس.
فتبعا للمرصد، الذى أعده برنامج الأغذية العالمى بالمشاركة مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن 32.3% من تلك الأسر اضطررت إلى الاستغناء عن بعض أنواع الطعام الذى اعتادت عليه واستبدلته بأنواع أرخص، ومن لم يتمكن من ذلك لجأ إلى السلف، ف28% من الأسر استلفت من أقاربها أو أصدقائها لمواجهة ضغوط زيادة الأسعار.
وهناك أيضا من لجأ إلى الشراء على النوتة أو بالتقسيط لسد احتياجاته الغذائية الأساسية، أما من أُغلقت كل هذه الأبواب فى وجهه، اضطر إلى تقليل كمية الطعام، وبينما قللت بعض الأسر الطعام داخل الوجبات أو أصبح الكبار بها يأكلون أقل حتى يتركوا الطعام للصغار، فإن أسرا أخرى خفضت عدد الوجبات.
وقد استخدمت الأسر الأكثر احتياجا إحدى تلك الوسائل أو أكثر، بعد أن توقفت فى البداية تماما عن استهلاك بعض المواد الغذائية مثل الأسماك واللحم الكندوز والألبان والدواجن. ويشير التقرير إلى أن نحو 43% من تلك الأسر لم تعد تستهلك اللحم الكندوز منذ أكثر من 4 شهور ونصف النصف فى المتوسط، فى حين أن 19.5% منها لم تعد تستهلك الألبان منذ 4 أشهر.
وتأتى القليوبية فى مقدمة المحافظات التى تضم أسر لا يكفى دخلها احتياجاتها الشهرية من الطعام، فكل سكانها يجدون مشكلة فى توفير احتياجاتهم الرئيسية من الغذاء، تليها محافظة مطروح (98.7% من سكانها) ثم القاهرة (98.1%)، «وهذا يتماشى مع النتائج الحديثة التى توضح ارتفاع فقر الدخل واستهلك الغذاء فى الوجه القبلى والقاهرة الكبرى».
وبينما تعول بعض الأسر الفقيرة على البطاقات التموينية لسد بعض احتياجاتها الرئيسية من الغذاء، فإن التقرير يوضح أن أكثر من خمس هذه الأسر (23.3%) لا تمتلك بطاقات تموينية، ذلك فى الوقت الذى بلغ فيه عدد المستفيدين من البطاقات 66.7 مليون فرد، تبعا لبيانات المرصد.
وجاء الإعلان عن نتائج آخر تقارير مرصد الغذاء المصرى خلال إطلاق تقرير «وضع الفقر والأمن الغذائى فى مصر.. تحليل الوضع الحالى وتوصيات لصانعى القرار» الذى أوضح أن «نسب الفقر وانعدام الأمن الغذائى وسوء التغذية ارتفعت فى مصر بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الماضية»، بحسب التقرير الذى اعتمد على تحليل بيانات آخر بحث للدخل والانفاق الذى أجراه الجهاز المركزى فى 2011، وهو البحث الذى أصبح الجهاز يعده كل عامين بدلا من 5 سنوات.
وقد اوضح التقرير، المشترك لبرنامج الأغذية العالمى والجهاز المركزى، ان نسبة الفقر ازدادت فى المناطق الحضرية من 11% عام 2009 إلى اكثر من 15% عام 2011، حيث تضم القاهرة الكبرى حوالى 3.5 مليون فرد من الفقراء فاقدى الامن الغذائى، بينما يستمر ريف صعيد مصر فى تسجيل اعلى معدلات الفقر.
وعانى حوالى 17% من المصريين (13.7 مليون فرد) من نقص الأمن الغذائى فى 2011 مقارنة بحوالى 14% فى عام 2009، والأمن الغذائى هو قدرة الناس على الحصول على الغذاء الكافى والصحى والآمن الذى يلبى احتياجاتهم الأساسية من الغذاء بشكل دائم. ويشير التقرير إلى ان حوالى 15% من السكان انضموا إلى شريحة الفقراء بين عامى 2009 و2011، مقابل خروج 7% فقط من هذه الشريحة، موضحا أن معدلات التقزم بين الأطفال آخذة فى الارتفاع، وهو الناجم عن سوء التغذية المزمن، والذى لا يمكن علاجه فيما بعد حيث يحد من قدرة الطفل على الوصول لكامل إمكاناته البدنية والعقلية.
إلى جانب ذلك فإن أكثر من نصف الأطفال دون سن الخامسة فى تسع محافظات يعانون فقر الدم (الأنيميا)، الذى تصنفه منظمة الصحة العالمية على أنه «مشكلة صحية خطيرة».