"سلامتك هي أهم شيء، وليست هناك قصة إخبارية أيا كانت تستحق المخاطرة بالحياة أو بالإصابة"، تلك هي الجملة الأولى التي بدأ بها دليل رويترز للمراسل الصحفي فيما يخص السلامة المهنية، لكن وعلى الرغم من كل الأدلة التي توفر نصائح للصحافيين عن سبل الحماية والسلامة المهنية أثناء تغطية الأحداث الخطيرة التي قد تعرض حياة الصحفي أو المصور إلي الخطر، إلا أن الأحداث تتفاقم أو قد يتم استهداف الصحافيين خلالها بشكل خاص. ففي تقريرها لعام 2012 قالت منظمة "مراسلون بلا حدود" إنه كان العام الأكثر دموية بالنسبة للصحافيين حيث قتل خلال هذا العام 88 صحافي على مستوى العالم من بينهم الصحفي المصري الشهيد الحسيني أبو ضيف، الذي قتل خلال تغطيته لتظاهرات أمام قصر الرئيس محمد مرسي.
ترى هل يجب على الصحفي أن يدفع حياته، أو يصاب إصابة بالغة ثمناً لنقل الأخبار؟ وماذا يتعرض له الصحفيون أثناء تغطياتهم الميدانية للأحداث التي تشتعل بين لحظة وآخري ويخرج العنف فيها عن السيطرة خاصة.
تقول آية رضي مراسلة قناة "سكاى نيوز عربية" في القاهرة، والتي تخرجت من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في القاهرة وتعمل في الإعلام منذ أن كانت طالبة في الكلية، أنها "بدأت تعمل في التغطيات الميدانية للأحداث منذ أكتوبر الماضي، وغطت خلال تلك الفترة تظاهرات كثيرة بينها أحداث المقطم، وأمام دار القضاء العالى، وأحداث العنف الأخيرة في بورسعيد بعد صدور الحكم في قضية الألتراس، وأيضاً أحداث العنف التي اندلعت في الإسكندرية في إحياء الذكري الثانية لثورة 25 يناير 2013.
وتؤكد راضي أن سكاي نيوز توفر للعاملين بها تدريبات بشأن السلامة والحماية من المخاطر خاصة انها قناة دولية، والمراسل الذي يعمل بها معرض أن يغطى مناطق خطرة علي مستوى انحاء العالم، خاصة، أن مصر أصبحت واحدة من تلك المناطق الخطرة والتي تشهد أحداثاً ساخنة، كما أن القناة تشدد على التزام كامل طاقمها بإجراءات السلامة المهنية، وأولها عدم تعريض حياتهم للخطر، والدخول إلي مناطق خطيرة وغير آمنة، إلي جانب استخدام الكمامات والخوذ، والأقنعة والدروع التي من شأنها أن تقلل من فرص إصابة المصورين والمراسلين الميدانيين.
وعلى الرغم من التزامنا بإجراءات السلامة المهنية إلا أننا تعرضنا لاعتداءات كثيرة من بينها اعتداء اثناء تغطية تظاهرات في الاسكندرية في ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير من مجهولين، كما أن أحدهم جاء إلي وأنا أمام الكاميرا وقبل الهواء بدقيقة واحدة، وأخرج سكيناً، وهددني في حال قول أي شيء لم يعجبه سيذبحني.
وبالرغم من تكرار الاعتداءات إلا أن راضي لم تفكر أن تأخذ أي إجراء قانوني تجاه هذه الاعتداءات؛ موضحة أن "ذلك ربما يكون خطأ مني، أن لا اتخذ إجراءات قانونية تجاه هذه الاعتداءات، لكن في كل مرة نتعرض للاعتداءا لا يشغلنى سوى النجاة بحياتي وحياة من معي ومغادرة المكان بأقصى سرعة ممكنة".
الأمر نفسه لم يختلف مع أحمد طارق الصحفي بوكالة أنباء الشرق الأوسط في الإسكندرية والذي يعمل كصحفي ميداني منذ انطلاق ثورة 25 يناير 2011؛ حيث يقول " أعمل كصحفى ميداني منذ انطلاق ثورة 25 يناير واستطعت أن أوثق الأحداث يوم بيوم بالصور، وتعرضت لإطلاق نار يوم اقتحام أمن الدولة من ضباط الأمن المكلفين بحماية المقر، وتعرضت لاعتداء آخر أثناء اشتباكات مديرية الأمن في نوفمبر 2011، وكان تعدٍ مباشر بالضرب والإهانة، وعلى الرغم من تصويرنا للضابط وتقدمت ببلاغ للنيابة إلا أنه إلي الآن لم يحدث شيء في البلاغ ولم يعاقب الضابط، كما أصبت بطلق خرطوش أثناء تغطية أحداث جمعة تطهير القضاء في الإسكندرية، ترك بليتن خرطوش في رأسي، وآخر ترك 15 بلية خرطوش في قدمي".
ويضيف طارق "حصلت على تدريبات مع نقابة الصحفيين ومنظمات وهيئات آخري داعمة لدور الإعلام إضافة للبحث الذي كنت أقوم به بشكل شخصي، والتعلم بالتجربة والخطأ خلال المشاركة في التغطيات الميدانية"، لافتاً إلي أن "الدعم في المؤسسات المصرية لا يكون بالشكل الكاف فمثلاً المعدات التي استخدمها معدات شخصية وتطوير تلك المعدات يتم على حسابي الخاص أيضاً، وتقوم الوكالة بترشيحي لدورات وتدريبات لها علاقة بالجوانب التحريرية، لكن لا تهتم الوكالة بالتدريبات الخاصة بالسلامة المهنية مثل النقابة التي تنظم بين الحين والآخر دورات في هذا المجال".
ويوضح طارق حتى يسطتيع الصحفيين حماية بعضهم البعض قاموا بتكوين غرفة عمل للصحفيين فى الإسكندرية تعمل في الأحداث الميدانية الحرجة أو التي من المتوقع أن يحدث بها أعمال عنف أو يتصاعد التوتر ضد الإعلاميين، لمتابعة الصحفيين الذين يعملون في الميدان وخصوصاً الشباب من غير أعضاء النقابة، وفي حالة حدوث أي إصابة نبدأ في تقديم الدعم سواء كان دعم معنوي أو دعم مادي من خلال التدريب أو غيره، ويتم تحديد خرائط لفرق العمل وهذه الفرق لا تعتمدة على المؤسسات، بل تعتمد في الأساس على توفير أقصي درجة من السلامة المهنية للصحفيين خلال عملهم.
وفي السياق ذاته تضيف أميرة مرتضى مصورة جريدة الشروق، والتي تعمل في التصوير الصحفي منذ ثلاث سنوات، أنها حصلت على العديد من الدورات التدريبية الخاصة بالسلامة المهنية بعد أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير مع نقابة الصحفيين، مشيرة إلي أن خبرتها في التغطيات الميدانية اكتسبتها من التغطيات والممارسة لأنه لا توجد جهات في مصر تهتم بتدريب الأشخاص الذي يتعرضون للخطر خلال تأديتهم لعملهم سواء كانوا صحفيين أو حقوقيين أو غيرهم مما تفرض عليم طبيعة عملهم التواجد في أماكن بها اشتباكات أو أحداث خطيرة.
وتقول "كنت أشعر باستهداف لكوني مصورة، وبعض الأشخاص قادم بتدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تنشر صورى وتتهمني بالتحريض، وتعرضت في إلي اعتداء بالضرب وأنا أغطي أحداث "جمعة تطهير القضاء" في الأسبوع الذي تلى تدشين الصفحة.
وتعاني مرتضي من مشاكل في تغطية الأحداث الخاصة بالفتن الطائفية بحكم كونها مصورة محجبة، حيث تقول: "في بداية عملى لم أكن أفضل التواجد في الأحداث التي لها بعد طائفي، وكنت أطلب من زميل ولد لي أن يغطي، مثل أحداث القديسين فى 2011، لكن بعد الثورة أصبحت أخشي من السلفيين، حيث نتعرض لتمييز بيننا وبين زملاؤنا الصحفيين الشباب، ولم يكونوا يسمحوا للمصورات الفتيات بالدخول، لكن كنت أصمم على دخول الفاعليات للتصوير وأصمم على حقي في ممارسة عملي.