رئيس الوزراء يناقش مقترحات تعديل قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان    محافظ الأقصر يبحث مع وفد الصحة رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية بالمحافظة    وزير البترول: مشروع مجمع البحر الأحمر للبتروكيماويات واحداً من أهم المشروعات الداعمة للاقتصاد    وول ستريت جورنال: الجيش الأمريكي يجهز قوات في واشنطن بعد تهديدات ترامب    خسارة شابات الطائرة أمام إيطاليا فى بطولة العالم    تقارير: إيفرتون يقترب من حسم إعارة جريليش    ضبط عيادة وهمية للتخسيس تديرها منتحلة صفة طبيب بالمنوفية    إحالة "مستريح" وشقيقه للمحاكمة في التجمع الخامس بتهمة النصب على أجانب    تحليل المخدرات شرطا للترشح لعضوية أو رئاسة مجالس إدارات الأندية ومراكز الشباب    أمير كرارة يتصدر شباك تذاكر السينما السعودية    قناة الحياة تحتفي بذكرى وفاة الفنان نور الشريف    برعاية وزارة الشباب والرياضة.. تكريم شيري عادل في مهرجان إبداع بدورته الخامسة    مفتي لبنان: نقدر حرص مصر على سلامة وأمن بلدنا وشعبنا    "الصحفيين الفلسطينيين": استهداف الصحفيين في غزة جريمة ممنهجة لطمس الحقيقة    ما حكم تأخير الإنجاب فى أول الزواج بسبب الشغل؟ .. عضو بمركز الأزهر تجيب    صحة مطروح: استصدار 3720 قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة 11 مليون جنيه    إزالة 155 حالة تعدٍّ ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال27 ببني سويف    «يلوم نفسه».. كيف يتعامل برج العذراء عند تعرضه للتجاهل؟    روسيا تعزز قاعدتها وتزيد عدد قواتها في القامشلي شمال شرقي سوريا    إسرائيل تنفذ تفجيرا بالخيام وطيرانه يكثف تحليقه بالبقاع اللبناني    «لمحبي الشاي».. 5 أخطاء شائعة عند تحضيره تحوله لمشروب يضر بصحتك    "مركز الأرصاد" يرفع درجة التنبيه إلى "الإنذار الأحمر" على منطقة جازان    شوبير: كوبري وسام أبو علي؟ عقده مستمر مع الأهلي حتى 2029    بدء تداول أسهم شركتي «أرابيا إنفستمنتس» في البورصة المصرية    شيخ الأزهر يستقبل مفتي بوروندي لبحث سُبُل تعزيز الدعم العلمي والدعوي والتَّدريب الديني    صراع إيطالي للتعاقد مع نجم مانشستر يونايتد    السقا: التعادل أمام الأهلي بطعم الفوز.. ولا أعلم سبب اعتذار حسام حسن فهو ليس كمتعب    محمد إيهاب: نسعى لإخراج البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة في أفضل صورة    فيبا تضع مباراتي مصر ضمن أبرز 10 مواجهات في مجموعات الأفروباسكت    أوسكار يراجع تقييم الأداء في الدوري مع 4 حكام بعد الجولة الأولى    الفجر في القاهرة 4.46.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة بالمحافظات غداً الثلاثاء 12 أغسطس 2025    كامل الوزير يستقبل وزير خارجية كوت ديفوار لبحث التعاون فى مجالى الصناعة والنقل    "اليوم" يعرض تقريرا عن الفنان الراحل نور الشريف فى ذكرى وفاته    كارولين عزمي ب"فستان جريء" أمام البحر والجمهور يغازلها (صور)    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف 2025 مكتوبة وجاهزة    الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية خلية العجوزة    إجراء 15 عملية قلب مفتوح وقسطرة علاجية في الفيوم بالمجان    ترامب يتعهد بإخلاء واشنطن من المشردين..و"إف بي آي" يشارك في دوريات ليلية    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    مصرع 4 أشخاص وإصابة 3 في حادث تصادم بطريق "رأس سدر"    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    خالد الجندي: كل حرف في القرآن يحمل دلالة ومعنى ويجب التأدب بأدب القرآن    شعبة الجمارك: تسويق الخدمات الجمركية مفتاح جذب الاستثمار وزيادة الصادرات    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    في سابقة تاريخية.. بوتين يزور ولاية ألاسكا الأمريكية    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    إسلام عفيفي يكتب: إعلام الوطن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    الذهب يتراجع مع انحسار التوترات الجيوسياسية وترقّب بيانات التضخم الأمريكية    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعتذار الإسرائيلى لن يحدث تغييرا جوهريا فى العلاقات مع تركيا
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 04 - 2013

فى الماضى عرفت شبكة العلاقات بين إسرائيل وتركيا مراحل من الصعود والهبوط. أما اليوم فنستطيع القول إنه فى شبكة العلاقات الحالية بين الدولتين تركيا هى المبادرة، وإسرائيل تقوم بردود فعل على مبادراتها. ففى كل مرة يجد فيها الأتراك أن من مصلحتهم توطيد العلاقات مع إسرائيل يبدأ التقارب بين الدولتين، وعندما يقررون تجميد العلاقات، مثلما جرى عقب عملية «الرصاص المسبوك» ديسمبر 2008، يبدأ التدهور فى العلاقات بين الدولتين. ومن أجل فهم أفضل لهذه الخريطة المعقدة للعلاقات، يتعين علينا تحليل مبادئ السياسة الخارجية التركية حيال إسرائيل، وخصوصا وجهة نظر واضع هذه السياسة وزير الخارجية الحالى أحمد داود أوغلو.

● منذ تسلم داود أوغلو مهماته فى وزارة الخارجية التركية، برزت انتقادات داخل تركيا وخارجها بشأن السياسة الخارجية التى ينتهجها، ومع ذلك يعتقد أنه الرجل القوى الذى يضع الخطوط الأساسية للدبلوماسية التركية. وفى الواقع فإن الجزء الأكبر من مواقفه، بما فى ذلك العوامل التى أدت إلى التغيير الذى طرأ على علاقة تركيا بإسرائيل، معروض فى كتابه الذى يحمل عنوان «العمق الاستراتيجى» (الصادر فى سنة 2001 ). ففى نظر داود أوغلو، فإن إسرائيل اليهودية ولبنان المسيحى لا ينتميان إلى البيئة «الطبيعية» للشرق الأوسط، كما أن العلاقة الوثيقة بين تركيا وإسرائيل تحد، فى رأيه، من هامش المناورة الذى تملكه تركيا فى المنطقة، والذى يستند إلى الإرث العثمانى.

دخل داود أوغلو الحياة السياسية فى سنة 2002 فى إثر انتصار حزب العدالة والتنمية، وفوز رجب طيب أردوغان برئاسة الحكومة التركية وتعيينه أوغلو مستشارا للشئون الخارجية. وفى سنة 2009 عين أوغلو وزيرا للخارجية، ومنذ ذلك الحين بات هو الذى يقود السياسة الخارجية لبلده، والتى تستند إلى نظرية العثمانية الجديدة التى تقوم على المزج بين الأفكار التركية والإسلام، وتهدف إلى إعادة النفوذ التركى إلى المناطق التى كانت خاضعة فى الماضى للسلطنة العثمانية.

● حتى نهاية سنة 2008، لم يطرأ أى تغيير جوهرى على العلاقات التركية الإسرائيلية، وقد قامت تركيا بدور الوسيط فى المفاوضات التى أجرتها إسرائيل مع سوريا فى ذلك الوقت. ولم تبدأ نقطة التحول إلا عقب عملية «الرصاص المسبوك» التى استمرت من كانون الأول / ديسمبر 2008 حتى كانون الثانى / يناير 2009. فقبل أيام على العملية قام رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك، إيهود أولمرت، بزيارة تركيا، وعلى الرغم من العلاقات الوطيدة بين البلدين، فإن أولمرت لم يطلع أردوغان على نيته القيام بالعملية. وفسر أردوغان هذه الخطوة بأنها طعن فى الظهر، سواء بالنسبة إلى مساعى الوساطة التركية، أو إلى تخوفه من أن يفسر العالم العربى زيارة أولمرت فى ذلك الوقت بالذات لتركيا بأنها بمثابة تنسيق بين المواقف قبيل العملية. وقد أثار فشل المفاوضات مع السوريين خلال عملية «الرصاص المسبوك»، والخسائر الكبيرة التى تكبدها الفلسطينيون جراء العملية، غضبا كبيرا فى أنقرة التى حملت إسرائيل مسئولية فشل المفاوضات مع السوريين. ومنذ ذلك الوقت لا يترك حزب العدالة والتنمية فرصة من دون توجيه الانتقادات الشديدة إلى إسرائيل، وكان لمواقف الحزب المؤيدة للفلسطينيين تأثير بارز فى الرأى العام التركى. وبين الأدلة على ذلك، نجاح السلطة المسئولة عن المسائل الدينية فى جمع مبلغ 10 ملايين ليرة تركية (20 مليون شيكل جديد) بعد عملية «الرصاص المسبوك» فى إطار تقديم المساعدة للفلسطينيين.

● خلال قمة دافوس التى عقدت فى 29 كانون الثانى / يناير 2009، وقع أول حادث دبلوماسى عبر عن الغضب التركى حيال إسرائيل، وذلك عندما غادر أردوغان قاعة الاجتماعات بصورة استعراضية بعد إدانته الشديدة لإسرائيل بوجود الرئيس بيرس، وعاد فورا إلى بلده. فى الليلة نفسها وبواسطة باصات خاصة أمنتها بلدية إسطنبول، أخذ مؤيدو أردوغان بالتدفق إلى المطار لاستقباله حاملين أعلاما تجمع بين العلمَين التركى والفلسطينى. وقد أثبت هذا الاستقبال إلى جانب أمور أخرى أن تفجير اللقاء فى دافوس كان خطوة خطط لها أردوغان مسبقا، وأنها بداية سلسلة من الحوادث التى أثرت سلبا فى العلاقات بين الدولتين.

● فى تشرين الأول / أكتوبر 2009، عرض التليفزين التركى الرسمى مسلسلا صور الجنود الإسرائيلين مجرمين، وبعدها بأشهر عرض مسلسل آخر عنوانه «وادى الذئاب: فلسطين» الذى صور إسرائيل بطريقة سلبية للغاية. ووصلت الأزمة إلى ذروتها عندما دعا نائب وزير الخارجية، دانى أيالون، السفير التركى إلى لقاء توبيخ بعد عرض المسلسل، وأجلسه على كرسى منخفض، الأمر الذى فسرته تركيا بأنه يهدف إلى المس بكرامة السفير.

● لكن، على الرغم من التوتر فى العلاقات، فإن الدولتين استمرتا فى إقامة علاقات طبيعية إلى حد ما حتى وقوع أحداث التعرض لأسطول المساعدة لغزة IHH فى أيار / مايو 2010، والتى قتل جراءها تسعة ناشطين من منظمة المؤيدة للفلسطينيين. وأدى ذلك إلى تدهور حاد فى العلاقات الخارجية بين الدولتين، وأحدث تغييرا جذريا فى العقيدة الأمنية التركية حيال إسرائيل، إذ لأول مرة تدخل إسرائيل «الكتاب الأحمر» الذى يحدد المخاطر التى تتهدد تركيا.

● شكل التقرير الصادر عن لجنة بالمر الدولية التى شكلت لدرس أحداث أسطول المساعدة والصادر فى أيلول / سبتمبر 2011، علامة فارقة إضافية فى العلاقات التركية الإسرائيلية، ولا سيما بعد أن اعتبر التقرير أن الحصار البحرى المفروض على غزة شرعى، وبذلك يكون قد طعن عمليا بمبررات شرعية عمل الأسطول. ويومها رفضت تركيا رفضا قاطعا نتائج التقرير، وأعلن داود أوغلو فرض سلسلة من العقوبات ضد إسرائيل بينها تجميد الاتفاقات بين البلدين، وخصوصا تأمين حرية الملاحة فى البحر المتوسط، وتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسى بين البلدين إلى السكرتير الثانى فقط. وفى هذه الأثناء وضع أردوغان ثلاثة شروط من أجل إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه هى: الاعتذار الإسرائيلى، دفع التعويضات إلى عائلات القتلى؛ رفع الحصار عن غزة.

● وكشفت هذه الأزمة، أنه على الرغم من العلاقات العسكرية والتجارية والسياحية المزدهرة بين الدولتين، فإنها لم تؤد إلى قيام علاقة صداقة حقيقية بينهما. ففى الماضى كان للجيش التركى تأثير كبير فى هذه العلاقات، لكن كلما كان الجيش يضعف، وكلما كانت قوة حزب العدالة والتنمية تزداد، كانت العلاقات التركية الإسرائيلية تتضرر.

إن الاعتذار الإسرائيلى الذى حدث فى نهاية زيارة أوباما أنهى الأزمة رسميا، لكن فى تقديرنا أنه فى ضوء المبادئ النظرية التى تستند إليها السياسة الخارجية التركية، فإن هذا الاعتذار لن يؤدى إلى تغيير جوهرى فى هذه العلاقات، وإنما إلى تهدئة موقتة فقط.

● ثمة مشكلة أخرى تواجهها إسرائيل هى عدم شعبيتها حتى فى أوساط المعارضة العلمانية الكمالية التركية، التى اعتبرت اعتذار إسرائيل تقوية لأردوغان فى مواجهتها. وفى نظر العديد من الكماليين الأتراك فإن إسرائيل اليوم هى شريكة حزب العدالة والتنمية فى مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذى تتبناه الولايات المتحدة، والذى يهدف إلى تشجيع الإسلام المعتدل كنموذج يحتذى فى المنطقة بأكملها. وفى رأى مجموعة من التيار الكمالى، فإن إسرائيل وحزب العدالة والتنمية يفتعلان الأزمات ظاهريا، بينما هناك، وبعيدا عن الأنظار، تحالف فيما بينهما.



زميل فى مركز دايان

لأبحاث الشرق الأوسط وإفريقيا

نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.