كتب الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، مايكل هيرتسوج، في صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، أنه في حال ما وجدت صيغة توفي بمطالبة تركيا تل أبيب بالاعتذار عن اعتدائها على أسطول الحرية وتعويضها عن الخسائر التي لحقت بها خلال توجهها لكسر حصار قطاع غزة، فإنه ستظل ثمة مشكلة بين أنقرة وتل أبيب التي ستستمر في مواجهة التحول الحالي في السياسة التركية عن التزامها بميراثها العلماني. وقال هيرتسوج: إن تركيا الآن ليست تركيا نفسها التي عرفتها إسرائيل من قبل، بعدما مرت بتغير داخلي كبير انعكس بدوره على سياستها الخارجية، حيث تحولت من دولة موالية لحلف شمال الأطلنطي (الناتو) وصديقة مقربة لإسرائيل إلى بلد تسلك خطا سياسيا مستقلا، لدرجة تجعلها تناوئ المصالح الغربية وتغازل القوى الراديكالية وتستعرض عداءها تجاه إسرائيل. وأضاف الجنرال أن شخصية قيادة حزب العدالة والتنمية -الذي يحكم تركيا منذ 2003- تظهر التفسيرات الأولية لذلك التحول، حيث إن قادته يمتلكون نظرة ثقافية إسلامية عالمية "ناعمة" تنوء عن الميراث الكمالي (نسبة إلى مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة) وتقوي حس التضامن الإسلامي على الساحة الدولية. وفي السياق نفسه، تابع أن تركيا تستخدم ذلك الالتزام بالتضامن الإسلامي، تمكن أحمد داوود أوغلو، وزير الخارجية التركي، من وضع مذهب سياسي، تدفعه طموحات اقتصادية ورغبة سياسية بتحويل تركيا إلى قوة مهيمنة بالتأثير على منطقتها التاريخية، حيث تبنت سياستها مبدأ "لا مشاكل مع جيراننا" باعتباره شعارا لها. وشدد هيرتسوج على أن إسرائيل أضحت ضحية طبيعية لذلك التحول التركي، حيث أحاطت النيران العلاقات بين البلدين عقب عملية الرصاص المصبوب (الاعتداء على غزة أواخر 2008 أوائل 2009)، وهو ما عزاه إلى شعور التعاطف مع الفلسطينيين في تركيا، وأن تلك النيران مستمرة في التأجج بفضل توقف عملية السلام؛ لذا أكد الكاتب أن حادثة أسطول الحرية كانت نتيجة لأزمة في العلاقات وليست سببا لها. وأشار إلى أن المتبقي من العلاقات بينهما حاليا يعد ظلا لدولتين كانتا تحتفيان كثيرا بتعاونهما على الصعيد الأمني، غير أن تركيا ترهن الآن مشاركتها في برامج الدفاع الصاروخية مع الناتو على عدم وصول أي معلومات متعلقة بها (البرامج) إلى إسرائيل، إضافة إلى أن تركيا أعلنت مؤخرا أن سياسة إسرائيل تمثل مصدرا لعدم الاستقرار في المنطقة، مما يهدد المصالح التركية. وتساءل هيرتسوج عن النفع الذي قد يعود على أردوغان عقب إظهار إسرائيل بادرة حسن نية تجاه أنقرة، وعن التغيير التجميلي الذي قد تؤدي إليه بادرة كتلك من خدمة لأردوغان على الصعيدين المحلي والدولي، قبل الانتخابات االتركية في يونيه 2011، وأيضا عما إذا كانت سوف تؤدي إلى مصالحة فعلية يتوجها التعاون بين البلدين أم لا؟.