بعد أن يأس المصريون من قيام الحكومة بأية إجراءات فعالة لضبط الاسواق والسيطرة على الارتفاعات المتواصلة فى الاسعار خاصة السلع الغذائية، اطلق مجموعة من النشطاء مبادرة شعبية لاحياء الحركة التعاونية من خلال انشاء جمعيات تعاونية فى محافظات الاسكندرية وبورسعيد والقاهرة، المبادرة تستهدف بث الحياة فى الحركة التعاونية التى نشأت فى مصر منذ 1908، ووصلت ذروة نشاطها فى الستينيات، ثم السبعينيات التى شهدت صدور قوانين التعاونيات، الا ان الحركة واجهت سياسات ممنهجة من التهميش والاضعاف منذ التسعينيات ليتراجع عدد الجمعيات التعاونية على سبيل المثال من 12 ألف جمعية إلى 3500 جمعية، وحتى بعد قيام ثورة 25 يناير لم تبادر حكومات الثورة المتعاقبة من ناحية وقيادات الاتحاد التعاونى من ناحية اخرى باستعادة النشاط الغائب للحركة التعاونية رغم ان الظروف اصبحت مهيأة لذلك.
أول موافقة
فى الاسكندرية قال رضا عيسى أحد أعضاء المبادرة والناشط فى مجال حماية المستهلك، أنهم حصلوا مؤخرا وبعد معاناة مع الاجراءات الحكومية الروتينية على اول موافقة مبدئية لانشاء جمعية تعاونية مقرها فى منطقة فيصل الشعبية مشيرا إلى انهم سيقومون فى المرحلة المقبلة بعمل مؤتمرات شعبية فى الجامعات والنقابات وفى الشوارع لضم آلاف الاعضاء إلى الجمعية من جميع انحاء الاسكندرية وإعداد منافذ بيع دائمة ومتنقلة فى مناطق عمل الجمعيات بهدف تحويل الاسكندرية إلى محافظة تعاونية وفى هذا الاطار سوف تقوم الجمعيات الجديدة باقامة صلات تعاون وثيق مع الجمعيات الفئوية والتعاونية القائمة والمتعثرة بغرض تنسيق شراء السلع بكميات كبيرة للحصول على أسعار ومزايا أفضل.
وحول خططهم لتنشيط منظومة التعاونيات قال رضا انه سيتم تكوين مجلس أمناء لهذه المنظومة من رجال الفكر والاقتصاد لوضع استراتيجية وأهداف العمل إلى جانب مراقبة التنفيذ.
ويتوقع عيسى أن تبدأ الجمعية العمل قبيل شهر رمضان مشيرا إلى انها سوف تتعامل مع المنتجين مباشرة بعيدا عن الوسطاء لتقديم السلع للمستهلكين بأسعار مناسبة وجودة عالية.
ويتم تسعير السلع على أساس التكلفة بالإضافة إلى هامش ربح لا يزيد على 10 % مقابل 31% فى القطاع الخاص بحسب جهاز التعبئة والاحصاء، ولفت عيسى إلى البدء بالتعامل مع جهاز الخدمات العامة بالقوات المسلحة لتوفير اللحوم بأسعار تناسب الفقراء.
طالب عيسى وزارة التموين والاتحاد التعاونى الاستهلاكى المركزى بتبسيط اجراءات تأسيس الشركات فقط واعطاء الموافقة المبدئية على التأسيس دون ربط ذلك بوجود مقر للجمعية حتى لا تضيع اموال الجمعيات فى ايجار مقار قبل بدء العمل الفعلى.
مواجهة الاحتكار
شاهيناز شوقى مواطنة اسكندرانية تحمست للمبادرة ونشطت فى جمع الاشتراكات من مؤسسى الجمعية والتى بلغت نحو 50 ألف جنيه وترى شاهيناز شوقى ان «التعاون» هو السلاح الاقتصادى للثورة مشيرة إلى ان قانون التعاون الاستهلاكى يتيح العديد من المزايا الضريبية والجمركية للجمعيات، إلى جانب مزايا فى تخصيص الاراضى والحصول على القروض فضلا عن ميزة التفاوض الجماعى لشراء السلع لكل مجموعة من الجمعيات والسماح لها باستيراد السلع من الخارج مما يمكنها من مواجهة الاحتكار والاستغلال الذى يعانى منه المستهلك المصرى.
وبحسب «شوقى» فإن الجمعية الوليدة سوف تقوم فى البداية وعقب اشهارها بالتعامل فى السلع الاساسية مثل الزيت والسكر والارز واللحوم والدجاج وسوف تتعامل الجمعية مباشرة مع المصادر الرئيسية للسلع لتوفير نفقات الحلقات الوسيطة مشيرة إلى انها ستقوم بالتواصل مع الجمعيات الفئوية والتعاونية لاستعادة نشاط الحركة التعاونية، كما سيتم فتح باب الاكتتاب للمواطنين فى الجمعية باسهم لا يزيد قيمتها على 10 جنيهات للسهم.
وتهدف الجمعية وفقا لشاهيناز شوقى إلى التعاون مع اصحاب الحرف الصغيرة من الشباب الذى يجد مشاكل فى تسويق منتجه حيث يمكن تسويقه من خلال منافذ الجمعية.
تعقيدات فى برج العرب
وفى مدينة برج العرب الصناعية يعرض شريف مرسال تجربته فى انشاء جمعية تعاونية مشيرا إلى انه عرض الفكرة على المستهلكين من كافة المستويات من السائقين للمديرين ووجدت استجابة من الكثيرين لان اسواق السلع تقع فى اطراف المدينة فضلا عن ارتفاع اسعارها «ونحن الآن فى مرحلة جمع اشتراكات التأسيس لتقديم الملف والحصول على الموافقة المبدئية ونسرع الخطى على امل بدء العمل قبيل الشهر الكريم».
ويشكو مرسال من عدم تبسيط اجراءات انشاء الجمعيات التعاونية خاصة ما يتعلق باشتراط وجود مقر الموافقة مطالبا جهاز المدينة بدعم هذه المبادرة من خلال تقديم احد المحال الكثيرة المغلقة لتكون مقرا للجمعية.
معاناة أنطونيو
وفى بورسعيد يحكى محمد احمد محمد الشهير بانطونيو والذى كان يعمل فى مجال السياحة قبل ان تتدهور الاحوال بعد الثورة ويضطر لأن يلزم بيته معاناته مع فرع الاتحاد التعاونى الاستهلاكى ببورسعيد الذى حاول وضع العوائق فى طريق المشروع بدلا من تشجيعه، الا انه مع المؤسسين استطاعوا الانتهاء من الملف وتقديمه للفرع، يقول انطونيو انهم اختاروا مقر الجمعية فى منطقة مستواها المعيشى اقل من المتوسط وتوقع ان تبدأ الجمعية عملها الشهر القادم مشيرا إلى أن اسعار البيع سوف تكون اقل بنسبة تتراوح بين 25% و30% عن اسعار السوق.
وبحسب جمال رضوان احد المؤسسين ويعمل بتجارة المواد الغذائية فإن توريد السلع للجمعية سوف يتم رأسا من اسواق الجملة دون وسطاء لخفض الاسعار.
فى القاهرة قال محمد فؤاد، محام، انه قدم طلبا لمحافظ القاهرة لتسهيل انشاء كيان تعاونى.. وبالفعل بدأت الاجراءات ويتم التنسيق حاليا مع مديرية التموين والتجارة الداخلية وكذلك الاتحاد التعاونى الاستهلاكى، ورغم الاجراءات المعقدة الا اننا نتوقع ان ننتهى منها خلال شهر من الان وسنقوم بالحصول على السلع من هيئة السلع التموينية باسعار الجملة.