سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نبيل العربى ل(الشروق):أنصح أوباما بإنهاء الصراع وليس إدارته الأمين العام للجامعة العربية: طلبت من جون كيرى إقامة دولة فلسطينية لا تكون مثل الجبن السويسرى مليئة بالثقوب
20 عامًا وعملية السلام تدور فى حلقة مفرغة تستهدف إضاعة الوقت لتفعل إسرائيل ما تشاء على الأرض المحتلة المبادرة العربية لاتزال قائمة.. ولا تطبيع قبل السلام
الدول العربية باستثناء 3 لا تريد التعامل مع الحكومة السورية.. ومنذ أبريل الماضى ننتظر تحركًا من مجلس الأمن الدولى
«بات لها رنين سيئ يعبر عن جمود».. هكذا يصف الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربى، عبارة «عملية» السلام، مشددا على أن هذا حالها منذ عشرين عاما. ويعيب العربى، فى حوار مع «الشروق»، على الإدارات الأمريكية المتعاقبة، خلال هذه الفترة، اعتمادها أسلوب إدارة الصراع، ناصحا الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، الذى بدأ زيارة لإسرائيل أمس، بإنهاء هذا الصراع، لما فيه من مصلحة للولايات المتحدة نفسها وللشعبين الفلسطينى والإسرائيلى.
•القضية الفلسطينية بند دائم فى القمم العربية.. فهل من جديد مع بدء زيارة أوباما لإسرائيل؟ القضية الفلسطينية هى الأهم على جدول أعمال الجامعة منذ ستين عاما. ومن ناحية المبدأ لم نعد نستخدم كلمة «عملية السلام»؛ فرنينها بات سيئا يعبر عن حالة جمود من حوالى عشرين عاما، وتحديدا منذ انتقال منظمة التحرير الفلسطينية، بناء على اتفاق أوسلو، إلى العمل فى رام الله بالضفة الغربيةالمحتلة.
فمن حينها وعملية السلام تدور فى حلقة مفرغة تستهدف إضاعة الوقت حتى تفعل إسرائيل ما تشاء على الأرض الفلسطينية المحتلة. وأنا أفضل الحديث عن سعى إلى تحقيق السلام الشامل والدائم والعادل. وهناك قرار اعتبره تاريخيا صدر عن مجلس الجامعة فى نوفمبر الماضى، وطالب بتصحيح المسار؛ لأن التوجه خلال العشرين عاما الماضية هو إدارة النزاع عن طريق تفتيته بفتح ملفات مختلفة دون إنهاء أى منها.
• فى رأيك.. ما هو المدخل لحل القضية الفلسطينية؟ بالطبع إنهاء الاحتلال الإسرائيلى، وهو ما نصت عليه كافة قرارات الأممالمتحدة الصادرة عن مجلس الأمن الدولى بالإجماع، ولا سيما القرار رقم 242. وخلال زيارة وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، للقاهرة مؤخرا طلبت منه أولا حل مشكلة الاحتلال نهائيا، وثانيا إقامة دولة فلسطينية بجوار الإسرائيلية، ويتمتعا الاثنان بالأمن، وثالثا ألا تكون الدولة الفلسطينية مثل الجبن السويسرى، مليئة بالثقوب.
وفى محادثة هاتفية قبل ثلاثة أيام، اتفقت مع كيرى على أن رئيس لجنة مبادرة السلام العربية، رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها، حمد بن جاسم، سيتوجه واشنطن على رأس وفد يضم عددا من وزراء الخارجية والأمين العام للجامعة فى النصف الثانى من الشهر المقبل، وغالبا فى الخامس والعشرين، للتباحث حول القضية الفلسطينية.
•وهل من رسالة تريد توجيهها إلى الرئيس أوباما؟ أقول له إن مصلحة الولاياتالمتحدةالأمريكية هى إنهاء هذا الصراع، وليس الاستمرار فى إدارته كما هو جار فى العقدين الماضيين. فإنهاء الصراع يصب فى صالح واشنطن والشعبين الفلسطينى والإسرائيلى.
•بينما تتحدث الجامعة عن سلام ثم تطبيع مع إسرائيل، يريد الاحتلال تطبيعا ثم سلاما.. فما رأيك؟ تنص مبادرة السلام العربية، القائمة منذ قمة بيروت عام 2002، على انسحاب الإسرائيليين من الأراضى العربية المحتلة عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، مقابل إقامة الدول العربية علاقات طبيعية مع إسرائيل. أما الحديث عن تطبيع ثم سلام فهو أمر مرفوض، وليس واردا طرحه حتى من قبل الولاياتالمتحدة نفسها.
• بشأن الملف السورى.. كيف ستتعامل القمة العربية بالدوحة أواخر الشهر الجارى مع وجود حكومتين سوريتين ومع مطالب المعارضة بتسليمها السفارات السورية بعد أن تسلمت المقعد بالجامعة، خاصة أن هناك دولا عربية لاتزال سفاراتها تعمل فى دمشق؟ كل الدول العربية باستثناء ثلاث، اثنتان منها تحفظت والثالثة نأت بنفسها، لا تريد التعامل مع الحكومة السورية. وستنظر القمة فى مطالب المعارضة السورية، فى ضوء أن الحلول السياسية، ولأسباب مختلفة، لم توقف شلال الدماء المتدفق منذ أكثر من عامين، وسنبحث إمكان إدخال معونات إنسانية، ووقف هجرة الشعب السورى إلى دول الجوار.
ومنذ أبريل الماضى ونحن نطالب مجلس الأمن الدولى بتحمل مسئولياته فى حفظ السلم والأمن الدولى، عبر تطبيق الفصل السابع، أى اتخاذ قرارات ملزمة. فمنذ عام 1945 وحتى اليوم، تدخل المجلس فى كل نزاع دموى، بوقف القتال وإيفاد مراقبين للتحقق من التزام الأطراف، ثم تتم تسوية، كما حدث بين باكستان والهند عام 1947، حيث توجد حتى الآن قوات دولية فى كشمير؛ للتأكد من عدم خرق أى طرف لوقف إطلاق النار.
•فى ضوء هذه الأوضاع.. ما هو دور المبعوث الدولى العربى المشترك إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمى؟ مهمته مستمرة بحسب اتفاق جينيف، وهى العمل على إيجاد توافق بين النظام السورى والمعارضة، ليتم فى النهاية تشكيل حكومة تضم مختلف الأطراف. وهذه لن تكون سابقة، فقد كانت هناك حكومتان فى فيتنام، وتم التوفيق بينهما.
•هناك من تحدث فى مجلس الجامعة العربية الأخير عن ضغوط قطرية لمنح المعارضة السورية مقعد سوريا الشاغر؟ لا توجد ضغوط، ولا أقبل هذه الكلمة، بل كان هناك اقتراح، وتم طرحه رسميا على وزراء الخارجية، وقلت إننا لا نستطيع إعطاء المقعد للمعارضة إلا بعد تشكيل هيئة تنفيذية أو حكومة، طبقا لميثاق الجامعة وقواعد القانون الدولى، الذى يحكمنا، وكذلك اتباطنا بسوابق فى الحالتين الليبية والعراقية.
لكن فى النهاية القرار هو قرار وزراء الخارجية، وليس الأمانة العامة للجامعة، التى أوضحت موقفها بشكل سليم يستند إلى مواد الميثاق التى تتحدث عن دول أعضاء مستقلة، وليست أحزاب سياسية، وأن أعضاء المنظمات الدولية هم دول وليس شعوب.
• ترددت سيناريوهات مؤخرا عن نقل مقر الأمانة العامة للجامعة من مصر إلى دولة أخرى جراء الأوضاع الأمنية غير المستقرة فى محيط المقر.. فهل هذا صحيح؟ فى الحقيقة لم تطلب أى دولة عربية نقل مقر الجامعة من القاهرة؛ فهذا ببساطة يتطلب تعديل المادة العاشرة من ميثاق الجامعة، التى تنص على أن مقر الجامعة هو القاهرة. ولم أسمع بهذا الموضوع مطلقا، وإنما نظرا لتوترات الأوضاع فى ميدان التحرير نضطر أحيانا إلى نقل الاجتماعات إلى أحد فنادق العاصمة. ويحدث هذا بعد التواصل مع وزير الداخلية، الذى يوصى بنقل الاجتماعات؛ نظرا مشاكل أمنية كثيرة فى الميدان. أما ما تردد عن اقتراح سعودى ببناء قاعة للمؤتمرات فى شرم الشيخ، فقد كان هذا المقترح فى فترة زمنية سابقة، وبالفعل سمعت بها، ولكن لم أر أى مستندات بشأنه.
•بعد ثورات الربيع العربى هل ترى فرصا جيدة لعمل عربى مشترك فى ظل وجود توترات وخلافات بين الدول العربية؟ الخلافات لا تعنى توقف العمل العربى المشترك، ولكنه ليس فى أحسن حالاته. وخلافا لما يشاع أحيانا من أن ثورات الربيع العربى تمثل معضلة، أقول إن الحكومات التى تتولى بعد الثورات تبحث عن الصالح لشعوبها.
•تقول إن الحكم الرشيد يأتى بعد الثورات.. فهل ترى أن شعوب الربيع العربى تشهد حاليا حكما رشيدا؟ قبل الثورات لم يكن هناك حكم رشيد، وبعدها بدأنا خطوات نحو هذا الحكم، ولكنها ربما تأخذ سنوات، فالديمقراطية لن تتحقق فى يوم. ففى دول شرق أوروبا، ورغم مرور عشرين عاما على ثوراتها، لاتزال هذه الدول تعتبر نفسها فى المرحلة الانتقالية، ولدينا أمثلة كالبرتغال.