مدارس التمريض.. شروط وإجراءات التقديم ب"المستشفيات التعليمية"    اليوم.. انتهاء فترة الطعون على المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ    رئيس "دينية الشيوخ": تدريب الصحفيين بدار الإفتاء يُعزز الوعي الديني الرشيد    «الشربيني» يتابع موقف تنفيذ وحدات «سكن لكل المصريين» بعدد من المدن الجديدة    وزير قطاع الأعمال يبحث فرص تعزيز الشراكة مع مجموعة البنك الدولي    12 جنيهًا لكيلو الخيار.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    «كونتكت» تتعاون مع GIZ مصر لتعزيز جهود دعم قطاع التأمين للمشروعات الصغيرة    الأول في السوق المصرفية.. البنك الأهلي أدار تمويلات ب 319 مليار جنيه في 6 أشهر    أهداف الانبعاثات حتى 2040...إلى أين تتجه سياسة الاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة المناخ؟    الخارجية الفلسطينية: نحذر من تهجير قسري تحت ذريعة "المدينة الإنسانية" في رفح    بقيمة 20 مليون دولار.. ضبط مئات الكيلوجرامات من "الكبتاجون" في ألمانيا    أحمد بلال: الأهلي لديه رفاهية شراء أي لاعب.. ونجاح حمدان غير مضمون    لاعب الأهلي السابق يكشف عن أمنيته الأخيرة قبل اعتزال الكرة    "قصص متفوتكش".. اعتزال لاعب الأهلي السابق.. وزوجة أكرم توفيق الثانية تزور مصر    ليفربول يبدأ تحضيراته للموسم الجديد بمواجهة بريستون وديا    مشاجرة بالأيدي.. تنتهي ب6 مصابين في المعادي (تفاصيل)    نيللي كريم تستعرض إطلالاتها الصيفية عبر "إنستجرام" (صور)    البلشي: برنامج الإفتاء للتدريب على تغطية القضايا الدينية يجمع بين المهنية والدقة الشرعية    الشيخ أحمد البهي: لا تكن إمّعة.. كن عبدًا لله ثابتًا على الحق ولو خالفك الناس    هل يجوز إجبار الفتاة على الزواج من شخص معين وهل رفضها عقوق؟.. أمين الفتوى يجيب    بالأرقام.. تفاصيل الاستعداد لتنفيذ المرحلة الثانية من "التأمين الصحي الشامل"    ل 4 أسباب.. الصحة تنفي وفاة 4 أطفال أشقاء نتيجة "الالتهاب السحائي"    «حسم» وسرايا أنصار السنة عودة الأجندات المشبوهة    القضاء الإداري يتلقى 40 طعنا ضد المرشحين فى انتخابات مجلس الشيوخ    المهرجان القومي للمسرح يعلن تشكيل لجنة تحكيم مسابقة التأليف    عبد الحليم حافظ يرفض العالمية بسبب إسرائيل    ختام ناجح لدورة جمعت بين الجرأة الفنية والتنوع الإقليمى    القصة الكاملة لانسحاب المعونة «الأمريكية» من مصر    الفقاعة الكروية تزيد جراح الرياضة المصرية    النسوية الإسلامية.. (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ): خاتم الأنبياء.. وهجرة الرجال والنساء! "131"    رانيا المشاط: تغير الأجندات الأمريكية لن يؤثر علينا    البكالوريا «المُعدلة برلمانيًا»!    طريقة عمل الكيكة السريعة، لذيذة وموفرة وسهلة التحضير    مستوطنون يحرقون بركسا زراعيا في دير دبوان شرق رام الله وسط الضفة    مباحثات لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي بين جامعتي القاهرة وجنوب الصين الزراعية    طقس الإسكندرية اليوم.. شديد الحرارة ونشاط للرياح مع ارتفاع موج البحر    وزارة العدل الأمريكية تقيل 20 موظفا عملوا على تحقيقات ضد ترامب    البحيرة.. فريق طبي بمستشفى وادي النطرون ينجح في إصلاح اعوجاج انتكاسي بالعمود الفقري لمريضة    تأجيل الانتخابات المحلية ودمجها مع التشريعية والرئاسية في إفريقيا الوسطى    كوريا الشمالية تزود روسيا ب12 مليون قذيفة مدفعية    موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025 بالأقصر    نصف ساعة تأخير في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية»    مأساة نص الليل.. غرق سيارة ملاكي في نكلا بالجيزة- صور    إتحاد عمال الجيزة يطلق حوارا مباشرا مع اللجان النقابية لبحث التحديات    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأحد 13-7-2025 بعد هبوطه الأخير في 7 بنوك    مدير التعاقدات بأستريلا البرتغالي: وافقنا على انتقال شيكو بانزا إلى الزمالك    «مش هتقف على حد».. تعليق قوي من نجم الأهلي السابق بشأن رحيل وسام أبوعلي    وكالة فارس: الرئيس الإيراني أُصيب في هجوم إسرائيلي استهدف اجتماعا سريا للأمن القومي في 16 يونيو    «دوروا على غيره».. نجم الزمالك السابق يوجّه رسائل نارية لمجلس لبيب بسبب حمدان    أفضل أدعية الفجر.. 10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال    23 متهمًا للمحاكمة في خلية اللجان النوعية| اليوم    للمرة الثانية.. سيدة تضع مولودها داخل سيارة إسعاف بقنا    الاتصالات بعد حريق سنترال رمسيس: العمل جار لاستعادة الخدمة بالكامل في أسرع وقت    نجاح فريق الجراحة بمستشفى الفيوم العام في إنقاذ طفل بعد انفجار بالأمعاء الدقيقة    مغلق من 13 عامًا.. عمرو سمير عاطف: غياب قصر الثقافة حرم أجيالًا من الفن والمسرح    انفراجة حقيقية في الأوضاع المالية.. حظ برج الدلو اليوم 13 يوليو    «زي النهارده».. وفاة كمال الدين رفعت أحد الضباط الأحرار 13 يوليو 1977    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



9مارس1932واستقلال الجامعة طلعت رضوان
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 03 - 2013

كان لطه حسين معاركه المتعددة، وفى زمن الانقلاب الدستورى الذى قاده إسماعيل صدقى خاض معركة من معاركه الكبرى عندما كان عميدا لكلية الآداب بالجامعة المصرية، فرفض التعاون مع حكومة الانقلاب الدستورى، حينما أراد الملك فؤاد وصدقى «شراء» عقله بأنْ عرضوا عليه رئاسة تحرير صحيفة «الشعب» لسان حال حزب القصر، فرفض طه حسين العرض، ثم رفض منح الدكتوراه الفخرية لمن أرادت الحكومة مكافأته دون حق، فصدر قرار بنقله من عمادة كلية الآداب إلى إحدى الوظائف بديوان عام وزارة المعارف، وكان ذلك فى شهر مارس32. فى ذاك الوقت كان أحمد لطفى السيد هو مدير الجامعة. فماذا يفعل إزاء هذا الاعتداء على سلطة الجامعة واستقلالها؟ لم يتردّد فى اتخاذ الموقف المبدئى الذى يُمليه العقل الحر، فكتب استقالته. ليس المهم الإشارة إلى الاستقالة وإنما إلى الأسباب التى دفعته إليها. ونظرًا لأهمية تلك الأسباب أرى ضرورة أنْ يقرأها أبناؤنا الشباب. وهذا هو نصها:

«هليوبوليس 9مارس1932: حضرة معالى وزير المعارف العمومية. أتشرف بإخبار معاليكم أنى أسفتُ لنقل الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب إلى وزارة المعارف. لأنّ هذا الأستاذ لا يُستطاع فيما أعلم أنْ يُعوّض الآن على الأقل. لا من جهة الدروس التى يُلقيها على الطلبة فى الأدب العربى ومحاضراته العامة للجمهور. ولا من جهة هذه البيئة التى خلقها حوله وبثّ فيها روح البحث الأدبى وإلى طرائقه. ثم أسفتُ لأنّ الدكتور طه حسين فى كلية الآداب تنفيذا لعقد تم بين الجامعة القديمة ووزير المعارف وعلى الأخص لأنّ نقله على هذه الصورة بدون رضى الجامعة ولا استشارتها كما جرت عليه التقاليد المطردة. كل ذلك يذهب بالسكينة والاطمئنان الضروريْن لإجراء الأبحاث العلمية. وهذا بلا شك يفوت على أجَلْ غرض قصدتُ إليه من خدمة الجامعة. من أجْلِ ذلك قصدتُ يوم الجمعة الماضى إلى حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء واستعنته على هذا الحدث الجامعى الخطير. واقترحتُ على دولته تلافيًا للضرر من ناحية، واحترامًا لقرار الوزير من ناحية أخرى، أنْ يرجع الدكتور طه حسين إلى الجامعة أستاذا لا عميدًا. خصوصًا أنه هو نفسه ألحّ علىّ فى أنْ يتخلى عن العمادة منذ شهر فلم أقبل. فلتقبل دولة الرئيس هذا الاقتراح بقبول حسن، إلى أنْ علمتُ أنّ اقتراحى غير مقبول وأنّ قرار النقل نافذ بجملته وعلى اطلاقه. ومن حيث إننى لا أستطيع أنْ أقر الوزارة على هذا التصرف الذى أخشى أنْ يكون سُنة تذهب بكل الفروق بين التعاليم الجامعية وأغيارها، أتشرف بأنْ أقدم بهذا إلى معاليكم استقالتى من وظيفتى. أرجو قبولها وتقبلوا فائق احترامى. أحمد لطفى السيد».

الملاحظ على صيغة الاستقالة الحرص على استقلال الجامعة لأنّ النقل تم «بدون رضى الجامعة ولا استشارتها كما جرتْ عليه التقاليد.. إلخ» وفى أبريل عام 35 جاء نجيب الهلالى باشا وزيرًا للمعارف، فذهب إلى لطفى السيد وطلب منه العودة إلى الجامعة، فاشترط لطفى عليه أنْ يُعدّل قانون الجامعة، بحيث ينص فيه على «أنه لا يُنقل أستاذ منها إلاّ بعد موافقة مجلس الجامعة»، وقد برّ نجيب باشا بوعده وتم تعديل القانون فعلا. وعاد طه حسين إلى الجامعة وعاد لطفى السيد أيضا للجامعة ومكث فيها حتى أكتوبر37 عندما استقال مرة أخرى اعتراضا على تدخل الأحزاب فى نشاط الطلاب.

تلك وقائع ما حدث، ويتبقى الدرس المستفاد: أولا: مدير الجامعة يتضامن مع العميد، أى أنّ الرئيس يتضامن مع مرؤوسه، وهى سابقة غاية فى الأهمية تدل دلالة واضحة على قيمة احترام الذات، فلطفى السيد لم يستقل من هذا المنصب الرفيع لأسباب شخصية وإنما لأسباب موضوعية، كان من بينها أنّ طه حسين «لا يُستطاع أنْ يُعوّض» إلى آخر ما جاء فى الاستقالة.

ثانيا: ترسيخ مبدأ استقلال الجامعة إذْ لا يجوز للحكومة أنْ تتدخل فى عملها خاصة فيما يتعلق بشئون الأساتذة أو شئون الطلبة.

ثالثا: استبعاد النشاط الحزبى داخل الحرم الجامعى بين الطلبة.

هذا الموقف من لطفى السيد يجب أنْ تعيه الذاكرة القومية، حتى نضمن «فى ظل ظروف مصر التى يحلم بها كل الشرفاء حتى لو طال الزمن لتحقيق هذا الحلم» وجود «نخبة» محترمة لا يهمها التشبث بكرسى المنصب الوظيفى مهما كان مغريًا، وإنما يكون هدفها مصلحة الوطن قبل المصلحة الشخصية. أكتب هذا بوعى من تاريخ مصر الفاصل الذى بدأ فجر الأربعاء 23يوليو52، إذْ انقلب الوضع تمامًا، وشهد تاريخ تلك المرحلة رؤساء جامعات لاتهمهم مصلحة الوطن، ولا يُدافعون عن استقلال الجامعات، ولا عن حق الاختلاف الذى كان لطفى السيد يُطالب به. وأكثر من ذلك كان يرى أهمية حق الاختلاف ووفق نص كلامه «حرية التفكير والنقد على وجه الاستقلال، لا الحفظ والتصديق لكل ما يُقال»، ولذلك لم تكن مصادفة أنْ ينص قانون الجامعة الذى ساهم لطفى السيد فى كتابته فى المادة الثانية على أنّ «اختصاص الجامعة يشمل كل ما يتعلق بالتعليم العالى الذى تقوم به الكليات التابعة لها . وعليها تشجيع البحوث العلمية والعمل لرقى الآداب والعلوم فى البلاد» وكان يرى أنّ من بين رسالة الجامعة «التطور الاجتماعى بكل ما فى وسعها من ضروب التجديد فى اللغة والنثر والشعر. وفى الفنون الجميلة والبحث فى وجوه ترقيتها وشيوعها وكذلك الموسيقى والغناء»، كما كان له الفضل فى مساعدة الفتيات لدخول الجامعة وكتب فى هذا الشأن «ولا أخفى أننا قبلنا الطالبات أعضاء فى الأسرة الجامعية فى غفلة من الذين من شأنهم أنْ ينكروا علينا اختلاط الشابات بأخواتهن فى الدرس . وقد حدثت ضجة تنكر علينا هذا الاختلاط فلم نأبه لها.. وكان معنا العدل الذى يُسوى بين الأخ وأخته».

هذا هو لطفى السيد الذى ساهم فى إثراء الثقافة المصرية، تذكرته لسببين: موقفه من استقلال الجامعة، وحلول ذكرى وفاته منذ خمسين عامًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.