نقلت جريدة «الشرق الأوسط» العربية الدولية، عن مصادر فلسطينية مطلعة، أنه «بخلاف النبرة التفاؤلية التى اتسمت بها تصريحات قيادات حركتى فتح وحماس بشأن مستقبل المصالحة، فى أعقاب اجتماع الإطار القيادى لمنظمة التحرير فى القاهرة، فإن الفرقاء فى الساحة الفلسطينية لم يتوصلوا، تقريبًا، إلى أى تفاهم نهائى بشأن أى من القضايا التى تمت مناقشتها، بحيث تم تعليق كل القضايا التى نوقشت خلال الاجتماع». وأضافت الجريدة، نقلاً عن مصادرها، فى عددها الصادر صباح اليوم، الاثنين، أن اجتماع القاهرة «كان يجب أن يكون اجتماعًا بروتوكوليًا، يتم فى نهايته التوقيع على ما تم الاتفاق عليه فى اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة، إلا أن المفاجأة كانت عندما تمت إعادة فتح معظم القضايا التى تم التوافق عليها سابقًا من جديد».
وشدّدت المصادر على أنه «كان من المفترض أن يتم خلال الاجتماع، مناقشة التفاصيل النهائية والتوقيع عليها فى زمن قصير، إلا أن ما حدث هو انطلاق سجالات حول كل قضية تقريبًا تم التوصل لاتفاق بشأنها، مما أعاد الأمور كلها إلى المربع الأول».
ونوّهت المصادر إلى وجود خمس قضايا خلافية تحول دون تحديد موعد لإجراء الانتخابات، على رأسها الخلاف بشأن النظام الانتخابى المعتمد. وبينما طالبت حركة فتح وفصائل أخرى باعتماد النظام النسبى بنسبة 100% فى الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلس التشريعى والمجلس الوطني، فقد أصرت حركة حماس على أن يتم انتخاب 25% من النواب على الأقل، عبر نظام الدوائر الانتخابية.
وبرز خلاف بين حركتى فتح وحماس بشأن جمع نواب المجلس التشريعى بين كونهم نوابًا فى هذا المجلس، واعتبارهم بشكل تلقائى أعضاء فى المجلس الوطنى المقبل من دون انتخاب. ففى حين تطالب حركة فتح بأن يتم اعتبار أعضاء المجلس التشريعى المنتخبين فى الضفة الغربية وقطاع غزة، بشكل تلقائي، أعضاءً فى المجلس الوطني؛ فإن حركة حماس تصر على أن يتم إجراء انتخابات منفصلة لاختيار أعضاء المجلس الوطنى فى الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأشارت المصادر إلى أن ثَمّ خلافًا آخر أيضًا، بشأن أهلية لجنة الانتخابات المركزية للإشراف على انتخابات المجلس الوطني، إلى جانب الخلاف بشأن تقسيم الدوائر الانتخابية للشتات الفلسطيني، حيث تباينت الآراء؛ فهناك فصائل تطالب بأن يكون الشتات الفلسطينى دائرة واحدة، وهناك من يرى أنه يجب أن تكون هناك أكثر من دائرة، علاوة على خلاف بشأن نسبة الحسم.
وتساءلت المصادر حول حجم التحديات التى ستواجه الفرقاء فى حال تم بحث الملف الأمنى الأكثر تعقيدًا، والذى تم تأجيله لموعد آخر.
من ناحيته، نفى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، صائب عريقات، بشدة أن يكون هناك علاقة بين زيارة الرئيس الأميركى باراك أوباما المرتقبة لمناطق السلطة فى مارس المقبل، وتعطيل ملف المصالحة الوطنية.
وفى تصريحات لإذاعة «صوت فلسطين» صباح أمس، قال عريقات، إن المصالحة الوطنية لن تؤجل لحين إتمام زيارة الرئيس أوباما أو وزير خارجيته جون كيرى للمنطقة. وكانت مصادر مقربة من حركة حماس قد اتهمت حركة فتح بتعمّد تأجيل إنجاز المصالحة لحين قيام أوباما بزيارته لمناطق السلطة وإسرائيل. وأردف عريقات قائلاً: «أمريكا قد لا تريد مصالحة وهذا موقفها، لكن موقف الرئيس عباس أن المصالحة مصلحة عليا والنقطة الأولى فى تحركنا».
وأكد عريقات أنه بعد قبول فلسطين فى الأممالمتحدة «نقول إن اليوم غير الأمس، والتفكير الفلسطينى يجب أن ينطلق إلى آفاق جديدة لمواكبة ذلك الإيحاء، بوضع واشنطن وإسرائيل شروطًا وفيتو على المصالحة كلام عيب ويجب أن نلفظه». وأوضح عريقات أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أصر على أن يعلن تشكيل حكومة من الكفاءات برئاسته فى اليوم الذى يعلن فيه مرسوم إجراء الانتخابات، وأن تجرى هذه الانتخابات خلال 90 يومًا».
ودافع عريقات عن موقف حركة فتح الداعى للتبكير بإجراء الانتخابات، رافضًا الحجة التى تقدمها حركة حماس والتى تؤكد أن إجراء الانتخابات يجب أن يسبقه توفير المناخات الصحية لذلك.
وفى ذات السياق، قال خليل الحية، عضو المكتب السياسى لحركة حماس، إن ملف الحريات بالضفة المحتلة يعرقل إتمام المصالحة، مشددًا على أن تشكيل الحكومة المقبلة وتحديد موعد الانتخابات مرتبطان بإنجاز ملفات المصالحة، وضمنها ملف الحريات.
وفى تصريحات للصحفيين، مساء أمس الأول، قال الحية إن إنجاز ملف الحريات مهم جدًا لتوفير الأجواء التى تسمح بالتوافق على تحديد موعد لإجراء الانتخابات. وأكد أن التوافق على تشكيل حكومة التوافق ومدتها الزمنية يتوقف على التوافق بين الفصائل على الاتفاق على ظروف وشروط إجراء الانتخابات للمجلس الوطنى والمجلس التشريعى والرئاسة.
من ناحيته حمل رئيس تجمع الشخصيات المستقلة فى الضفة الغربية، خليل عساف، حركتى فتح وحماس المسؤولية عن فشل اجتماع القاهرة وإنهائه دون التوصل لاتفاق. وعزا فشل اجتماع القاهرة فى تحقيق اختراق فى مشروع المصالحة، إلى غياب النوايا الحقيقية لدى الحركتين. ونقل موقع وكالة «صفا» الفلسطينية عن عساف قوله: «من الواضح أنه تم تغليب المصلحة الحزبية والشخصية على المصلحة الوطنية، وأحمّل الطرفين (فتح وحماس) المسؤولية عن ذلك وإن كان بنسب متفاوتة».