رفعت وحدة أبحاث الإيكونوميست (EIU) فى تقريرها لشهر يونيو توقعات نمو الاقتصاد المصرى خلال العامين المقبلين، مشيرة إلى أن ذلك لن يصاحبه تحسن فى مستوى المعيشة. «من المنتظر أن يحقق الاقتصاد المصرى نموا بنسبة ٪4 بنهاية العام المالى الحالى، ولينخفض إلى ٪3.8 فى العام المالى القادم (2009/2010)، بدلا من معدلات ٪3.4 و٪3.1 توقعناها الشهر الماضى»، بحسب تقرير شهر يونيو لوحدة أبحاث الإيكونوميست، التى استندت فى ذلك إلى معدل النمو الذى تمكن الاقتصاد من تحقيقه خلال الربع الثالث من العام المالى الحالى، والذى فاق التوقعات، بوصوله إلى ٪4.3. «إلا أن النمو سوف يشهد تحسنا ملحوظا بداية من عام 2011، حيث من المنتظر أن يصل إلى ٪5.5 ليقفز إلى ٪7.4 فى 2011، «وليقترب بذلك من المعدلات المرتفعة التى تحققت قبل الأزمة»، على حد تعبير التقرير. وبحسب وحدة الأبحاث، سيكون نمو الاقتصاد خلال الأعوام المقبلة مدفوعا بالأساس بنمو قطاع الإنشاءات، على خلفية خطة التحفيز الاقتصادى التى تبنتها الحكومة، بقيمة 15 مليار جنيه، وخصصت 11 مليار جنيه منها لمشروعات البنية الأساسية. وكان قطاع الإنشاءات قد حقق أكبر معدل نمو ضمن قطاعات الاقتصاد، خلال الربع الثالث من العام المالى الحالى. فقد وصلت نسبة نموه إلى ٪16.1 خلال الربع الثالث من العام المالى الحالى، مقابل ٪15.1 فى نفس الربع من العام المالى السابق، والذى نسبه المحللين إلى الطلب على إسكان متوسط ومحدودى الدخل، بالإضافة إلى اتجاه الحكومة للاستثمار فى مشروعات البنية الأساسية. ومن ناحية أخرى، فإن استكمال الحكومة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى تبنته منذ عام 1992، «سوف يدفع النمو بقوة على المدى الطويل، ويؤدى إلى زيادة الإنتاجية»، وفى هذا السياق تتوقع الإيكونوميست أن تشهد معدلات التشغيل «زيادة واستقرارا» بداية من عام 2011. وكان تقرير لمجلس أمناء هيئة الاستثمار، صدر الأسبوع الماضى، قد قال إنه «بالرغم من معدلات النمو المرتفعة التى حققها الاقتصاد قبل الأزمة، إلا أنها لم تكن مصحوبة بزيادة فى التشغيل»، فبينما بلغ متوسط نمو الناتج المحلى الإجمالى خلال الفترة من 1990 إلى 2005 حوالى 4.2%، لم يتجاوز معدل نمو التشغيل 2.6%، وفقا للتقرير. مزيد من التوسع فى السياسة المالية على خلفية تراجع معدلات النمو، من المتوقع أن تستمر الحكومة فى سياساتها التوسعية خلال العام المالى 2009/2010، فقد أعلنت الحكومة عن تخصيص 15 مليار جنيه لتحفيز الاقتصاد فى موازنة 2009/2010، إضافة إلى 15 مليار جنيه سبق وخصصتها فى موازنة 2008/2009، على أن تنفق هذه الأموال بصفة أساسية على مشروعات البنية الأساسية. وقد تؤول خطة التحفيز إلى زيادة «معقولة» فى العجز المالى فى 2008/2009، ليصل إلى 7.1% كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى، وليرتفع إلى ٪8.4 فى 2009/2010، مقارنة بنحو ٪6.8 فى 2007/2008. أيضا من المتوقع أن يشهد عجز الميزان التجارى تحسنا خلال العامين القادمين، على خلفية تراجع الأسعار العالمية للسلع الأساسية، والذى سيخفض فاتورة الواردات. إلا أن هذا التحسن قد لا يتمكن من التأثير على الحساب الجارى، الذى من المنتظر أن يحقق عجزا فى 2009 و2010 بمعدل ٪1.6كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى بحسب الايكونوميست. تخفيضان آخران للفائدة ويتوقع تقرير الإيكونوميست قيام البنك المركزى بتخفيضين آخرين لسعر الفائدة فى نهاية 2009، أو بداية 2010. وكان المركزى قد اتخذ من خفض معدل التضخم هدفا أساسيا له خلال السنوات الماضية، عندما وصل إلى رقم قياسى (٪23) فى أغسطس الماضى، إلا أنه مع انخفاض التضخم. على أساس سنوى، تدريجيا بداية من العام الحالى، إلى جانب تراجع معدلات النمو، قرر خفض الفائدة 4 مرات خلال العام الحالى، لتحفيز الإقراض والإنفاق الاستهلاك، بهدف دفع عجلة النشاط الاقتصادى. كان آخرها فى 18 من الشهر الحالى، عندما خفض الفائدة بواقع نصف نقطة مئوية، ليصل معدلها على الإقراض إلى 10.5%، وإلى ٪9 على الودائع. التضخم رسمت توقعات الإيكونوميست لمعدل التضخم نظرة متشائمة مقارنة بتوقعاتها السابقة له، «نحن لا نتوقع أن ينخفض التضخم بنفس النسبة التى توقعناها من قبل، فقد يصل معدله إلى ٪9.7 فى 2009، مقابل ٪9.1 توقعات الشهر الماضى. ولينخفض إلى ٪7 فى 2010»، على حد تعبير وحدة الأبحاث، والتى توقعت سابقا أن ينخفض التضخم على أساس سنوى خلال العام الحالى، مرجعة ذلك إلى ارتفاع الرقم الذى تتم المقارنة على أساسه. وضع الجنيه تتوقع الإيكونوميست أن يشهد الجنيه مزيدا من الانخفاض فى قيمته أمام الدولار خلال 2009، ليصل سعر الدولار إلى 5.67 جنيه فى المتوسط، «إلا أنه سوف يستقر فى 2010، مع الزيادة المتوقعة للتدفقات الأجنبية بداخل مصر»، على حد تعبير التقرير. كانت قيمة الجنيه قد ارتفعت بداية من 2005 وحتى منتصف 2008، إلا أنه مع خروج العديد من المحافظ والاستثمارات الأجنبية فى النصف الثانى من 2008، بدأت قيمة الجنيه أمام الدولار تضعف تدريجيا. ويختلف الأمر بالنسبة لوضع الجنيه أمام اليورو، الذى «من المتوقع أن يشهد تحسنا فى 2009، قبل أن يتدهور فى 2010»، قال التقرير. الجوانب الاجتماعية «تراجع معدلات النمو، خلال العامين المقبلين، سيؤثر سلبا على الفقراء، ومن المتوقع أن يؤدى هذا الأمر إلى حالة من عدم الرضا، التى قد تقود إلى عدم الاستقرار الاجتماعى خلال ال12 شهرا القادمة»، يقول التقرير. وتلفت الإيكونوميست النظر إلى أن الحكومة ستحاول التخفيف من وطأة هذا الأمر، من خلال الاستمرار فى تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، سعيا منها لرفع مستوى معيشة المواطنين، وتوفير فرص عمل كافية لاستيعاب الداخلين جدد فى سوق العمل. «وإن كان هناك قليل من الشك حول قدرة الحكومة على استكمال برامج التحرر الاقتصادى، خوفا من العواقب السياسية»، من وجهة نظر الإيكونوميست. وكان عثمان محمد عثمان، وزير التنمية الاقتصادية، قد توقع أن تؤدى الأزمة إلى ارتفاع عدد الفقراء، بنحو ٪7.2 فى العام المالى الحالى، بالإضافة إلى زيادة حدة الفقر، «خاصة أن برامج الحماية الاجتماعية فى مصر غير كافية لحماية المواطنين، مما يؤثر سلبا على مستوى معيشة الفقراء»، على حد تعبيره. وبحسب تقرير مجلس أمناء هيئة الاستثمار، قد يكون دخل ال٪20 الفقراء (1423 جنيها) قد انخفض بنسبة ٪16.4 ليصل إلى 1222 جنيها. كما انخفض دخل ال٪20 «قريبو الفقر» من 1854 ليصل إلى 1592 جنيها، وهذا يعنى أن «الفقراء صاروا أكثر فقرا، وأن قريبو الفقر صاروا أكثر قربا من خط الفقر».