توقعت وحدة الدراسات بمجلة الإيكونوميست البريطانية (EIU) أن تصعد الحكومة المصرية من مواجهاتها الأمنية للقوى المعارضة تمهيدا للانتخابات البرلمانية والرئاسية فى 2009 و2010، وذلك على الرغم من ازدياد الاحتجاجات الشعبية على تدنى الأجور وانخفاض مستويات المعيشة. وقالت الإيكونوميست فى تقريرها، الصادر قبل أيام، والذى يرصد توقعات المناخ السياسى فى البلاد فى 2009 و2010 إن «النظام سيكون عنيفا فى تعامله مع أى شكل للاحتجاج السياسى وليس من المحتمل أن يسمح بتحول المظاهرات إلى أى شكل احتجاجى منظم طويل الأمد»، على حد تعبير التقرير. وعلى الرغم من أن الإيكونوميست تتنبأ بأن تشهد مصر المزيد من الانفجارات الشعبية العفوية فى هذه الفترة، فإنها لا ترى أن ذلك سيؤثر على زخم إجراءات التحرير الاقتصادى، ولا على استقرار النظام. وقال التقرير:«فى العموم نحن لا نرى النظام معرضا لتهديد بزعزعة استقراره من قبل هبة شعبية، على الرغم من إحساس غالب بعدم الرضاء بين السكان، حتى فى حالة الانتهاء المفاجئ لحكم الرئيس حسنى مبارك». وأشارت الإيكونوميست تحديدا لجماعة الإخوان المسلمين، واصفة إياها بأنها القوة السياسية الوحيدة القادرة على تعبئة تأييد شعبى، قائلة إن الحكومة ستكون معنية على وجه الخصوص باحتوائها. وأضاف التقرير: «سيجد الإخوان أنه من المستحيل تقريبا تقديم مرشحين فى انتخابات 2010 حتى كمستقلين». ومن ناحيته، قال مسئول رفيع المستوى بالحزب الوطنى، طلب عدم ذكر اسمه، إن «هذا الكلام قيل مئات المرات وهو أقرب إلى كلام الهواة. أى دش وخلاص»، على حد تعبيره، مضيفا أن «هذه تقارير انطباعية ومعلوماتها عن مصر سطحية، وبالتالى ليست لها أهمية ولا تستحق التعليق». ويعود تاريخ وحدة دراسات المجلة البريطانية العريقة، المسماة بوحدة استخبارات الإيكونوميست، إلى عام 1946، ولها مكاتب فى أربعين دولة وتقدم استشارات لصناع القرار فى عدد كبير من الدول، بحسب موقعها الإلكترونى. وعادة ما تحتفى الحكومة المصرية بالتقارير الدولية التى تخرج باستنتاجات إيجابية بالنسبة للأوضاع فى مصر خصوصا على الصعيد الاقتصادى. وعلى الجانب الاقتصادى، قالت المؤسسة البريطانية إن السلطات فى مصر «واعية بأن تسهيل الوصول للوظائف والتعليم لفقراء مصر أمر ضرورى للقضاء على التوتر السياسى والاجتماعى، لكن جهودها لن تكون كافية للقضاء على عدم الرضاء الشعبى فى المدى القريب»، على حد تعبير التقرير. وتقول هبة الليثى، أستاذة الاقتصاد فى جامعة القاهرة، إن وجود خطر اجتماعى كان موجودا حينما بلغ معدل النمو أعلى مستوى له واقترب من ال8%، «حينئذ أيضا كان هناك معدل مرتفع للبطالة»، بحسب تعبيرها، مشيرة إلى أن الخلل الأساسى يكمن فى أن النمو يعتمد على قطاعات غير كثيفة العمالة. وأضافت الليثى: «لو سلكت الحكومة نفس الاتجاه سيبقى الوضع كما هو عليه أو ستتفاقم المشكلة أكثر»، متوقعة أن تغير الحكومة سياستها، خصوصا مع توجهها إلى ضخ الأموال فى قطاعات تخلق فرص عمل مثل التعليم والصحة، والصناعات الغذائية والزراعة، «لو حدث ذلك ستدور العجلة، وسيتم إيجاد مزيد من فرص العمل»، كما جاء على لسان الليثى. وتوقعت وحدة الأبحاث البريطانية أن ترتفع نسبة العجز فى العام المالى الحالى مع تراجع إيرادات الدولة، وزيادة نفقاتها خصوصا مع إقرار حزمة جديدة للإنعاش الاقتصادى، وقدرت أن يصل العجز إلى 9% من الناتج المحلى الإجمالى فى حالة زيادة قيمة الحزمة على مستواها المقترح فى مشروع الميزانية، والتى بلغت 7 مليارات جنيه، أو أن يدور حول 8.4% إذا بقيت بنفس القيمة. وترى شيرين الشواربى، أستاذة الاقتصاد فى جامعة القاهرة، أنه مع التحسن فى الأحوال الاقتصادية على المستوى العالمى بصفة عامة، بالإضافة إلى أداء الاقتصاد المصرى الذى جاء أعلى من المتوقع، فقد ينخفض العجز فى العام المقبل إلى أقل من 8%، «فكل القطاعات، وإن كانت قد تراجعت على خلفية الأزمة العالمية، فإن انخفاضها كان أقل من المتوقع». وعلى الجانب الآخر، رفعت الإيكونوميست توقعاتها للنمو الاقتصادى المصرى خلال العام المالى 2009/2010 من 3.9% إلى 4.5%، وذلك بعد أن فاق النمو المتحقق فى العام المالى الماضى، المنتهى فى يونيو 2009، تقديراتها. وكانت التقديرات الحكومية للنمو فى العام الحالى تدور حول 4.5%، ثم تم رفعها إلى 5.5% مع إقرار حزمة إنعاش اقتصادى ثانية.