أكد الروائي خالد إسماعيل أن الثورة فعل تراكمي ينطبق عليه القانون المشهور، التراكم الكمي يؤدي إلى تغير كيفي، وبهذا المعنى هنا في مصر ثقافة اسمها ثقافة الثورة، تتمثل في عودة العمل الجماعي بين المواطنين وكسرحاجز الخوف من السلطة والتمسك بالحق ودخول قاموس جديد إلى حياة الطبقات الشعبية من مفرداته، كلمة مسيرة ومظاهرة ووقفة. وقال إسماعيل، إن الشعب المصرى وصل لدرجة وعي سمحت له بإنزال الخطباء المتطرفبن من على المنابر، وإذا كنت تقصد الثقافة في شقها الأدبي، فإن المشروعات الأدبية الثورية كان لها دور في الدعوة للثورة وبعد 25 يناير وسقوط الدولة البوليسية، ومن ثم تفجرت أنهارالإبداع في مصر، خاصة شعرالعامية وثيق الصلة بالفنون والآداب الشعبية، وظهرجيل جديد من الشباب واضح الرؤية واثق من نفسه.
وأضاف، أن هذا الجيل بدأ في استدعاء المشروعات الأدبية الثورية التي تم تهميشها في ظل نظام مبارك، وبالنسبة للمثقفين ودورهم في الدعوة للثورة فإن المرتبطين بحظيرة فاروق حسنى وما يسمى اتحاد كتاب مصر ارتبطوا بالنظام للنهاية، ومن المصادفات القدرية أن آخر صورة التقطت للرئيس المخلوع جمعته بعدد من المبدعين والنقاد من بينهم أحمد عبد المعطي حجازي وجابر عصفور ويوسف القعيد.
وتابع: أما المثقفون الذين رفضوا دخول حظيرة نظام مبارك، فهم في الثورة والميادين منذ الساعات الأولى من يوم 25 يناير2011.
وقال إسماعيل: إنه بالنسبة للشق الثقافي الرسمي فإن هذا الشق تديره عصابة موظفين تجيد أساليب إدارية وبيروقراطية لضمان بقائها في المناصب، وضمان حصولها على المكاسب المادية، حسب قوله.
وتابع قائلا: وكان مؤتمر أدباء مصر الذى انعقد في شرم الشيخ منذ أيام مسرحا كاشفا للوضع الثقافي الرسمي فقد تهرب تنويري سابق من مواجهة المتطرفين الذين تمت دعوتهم بمعرفة أمانة المؤتمر، ووقف الدكتور يسري عبدالله وحيدا في مواجهة هؤلاء وحذر من خطورة الخلط بين الدين والإبداع، وطالب المثقفين بالتصدي للفاشية الدينية، بينما صمت المثقفون الذين قضوا عشرين عاما يكتبون ويتكلمون دفاعا عن الحرية والعقل وضد الارهاب الدينى.
وأضاف، أنه عندما جاءت لحظة المواجهة الحقيقية هربوا بل بحثوا عن أدوار ثقافية جديدة في ظل نظام الحكم الحالي، بعد أن انتهت خدمتهم لدى المخدوم السابق نظام مبارك، ولعل هذا المشهد يدعونا للسؤال عن سر اختفاء جابرعصفور، وصلاح فضل وغيرهم من الذين صدعونا بالكلام عن التنوير، وفي النهاية سوف تتواصل حلقات الثورة وبالتالي تتواصل عملية تبلور ثقافة جديدة لدى طبقات المجتمع كله.
أما من حيث الإنتاج الثقافي فسوف يختفي دور وزارة الثقافة، ويظهرالدور الأهلي، ولعل تجربة الفرق الموسيقية المستقلة ومشروع "الفن ميدان" خير دليل على تفوق العمل الثقافى الأهلي مقارنة بالعمل الثقافي الحكومي البيروقراطي القديم الذي لا يعبر عن اللحظة الثورية التي يعيشها المجتمع، وأعتقد أن إلغاء وزارة الثقافة أصبح فرض عين في الوقت الراهن.