رسالة من الهيئة الوطنية للمصريين بالخارج بشأن انتخابات مجلس النواب 2025    رفع 120 طن مخلفات من المحطة الوسيطة بكوم أمبو في أسوان (صور)    اسعار الدواجن اليوم الجمعه 21 نوفمبر 2025 فى المنيا    11 قرارًا جمهوريًّا وتكليفات رئاسية حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات ورسائل قوية للمصريين    بورسعيد الأعلى، جدول تأخيرات السكة الحديد اليوم الجمعة    الجيش السوداني يوجه ضربة قوية ل الدعم السريع بالمسيّرات في المثلث الحدودي    اليوم.. حسم موقف ثلاثي الأهلي من مباراة شبيبة القبائل    عبد الرحمن هيثم ينافس على برونزية المصارعة الحرة بدورة التضامن الإسلامي    تطورات جديدة في ملف تجديد عقود ثنائي الزمالك    بقيادة ميسي.. إنتر ميامي يفتتح ملعبه الجديد بمواجهة أوستن    فيرناندينيو قائد مانشستر سيتي السابق يعلق حذاءه    القبض على عنصر جنائي لغسله 140 مليون جنيه من تجارة المخدرات    انهيار عقار من 4 طوابق في منطقة اللبان بالإسكندرية    ذكرى وفاة ليلى مراد.. اسمها الحقيقي وثنائيتها الفنية مع أنور وجدي    أمين «الأعلى للآثار» يلقي محاضرة عن الآثار المصرية بمتحف قصر هونج كونج    "المهن التمثيلية" تحذر من انتحال اسم صناع مسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    وزير الصحة يتلقى تقريرًا ميدانيًا عن 46 مشروعًا صحيًا في 11 محافظة    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    مواجهات قوية في جدول مباريات اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    كواليس جلسة هاني أبوريدة ووزير الرياضة    الاحتلال الإسرائيلي يواصل الانتهاكات وشلال الشهداء لا يتوقف    ثلاثة قتلى جراء الزلزال في وسط بنجلادش    غدا .. وزارة التضامن تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    حملة مكبرة لإزالة الإشغالات وتعديات الباعة الجائلين بشوارع منفلوط فى أسيوط    النشرة المرورية.. سيولة بحركة السيارات بمحاور القاهرة والجيزة    إنشاء محطة الصب الجاف النظيف بميناء الدخيلة.. صور    "متبقيات المبيدات" ينفذ برنامجه التدريبي الدولي السابع لمتخصصين من تنزانيا    فرنسا تطالب مواطنيها التأهب لحرب مع روسيا: استعدوا لخسارة الأبناء    أول تعليق من كريم الحو بعد اصرار عائلة محمد فووي على مقاضاته    في عيد ميلادها.. جارة القمر فيروز كما لم تعرفها من قبل.. تعتني بابنها المعاق وترفض إيداعه مصحة خاصة    مجلس الأمن الأوكراني: نتوقع مراعاة الولايات المتحدة ضرورة مشاركتنا في العمل بشأن خطة السلام    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    مدبولي يكشف مكاسب محطة الضبعة النووية.. مليارات الدولارات سنويًا    فرص عمل في شمال القاهرة للكهرباء.. اعرف التفاصيل    شهيدان بنيران الاحتلال خلال اقتحام القوات بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة    الصحة المصرية تعلن خلو البلاد من التراكوما فى ندوة لقيادات الصحة فى الصعيد    بورصة وول ستريت تشهد تقلبات كبيرة    نفاد تذاكر دخول المصريين لقاعات عرض المتحف المصري الكبير اليوم الجمعة وغدا السبت    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال بمرور 1700 على مجمع نيقية    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    هل تنجو «نورهان» من الإعدام؟.. تطور جديد بشأن قاتلة أمها ب «بورسعيد»    الصحة العالمية: اللاجئون والنساء أكثر عُرضة للإصابة ب«سرطان عنق الرحم»    دراسة تكشف عن علاقة النوم العميق بعلاج مشكلة تؤثر في 15% من سكان العالم    زد يفاوض كهربا للعودة للدوري المصري عبر بوابته (خاص)    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    محمد صبحي: اوعوا تفتكروا إني اتعالجت على نفقة الدولة ولم أفرح بترشيحي لجائزة الدولة التقديرية (فيديو)    دعاء يوم الجمعة.. ردد الآن هذا الدعاء المبارك    ما الأفضل للمرأة في يوم الجمعة: الصلاة في المسجد أم في البيت؟    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في المؤتمر "المصري العُماني" لبحث فرص الاستثمار المشتركة بين البلدين    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    رئيس جامعة المنوفية يشهد ملتقى التعاون بين الجامعات المصرية والكورية    فضل سورة الكهف يوم الجمعة وأثر قراءتها على المسلم    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات فى المادة 76 من الدستور الجديد
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 01 - 2013

تناولت المادة 76 من الدستور الجديد مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذى معناه أن تحديد الأفعال التى تعد جرائم وبيان أركانها وتحديد العقوبات المقررة لها من اختصاص المشرع وليس القاضى أو الحكومة. وهدف هذا المبدأ هو ضمان حريات المواطنين وهو من أكثر المبادئ القانونية شيوعا فى العالم.

•••

نصت المادة 76 من الدستور الجديد على أنه «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص دستورى أو قانونى». وبإضافتها عبارة «نص دستورى»، تختلف المادة 76 عن المادتين 66 من دستور 1971 و6 من دستور 1923 اللتين نصتا على أنه «لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون». وحقيقة الأمر هو أن نص المادة 76 يختلف عن العرف المستقر فى كل دول العالم.

فالأصل هو أن وظيفة الدستور هى إقرار الحقوق والحريات وتنظيم السلطات العامة. أما تحديد الجرائم والعقوبات، فهذه مهمة القانون الجنائى. وذهب البعض إلى أن إضافة «نص دستورى» فى المادة 76 راجع إلى أن الدستور الجديد احتوى على نصوص جزائية. والحقيقة أن الدستور الجديد احتوى على مادة جزائية واحدة فقط هى المادة 232 التى «تمنع قيادات الحزب الوطنى» من «الترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية لمدة عشر سنوات». أما النصوص التى تنص على أن «التدخل فى شئون العدالة أو القضايا جريمة» (م. 168) وأن «كل اعتداء على أى من الحقوق والحريات.. جريمة» فهى ليست نصوصا جزائية لأن هذه النصوص لا تحدد أركان الجريمة ولا تبين العقوبة المفروضة. وقضاء محكمة النقض مستقر على أنه «أنه لا عقوبة إلا بنص يعرف الفعل المعاقب عليه ويبيّن العقوبة الموضوعة له».

عموما، المادة 232 مادة من الدستور ولا يحتاج إعمالها «إذنا» من المادة 76، بالإضافة إلى أن تعبير «نص قانونى» الذى استخدمته المادة 76 يسع النصوص الدستورية فالمواد الدستورية هى بلا أدنى شك نصوص قانونية. إذن، لا يوجد تبرير منطقى أو قانونى لإدراج تعبير «نص دستورى» فى نص المادة 76.

•••

بينما اهتم ممثلو حزب الحرية والعدالة بصفة أساسية بالمواد الخاصة برئيس الجمهورية ومجلسى النواب والشورى والمحكمة الدستورية العليا، اهتم ممثلو حزب النور بما يشغلهم أى بالمواد المتعلقة بالهوية ومواد الحريات ، أخبرنا الطبيب ياسر برهامى عضو الجمعية التأسيسية والرئيس الفعلى لحزب النور أنه وراء ابتداع تعبير «نص دستورى» وأن الهدف منه السماح بتجريم أفعال لا يعاقب عليها القانون الوضعى. فتعبير «نص دستورى» طبقا للأستاذ برهامى مقصود به الإحالة إلى المادتين 2 و219 الخاصتين بالشريعة التى تجرم أفعالا يعتبرها القانون المصرى مباحة.

وتفسير الأستاذ برهامى مردود عليه. فالمادتان 2 و219 لا تتضمنان أى نص جنائى (لا أركان جريمة حددت ولا عقوبة وضعت) بالإضافة إلى أن هاتين المادتين تخاطبان المشرع فقط (وليس القاضى) فالشريعة مصدر «للتشريع» فقط (وليست مصدرا للأحكام القضائية) طبقا للدستور الذى وافق عليه الأستاذ برهامى. وأحكام المحاكم المختلفة مستقرة على أنها غير مخاطبة بالمادة الثانية. فالقاضى الذى يوقع عقوبة لجريمة غير معاقب عليها فى القانون مصير حكمه الإلغاء (كما حدث من قبل).

•••

ومع ذلك، فقد يتبنى بعض القضاة تفسير الدكتور برهامى تأسيسا على أنها نية المشرع الدستورى أو رغبة فى شهرة إعلامية (وهى أمور غير مستبعدة خاصة بعد «الانفلات» الشديد الذى تشهده الهيئات القضائية منذ نوفمبر 2012). المهم هو أن هذه الأحكام المعيبة من منظور قانونى ستلغى أغلب الظن وقد تتم مساءلة مصدرى هذه الأحكام. ولا أستبعد ساعتها أن يتم استغلال هذا الأمر من بعض القوى السياسية التى ستقيم الدنيا ولا تقعدها لأن حكما برجم الزانى تم إلغاؤه من محكمة الاستئناف أو من محكمة النقض. وقد يقول البعض إن المحكمة التى ألغت الحكم المعيب كارهة لشرع الله وللإسلام وأنه يجب تطهير القضاء ممن ألغوا الحكم الذى انتصر للشريعة. وقد يتم حصار تلك المحاكم.

باختصار، قد تسبب المادة 76 فوضى قضائية وسياسية وقد تستخدم هذه المادة فى تحميل القضاة مسئولية عدم تطبيق الشريعة مع أنها بنص الدستور مسئولية المشرع.

وهناك عيب خطير آخر فى المادة 76 هو أن تعبير «نص قانونى» أوسع من لفظ تعبير «بناء على قانون» الذى ورد بجميع دساتير مصر السابقة. فأى قرار إدارى يمكن اعتباره نصا قانونيا وبالتالى فإنه يمكن لأى قرار إدارى أن يضيف جرائم ويقرر عقوبات وحده وذلك دون أن يستند إلى قانون.

•••

لا معنى لتعبير «نص دستورى» طبقا للمنطق القانونى السليم ولو طبقت المادة 76 بتفسير الأستاذ برهامى فقد يسبب ذلك فوضى. ولا أظن أن الأستاذ برهامى كان ملما بهذا عندما اقترح إضافة «نص دستورى». ولذلك أتساءل، هل تفضّل أحد أعضاء الجمعية القانونيين بتوضيح هذه التفاصيل القانونية للأستاذ برهامى؟ أم أنه أُريد ألا يُكشف عن هذا الأمر حتى يبقى الأستاذ برهامى فى ضلاله القانونى وليشعر أنه صنع إنجازا تاريخيا وبالتالى يحشد لتمرير الدستور مع أنه ليس للسلفيين فيه لا ناقة ولا جمل؟ أسأل هذا السؤال وليس لدى إجابة عنه فمضابط اللجان الفرعية حسب علمى لم تُنشر حتى الآن كما لو كانت وثائق عسكرية لا ينبغى أن يطّلع عليه الشعب.

هل شُرح للدكتور برهامى فلسفة مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات التى هى حماية الحريات وتقييد يد القاضى (وليس إطلاق يده كما يريد هو)؟ هل شُرح للدكتور برهامى أن تطبيق الشريعة أمر فى غاية البساطة فمجلس الشورى الذى يسيطر عليه التيار «الإسلامى» يمكنه إصدار ما يشاء من قوانين خلال ساعات؟ هل يريد الأستاذ برهامى والإخوان تحميل مسئولية عدم تطبيق الشريعة للقضاء بدلا من أن يتحملها الإخوان الذى يَعِدون دائما بتطبيق الشريعة قبل الانتخابات ثم لا يطبقونها عندما ينجحون فى هذه الانتخابات؟

إن تطبيق الشريعة هى مسئولية المشرع طبقا للدستور. فإذا كان الإخوان المسيطرون على السلطة التشريعية منذ فبراير 2012 غير راغبين فى تحمل مسؤولية تطبيق الشريعة أو غير قادرين على تطبيقها فليقولوا ذلك صراحة وليكفوا عن الوعد بتطبيق الشريعة.

•••

إن الصياغة المعيبة للمادة 76 بالرغم من أهمية هذه المادة وسهولة صياغتها والوقت الطويل الذى تم فيه إعداد هذا الدستور تحمل دلالات غير مطمئنة على أسلوب إدارة النخبة الجديدة (الإخوان) للدولة. ومازلنا ننتظر توضيحا من أعضاء الجمعية التأسيسية تشرح ملابسات صياغة المادة 76 التى ليس لها مثيل فى أى دستور فى العالم. فهل من مجيب؟



باحث دكتوراه بجامعة السوربون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.