الرئيس محمد مرسي لن يجد وقتاً للاستمتاع بانتصاره في إقرار دستور جديد، إذ ربما كلفه ذلك الاقرار التأييد الأوسع لإجراءات التقشف العاجلة، التي تحتاجها البلاد لإصلاح الاقتصاد المتداعي. وبحسب وكالة رويترز، فان تسريع وتيرة طرح الدستور للاستفتاء العام، الذي قالت المعارضة إنه تسبب في انقسام شعبي؛ ربما يكون مرسي قد بدد فرص الوصول لتوافق على زيادة الضرائب، وخفض الإنفاق، وهي إجراءات ضرورية للغاية؛ لتقليص عجز الميزانية المتضخم.
ويقول معارضون: إن هذا الانقسامات ستؤدي إلى مزيد من الاضطرابات، في بلد يعاني اقتصاده من صعوبات، منذ الإطاحة بحسني مبارك قبل نحو عامين، مما أدى إلى إحجام المستثمرين والسياح؛ وهما مصدران مهمان للدخل القومي في البلاد.
وبدون الحصول على تأييد واسع النطاق، فسيكون من الصعب على حكومة مرسي تنفيذ الاصلاحات اللازمة للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وربما يواجه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين معركة شرسة في الانتخابات البرلمانية، والتي سيتم إجراؤها في غضون شهرين.
وقال عمرو عدلي- الخبير الاقتصادي: إن تطبيق إجراءات تقشفية، في ظل نظام سياسي منفتح، ووجود ملايين المواطنين الذين لهم حق الاقتراع، يحتاج إجماعاً بين النخبة السياسية، ألا أنة، وبالرغم من القبول الكبير حتى الآن؛ بالحاجة العاجلة لا صلاح الاقتصاد المتعثر، ويؤكد عدلي، أن الأسلوب الذي اتبعه مرسي في اقرار الدستور، وأغضب معارضيه؛ سيشجع خصومه على الاستفادة من أي رد فعل شعبي مناهض للتقشف، بدلاً من المساهمة في إقناع الناس بالإصلاحات.
وأضاف عدلي، وهو رئيس وحدة العدالة الاجتماعية والاقتصادية لدى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن خصومه السياسيون يتعاملواً بأسلوب انتهازي للغاية مع هذه الأمور، ولن يكون هناك أي أمل في إنهاء العنف في الشوارع، أو الانقسامات السياسية الحادة.
وكان مرسي قبل الاستفتاء بوقت قصير، أقر زيادات في ضريبة المبيعات على سلع وخدمات، مثل المشروبات الكحولية، والسجائر، ومكالمات الهاتف المحمول، وتراخيص السيارات، لكنه سحبها في خلال ساعات؛ بعد انتقادات من معارضيه ووسائل الإعلام.
وكانت النتيجة الفورية لعدول مرسي عن قراره؛ هي إرجاء موافقة صندوق النقد الدولي على القرض.
وقال الصندوق: إنه أرجأ اجتماعه الذي كان مقرراً في منتصف ديسمبر للموافقة على القرض، وأشارت الحكومة المصرية، إلى أن الموافقة ربما تتم في يناير.
وقال فريد إسماعيل- القيادي في حزب الحرية والعدالة: إن مصر لا يمكن وصفها بأنها منقسمة، في الوقت الذي وافق فيه ثلثا الناخبين الذين ذهبوا للاستفتاء على الدستور، وأن جميع الأطراف تحتاج إلى التباحث؛ بشأن المشكلات الاقتصادية.
وأضاف القيادي في حزب الحرية والعدالة، أن لدينا تحديات اجتماعية واقتصادية، وقد حان الوقت أن يطرح الناس مبادرات، والدخول في حوار وطني.
وأكد إسماعيل، أن إقرار الدستور؛ يعني أنه تم التغلب على عقبة رئيسية أمام استقرار البلاد، وأن سقف التوقعات مازال مرتفعاً، في الدولة التي اندلعت فيها الانتفاضة في 2011، مطالبة بالعدالة الاجتماعية.