سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس مصلحة الضرائب العقارية السابق: رجال الأعمال وراء تأجيل تطبيق الضريبة العقارية قبل وبعد الثورة الإخوان كانوا يريدون إعفاء المسكن الخاص.. ورفعنا حد الإعفاء إلى 2 مليون جنيه مقابل إخضاعه
بعد أن واجهت وزارة المالية ضغوطا عنيفة لإعفاء المسكن الخاص من الضريبة العقارية، نجحت فى النهاية عدم السماح بذلك، «فالقانون الجديد الذى صدق عليه الرئيس محمد مرسى لا يتضمن إعفاء المسكن الخاص، وفى المقابل تم رفع حد الإعفاء الضريبى إلى مليونى جنيه بعد أن كان 500 ألف جنيه»، بحسب قول رئيس مصلحة الضرائب العقارية السابق، طارق فراج، ل«الشروق». والضغوط التى تمت ممارستها، من أكثر من جهة، لإعفاء المسكن الخاص واجهها أكثر من وزير مالية، فوقت تولى يوسف بطرس غالى حقبة المالية قبل الثورة، كان رجال أعمال الحزب الوطنى يضغطون بقوة لتنفيذ هذا الأمر، وبعد الثورة شن عدد من نواب مجلس الشعب المنحل حملة شرسة لإعفاء المسكن الخاص والتى كانت بقيادة مصطفى بكرى، وأخيرا الإخوان كانوا يريدون إعفاءالمسكن الخاص، تبعا لفراج، الذى أعد القانون الذى صدق عليه مرسى، تمهيدا لتطبيقه بداية العام المالى المقبل فى يوليو 2013.
ويؤيد فراج بقوة عدم إعفاء المسكن الخاص، «فإعفاء المسكن الخاص كان سيعفى كل المواطنين تقريبا من الضريبة العقارية»، فالفيللا التى يمتلكها أحد رجال الأعمال فى مارينا أو الجونة ويكتبها باسم زوجته، من الممكن أن تعفى بمنتهى السهولة من الضريبة، فإذا استقرت الزوجة فى هذه الفيللا شهورا وقدمت فواتير الماء والكهرباء لإثبات ذلك وجلبت شهودا يقولون إن هذه الفيللا مسكنها الخاص الذى تعيش فيه بشكل دائم، فإن هذه الفيللا التى تقدر بالملايين ستعفى من الضريبة، خاصة أن «مصلحة الضرائب العقارية لا تمتلك قاعدة بيانات قوية تستطيع من خلالها التأكد من هذا الأمر، كما أنه ليس من اختصاصها إثبات صحة هذا الادعاء». كما يقول فراج.
وفى النهاية فإن سعر الضريبة العقارية التى ستطبق فى مصر منخفض جدا ولا يمثل عبئا على المواطنين «هى دى ضريبة؟! دى نسبتها 0.00017% من القيمة السوقية للعقار، والمتوسط العالمى 0.3%»، بحسب تعبير رئيس المصلحة السابق، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولى كان معترضا على نسبة الضريبة العقارية.
«المشكلة إن الناس متخوفة من الضريبة لأنها على غير دراية بها، كما أن المواطن لا يشعر بأنه سيحصل على خدمة مقابل الضريبة التى يدفعها»، بحسب فراج، موضحا أنه فى جميع الدول الأوروبية تذهب حصيلة الضريبة العقارية بها بالكامل إلى المحليات، وكل شهر يجتمع رؤساء المجالس المحلية مع ممثلين عن المواطنين لتحديد أولويات إنفاق الضريبة واحتياجات الحى، ونسبة الضريبة هناك غير ثابتة بين مختلف الأحياء، كما أنها غير ثابتة كل شهر، فقد يطالب ممثلو المواطنين فى شهر ما، خلال اجتماعهم مع رؤساء المجالس المحلية، زيادة الضريبة العقارية المفروضة عليهم مقابل وحدات إضاءة إضافية فى الشوارع أو بناء حديقة أو غير ذلك من الخدمات التى يتفقون عليها.
وبينما يذهب إجمالى حصيلة الضرائب العقارية فى أغلبية دول العالم إلى المحليات، فإن 25% منها فقط فى مصر ستذهب للمحليات، و25% لصندوق تطوير العشوائيات، والباقى لخزينة الدولة، ومن المتوقع أن تكون حصيلة الضريبة فى السنة الأولى من تطبيقها مليارى جنيه، تساهم الوحدات السكنية ب500 مليون جنيه فقط منها، والباقى من المنشآت الصناعية والسياحية.
وفى جميع دول العالم تقريبا يتم حساب الضريبة العقارية على أساس القيمة السوقية للوحدة السكنية، وليست القيمة الإيجارية، كما هو معمول به فى مصر، وهو ما برره فراج بأنه عند وضع القانون كانت أغلبية الوحدات السكنية التى يقطنها المواطنون إيجارا، وبعدها لم يتم تعديل طريقة الحساب التى وضعت على أساس القيمة الإيجارية.
ويتم الوصول إلى القيمة الإيجارية التى على أساسها يتم حساب الضريبة المستحقة على العقار من خلال معادلة، تبدأ بحساب القيمة السوقية للعقار ثم ضربها فى 60%، وذلك لخصم 40% من تلك القيمة السوقية تحسبا لاحتمال حدوث أخطاء عند التقدير، والتى اعتبرها فراج نسبة كبيرة، «فلا يمكن أن يصل الخطأ فى التقدير إلى نسبة 40%». وضرب القيمة السوقية فى 60% ينتج عنه القيمة الرأسمالية لتى تُضرب بدورها فى 3%، «وهو أقل معدل للاستثمار يمكن أن يتحاسب عليه الفرد، فإذا كان مع الشخص مليون جنيه واستثمرها فى البنك أو البورصة أو غير ذلك فإن معدل استثمارها سيتراوح ما بين 3-7% سنويا».
وبذلك يتم الوصول للقيمة الإيجارية التى يتم ضربها فى 70% (لخصم 30% قيمة الصيانة التى يمكن أن تحتاجها الوحدة، مثل إصلاح ماسورة مياه أو كابل كهرباء، أو غير ذلك)، وهى العملية التى ينتج عنها صافى القيمة الإيجارية، التى تطرح منها 24 ألف جنيه (القيمة الإيجارية لحد الإعفاء الضريبى)، ثم تضرب فى نسبة الضريبة 10%، لينتج عن ذلك الضريبة المستحقة على كل عقار تزيد قيمته السوقية على مليونى جنيه (حد الإعفاء الضريبى).
وبذلك إذا كانت القيمة السوقية للوحدة السكنية مليونى جنيه، فيتم حساب الضريبة المفروضة عليها كالأتى 2000000 X 60%= 1200000 X 3% = 36000 X 70%= 25200- 24000= 1200 X 10% = 120 جنيه.
•المنشآت السياحية لم يحسم أمرها بعد
وبينما كان من المخطط أن يتم تطبيق الضريبة العقارية عام 2010 وقت تولى حسنى مبارك الحكم، إلا أنه حتى الآن لم تطبق، وتم تأجيلها أكثر من مرة، «رجال الصناعة هم السبب فى تأجيل تطبيق الضريبة العقارية»، بحسب ما كشفه فراج «قبل الثورة كانت هناك مقاومة من رجال الأعمال لتطبيق الضريبة، وبعد الثورة واجه أغلبية المستثمرين ضغوطا خلال المرحلة الانتقالية، وبالتالى فالوقت كان غير مناسب لتطبيق الضريبة»، على حد تعبيره.
واستنكر فراج من عدم عقد جلسات نقاشية مع رجال الصناعة للوصول معهم لاتفاقات مناسبة فيما يتعلق بسعر الضريبة التى ستفرض عليهم، «الدولة دائما تخشى من رجال الأعمال لأن التفاوض معهم صعب»، بحسب قوله.
وأبدى رئيس المصلحة السابق اعتراضه على الضريبة التى ستطبق على المنشآت الصناعية الواردة فى القانون، معتبرا أنها مجحفة غير قابلة للتطبيق «مش هاتطبق»، فهى تحسب على أساس أن سعر المتر ثابت بقيمة 200 جنيه، «وهذا غير منطقى»، كما أنها تتم حسابها على أساس المتر المسطح وليس الارتفاع، وهذا أيضا «غير منطقى» لأن المسطح ليس مؤشرا، فقد يمتلك المستثمر مساحة 50000 متر مربع لكنه يستغل ربعها فقط، وآخر يمتلك مساحة أصغر لكنه يستغلها فى مصنع ارتفاعه 30 دورا على سبيل المثال.
«وستلقى الضريبة عند تطبيقها اعتراضات قوية من رجال الأعمال، وغالبا هايطعنوا عليها»، بحسب قول فراج، مشيرا إلى أن الجدول الذى يقسم الضريبة التى ستفرض على المصانع لشرائح وضعها أحمد عز من أيام وزير المالية الأسبق، يوسف بطرس غالى، مهندس قانون الضريبة العقارية، فوقتها وضعنا معادلة حسابية يتم من خلالها حساب الضرائب على المنشآت الصناعية والتى على أساسها وضعنا الجدول الذى يقسم شرائح الضريبة، إلا أن عز اقترح جدولا آخر بطريقة مختلفة، «وهو الجدول المتضمن حاليا فى القانون الذى صدق عليه الرئيس، وبالرغم من أنه يضع أعباء كبيرة على المستثمرين، إلا أن عز غالبا كان وقتها يتخيل أنه سيتهرب بطريقته من الضريبة».
أما بالنسبة للمنشآت السياحية فلا يوجد لها حتى الآن تقسيم لشرائح الضريبة التى ستفرض عليه، فلم يتم حسم معاملاتها الضريبية.
وبينما كانت جميع المستشفيات والمدارس والجامعات والمستوصفات والملاجئ معفاة فى القانون قبل تعديله، إلا أننا عدلنا هذا البند وجعلناه فقط ينطبق على غير الهادفة للربح، وبالتالى فإن المدارس والمستشفيات والجامعات الخاصة ستكون خاضعة للضريبة، و«لم يتم حسم المعاملة الضريبية لها حتى الآن، ولكن هذا الأمر سهل، وسيتم إنجازه قبل يوليو المقبل».