لو كنت مكان الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسى لشعرت بالقلق من نتيجة تصويت المرحلة الأولى من الاستفتاء على مشروع الدستور. سيقول قائل وكيف يشعرون بالقلق رغم أن «نعم» قد فازت، وأن العبرة بالنتيجة حتى لو كانت بفارق صوت واحد؟!
نظريا نعم، لكن ذلك تصويت على الدستور وليس على البرلمان، والمؤشر الرئيسى الذى ينبغى أن يتوقف عنده التيار الإسلامى عموما، والرئيس محمد مرسى خصوصا أن هناك أقل قليلا من نصف المجتمع لا يتبنى الرؤية التى يتبنونها.
وبغض النظر عن من هو على صواب أو على خطأ فهناك انقسام فى المجتمع، هناك رأيان أساسيان، لا يمكن لأحدهما ان يلغى الاخر، وبالعكس فعليهما أن يتعلما كيفية التعايش معا.
الدرس الرئيسى الذى تقوله نتائج انتخابات رئاسة الجمهورية فى يونيو الماضى، وأكد استفتاء الدستور فى مرحلته الأولى قبل أيام أنه لا يحق لأحد الادعاء بأنه يمثل الشعب بمفرده.
من الآن فصاعدا على التيار الإسلامى التوقف عن التغنى بالأغلبية الكاسحة والقدرة على الحشد وفى المقابل على التيار غير الإسلامى التوقف عن محاولة إقصاء الإسلاميين والتصرف وكأنهم غير موجودين.
لو كنت مكان الإخوان لقلقت لان التيار الليبرالى لم يحشد جيدا، ولم يبدأ دعايته إلا فى وقت متأخر، وجبهة الانقاذ المعارضة لم تقرر المشاركة فى الاستفتاء إلا قبل انطلاقه بأقل من 72 ساعة فقط. لو كنت مكان الإخوان لقلقت كثيرا لان معدل تأييدهم حسابيا يتقلص بصورة واضحة، هم حشدوا فى 19 مارس قبل الماضى واقنعوا الناس بقول «نعم» للتعديلات الدستورية بنسبة 77٪، ثم حشدوا واقنعوا الناس بأنفسهم فى البرلمان وحصلوا مجتمعين مع بقية الإسلاميين على أقل من 70٪، ثم حشدوا فى الانتخابات الرئاسية ولم يحصدوا سوى 25٪ لمحمد مرسى فى الجولة الأولى، وفى الادعاء وبعد ان تكتل الجميع مع مرسى ضد شفيق لم يفز إلا بنسبة 51.5٪، ثم تجىء نسبة التصويت فى المرحلة الأولى من الاستفتاء لتقول ان قطاعات كثيرة غيرت رأيها فعلا.
مرة أخرى أنا هنا لا أتحدث عن الحق والقانون والنتيجة، من حق الإخوان والتيار الإسلامى الفرح لأن «نعم» فازت فى الجولة الأولى بغض النظر عن النسبة، وعلينا أن نحترم النتيجة، إذا كنا فعلا نؤمن بالديمقراطية.
أنا أتحدث عن السياسة والمواءمة، وضرورة التعايش بين الجميع فى مجتمع واحد.
نتيجة المرحلة الأولى هى أقوى جرس إنذار ينبغى أن يسمعه الرئيس مرسى والذين معه، خلاصته أنه يصعب عليهم قيادة الوطن بمفردهم، وانه آن أوان مد اليد إلى العقلاء فى التيار المدنى من أجل الانطلاق بسفينة الوطن.
من حق الإخوان ان يقلقوا لانهم كانوا يراهنون على أن «نعم» سوف تكتسح «لا»، ومن حق منافسيهم أن يفرحوا قليلا لان درس الاستفتاء الأخير يثبت أنه لا توجد حقيقة ثابتة على أرض السياسة المصرية، ومن يعمل يحصد.