يؤكد عدد من السياسيين إن الاختلافات وتناقض المواقف أمر «ليس غريبا على الجماعة.. ولا علاقة له بوصولهم لكرسى الرئاسة»، مشيرين إلى أن أيديولوجيتهم تقوم على «الخطاب التمكينى» إلى أن «يتأكدوا من تضامن وتعاطف الشعب معهم، ومن ثم يعودون لما كانوا عليه»، محذرين من «تسبب الجماعة فى انقسام الشعب المصرى.. انقساما لم يحدث منذ عهد الملك مينا موحد القطرين». مصطفى حجازى، أستاذ العلوم السياسية، يرى أن الصراع الحقيقى فى مصر الآن بين الماضى «والذى يمثله الإخوان وبعض السياسيين»، والمستقبل «الذى يمثل الشباب الثائر»، موضحا إن الإخوان فى الأساس هم جزء من تركيبة النظام السابق وهذا ما لم تستطع الجماهير استساغته، وإن عقيدتهم مبنية على أن من تحكمهم مجرد قطيع يساق، فالحكم لديهم لمن غلب.
«يكرر الإخوان فى خطاباتهم مصطلح شرعية الصندوق الانتخابى التى جاءت بمرسى رئيسا بكثرة مقارنة بخطابهم أثناء الثورة الذى عول كثيرا على مصطلح الشرعية الشعبية، وذلك لأن مفاتيح الحكم كما تعلمها الإخوان من الحزب الوطنى تتمثل فى التأكيد على شرعية الرئيس لا الشعب»، يوضح حجازى أسباب اختلاف الخطاب الإخوانى.
ويضيف «إن الفارق بين مبارك وحزبه، ومرسى وجماعته، هو آليات الوصول للحكم»، موضحا أن قيادات الإخوان تتعامل مع الشعب المصرى كتعاملها مع أعضائها، الذين تربوا على أسلوب السمع والطاعة، خاصة أن نظام الحكم لديهم مبنى على النظام الهرمى الذى لا يخلع فيها رأس الطاعة»، مشيرا إلى أن الجماعة مازالت تصر فى حديثها على إقامة دولة مملوكية، ولم يدركوا أنها سقطت بسقوط مبارك.
وأبدى أستاذ العلوم السياسية أسفه لقيام الرئيس بتحويل ما سماه ب«المقامرة السياسية» بينه وبين عدد من السياسيين إلى معركة بينه وبين الشعب، موجها فى هذا الصدد رسالة لمرسى قائلا: «لابد أن تعى أن الشعب يصارع من أجل قيم ومبادئ لا يمكنك مساومته عليها»، مشيرا إلى أن موقفه الحالى يشبه موقف الراحل عمر سليمان، نائب الرئيس السابق حسنى مبارك والذى رفض الشعب مساوماته آنذاك.
أما سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى، فأرجع اختلاف الخطاب السياسى لأعضاء الجماعة لما سماه ب«الايديولوجية المطلقة للإخوان» والمبنية على أن أعضاء الجماعة دائما على حق، موضحا أن خطاب الإخوان دائما تمكينى، فطريقتهم دائما هى إيهام الآخرين إنهم معهم ولكنهم فى الواقع مع موقفهم ورؤيتهم فقط، مشيرا إلى أن هذا هو تكتيك التنظيم وليس له علاقة بكرسى الرئاسة الذى جلس عليه مرشحهم منذ أوائل شهر يوليو الماضى.
وانتقد صادق تعامل جماعة الإخوان وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة مع الديمقراطية بطريقة المغالبة لا المشاركة، محذرا من اندلاع أزمة فتنة بالبلاد لم تحدث منذ أيام الملك مينا موحد القطرين. «إن الجماعة تستخدم الفترة الحالية خطابا استعلائيا تحريضيا ضد الوطنية والقومية، فهم يتعاملون بأيديولوجية طز فى مصر، وهذا ليس خطابا اسلاميا أو يحث عليه الاسلام»، يضيف صادق.