واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي شن هجوم كبير على النشطاء الفلسطينيين في قطاع غزة، يوم الأربعاء، وقتلت أحمد الجعبري- القائد العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس في غارة جوية، وأكثر من تسعين جريحًا، وهددت بغزو القطاع.
واعتبرت حماس هذه الغارات إعلان حرب وأعلنت أنها قصفت (تل أبيب وأسدود) بنحو مائة صاروخ. وقالت حماس، إن "الاحتلال فتح على نفسه أبواب جهنم" باغتياله القائد العسكري أحمد الجعبري.
ووقعت أحدث هذه الغارات على منطقة جباليا شمال القطاع وصلت إلى نحو عشرين إلى ثلاثين غارة، مما أسفر عن عدد من الإصابات بعضها في حال الخطر، وشملت الغارات أيضًا مخيم البريج (وسط) وحي الزيتون بجنوب القطاع. كما قصفت الطائرات الإسرائيلية مناطق قرب الحدود بين غزة ومصر.
من جهتها، أعلنت كتائب القسام، أنها أطلقت نحو مائة صاروخ على أهداف إسرائيلية بينها تل أبيب وأسدود، كما أعلنت مجموعات مسلحة أخرى عن إطلاق صواريخ مماثلة على عسقلان وبئر السبع من بينها سرايا القدس، الجناح السياسي لحركة الجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وبدد الهجوم الآمال في أن تتمكن هدنة توسطت فيها مصر من إبعاد الجانبين عن شفا الحرب بعد تصاعد الهجمات الصاروخية الفلسطينية والهجمات الإسرائيلية على أهداف للنشطاء على مدى خمسة أيام متتالية.
هذا، وقد اتفقت الفصائل الفلسطينية على تشكيل غرفة عمليات مشتركة؛ لتوحيد العمل سياسيًا وميدانيًا لمواجهة الغارات الإسرائيلية.
وشددت الفصائل، في بيان تلاه صالح ناصر- عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، عقب اجتماع طارئ، على أنها ستبقى في حالة انعقاد دائم للوقوف على كل المستجدات وآخر التطورات بشأن العدوان.
ورجّح عدة متحدثين فلسطينيين، أن يكون جيش الاحتلال أعد قائمة لاستهداف عدد من قيادات المقاومة في القطاع في إطار عدوان واسع النطاق يعيد للأذهان العدوان الذي انطلق في أواخر ديسمبر 2008 وتواصل لعدة أسابيع.
كما تم رصد حركة لبعض الزوارق الحربية الإسرائيلية قبالة مياه بحر قطاع غزة، وقال متحدث عسكري إسرائيلي، إنه يتوقع أيامًا طويلة من المواجهة مع قطاع غزة.
وفي ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، قررت السلطات في القطاع تعليق الدراسة في المدارس والجامعات.
من جهته، قال المتحدث باسم حركة حماس في غزة فوزي برهوم، إن الاحتلال سيندم على اللحظة التي فكر فيها بارتكاب جريمته ضد غزة واستهدفت القائد الجعبري ورفاقه، مؤكدًا أن كتائب القسام لن تقف عند حدود الرد الطبيعي.
وكانت عملية "ركيزة الدفاع" قد بدأت بهجوم دقيق على سيارة تقل قائد الجناح العسكري لحماس، التي تسيطر على قطاع غزة وتهيمن على عدد من الجماعات المسلحة الأصغر.
وبعد دقائق من مقتل الجعبري، هزت انفجارات هائلة غزة؛ حيث شنت القوات الجوية الإسرائيلية هجمات على أهداف منتقاة قبيل الغروب وارتفعت أعمدة الدخان والغبار فوق المدينة المزدحمة. وهرع المدنيون المذعورون للاختباء، وارتفع عدد القتلى سريعًا.
وردت حماس بإطلاق أربعة صواريخ من نوع جراد على مدينة بئر سبع الجنوبية، فيما قالت الحركة إنه رد مبدئي. وقالت إسرائيل انه وقعت أضرار لكن لم يصب أحد بسوء. وأسقطت نظام الدفاعي الإسرائيلي (القبة الحديدية) عشرة صواريخ في الجو.
ويلوح في الأفق منذ شهور شبح حرب جديدة في غزة مع تزايد وتيرة الهجمات الصاروخية الفلسطينية وتكثيف الضربات الإسرائيلية.
وكانت عملية "الرصاص المصبوب" التي شنتها إسرائيل في 2008-2009 قد بدأت بضربات جوية وقصف على مدى أسبوع، أعقبه غزو بري للقطاع. وقتل نحو 1400 فلسطيني و13 إسرائيليًا في الهجوم.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "اليوم بعثنا برسالة واضحة إلى منظمة حماس وغيرها من المنظمات الإرهابية.. وإذا اقتضت الحاجة فإن قوات الدفاع الإسرائيلي مستعدة لتوسيع العملية.. وسنستمر في عمل ما في وسعنا لحماية مواطنينا".
وبثت دعوات فورية للثأر عبر إذاعة حماس، وهددت جماعات أصغر بالانتقام أيضًا. وقالت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس: "الاحتلال فتح على نفسه أبواب جهنم".
وقالت حركة الجهاد الإسلامي، إن إسرائيل أعلنت الحرب على غزة، وأنها تتحمل المسؤولية عن العواقب.
من جانبه، قال القيادي بحركة الجهاد الإسلامي داود شهاب، إن جريمة اغتيال الجعبري إعلان حرب على الشعب الفلسطيني وقطاع غزة تحديدًا، مؤكدًا أن حركته وجناحها العسكري سرايا القدس ستتعامل مع العدوان الصهيوني بنفس المستوى.
من جهته، قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، إن جريمة اغتيال أحمد الجعبري لن تكسر إرادة المقاومة الفلسطينية.
ودخلت التجمعات السكنية في جنوب إسرائيل التي تقع في نطاق الصواريخ التي تطلق من غزة، في حالة تأهب قصوى وصدرت أوامر بإغلاق المدارس يوم الخميس. ويعيش نحو مليون إسرائيلي في نطاق الصواريخ البدائية نسبيًا وإن كانت فتاكة، والتي أضيفت إليها في الشهور الماضية أنظمة أطول مدى وأكثر دقة.
وقال كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي البريجادير جنرال يوءاف مردخاي، لتلفزيون القناة الثانية: "الأيام التي نواجهها في الجنوب في تقديري ستتواصل.. الجبهة الداخلية يجب أن تعد نفسها بمرونة".
وأضاف، أن إسرائيل كانت ترد على تصاعد وتيرة القصف الصاروخي الفلسطيني في وقت سابق هذا الأسبوع، وتحاول في نفس الوقت منع حماس وفصائل فلسطينية أخرى من تعزيز ترساناتها المسلحة. ومضى يقول إن من بين أهداف غارات الأربعاء، مخزونات سرية من صواريخ حماس بعيدة المدى.
وردًا على سؤال عما إذا كانت إسرائيل قد ترسل قوات برية إلى غزة، قال مردخاي: "هناك استعدادات وإذا تطلب الأمر ذلك فإن خيار التوغل البري ممكن".