تحل اليوم، السبت الذكرى ال92 على ميلاد الكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي، والذي ولد في 10 نوفمبر عام 1920 بقرية «الدلاتون» في محافظة المنوفية؛ حيث بدأ تعليمه في كتاب القرية، ثم انتقل إلى المدارس الحكومية حتى تخرج في كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول عام 1943.
وبدأ الشرقاوي حياته العملية بالمحاماة، ولكنه هجرها لأنه أراد أن يصبح كاتبًا؛ فعمل في الصحافة في مجلة «الطليعة» في البداية، ثم مجلة «الفجر»، وعمل بعد ثورة 23 يوليو في صحيفة «الشعب»، ثم صحيفة «الجمهورية»، ثم شغل منصب رئيس تحرير «روز اليوسف».
وبعدها عمل في جريدة «الأهرام»، كما تولى عددًا من المناصب الأخرى؛ منها سكرتير منظمة «التضامن الآسيوي الإفريقي» وأمانة «المجلس الأعلى للفنون والآداب».
والكاتب الراحل عبد الرحمن الشرقاوي من الأدباء المصريين الذين طرقوا كثيرًا من المجالات الأدبية من الشعر، والمسرح، والمسرحية الشعرية، والقصة القصيرة، والرواية، واهتم بالدفاع عن الحق والحقيقة، وعن الإنسان، وعن الشخصية المصرية.
وقصائد الشاعر عبد الرحمن الشرقاوي السياسية والاجتماعية والتي يبلغ عددها نحو 19 قصيدة، تشير إلى أن الشاعر لم يعش بمعزل عن مجريات الواقع من حوله، وإنما تأثر بالأحداث السياسية الدائرة، وأن له موقف منها، انعكست على تجربته الشعرية.
وله العديد من القصائد في الشعر السياسي، تشير إلى أن الهم السياسي كان شاغلا أساسيًا في حياته، أوضح من خلالها موقفه ضد ممارسات القمع والاستغلال والتواطؤ مع المستعمر.
وجمع الشرقاوي أشعاره في ديوانين؛ أولهما ديوان شعر يحمل عنوان قصيدته الشهيرة «من أب مصري إلى الرئيس ترومان»، والثاني يضم مسرحيته من فصل واحد ومجموعة قصائد «تمثال الحرية» و«قصائد منسية».
وكتب مسرحياته لمعالجة القضايا المعاصرة وبدأ بمسرحية: «مأساة جميلة»، ثم «الفتى مهران»، عام 1966، ثم «الحسين ثائرًا والحسين شهيدًا» عام 1969م، وبعدها قدم «وطني عكا» عام 1970، ثم «النسر الأحمر» عام 1976، وأخيرًا «عرابي زعيم الفلاحين»، عام 1985.
وأبدع الشرقاوي في كتابة مسرحياته الشعرية؛ حيث أسس تجربة رائدة لتطويع شعر التفعيلة كأداة للتعبير ولمعالجة القضايا المعاصرة، ويظهر ذلك من عناوين مسرحياته مثل «مأساة جميلة»، أنه أراد أن يقدم المأساة التي تبرز الصراع بين الفرد و القوى التي تريد السيطرة عليه وقهره.
وتُعد رواية الأرض من أهم أعمال الشرقاوي والتي تدور في الفترة بين عامي 1932و 1933، حيث تدور أحداث القصة في القرية التي تشهد صراعًا حقيقيًا بين الفلاحين الذين يفلحون الأرض وهؤلاء الذين يستغلونها دون أن يعملوا، ويبدو الاستغلال في صورة ثرية، ضرائب، بيع، شراء منتجات الأرض، ويشتد النضال من أجل الحصول على الماء للأرض وتم تقديمها من خلال عمل سينمائي مميز، يرصد حياة الفلاحين في قرية «رمله الأنجب»؛ حيث يفاجأ أهلها بقرار حكومي بتقليل نوبة الري إلى 5 بدلا من 10 أيام، فيبلغ العمدة الفلاحين أن نوبة الري أصبحت مناصفة، ولكن يثور الفلاحون دفاعًا عن أرضهم فترسل الحكومة قوات الهجانة لتسيطر على القرية بإعلان حظر التجوال، ويتم انتزاع الأراضي منهم بالقوة.
والعمل يؤسس على مر الأجيال لاكتساب الحقوق من أية قوة غاشمة ومتغطرسة، ولعل الرواية التي تحولت لفيلم عام 1970 تكون بمثابة روح جديدة، تستطيع أن تنير وتوضح قيمة الأرض، وأننا كبشر نشبه كثيرًا نبت الأرض الذي إذا خرج منها يكون مصيره الفناء.