إذا صح الكلام المنسوب للشيخ السلفى على ونيس فى «بوابة الأهرام»، فنحن أمام كوميديا ليست فقط سوداء أو كحلى بل كوكتيل من الألوان القاتمة. لمن لا يعرف فإن ونيس عضو مجلس الشعب المنحل مدان بحكم قضائى بتهمة ارتكاب فعل فاضح فى الطريق العام حينما تم ضبطه مع فتاة داخل سيارة قرب مدينة طوخ. لو كنت مكان ونيس لجلست فى بيتى، وتجنبت وسائل الإعلام، وإذا «حبكت» فالمفترض الا «اعظ» فيما يتعلق بالآداب والعلاقة بين الرجل والمرأة.
لكن العكس هو الذى حدث تماما. مساء الأربعاء نسبت بوابة الأهرام لونيس ترحيبه الشديد بقرار النائب العام القاضى بحظر المواقع الاباحية.
هذا من حقه، لكن الذى ليس من حق ونيس ان يعطينا دروسا فى الأخلاق حينما يقول ان «الحياء سيمنع أى شخص من الاعتراض على قرار المحكمة والنائب العام بإغلاق المواقع الاباحية».
يا شيخ ونيس انت قبض عليك متلبسا بانتهاك الاخلاق، وبالتالى فأنت آخر شخص يحق له ان يعظ فى هذا الأمر.
وأغلب الظن أنك حسن النية جدا لأنك لم تتنبه إلى «الفخ» الذى وقعت فيه. وسائل الإعلام التى اتصلت بك أوقعتك فى المصيدة، وأغلب الظن أيضا أنها كانت تعتقد أنك سترفض فورا، لكنها اتصلت بك، فإذا رفضت كأن شيئا لم يكن، وإذا تكلمت تكون «الخبطة أو القفشة أو النكتة».
يضيف ونيس فى تصريحاته للزميل أحمد عبدالعظيم عامر على بوابة الأهرام ان قرار النائب العام هو الخطوة الأولى لتطبيق الشريعة. حسنا أيها الشيخ، لكن وماذا عن فعلتك، وماذا نفعل مع صاحبها؟!.
أما أخطر ما ورد فى تصريحات ونيس والتى قد تعكس تفكير آخرين فهى قوله: «اننى استبعد امتداد اثر غلق المواقع الاباحية على المواقع الصحفية ومواقع التواصل الاجتماعى إذا ما التزمت بالأخلاق العامة والمبادئ والقيم والشريعة الإسلامية».
يا نهار اسود.. هل معنى ذلك انه سيأتى وقت قريب ونغلق هذه المواقع. والأهم من هو الشخص أو الجهة الذى يحدد أن هذه المواقع التزمت بالأخلاق العامة أم لا؟! هل هو الشيخ ونيس أم حزب النور بكل انقساماته أم الجهاديين أم جماعة الإخوان؟!.
لا أحد طبيعيا وسويا يوافق على الإباحية أو مواقعها، ومن المهم محاربة الرذيلة بجميع صورها وحماية أولادنا من الجانب السيئ للتكنولوجيا.
وفى المقابل علينا أن نواصل مخاطبة إخواننا الإسلاميين ونقول لهم ان حجب المواقع الإباحية هو أسهل جزء فى الأمر، لكنه لن يؤدى مباشرة إلى نهاية المشكلة.
هناك بلدان عربية تمنع هذه المواقع، لكنها لم تنهها لأن هناك الكثير من الثغرات التى يمكن لمن يرغب أن يدخل منها عبر «بروكسيات» مختلفة.
أما الأهم فهو أن الإسلام الحقيقى يطالب أولى الأمر بتوفير العمل ولقمة العيش قبل قطع يد السارق، وبنفس القياس علينا أن نهيئ سبل الزواج الحلال للشباب ووسائل لتفريغ الطاقة وبعدها نعاقبهم إذا انحرفوا، علينا أن نقاوم أصل الداء وليس أعراضه، وإلا تحولنا مثل بعض البلدان الخليجية التى حجبت المواقع شكلا لكن الفساد الأخلاقى فيها يتجاوز «الركب» بكثير. وللمرة الثانية اغلاق هذه المواقع مهم جدا لكنه ياحبذا لو كان فى سياق عام اشمل.
أما الأكثر خطورة فهو «التفكير الونيسى» الذى يقفز من إغلاق المواقع الإباحية غير المختلف عليها إلى إغلاق مواقع سياسية معارضة بحجة انها ضد قيم المجتمع وأخلاقه ومبادئه.
وأخيرا فإن أطرف تعليق على كلام الشيخ ونيس منسوب لشخصية القرموطى احمد آدم وليس صديقى جابر القرموطى وهو أن القرار سيغلق المواقع الإباحية لكنه سيفتح طريق طوخ الذى تم ضبط الشيخ ونيس فيه.