كان لفرق التوقيت بين الولاياتالمتحدة والشرق الأوسط أثره الواضح على تغطية الصحف العربية للانتخابات الامريكية وفوز الرئيس الامريكي باراك اوباما بولاية رئاسية ثانية. وقد بدا ذلك واضحا في خلو معظم هذه الصحف التي تصدر بعد منتصف ليل الثلاثاء وفجر الاربعاء في المنطقة العربية من اي تحديثات لمسار الانتخابات أو نتيجتها.
وقد حاول بعض هذه الصحف تغطية ذلك في مواقعها الالكترونية، وليس في طبعتها الورقية في صيغة مقتطفات او تحديثات اخبارية. اوباما الرئيس واوباما المرشح
" لم يخرج الرجل الابيض من لونه بعد ولا الاميركي الافريقي من فروة الرأس الجعداء. لكن التلة التي بدأ صعودها مارتن لوثر كينغ، هاتفاً "لدي حلم، لدي حلم"، وقف باراك اوباما على ذروتها، مقتحماً السور الابيضز" سمير عطا الله /جريدة النهار اللبنانية
ففي صحيفة السفير اللبنانية كتب بهاء الطويل في سياق مراقبة مسار الانتخابات قبل اعلان النتيجة الاولية قائلا "حتى ساعة متقدمة من فجر اليوم، كان الأمريكيون ما يزالون يحبسون أنفاسهم لمعرفة اسم الرئيس الذي سيقود الولاياتالمتحدة لسنوات أربع مقبلة. صحيح أن الديموقراطيين بدوا أكثر ثقة في فوز مرشحهم الرئيس باراك أوباما في ولاية رئاسية ثانية، وهي ثقة عززتها المؤشرات الأولية للفرز".
واضاف "وبصرف النظر عمّن سيقطن البيت الأبيض خلال السنوات الأربع المقبلة، فإن أميركا اليوم ستكون مختلفة عن أميركا الأمس".
ويعلل كاتب المقال استنتاجه بالقول ان "«أوباما الرئيس» في ولايته الثانية سيكون أكثر تحرراً في مقاربته للملفات الداخلية والخارجية مقارنة ب«أوباما المرشح».
كما يرى أن للانتخابات الامريكية "ستكون لها تداعيات مهمة على مجمل الأوضاع في العالم بشكل عام، وفي المنطقة العربية بشكل خاص، وهو ما سينعكس على الملفات الحساسة، لاسيما ملفات سوريا وإيران وفلسطين ومصر... وغيرها".
وفي صحيفة النهار اللبنانية يكتب سمير عطا الله مقالا تحت عنوان "أسوأ وظيفة في أمريكا" يراجع فيه مسيرة الرئيس الامريكي اوباما مبتدئا من لحظة خطاب التنصيب لأول رئيس اسود في تاريخ الولاياتالمتحدة ومستعرضا دلالات وصول شخص من الاقليات المهمشة الى سدة الرئاسة الامريكية. يقول عطا الله " لم يخرج الرجل الابيض من لونه بعد ولا الاميركي الافريقي من فروة الرأس الجعداء. لكن التلة التي بدأ صعودها مارتن لوثر كينغ، هاتفاً "لدي حلم، لدي حلم"، وقف باراك اوباما على ذروتها، مقتحماً السور الابيض".
ويخلص الكاتب الى القول "يبدو المجتمع الاميركي، الذي اصبح مجتمع اقليات متحدة، قادراً على صهر تنويعاته الكثيرة، فيما تتململ الاقليات في روسيا حتى الآن. وتتحرك في العالم العربي نزعات التناكر وحتى الانفصال".
ويستعير عطا الله التعليق الذي وضعته الصحيفة الساخرة "ذي أونيون" عشية حفل التنصيب الاول لأوباما إذ "وضعت عنواناً يقول (رجل أسود يعطى اسوأ عمل في البلاد)، تولى هذا المنصب الاول ممثل كان يؤدّي دائماً دور الرجل الثاني. وبأقلية ضئيلة وصل اليه جورج بوش. الديموقراطية اسوأ الحلول الجيدة، قال تشرشل. في البديل كان يمكن ان يفوز جورج بوش ويبقى مدى الحياة فيلاً في مخزن الخزف. اعطى وصول اوباما لاميركا صفة التحضر، التي جردها منها التكساسي الذي وقع 200 حكم بالاعدام عندما كان حاكم الولاية. وكان منافسه هذه المرة جمهوري ابيض فائق الثراء".
"أمريكا تحبس انفاسها"
"أوباما جاء "بهدف اساسي وهو تحسين صورة الولاياتالمتحدة بعد الشروخ والتشوهات الحادة التي اصابتها عقب التدخل في افغانيتان واحتلال العراق والانتهاكات البشعة لحقوق الانسان وآدميته التي قام بها الجنود الامريكيون في البلدين خاصة العراق." د نورهان الشيخ/صحيفة الاهرام المصرية
وفي تغطيتها الاخبارية لمجريات العملية الانتخابية تكتب صحيفة النهار "قد لا تكون هذه الانتخابات مثيرة أو “تاريخية” مثل انتخابات 2008 التي تميزت بجماهيرها الضخمة، وحماستها الهائلة، ولكنها قطعا لا تقل عنها أهمية نظرا الى أن الولاياتالمتحدة تواجه خيارات صعبة، ولأن القرارات التي سيتخذها الرئيس المنتخب وحزبه ستكون لها مضاعفات بعيدة المدى".
وبعد ان تستعرض الصحيفة التحديات الداخلية التي سيواجهها الرئيس تنتقل الى ما تسميه التحديات الخارجية، اذ ترى ان الرئيس الجديد سيواجه " تحديات انهاء التورط العسكري الاميركي في افغانستان، ومتابعة الحرب على تنظيم "القاعدة"، وادارة علاقات متوترة مع باكستان، ومواصلة المواجهة مع ايران، والتعامل مع تداعيات ومضاعفات الانتفاضات والتغييرات التي عصفت ولا تزال تعصف ببعض الدول العربية، وخاصة الحرب المدمرة في سوريا، ومضاعفات سيطرة القوى الاسلامية على الحكم في تونس ومصر ودورها المتنامي في ليبيا وغيرها. كما سيرث الرئيس المقبل علاقات معقدة للغاية مع الصين التي تمثل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وعلاقات متوترة بعض الشيء مع روسيا".
في مصر نشرت الاهرام في موقعها الالكتروني خبر فوز الرئيس اوباما بولاية ثانية، واقتطفت من كلمة اوباما قوله "اعود الى البيت الابيض اكثر تصميما على تحقيق مهمتي وتحسين اوضاع الامريكيين".
وكانت طبعتها الورقية قد خرجت قبل هذه النتائج بمانشيت عريض "أمريكا تحبس انفاسها في انتظار الرئيس الجديد .. النتائج النهائية صباح اليوم واوباما يبكي لاستمالة المترددين".
واذ كرست الصحيفة احدى صفحاتها الداخلية لمتابعة مجريات الانتخابات، غاب ذكر الانتخابات الامريكية عن أعمدة ومقالات الرأي في الصحيفة باستثناء مقال واحد كتبته د نورهان الشيخ تحت عنوان "اسرائيل وثوابت السياسة الامريكية".
وتعترض الكاتبة على ما تسميه الاهتمام الواسع في الصحف العربية بالانتخابات الامريكية، ومحاولة "البعض تصوير الرئيس الحالي اوباما على انه نصير العرب والمسلمين"، مشيرة الى ان هذا التحليل يبتعد كثيرا عن واقع السياسة الامريكية والفهم الصحيح والعميق لها خاصة تجاه منطقتنا العربية".
دموع أوباما
غاب فوز اوباما عن واجهات صحف الاربعاء العربية
وترى الكاتبة ان أوباما جاء "بهدف اساسي وهو تحسين صورة الولاياتالمتحدة بعد الشروخ والتشوهات الحادة التي اصابتها عقب التدخل في افغانيتان واحتلال العراق والانتهاكات البشعة لحقوق الانسان وآدميته التي قام بها الجنود الامريكيون في البلدين خاصة العراق".
وتشدد الكاتبة على ان السياسة الامريكية تحكمها ثوابت لا يمكن لاي رئيس امريكي ان يحيد عنها. وتخلص الى ان "احداث تغيير حقيقي في السياسة الامريكية تجاه العالم العربي ومصر لن يكون بتغيير الرئيس الامريكي بل سيتحقق بقوتنا الداخلية".
اكتفت جريدة الجمهورية المصرية بخبر صغير في صفحتها الاولى وبعنوان حمل تساؤل " اوباما ام رومني .. الرئيس الامريكي 45 ؟".
وفي العراق، تتوقف صحيفة الصباح الصادرة عن شبكة الاعلام العراقي عند دموع اوباما في احدى مقالات الراي فيها،بعد ان كرست احدى صفحاتها الداخلية لمتابعة مجريات الانتخابات الامريكية ووضعت في موقعها الالكتروني تقارير اخبارية عن نتائجها.
ففي اذ يخلص الكاتب في الصحيفة علي جاسم بعد التذكير بصورة تناقلتها وسائل الاعلام لبكاء اوباما عند تفقده ضحايا اعصار ساندي الى المقارنة مع المسؤولين العراقيين باحثا عن علامات تأثر في وجوههم رغم احداث العنف المأساوية التي تمر بها البلاد.
ويقول الكاتب " لم نسجل أية مواقف رسمية حكومية وبرلمانية إلا ما ندر كموقف الرئيس أوباما، فلم نشاهد مسؤولا عراقيا أطل علينا بدموعه وهو يشاهد تناثر أشلاء أطفالنا بعبوات الحقد التكفيري أو ان برلمانيا قد قضم اظافره واصابعه عند سماعه نبأ تشظي مجاميع العمال في ساحات طلب الرزق بسيارات أمراء الارهاب المجانين او حتى في الاسوا".
"سياسة القوة الذكية" "لابد ان الاسد اليوم يدرك ما ادركه عبد الناصر متأخرا، ان الحل لا يأتي -بالضرورة- عن طريق الانتخابات الامريكية بل في تغيير السلوك السياسي للنظام السياسي" عادل الطريفي/ الشرق الاوسط
والى جانب تغطيتها الاخبارية في صفحتها الاولى التي حملت عنوان "امريكا تنتخب والعالم يترقب"، كرست صحيفة الشرق الاوسط السعودية الصادرة في لندن صفحتين من صفحاتها الداخلية للانتخابات الامريكية قدمت فيها صورا منها وموضوعات تعريفية بسيرتي المرشحين اوباما ورومني وتحقيقا عن بلدة مسقط رأس والد اوباما وآمال سكانها بفوز اوباما.
وضمت الصفحة الثانية تقارير من مراسلين في أوروبا وتل ابيب عن المنظورات الشعبية والرسمية والمواقف من الانتخابات الامريكية في اوروبا واسرائيل، فضلا عن تحليل اخباري كتبته مينا العريبي عن الولاية الرئاسية الاولى لاوباما التي ترى انها "بدأت بجائزة سلام وانتهت ب "عسكرة" الامن" كما شهدت زيادة في الاعتماد الامريكي على الطائرات دون طيار لتصفية الخصوم.
وفي مقالات الرأي في الصحيفة ذاتها تحضر الانتخابات الامريكية في مقال عادل الطريفي "الانتخابات الامريكية من عبد الناصر الى الاسد"ن حيث يعود الكاتب الى حوار تلفزيوني للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عشية الانتخابات الامريكية عام 1968، يرى الكاتب ان عبد الناصر حاول فيه مغازلة الحزب الجمهوري حينها، ثم يعود الى المقارنة مع الحاضر مع موقف الرئيس السوري بشار الاسد خالصا الى القول "لابد ان الاسد اليوم يدرك ما ادركه عبد الناصر متأخرا، ان الحل لا يأتي -بالضرورة- عن طريق الانتخابات الامريكية بل في تغيير السلوك السياسي للنظام السياسي".
وتغيب اي اشارة عن الانتخابات الامريكية عن الصفحة الاولى لجريدة القدس العربي الصادرة في العاصمة البريطانية، وعن صفحاتها الداخلية ولا تحضر الا في الصفحة التي تعنى بترجمة ما يكتب في الصحف العبرية، إذ تترجم الصحيفة ثلاث مقالات تتحدث عن تأثير الانتخابات الامريكية في اسرائيل واحدى مقالات الرأي بقلم الدكتورة سهير ابو عقصة داود،المحاضرة في العلوم السياسية بجامعة كوستال كارولاينا بالولاياتالمتحدةالامريكية.
وفي المقال الذي حمل عنوان "سياسة القوة الذكية للرئيس اوباما :هل هي ذكية فعلا؟" تقول الكاتبة " لقد لعبت امريكا دورا اساسيا في تشجيع وخلق بيئة خصبة للاسلام السياسي في العديد من مناطق الصراع. وبالمقابل انقلبت ضد الشرعية الديمقراطية في عدة حالات".
وتخلص الى القول "ستنقلب اللعبة الامريكية على امريكا لأن محاولات امريكا خلق نعرات طائفية والاستمرار في بالاعتماد على دول النفط الديكتاتورية والدينية والتردد في التعامل مع الثورة السورية التي تحولت الى نار تأكل ابناءها، لن تؤدي الى اي مصلحة امريكية وستدفع امريكا ثمنا باهضا كما حصل في افغانستان والعراق".
"كابوس فلوريدا"
وفي الكويت، لم تحتل الانتخابات الأمريكية مساحة كبيرة من اهتمام الصحف الكويتية الصادرة صباح الاربعاء، اذ سيطرت الازمة السياسية في الكويت على جل اهتمامها، فخرجت معظم الصحف دون اشارة للمشهد الامريكي في صفحاتها الاولى، خاصة وان النتائج الاولية لم تكن قد ظهرت بعد عند صدورها. آما في الصفحات الداخلية فنقرآ في جريدة الوطن تقريرا يتحدث عن "كابوس فلوريدا" الذي يهدد الانتخابات الامريكية، في اشارة الي تخوف بعض المراقبين من تكرار سيناريو انتخابات 2000 عندما تسبب الجدل حول نتيجة انتخابات الولاية الجنوبية في تعطيل اعلان النتيجة النهائية لانتخابات الرئاسة بين المرشح الجمهوري جورج بوش الابن ومنافسه الديمقراطي آل غور. كما ابرزت عدة صحف كويتية من بينها "الرأي" و"السياسة" تقريرا لوكالة انباء يو.بي.آي يتحدث عن ان "نيتانياهو يخشى انتقام اوباما اذا فاز بولاية ثانية". ويقول التقرير نقلا عن جريدة "يديعوت احرونوت" ان رئيس الوزراء الاسرائيلي يخشى ان يتدخل اوباما - لو فاز في الانتخابات - بشكل مباشر او غير مباشر في الانتخابات الاسرائيلية المزمعة لصالح خصوم نتنياهو ردا علي تأييد الاخير لميت رومني.