جرائم "بلاك ووتر" .. في عدد مجلة "حضارة" غلاف العدد محيط – مي كمال الدين صدر مؤخرا العدد الرابع من مجلة "حضارة" المعنية بالشأن العراقي عن مركز الأمة للدراسات والتطوير، والتي يرأس تحريرها أحمد الفياض . تضمن العدد الجديد دراسة عن "اتفاقية الإذعان وتداعيات الاحتلال على دول الجوار" ل د.عبد الكريم العلوجي، ودراسة "الإسلام والغرب..تعاون أم مواجهة" للمفكر الإسلامي د.محمد مورو، ودراسة أخرى عن "أولويات التعليم العراقي في المرحلة الراهنة" لمنذر نعمان الأعظمي. يرصد ملف العدد الرابع التاريخ المخزي والجرائم المستمرة للشركات الأمنية الأمريكية التي مازال سجلها السيئ مفتوحاً ومثار جدل وضم الملف ثلاث دراسات هي "بلاك ووتر.. عنوان الحرب الصليبية في العراق" للسيد أبو داود، "جذور الإرهاب" للكاتب والباحث محمد رشيد، والدراسة الثالثة للباحث ناصر الفهداوي وجاءت بعنوان " الشركات الأمنية الخاصة والمهام الإنجيلية التبشرية". وفي باب المقالات يكتب حارث الأزدي عن الانتخابات العراقية المقبلة مقالا بعنوان " الأداء الأخطبوطي المتناغم مع إدارة المحتل "مقتربات الانتخابات"، ومقال أخر للباحث جهاد بشير بعنوان "نحو ثقافة مقاومة..قراءة في مشروع الممانعة في العراق"، كما رصد العدد واقع المرأة العراقية في ظل الاحتلال بمقال لسكينة الصميدعي رئيسة رابطة الأم العراقية. اتفاقية "الإذعان" في دراسة المحلل د.عبد الكريم العلوجي يؤكد تصادم كل من المشروع الأمريكي من جهة الذي يزعم إرساء الديمقراطية وبين المقاومة الوطنية العراقية من جهة أخرى ، وعندما عجزت الولاياتالمتحدة على فرض مشروعها بالقوة وشعرت أنها وقعت في المستنقع العراقي ، لجأت للتفاوض والتحايل ففرضت في العراق ما يسمى باتفاقية "الإذعان" الموقعة بين الحكومة الأمريكية والحكومة التي اختارتها بنفسها في العراق ، وحتى مقدرات هذا الوطن هيمنت عليها أمريكا فعندنا مثلا منح عقود الغاز العراقي منحت لشركة " شل " الأمريكية دون حتى موافقة مما يسمونه بمجلس النواب العراقي. اوباما مع المالكي اثناء زيارته للعراق ويرى العلوجي أن الوجود الأمريكي في العراق يرمي بتأثيره على دول الجوار الإقليمية والعربية وأهمها تركيا ، السعودية ، سوريا ، الكويت ولكن تأتي إيران بالمقدمة ؛ حيث يمثل التواجد الأمريكي على حدودها خطراً تخشاه ، بالإضافة لتخوفها من فقد مكانتها الدينية باعتبارها المركز الشيعي الأول، وسيطرة الولاياتالمتحدة على موارد النفط في مواجهتها لها، هذا إلى جانب تخوفها من تأسيس نظام "ديمقراطي" في العراق يكون له تأثيراته السلبية على النظام الإسلامي في إيران، وتخوفها من ضرب مفاعل "بوشهر" في ضوء النوايا الأمريكية لمنع إيران من حيازة السلاح النووي . الإسلام والغرب يرفض المفكر الإسلامي د.محمد مورو في دراسته " العلاقة بين الإسلام والغرب" فكرة تزاوج الحضارات ، كما يرفض اعتبار الحضارة الغربية مثلا يحتذى به لنا . ويقول مورو أن الحضارات التي تمتزج لابد أن تكون منحدرة من عائلة واحدة مثل الرومانية مع اليونانية ، او الإغريقية مع الجرمانية ، أما امتزاج حضارة غربية مع إسلامية فهذا لا يكون ، حتى ان الحضارة الغربية لن ترضى بهذا الإمتزاج لأنها تريد أن تصبح حضارة المسلمين جزءا منها فقط ، تابعا لها ، ويضرب الكاتب مثلاً بفرنسا التي أدمجت الجزائر فيها وعلى الرغم من ذلك لم تعطي الجنسية الفرنسية للجزائريين، ولم تسمح بمنحهم حق الانتخاب مثل الفرنسيين.
وبرأي مورو فإن العلاقة بين الحضارتين الإسلامية والغربية يمكن ان تكون – ولو نظريا – على أساس استقلال كل منهما وانفراده بخصائصه . الشركات الأمنية يتناول ملف العدد بالمجلة الشركات الأمنية الأمريكية ودورها في العراق، وقد افتتح الملف بمقال "بلاك ووتر.. عنوان الحرب الصليبية في العراق" بقلم السيد أبو داود ، وفيه يؤكد أن التقارير الأمريكية أكدت أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما مددت بالفعل عقد مع شركة "بلاك ووتر" لتوفير "خدمات أمنية" بالعراق - هذا على الرغم من سوء سمعتها والجرائم التي ارتكبتها وسجلها الزاخر بالفضائح - مع ما كشفته تحقيقات القضاء الأمريكي نفسه والتي أثبتت تورط شركة "بلاك ووتر" في عمليات القتل والتعذيب للعراقيين، مما يؤكد على التناقض في الرؤى والأهداف المعلنة، ومما يؤكد أيضاً على أن السياسة الأمريكية في العراق لم تتغير. ويتعرض الكاتب في مقاله لشهادات بعض الأشخاص في التحقيقات التي أدارها القضاء الأمريكي بشأن شركة "بلاك ووتر"، حيث أعلن أحدهما عن تورط صاحب الشركة "إيريك برينس" في عمليات قتل متعمدة للعراقيين، فضلاً عن جرائم الشركة في الولاياتالمتحدة نفسها، بالإضافة لعمليات تهريب السلاح للعراق وتهريب الأموال، وتعيين أشخاص ذوي ماض مخز في كوسوفو، واستخدام ذخائر تنفجر في الجسم البشري بمجرد اختراقه مسببه الموت الفوري والتشويه، هذا إلى جانب توظيفها أشخاص مهووسين بقتل المسلمين والعرب. شخص آخر توقف عنده المقال وهو شاهد لمحكمة فيدرالية بولاية فيرجينا والذي اكد أن صاحب الشركة ورئيسها سمح بهذه الأفعال ضد العراقيين لأنه يعتبر نفسه "مسيحياً صليبياً مهمته القضاء على المسلمين وعلى الدين الإسلامي ومحوه من على سطح الكرة الأرضية" ، ويرى كاتب المقال أن الحرب على العراق كانت جزءاً من حرب عالمية على الإسلام والمسلمين. تابعون لشركة بلاك ووتر نشأة "بلاك ووتر" المتتبع للنشأة الأولى لشركة "بلاك ووتر" يكشف عن أهدافها ومراميها " الصليبية " ملف العدد ؛ فقد تأسست عام 1996 على يد المليونير المسيحي "إيريك برينس" والذي عمل سابقاً في البحرية الأمريكية وينتمي إلى المحافظين الجدد والملتصق بالتيار المسيحي الصهيوني، وكان والده أحد الممولين الكبار للتيار المسيحي المتطرف، وقد تحول إيريك إلى الكاثوليكية ليكون أقرب إلى التصور الذي يشكل عقيدته كأحد مقاتلي "الحرب الصليبية الجديدة"، كما ساهم بدعمه المادي في صعود تيار اليمين الديني الذي ينتمي إليه. أنشأ شركته على مساحة شاسعة من الأراضي ببلدة "مويوك" بولاية كارولينا الشمالية، وساعدته ثروته في صعود شركته بسرعة كبيرة، والتي حدد عملها في إطار "الالتزام بتوفير طلبات الحكومة المتوقعة من حيث الأسلحة والتدريب على النواحي الأمنية". وتمكنت "بلاك ووتر" من توقيع عقود مع إدارة بيل كلينتون لكن التحول الكبير في عملها وشهرتها جاء مع وصول جورج بوش الابن إلى البيت الأبيض، وهو اليميني المتطرف الذي يتلاقى في عقيدته وأفكاره مع برينس. ثم جاء التحول الكبير بعد أسبوعين من هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 حيث أصبحت الشركة لاعباً رئيسياً في الحرب على أفغانستان والعراق فيما بعد، وأبرمت العديد من العقود مع إدارة بوش وصارت خلال السنوات التالية من أكثر المستفيدين من استراتيجية "الحرب على الإرهاب" التي ابتدعها بوش. وأصبحت شركة برينس أكبر قاعدة عسكرية خاصة في العالم وتعادل قوتها قوة جيش في دولة صغيرة بعد أن أصبح يعمل لديها مليونان وثلاثمائة ألف فرد في جميع أنحاء العالم وأسطول جوي يقدر ب 20طائرة، وجهاز خاص للاستخبارات. الانتخابات العراقية يتناول حارث الأزدي رئيس تحرير جريدة البصائر العراقية في مقاله الإنتخابات العراقية المزمع عقدها قريباً والتي يصفها ب " الأداء الأخطبوطي المتناغم مع إدارة المحتل" ، ويتوقع كاتب المقال أن تسير الحكومة العراقية الحالية على منهجها المعتمد من تصفية لخصومها سياسيا وجسديا أحيانا . وكتب الأزدي أن زيارة المالكي إلى واشنطن يراد منها الاستفراد والبقاء في الحكم مدة أخرى، إذ لم يكن أمام المالكي سوى تقديم الولاءات وشرح أبعاد تهديد الأكراد بمحاولتهم الضغط على ما يسمى حكومة المركز فضلاً عن التحذير مما سمته أمريكا مفاوضات مع بعض الفصائل التي تمت بوساطة تركية. كما يتعرض الأزدي في مقاله لتهديدات الأكراد، والتفجيرات الاستباقية للانتخابات، والسرقات المصرفية كخطوة أخرى للانتخابات، والتحالفات وأساساتها. راشق بوش بحذائه يقدم الباحث سيف الجبوري ترجمة لثلاث مقالات كتبها إعلاميون أجانب في عدد من الصحف الأوروبية والأمريكية عن الإعلامي العراقي منتظر الزيدي الذي أطلق سراحة مؤخراً، بعد تسع شهور من السجن عقب رشقه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بالحذاء، كنوع من الاعتراض على الانتهاكات الأمريكية للعراق، في واحدة من المقالات الثلاثة وهي لديفيد أوزبورن، وباتريك كوكبرن جاء فيها: خرج الزيدي من السجن يوم أمس معرباً عن أن الغضب مازال بداخله تجاه الولاياتالمتحدة ولكن كان غضبه الأشد منصباً على الحكومة العراقية التي قامت بتعذيبه بأقسى أنواع وطرق التعذيب كالضرب والصعق بالصدمات الكهربائية عندما كان محتجزاً في أحد مراكز الاعتقال التابعة للحكومة العراقية ، ويختتم حديثه بالقول : " أنا لست بطلاً وأنا أعترف بذلك أنا مجرد شخص كان يرى أن بلده يحترق".