يعتبره الكثير من علماء السياسة والتاريخ الأمريكيين واحدا من أكثر الرؤساء تأثيرا فى تاريخ الجمهورية الأعرق فى العصر الحديث. إذ قاد بلاده خلال فترة هى الأصعب فى تاريخها، فعبر بها أزمة الكساد العظيم فى الثلاثينيات، وانتصر على دول المحور الفاشية والنازية خلال الحرب العالمية الثانية فى الأربعينيات. وهو الوحيد بين رؤساء الولاياتالمتحدة الثلاثة والأربعين الذى انتخب أكثر من فترتين، فتجاوز عهده ال12 عاما؛ لنجاحه أربع دورات رئاسية.
ولد فرانكلين روزفلت عام 1882، لواحدة من أعرق أسر نيويورك، إذ كان والده رجل أعمال ناجح من أصول ألمانية، إلا أن أسرته استقرت فى المدينةالأمريكية الأكبر قبل قرن على الأقل من الثورة الأمريكية (1776).
عمل بالمحاماة فى مكتب مختص بقضايا وول ستريت (حى المال)، لذا لم يكن من المتصور أن يخوض حربا لصالح «الضمان الاجتماعى». مبكرا، دخل معترك السياسة، مع فوز ابن عمه ثيودور روزفلت بالرئاسة.
ومن 1910، بدخوله مجلس ولاية نيويورك (برلمانى محلى)، وقبل الحرب العالمية الأولى، عينه الرئيس آنذاك وودورد ويلسون مساعدا لوزير البحرية، حيث دعم توسع القوى البحرية الأمريكية.
وجه أثناء الحرب معارك المحيط الأطلسى ضد الغواصات الألمانية، وهو ما كان عاملا مساعدا للنصر على «الإمبراطوريات القديمة» (ألمانيا وتركيا والنمسا). فشل فى الفوز بمنصب نائب الرئيس عام 1920، فعاد للمحاماة، ليخوض تجربة المرض الذى أقعده، لكنه لم ييأس وترشح لمنصب حاكم ولاية نيويورك ليفوز به عام 1928 وحتى 1932.
مع الكساد العظيم، ترشح روزفلت عن الحزب الديمقراطى، ليعلن برنامجه الشهير «الصفقة الجديدة»، القائمة على تطبيق نظرية عالم الاقتصاد البريطانى، مينارد كينز. وبقوة، فاز روزفلت بالرئاسة، لتنخفض نسبة البطالة من 25% إلى ما دون 2% مع نهاية 1940.
حتى ذلك الوقت لم يكن تقليد الفترتين الرئاسيتين منصوص عليه دستوريا (حيث ضمن فى التعديل الثانى والعشرين عقب وفاة روزفلت) واستنادا لهذا ترشح ليفوز، معتمدا على منجزه الاقتصادى وتجنيبه البلاد، فى البداية، دخول الحرب العالمية الثانية، التى اندلعت فى أوروبا قبل عام واحد فقط (1939).
فاز روزفلت بنحو 55%، ليبدأ فترة ثالثة هى الأولى فى التاريخ الأمريكى، أعلن فيها دخول واشنطن الحرب ضد دول المحور (ألمانيا وأيطاليا واليابان) عقب الهجوم اليابانى على بيرل هاربر، أهم موانئ أمريكا فى المحيط الهادى.
تجلت فى هذه السنوات سياسته الخارجية، التى أسست لعالم ما بعد الحرب، عبر تقاسمه النفوذ العالمى مع الاتحاد السوفييتى، بقيادة زعيمه الراحل، جوزيف ستالين، ومستعمرات بريطانيا التى رأس حكومتها آنذاك، ونستون تشرشل، وهو ما أسس لظهور منظمة الأممالمتحدة. كما كانت علاقاته بالزعيم السوفييتى، ستالين، هى ما طبع عقود الحرب الباردة بصورة عامة.
وفى 1944 «عام الحسم»، حيث كانت المعارك الأخيرة والحاسمة ضد ألمانيا فى أوروبا واليابان فى آسيا، انتهت فترة ولايته الثالثة، فما كان منه إلا أن ترشح للرابعة، وبالفعل فاز فيها، لكنه يتوفى بعدها فى أبريل قبل نهاية الحرب بشهور، حيث استسلمت ألمانيا فى يونيو واليابان فى سبتمبر.