ربما كان الإنجاز الأكبر للدكتور محمد مرسي بعد مرور نحو 120 يوما على توليه رئاسة البلاد أن سقف معارضته ارتفع إلى حد لا يمكن تصوره مع رئيس آخر 00 و تكفي نظرة على سيول البذاءات التي تتناول الرجل في شخصه و عائلته لتبين إلى أي حد كان فوزه في سباق الانتخابات على حساب جنرال " تيرمينال ثري" أفضل لمصر و المصريين ، حتى مع كل هذه الأخطاء و الارتباكات التي تخيم على الأداء السياسي في هذه المرحلة0 إن من حق الجميع أن ينتقد أداء رئيس الجمهورية ، و أن يصل بالمعارضة إلى حدها الأقصى ، فهذا مفيد لمؤسسة الحكم و للمعارضة و لمصر كلها ، شريطة أن تكون معارضة جادة و موضوعية و محترمة ، تتعامل مع السياسات و ليس مع الشخص ، و تنطلق من مطالب و أهداف ثورية ووطنية ، دون أن تنزلق إلى الفحش في القول و البذاءة في التناول و التعفن في الفكر0
و أزعم أن هناك مائة قضية و قضية تستحق أن نعارض فيها الرئيس ، لكن أن يصل الهوس و الانحطاط بالبعض أن يحتفي بقاذورات منشورة في صحيفة لبنانية مقربة من نظام الجزار بشار الأسد تتحدث عن رائحة جسد الرئيس ، فهذه ليست معارضة و إنما عفونة أخلاقية و مهنية تثير الغثيان من أصحابها ، و لا تبعث على الغضب من الرئيس0
ولا يمكن النظر إلى هذه الوضاعة المهنية من قبل هذه الصحيفة بمعزل عن الموقف الرسمي المصري من جرائم بشار الأسد ضد ثورة الشعب السوري ، و هو الموقف الذي يأتي متسقا مع تعاطف الشعب المصري و دعمه لنضال الأشقاء في سوريا سعيا للحرية و الكرامة ، غير أن البعض للأسف الشديد لا يمانع في استخدام دماء السوريين في كتابة لافتات بذيئة ضد مرسي0
و سبق أن قلت في هذا المكان أكثر من مرة إن البعض يهبط بالمعارضة إلى قاع الانحطاط و الابتذال ، و يهين الثورة عندما يسمح لخصوم الثورة و كارهيها بالوقوف معه على أرضية واحدة كرها في الأخوان أو الإسلام السياسي و الدكتور مرسي 0
ولا أظن أن هذا النوع من المعارضة قادر على أن يطرح نفسه بديلا محترما و مقنعا للجماهير ، بل يقدم دعما هائلا للنظام القائم ، كونه يكتفي بالصراخ و الشتائم البذيئة دون أن يقترب من جوهر الموضوع ، و هو بيان تهافت السياسات المتبعة ، و تقديم الحلول و البدائل التي تجعل حالة مصر أفضل0
إنك لو قارنت بين كميات الشتائم و السخرية و الافتراءات الموجهة إلى محمد مرسي خلال مائة و عشرين يوما فقط من حكمه ، ستجدها مئات أضعاف الانتقادات الخجولة التي وجهت إلى المخلوع طوال واحد و ثلاثين عاما 0
و لعلك تذكر جيدا أنه أثناء معركة انتخابات الرئاسة كان مرشح الفلول يهدد و يتوعد بسحق عظام المصريين إذا ما فكروا في التظاهر احتجاجا على وصوله إلى الحكم ، متحديا و متبجحا بأن المجلس العسكري لن يسمح لأحد بالتظاهر ضده 0
و لا يمكن تصور أن هناك مصريا سليم العقل و الضمير يمكن أن يطرب عندما يرى صحيفة تمارس سقوطا مهنيا و سياسيا و تتحدث عن رئيسه بهذا الأسلوب المفرط في الوضاعة0