أبناء سيناء: الإرهاب أوقف الحياة وشهدائنا مع الشرطة والجيش طهروها بدمائهم    4 أيام متواصلة.. موعد إجازة شم النسيم وعيد العمال للقطاعين العام والخاص والبنوك    بعد ارتفاعها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2024 وغرامات التأخير    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 3 مايو 2024 في البنوك بعد تثبيت سعر الفائدة الأمريكي    رسميًّا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    إسرائيل تؤكد مقتل أحد الرهائن المحتجزين في غزة    فلسطين.. وصول إصابات إلى مستشفى الكويت جراء استهداف الاحتلال منزل بحي تل السلطان    إبراهيم سعيد يهاجم عبد الله السعيد: نسي الكورة ووجوده زي عدمه في الزمالك    أحمد شوبير منفعلا: «اللي بيحصل مع الأهلي شيء عجيب ومريب»    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    فريق علمي يعيد إحياء وجه ورأس امرأة ماتت منذ 75 ألف سنة (صور)    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    جمال علام يكشف حقيقة الخلافات مع علاء نبيل    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    فوز مثير لفيورنتينا على كلوب بروج في نصف نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحلام المصريين .. من وجع القلب لراحة البال 3
حلم لعلم.. ما زال ينتظر
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 10 - 2012

«يشرب.. الياء حرف جر وشرب فعل ماض مجرور بالياء وعلامة جره الكسرة».. الجملة السابقة التى تحمل أخطاء فادحة بحق اللغة العربية لم ترد فى أحد أفلام اللمبى أو غيره من أفلام الكوميديا السخيفة التى أصبحت تطل علينا كل ساعة، إنما هى لمدرس فصل بمدرسة عباس العقاد الابتدائية المشتركة، المعروفة عند أهالى منطقة بولاق الدكرور باسم «مدرسة ترعة المجنونة»، وقد كنت أنا شاهدا عيانا على هذه الواقعة فى العام 2008.. وباعتبار أن هذا المدرس، وكان صاحب وقائع كثيرة مثل هذه، موظف حكومى لا مساس باستمراره فى الوظيفة، فإنه يؤسس كل عام جيلاً من تلاميذ الصفين الأول والثانى الابتدائى.. ولكم أن تتخيلوا إلى ماذا سيتحول هؤلاء الأبرياء على يده؟... والأمر لا يقتصر على ذلك بل يمتد إلى أكثر من ذلك بكثير، فمن ضرب وسب وإهانة إلى بث سموم الجهل، هكذا وصل حال بعض مدارسنا.

فى كتابها «أحلام المصريين... من وجع القلب لراحة البال»، الذى تصدره دار الشروق، جمعت الكاتبة هند إسماعيل، شهادات كثيرة عن التعليم بعضها موجع يكشف ما يعانية الفقراء وأبناؤهم مع المنظومة التعليمية فى مصر، والآخر يقدم اطروحات لحل مشكلات التعليم،، أردنا أن نورد بعضها فى الحلقة الثالثة من سلسلة حلقات «الشروق» التى تعتمد على الكتاب، ونحن نتحدث عن حلم العلم، الذى أنقذته ثورة يناير قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، ليحتل مع قضايا مهمة صدارة الأحلام التى يدرك الجميع أنه لا تقدم لمصر من دون سطوع نورها.

«أنا بقالى سنة سايب التعليم كنت فى خامسة ابتدائى وطلعت من المدرسة عشان مكنتش مبسوط.. المدرسين بيضربونا بالعصيان ورجعت كذا مرة متعور... النظام فى المدرسة اللى مش بيعمل واجب بيضرب.. يقولوا اطلع اكتب حاجة على السبورة أقولهم ما اعرفش يروحوا يضربونى، المدرس بيدخل يقول لو هتاخد درس عندى حانجحك مش حتاخد حسقطك... اشتكيت كتير لمدير المدرسة وكان كل مرة بيقول (طيب طيب)، وما فيش حاجة بتحصل فزهقت من المدرسة رحت اشتكيت لأبويا، سألنى انت عايز تطلع؟ قلت له آه.. راح قالى حاضر وسبت المدرسة».

هذه القصة التى ذكرتها هند إسماعيل فى كتابها على لسان الطفل هادى عوف، من إحدى مدن الوجه البحرى، تبدو عادية، وتمر علينا عشرات القصص المشابهة لها يوميا، لكنها فى الحقيقة هى جريمة مكتملة الأركان، ليس فقط بحق الطفل وغيره من الأطفال، لكنها جريمة بحق الوطن.

ومقترفو هذه الجريمة أربعة... مدرس يضرب تلميذ بغض النظر عن إمكانيات هذا التلميذ ويربط نجاحه ورسوبه بجنيهات ثمن حصة الدرس الخصوص، وناظر أو مدير مدرسة لا يتخذ اللازم من الإجراءات القانونية والتربوية لحماية هذا التلميذ، ويشترك فى الجريمة بالتواطؤ مرة والإنكار مرات، وأيضا والد هذا التلميذ الذى تخاذل عن حماية نجله والدفاع عن حقه فى التعلم مع الحفاظ على كرامته من الإيذاء، وفى الأول والآخر فإن المسئول الأكبر هو الدولة بكل مؤسساتها، والحكومة بكل مسئوليها المعنيين عن هذا الأمر وليس فقط وزارة التربية والتعليم، بل الأمر يمتد إلى رئيس الجمهورية الذى عليه أن يدافع دفاعاً مستميتاً عن مستقبل هذا البلد، وهذا المستقبل لا يتأتى إلا بحماية هؤلاء الأبرياء ومنحهم كامل حقوقهم فى الرعاية الصحية والتعلم، وغيرها.

«أنا مش زعلان إنى طلعت من المدرسة لأنى اتخنقت منها... دلوقتى انا بشتغل فى ورشة استورجية، ورشة أبويا ومبسوط.. ساعات بتعور وقت الشغل.. يعنى عشان بشتغل بمكن ومسامير وفى سنفرة بس عادى يعنى انا اتعودت».

الجهل وتخاذل الجميع تجاه هذا الطفل مسئولون عن اغتيال براءته، لم يعد يهمه أن يحصل على حقه فى التعليم، ولا يفرق معه أنه يعمل عملاً شاقاً على من هم فى عمره (تقريبا 10 سنوات)، بالمخالفة لكل المواثيق الحقوقية والأعراف الإنسانية، لكن ما يهمه أنه تخلص من اضطهاد المدرس له، تخلص من الإهانات والضرب.

«سمعت عن الثورة اللى حصلت وانها مش حتخلى فى ظلم فى البلد وكل حاجة نفسنا فيها هتحققهالنا.. نفسى المدارس تبطل ضرب وشتايم.. ما يجيش المدرس يقول لو ما خدتش درس عندى هسقطك.. أنا لما اتجوز ويكون عندى عيال مش هاشغلهم معايا فى الورشة، هابعتهم على المدرسة وهاخليهم يحبوا التعليم مش حاسيب المدرس يضربهم ولا يشتمهم».




هكذا يعرف هادى أهمية التعليم ويراهن على المستقبل.. ليس مستقبله هو ولكن مستقبل أولاده، وأين مستقبلك أنت يا عزيزى؟.

الفقراء يمتنعون

«أنا عندى 3 عيال.. المدرسة مش بتساعد الأهالى على تعليم العيال... ولا تسهيلات مالية ولا أى حاجة خالص.. ولازم الكل ياخد دروس... مدير المدرسة بيدخل للعيال ويقولهم (اللى مش هياخد درس السنة دى مش هينجح) لدرجة إن فى ناس ممكن مايكونش معاها فلوس تاكل بس لازم تدى العيال دروس.. أنا نفسى ولادى يتعلموا علام بجد... التعليم اللى بيدوه للعيال فى المدارس زفت... المدرس لما بيدى دروس يكون عايز ينجح العيال وبس.. أنا مش عايزة ابنى ينجح وبس.. أنا عايزاه يتعلم ويتأسس، لو مش متأسس صح، مش هيوصل لا للثانوى ولا للكلية، وأنا المشكلة دى حصلت معايا.. وكانت النتيجة إنى وصلت للإعدادى وأنا مابعرفش أفك الخط... ودى مصيبة أنا مش عايزة عيالى يكونوا زيى واحنا على قد حالنا ونفسنا نعلّم عيالنا ونعيّشهم العيشة اللى احنا بنحلم بيها وكان نفسنا فيها».. هذه الشهادة لكوثر عبدالكريم، ربة منزل، من منطقة الناصرية بالإسكندرية.

فى مصر الفقراء يمتنعون.. عن كل شىء، فالدولة التى كانت لا تقدم لهم إلا القليل، أصبحت لا تقدم لهم أى شىء... وأسر كثيرة من أبناء الطبقة المتوسطة التى تآكلت، تربط الأحزمة على بطونها لتجمع نفقات المدارس الخاصة التى يلتحق بها ابناؤهم، فلم يعد لهم إلا الاستثمار فيهم، حتى أن أباء كثيرين يقولون دائما لا نملك ما نورثه للأبناء غير أن نعلمهم تعليما جيداً.

«للأسف فيه مدرسين ومدرسات بيغلطوا فى العيال وبيهينوهم.. هما بيشوفوا العيال أقل من مستواهم... الأبلة جايبة عربية ولابسة شياكة.. وتقول للعيال (أنتم طالعين من بيئة وسخة)... فى حد يكون بيعلم العيال ويقول كده؟، دول اللى بيعلموا عيالنا؟ يعنى هى المدرسة الخاصة تقدر واحدة تضرب عيل أو تقوله انت طالع من بيئة وسخة؟، مستحيل.. هل عشان إحنا أقل منهم فى المال والإمكانيات فعيالنا يتبهدلوا؟».

كابوس

فى شهادتها التى وردت فى الكتاب لا ترضى نهى أحمد يوسف، طالبة بالصف الثانى الثانوى، من لوران بالإسكندرية، بطريقة التعليم، فبالنسبة لها تقليدية، خاصة نظام الثانوية العامة، والقبول بالجامعات... «الثانوية العامة هى سنة الكابوس فى حياة أى طالب و طالبة.. وياريتها فى حياتنا وبس.. لأ، فى حياة أهلنا كمان.. الكل بيعتمد على الحفظ، يعنى مثلا الطالب بيعتمد بنسبة 70% إنه يحفظ المعلومة اللى موجودة فى المنهج، وبقية ال30% دول فهم...ودى مش مشكلة طلبة قد ما هى نظام تعليمى يبعد كل البعد عن العدل.. أولا بتلاقى الامتحانات جاية صعبة جدا والعرف إنها فى مستوى الطالب المتوسط، محدش بيعترف ويقول ان الامتحانات بتيجيى صعبة، ثانيا كل واحد عايز ابنه او بنته يدرسوا فى كليات القمة، ولازم طب وهندسة دول كأنهم بس هم كليات القمة.. والباقى لأ، مش مهم ابنهم او بنتهم عايزين ايه أو ميولهم واتجاههم فين.. فعلى طول فى ضغط، وده اللى بيخلى الطالب يلجأ إلى أن يحفظ عشان يصب المعلومة ويضمن انه يجيب مجموع.. مش مهم انه يفهم.. المهم المجموع».

وكذلك فإن الثانوية العامة فى مصر تمثل كابوسا مزعجاً يبحث الطالب عن مخرج منه بأى شكل وبأى ثمن، بعيدا عن التعلم بشكل جيد.

«لازم يكون فيه أسلوب جديد فى التعليم الثانوى.. دخول الكلية ميكونش واقف على المجموع والتنسيق.. يعنى لو واحد دخل علمى علوم واجتهد بس الامتحانات جت صعبة فجاب 97%، وطب طلعت بتاخد 98%.. الطالب ده المفروض انه طالب متفوق.. إزاى ميدخلش طب لو ده حلمه، ليه الطالب لما تطلع النتيجية يروح الجامعات ويقدم وهما يشوفوا درجاته، رغم ان المفروض يعملوا له امتحان تابع للجامعة، ويشوفوا إيه ممكن يتعمل عشان يقبلوه.. برا فى أمريكا وأوربا بيعملوا كدا معندهمش تنسيق».

والحقيقة رغم أن نظام التنسيق هذا أثبت فشله طوال السنوات الماضية، بالإضافة أيضاً إلى فشل العملية التعليمة برمتها، ورغم أن مسئولى الحكومة يعترفون بذلك إلا أن مصر تصر على بقائه.

أخلقة العملية التعليمية

يتحدث الرئيس التونسى المنصف المرزوقى دائما عن «أخلقة السياسة»، بمعنى تنقيتها من الكذب والخداع والمراوغة وتحلى ممارسيها بقيم الأمانة والإخلاص والوطنية والوفاء بالعهد والوعد، ويتحدث الاستاذ محمود أحمد هريدى، وكيل مدرسة بأسوان عن «أخلقة العملية التعليمية»، ليصبح المدرس قائدا وملهما وليس فقط معلم.. «أنا مبسوط بالشباب كنت فاقد الأمل فيهم وكنت بحس إنه منقاد لأى حركة أو تيار، لكن الشباب فاجأنى وخلانى أعيد النظر، كان زمان الطالب مقهور بينضرب وبيخاف، الوضع دلوقتى لأ.. أنا بنصح كل مدرس يبعد عن ضرب أى طالب، خلى ليه حريته وكرامته علمه بس من غير عنف.. باحترام وبحب.. ماتزرعش جواه الخوف... علّمه إزاى يطالب بحقوقه ويقوم بواجباته... علّمه إزاى يعترض وإزاى يقنع إللى قدامه... دورنا كلنا كان فى التربية والتعليم الآن، إننا نساعد الجيل ده ونعلمه يعنى إيه حرية يعنى إيه بلدك.. إحنا اللى بإيدينا نعلمه حب البلد والانتماء لها».

بسياسة الوكيل الأسوانى تستطيع أن تربى طالباً يحب بلده وينتمى لها، يعرف حقوقه وواجباته، ويقول رأيه بحرية ويتعلم كيف يدافع عنه دون عدوان على الآخرين، وهذا ولا شك يخرّج شخصاً متفوقا فى العلم وواعيا بالسياسة وما يدور حوله.

«المدرسة والجامعة ليست أماكن لتخريج جهلاء أو مرضى نفسيين بل هى مصانع لتفجير الطاقات واكتشاف المواهب واستغلال قدراته وإمكانياتها».. هكذا تقول سلمى شريف، معيدة بقسم الهندسة المعمارية بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجية والنقل البحرى، من أبناء القاهرة... «الطلبة لازم مايكونوش داخلين الجامعة عشان ياخدوا شهادات يعلقوها على الحيطة اللى فى بيتهم... لازم يكونوا داخلين الجامعة عشان يكتشفوا نفسهم وده دور الجامعة إنها تشجع الطلبة إنهم يكتشفوا نفسهم ويعرفوا قدراتهم... فى فترة الثورة ناس كتير بدأت تدهن وتكتب كلام على الحيطة، الحاجات دى كانت جوة الشباب، بس ماكنش عندهم الفرصة إنهم يكتشفوها ويعبروا عنها».

تمضى: «الطلبة لازم يجربوا حاجات كتير ومايخافوش، لأن الطالب هيتعمل من التجربة والأخطاء، ولازم يفصل بين التعليم والدرجات لأنه لو قعد يفكر كتير فى الدرجات هيخاف يجرب أى حاجة جديدة إحنا محتاجين نعطى ثقة للطلبة عشان يعملوا حاجة جديدة ويشردوا بأفكارهم، الإبداع ده هيضيف لنا وإحنا بنبى البلد».

التعليم فن

خاض محمد فوزى إبراهيم، مؤسس بيت موتوبيا للفن والثقافة بواحة سيوة فى مرسى مطروح، تجربة حقيقة لتعليم التلاميذ بالفن واللعب.. «مش مقتنع بالتعليم فى مصر لأن الطالب بيصم الكتاب... ودى مش طريقة المفروض الطفل يتعلم بيها، المدارس أشبه بوحدة جيش بيخشوا فيها كمجندين، ومش المفروض انهم يناقشوا المدرس اللى بيدخل يصممهم حاجات ويحطلهم امتحان مش أكتر من كدا... وده ما اسمهوش تعليم، الطريقة اللى يتعلم بيها الأطفال لازم تكون عن طريق اللعب والفن وهى الطريقة اللى بيها يكتشف الطفل نفسه ومهاراته، ويقدر يعمل إيه ويتعلم ازاى يستخدم مهاراته.. فيبدأ يكون نفسه هو مش حد تانى... اللعب والفن هما أقوى وسيلة لتعليم الطفل». وللأسباب السابقة قرر محمد خوض تجربته.. «بدأت أعمل نشاط لتعليم الطفل من خلال الفن لما تواصلت مع مدرسين هنا فى سيوة عشان نوعى الأطفال ونعلمهم التراث والفن السيوى لأن هو ده فن المجتمع اللى هما عايشين فيه فبالتأكيد أكتر حاجة هيحسوا بيها ويتعلموها، كتبت لهم قصص مستوحاة من المشاكل اللى بتقابل المجتمع بتاعهم.. زى مشاكل البيئة وضرورة المحافظة عليها، التلوث بسبب المخالفات اللى على طول ملقاة خارج المنازل.. وأيضا الحياة الثقافية اللى موجودة فى سيوة والعادات والتقاليد اللى اندثرت».

تجربة محمد نجحت فى شقها الأول فى أن يتعلم الأطفال، ولكن... «الأطفال كانوا هايلين وتجربة الفن طلعت معاهم أعمال هايلة لكن المشكلة انهم جزء من المجتمع فى الآخر.. ممكن يتأثروا بيا، لكنهم برضه هيتأثروا بحاجات تانية حواليهم.. فأنا كنت ببنى حاجة وحاجات تانية كتير بتهدها، لأن مفيش هنا فى المجتمع حاجة تشجع الفن وتنمى الموهبة وصعب جدا تغيرى مفاهيم الكبار اللى بيبصوا للفن على انه حرام أو مجرد شىء لتضييع الوقت.. نظرة المجتمع للفن والاهتمام بالطفل عن طريقه لازم تكون جادة مش مجرد اهتمام غير حقيقى».

البحث العلمى.. شهادة

«صحيح بلد بتاع شهادات» مقولة عادل إمام الشهيرة فى إحدى مسرحياته.. صارت حقيقة البحث العلمى اليوم، فكثير من الخريجين يلجأون إلى إكمال دراستهم العليا ليصبح حاصلاً على شهادة الماجستير أو الدكتوراة تساعده فى الحصول على وظيفة أفضل. «عدد الحاصلين على الدراسات العليا بعد البكالوريوس زاد فى الفترة اللى فاتت زيادة كبيرة جداً بس ده مش حب فى التعليم قد ما هو محاربة للبطالة... بدل ما يقعد فى البيت ومعاه البكالوريوس ليه مينزلش وياخد له ماجستير؟»، هذا شهادة للدكتور عبدالقادر حمزة، أستاذ متفرغ بكلية العلوم جامعة الإسكندرية، ضمنتها الكاتبة هند إسماعيل فى كتابها.

ويكمل حمزة: الفكرة بقى إذا لم تستفد هيئة البحث العلمى من الحاصلين على الدراسات العليا، يبقى صفر... لازم يستفيدوا منهم علميا وفكريا وتطبيقيا، الميزانية اللى فيها البحث العلمى لا تتجاوز 0.6% من الدخل القومى، التصريحات الرسمية بتقول لا ده إحنا 1% أو حاجة زى كدا.. دولة زى الهند متفوقة علميا ودخلت العلوم الذرية والفضاء وعملت كل حاجة فى البحث العلمى ب3% من الدخل القومى.. التفوق فى البحث العلمى هناك خاص جدا رغم إنها من ضمن البلدان النامية، اللى حاصل فى الحقيقة إن انعكاس التفوق ده فى حياتهم واضح جداً. ومشكلة البحث العملى فى مصر تتركز عند حمزة فى القائمين عليه.. «مفيش اهتمام بالبحث العلمى، لأن فى البحث العلمى جهتين لازم يتشالوا... القطاع الاستثمارى اللى فى الدولة وأجهزة الدولة اللى لها دور فى الإشراف والدعم... قطاع الاستثمار فى مصر، عامل زى البسكويت، عايز يصنع ويكسب لأن ماعندوش استعداد يصرف فى مجال طويل المدى..

نييجى بقى لأجهزة الدولة، الدولة عندها مشاكل كتيرة جداً وبالنسبة لها دور الباحث مجرد دور شكلى يعنى كماليات، ورغم إن البحث العلمى فى الأساس هو قمة الهرم التعليمى.. البلاد الأخرى بيتبادلوا العلماء والباحثين عشان يعملوا الباحثين اللى عندهم ويتعاونوا إنهم ينهضوا بالعلم والمجتمع.. إحنا لاجالنا ناس من برة نستفيد منهم ولا أى شىء». خرجت الثورة تنشد الحرية... الحرية فى كل شىء، وحرية البحث العلمى لا بديل عنها... «جيلكم لما طلع فى 25 يناير وطلب الحرية والعدالة، فإحنا إذا طبقنا الحرية والديمقراطية بمفهومها الواسع.. فى كل حاجة.. هنعرف نوصل صح.. لأن الحرية والديمقراطية عاملين زى جناحين لطائر، موجودين يلا نطير، مش موجودين أهو قاعد واسمه طائر بس قاعد... البحث العلمى اللى انا عايزه ويشبع ذاتى.. يكون فيه ديمقراطية فى كل حاجة، إن أنا وانت وهى بنتعامل زى بعض، مش أنت تدخل للإدارة بطلب يجاب فوراً وأنا أروح للإدارة يقول لى «فوت علينا السنة اللى جاية».. لازم تتساوى الفرص».

حلقات من كتاب تنشره دار الشروق

«كتابنا».. مبادرة لتثقيف الشعب

القراءة للأسف من الحاجات المهملة من المجتمع وعشان كده فكرنا فى تأسيس «كتابنا» وهى حركة ثقافية للارتقاء بالقراءة.. فكرتها أن الناس تقرأ.. والميزة أنها طريقة تلزمك أن تواظب فى القراءة ويكون معاك ناس تشجعك عليها.. كمان مناقشة الكتاب.. بتساعد الواحد فى تغيير فكره.. لأن الشىء اللى بتقرأه بيوسع المدارك، وتبادل الأفكار والآراء اللى بتحصل خلال النقاش بتخلى الواحد يشوف نقاط ما كانش واخد باله منها أثناء القراءة.. وأحلى حاجة قبول الرأى الآخر وده اللى اكتشفناه. الناس مش متعوده على القراءة.. صعب أننا نقنعهم أنهم يقرءوا كتاب فى شهر.. أو حد ماعندوش وقت فى يومه أنه يقرأ كتاب.. فإحنا بنشجعهم فى الأول..

وبنخليهم يقرأوا كتب صغيرة وبعدين مع الوقت بيشدوا معانا فى قراءة الكتب الكبيرة.. وبنشجعه حتى لو ما قرأش الكتاب إنه ييجى، يسمع الكتاب بيتكلم عن إيه، وآراء الناس عنه إيه.. إحنا مؤمنين بمقولة مارك توين «الرجل الذى لا يقرأ الكتاب جيدا هو لا يفقه شيئا عن الرجل الذى لا يقرأ».. فإحنا دايما بنقول اللى مش بيقرأ كتاب، زيه زى الأمى. الأميون فى مصر 40٪ بينما نسبة الناس التى لا تقرأ غير الكتب الدراسية 88٪ من الناس اللى بتعرف تقرأ.. يعنى إحنا كده بنتكلم فى 6 ملايين من 80 مليونا هما اللى بيقرءوا..

فده طبعا شىء مؤسف!. محتاجين جمعيات ومؤسسات تتعاون مع المدارس بحيث إن الطالب لم يتخرج من المدرسة.. يكون قارئ.. إحنا عمرنا ما أخدنا القراءة على أنها متعة.. القراءة ارتبطت فى عقلنا بالمذاكرة وإنها عقاب.. مش حاجة أنا بعملها بحُب عشان مستمتع بها.


أحلام المصريين من وجع القلب لراحة البال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.