بعد إطلاق فيلم "بعد الموقعة" إخراج يسري نصر الله، وهو إنتاج مصري أوروبي مشترك، وتوارد أنباء عن بدء تصوير فيلم إنتاج مشترك آخر هو "أنا مصري" إخراج كريم إسماعيل، استشعر العديد من النقاد وصناع السينما الأمل في عودة دوران عجلة الإنتاج المشترك بين مصر وبعض الدول الأوروبية، بعد حالة من التكلس منذ رحيل يوسف شاهين. ووجد البعض في المشروع فرصة جيدة، قد تؤدي لذيوع صيت السينما المصرية في الدول الغربية، بينما حذر آخرون من سلبيات هذا التوجه.
وقالت الناقدة الفنية ماجدة خير الله: "إن عودة الإنتاج المشترك بين أوروبا ومصر، تمثل فائدة كبيرة للفيلم المصري، من حيث إمكانية التوزيع على نطاق أوسع، وفتح أسواق جديدة، ومساعدة السينما على الاستمرار دون توقف، خاصة أن أغلب شركات الإنتاج المصرية تهاب المجازفة".
واستنكرت ماجدة ردود الفعل التي تهاجم فكرة التعاون مع شريك أجنبي في الإنتاج السينمائي، بحجة أنه سيؤدي لفرض وجهة نظر الشريك الغربي على الفيلم، موضحة أنه لا تستطيع أي جهة أجنبية أن تفرض على الجانب المصري تقديم شيء لا يرغب في تقديمه.
وأضافت أن ما ينعكس في الفيلم يمثل قناعات ووجهة نظر صانعيه فكريًّا وفنيًّا، وليست الجهات الأجنبية المنتجة له، ومن يقول غير ذلك فإنه يعاني من الأوهام، خاصة أن معظم الأعمال السينمائية والدرامية المصرية تحظى بتمويل عربي دون أن يؤثر ذلك على مضمونها.
وأشارت خير الله إلى أن السينما العالمية تعتمد بشكل كبير على أسلوب الإنتاج المشترك بين أكثر من دولة، وبالتالي لا بد من العمل على زيادة فرص هذا التوجه في السينما المصرية خلال الفترة المقبلة.
وأكد المنتج كامل أبو علي، أن الإنتاج المشترك للأفلام السينمائية يحقق الانتشار للسينما المصرية في دول الشرق والغرب، كما أنه يعكس الثقة في صناعة السينما المصرية، ويزيد من ثقة الجمهور في الداخل والخارج في هذه الصناعة، لافتًا إلى أن العودة إلى الإنتاج المشترك مع أوروبا إحدى خطوات النهوض بصناعة السينما خلال الفترة المقبلة.
وطالب أبو علي شركات الإنتاج المصرية، بضرورة تحري الشفافية والثقة، واحترام التعاقدات مع شركات الإنتاج الأجنبية؛ للحفاظ على العلاقات معها من أجل إنتاج مزيد من المشاريع السينمائية المشتركة، محذرًا الشركات المصرية من اتباع أسلوب "الفهلوة" المعتاد في تعاملاتها مع الشركات العالمية.
من جانب آخر، أوضح الناقد محمود قاسم أن الشركة الفرنسية التي شاركت في إنتاج فيلم "بعد الموقعة"، يركز عملها على "الإنتاج المشترك مع شركات أخرى، وبعض القنوات الفرنسية في عمليات إنتاج بسيطة، لا تحقق مكسبًا حقيقيًّا للسينما المصرية".
وأضاف قاسم أن المكسب الحقيقي للسينما المصرية يتجلى بتعاون شركات الإنتاج المصرية مع نظيراتها العالمية، خاصة الأمريكية؛ لإنتاج عمل بتكلفة ضخمة ينقل السينما المصرية نقلة جديدة وقوية، "إذ إن الأفلام المصرية ذات الإنتاج المصري الأوروبي، التي عرضت في أوروبا، لم تستطع تحقيق إيرادات كبيرة، ولا يستمر عرضها لفترات طويلة نتيجة ضعف الإنتاج والتسويق للفيلم".
وأشار قاسم إلى أنه بشكل عام فإن الإنتاج المشترك بين طرف مصري وآخر أجنبي "أحيانًا له مساوئه، إذا تحدثنا عن المسائل السياسية، إذ إنها تقيد حرية تداوله في المهرجانات المختلفة، التي تواجه خلفيات أو تاريخًا سيئًا مع مصر، مثل إسرائيل أو غيرها من الدول". مشيرًا في الوقت نفسه، إلى أن المنتجين المصريين يمتلكون إمكانيات هائلة، وقادرون وحدهم على الاشتراك في تقديم إنتاج سينمائي قوي.