«من غير مظاهرات هنعيش منين؟».. هكذا بدأت منال، التي تبيع المياه المعدنية للمتظاهرين في ميدان التحرير كلامها، معتبرة أن المظاهرات أهم أبواب الرزق لها ولأسرتها، ومن دونها لا يوجد مكان تبيع فيه، مؤكدة أن ذلك لا يعني أنها تتمنى الفوضى للبلد، لكنها تبحث عن باب رزق، موضحة أنها في الأيام الآخرى، تبيع المناديل في إشارات المرور، لكنه غير مُجدٍ مثل البيع في أيام المظاهرات. وافقها عم محسوب، بائع الشاي، الذي قال: "إن المظاهرات هي مصدر الرزق الأساسي له ولأولاده، وأنه يأتي من منطقة المرج في أيام المظاهرات ليبيع الشاي للمتظاهرين، ويجمع قوت عدة أيام، وليس يومًا واحدًا مثلما يجمع في منطقته؛ حيث إن ما يحصل عليه في يوم بيع في الميدان يساوي أضعاف مما يكسبه في الأيام الأخرى"، مضيفًا أنه أحيانًا كثيرة يأتي للميدان في أيام الأجازات، معتبرًا أن الميدان منذ الثورة تحول إلى مزار سياحي يستطيع البيع فيه للسائحين.
وأوضح محسوب، أنه ليس مؤيدًا أو معارضًا لهذه المظاهرات، مؤكدًا أن كل من ينزل إلى الميدان لا يهمه سوى مصالحه، ولا ينظر إلى مصلحة الفقراء؛ فكل التيارات السياسية تبحث عن ذاتها فقط، على حد قوله.
أما عم محمد، بائع السجائر، فاتخذ من ميدان التحرير مقرًا دائمًا له، منذ قيام الثورة، موضحًا أن الرزق يزداد بكثرة في أيام المظاهرات؛ بسبب توافد أعداد كبيرة على الميدان.
وأشار إلى أنه تعرض للكثير من حملات الإزالة التي تضيع له بضاعته، سواء من شرطة المرافق، أو المعارك التي دارت بينهم وبين المتظاهرين سابقًا، بسبب رغبتهم في إخلاء الميدان من الباعة الجائلين، وطالب الحكومة بتوفير سوق مجمع يستطيعون فيه كسب العيش، دون التعرض للمضايقات أو الإزالة.
«المظاهرات التي كانت سببًا في قطع عيشي كانت أيضًا سببًا في أن أجد مصدر رزق آخر»، هكذا قال عم فاضل، بائع المأكولات بالميدان، الذي كان يعمل في أحد مطاعم السيدة زينب، وتم تسريحه بعد الثورة، ومن حينها أصبح يأتي دافعًا عربته من السيدة زينب إلى ميدان التحرير ليبيع إلى المتظاهرين وزائري الميدان، ليحصل على مصدر رزق بديل لراتبه الذي كان يتقاضاه قبل الثورة.