البيئة: ارتفاع درجات الحرارة ليس له علاقة بقطع الأشجار    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    قيادي بحماس: لا نعرف عدد المحتجزين الإسرائيليين الأحياء    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مباراة اليوم الجمعة    بدء المناسك ب«يوم التروية».. مشعر منى أول محطات الحج    طقس يوم التروية.. الأرصاد تحذر: الحرارة تصل 50 درجة لسكان هذه المدن (24 ساعة غليان)    ولاد رزق 3.. القاضية على قمة شباك تذاكر أفلام السينما.. بإيرادات ضخمة    صلاح عبد الله: أحمد آدم كان يريد أن يصبح مطرباً    عيد الأضحى 2024| ما حكم التبرع بثمن الأضحية للمريض المحتاج    حزب الله يبث لقطات من استهدافه مصنع بلاسان للصناعات العسكرية شمال إسرائيل    ترامب: علاقاتى مع بوتين كانت جيدة    للمسافرين.. تعرف على مواعيد القطارات خلال عيد الأضحى    تنسيق مدارس البترول 2024 بعد مرحلة الإعدادية (الشروط والأماكن)    إنبي: نحقق مكاسب مالية كبيرة من بيع اللاعبين.. وسنصعد ناشئين جدد هذا الموسم    هاني شنودة يُعلق على أزمة صفع عمرو دياب لمعجب.. ماذا قال؟    برفقة أولادها.. حنان ترك توجه رسالة لجمهورها بمناسبة عيد الأضحى (فيديو)    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكائه في مباراة سموحة وبيراميدز    "هذه أعمالهم" ماذا يفعل الحجاج في يوم التروية؟    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة قلقيلية وتداهم منازل المواطنين    الدخان وصل للسماء.. شاهد حريق هائل في منطقة الزرايب بالبراجيل    باستعلام وتنزيل PDF.. اعرف نتائج الثالث المتوسط 2024    باسل عادل: لم أدع إلى 25 يناير على الرغم من مشاركتي بها    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    حزب الله يحول شمال إسرائيل إلى جحيم ب150 صاروخا.. ماذا حدث؟ (فيديو)    مودرن فيوتشر يكشف حقيقة انتقال جوناثان نجويم للأهلي    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    «زد يسهل طريق الاحتراف».. ميسي: «رحلت عن الأهلي لعدم المشاركة»    هشام قاسم و«المصري اليوم»    الحركة الوطنية يفتتح ثلاث مقرات جديدة في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري    ننشر صور الأشقاء ضحايا حادث صحراوي المنيا    تحرير 14 محضر مخالفة فى حملة للمرور على محلات الجزارة بالقصاصين بالإسماعيلية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 14 يونيو: انتبه لخطواتك    ضبط مريض نفسى يتعدى على المارة ببنى سويف    سموحة يعلن موافقته على تطبيق نظام الدوري البلجيكي في مصر    أهم الأعمال التي يقوم بها الحاج في يوم التروية    عيد الأضحى 2024| هل على الحاج أضحية غير التي يذبحها في الحج؟    إصابة 11 شخصا بعقر كلب ضال بمطروح    صحة دمياط: تكثيف المرور على وحدات ومراكز طب الأسرة استعدادا لعيد الأضحى    بايدن يكشف العائق الأكبر أمام تنفيذ خطة وقف إطلاق النار    أماكن ذبح الأضاحي مجانا بمحافظة الإسماعيلية في عيد الأضحى 2024    جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 عمليات عسكرية بالصواريخ خلال ال 24 ساعة الماضية    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    يورو 2024| أصغر اللاعبين سنًا في بطولة الأمم الأوروبية.. «يامال» 16 عامًا يتصدر الترتيب    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة.. ومفاجآت المجموعة الاقتصادية    جامعة الدلتا تشارك في ورشة عمل حول مناهضة العنف ضد المرأة    بشرة خير.. تفاصيل الطرح الجديد لوحدات الإسكان الاجتماعي    5 أعمال للفوز بالمغفرة يوم عرفة.. تعرف عليها    بعد استشهاد العالم "ناصر صابر" .. ناعون: لا رحمة أو مروءة بإبقائه مشلولا بسجنه وإهماله طبيا    تحرك نووي أمريكي خلف الأسطول الروسي.. هل تقع الكارثة؟    رئيس "مكافحة المنشطات": لا أجد مشكلة في انتقادات بيراميدز.. وعينة رمضان صبحي غير نمطية    عماد الدين حسين يطالب بتنفيذ قرار تحديد أسعار الخبز الحر: لا يصح ترك المواطن فريسة للتجار    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية بالأسواق الجمعة 14 يونيو 2024    عماد الدين حسين: قانون التصالح بمخالفات البناء مثال على ضرورة وجود معارضة مدنية    وكيل صحة الإسماعيلية تهنئ العاملين بديوان عام المديرية بحلول عيد الأضحى المبارك    دواء جديد لإعادة نمو الأسنان تلقائيًا.. ما موعد طرحه في الأسواق؟ (فيديو)    نقيب "أطباء القاهرة" تحذر أولياء الأمور من إدمان أولادهم للمخدرات الرقمية    تراجع سعر السبيكة الذهب (مختلف الأوزان) وثبات عيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 14 يونيو 2024    محمد صلاح العزب عن أزمة مسلسله الجديد: قصة سفاح التجمع ليست ملكا لأحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تكشف وهم الشقق المدعومة فى مشروع مبارك
وهم سماسرة التجارة بإسكان محدودى الدخل

كان طرف الخيط الأول رسالة نصية على الهاتف المحمول تقول «احصل على شقة 85 مترا بمقدم 5 آلاف جنيه وقسط شهرى 500 جنيه والتقسيط على 5 سنوات بدون فوائد».

الرقم 5 الذى ملأ الرسالة كان لافتا للنظر، فمساحة الشقة مع مقدمها وقسطها وعدد السنوات تغرى أى شاب للحصول عليها فورا، وتأكيدات الشركة المعلنة بأن التسليم فورى، دفعتنا للاتصال والاستفسار عن الشروط.

فى الشركة بدت الأمور ميسرة فالآلاف الخمسة كانت كلمة السر التى فتحت كل الأبواب، فالشقة المميزة موجودة رغم الطلبات التى تنهال على مندوبى المبيعات، والموظف جاهز للذهاب معك إلى الموقع وإقناعك بالمكان حتى لو كان وسط الصحراء، وفى وقتها تظهر ورقة الدعم المالى الذى تقدمه الحكومة للحاصلين على وحدات ضمن مشروع مبارك لإسكان الشباب فتكون الضربة التى تقضى على أى مقاومة.

وقت تحرير العقد تحدث المفاجأة، عندما تتحول المبالغ البسيطة إلى خيالية فى لحظة، ويزيد ثمن الشقة المدعمة على 200 الف جنيه «لأن الدور والمنظر يتحكمان فى السعر» كما يقول الموظف، ويصبح مطلوبا من المواطن «محدود الدخل» أن يدفع ما يزيد على 3 آلاف جنيه شهريا فى شقة تبلغ مساحتها 63 مترا دعمتها الدولة بمبلغ 10 آلاف جنيه لحل أزمة الإسكان.

«الشروق» أمسكت بطرف الخيط، وسارت وراء الرسالة النصية، واستقصت عن الشقق المدعمة وشروطها، وحصلت على صورة من العقود التى باعت بها الدولة أراضيها للمستثمرين بأسعار زهيدة، ثم باعتها الشركات الخاصة للمواطن بسعر يزيد على 3 آلاف جنيه للمتر.

المدير التنفيذى للمشروع اعترف بوجود أخطاء ارتكبتها الحكومة فى العقود عندما تجاهلت تحديد سعر الوحدة، بينما اعتبر مدير المركز المصرى للحقوق الاجتماعية والاقتصادية أن هناك إهدارا متعمدا للمال العام من جانب الوزارة وتحايل على القانون من جانب الشركات.

بمظهر جديد وقف مبارك المرشح لرئاسة الجمهورية، داخل المدرسة الثانوية التى كان يدرس فيها بالمنوفية «المساعى المشكورة» يعلن عن أهم ملامح برنامجه الانتخابى.

تحقيق النهضة، ودفع مسيرة الديمقراطية، والمضى قدما بالإصلاح السياسى والاقتصادى، كانت أبرز الملامح العامة، بينما تحدث قليلا عن مشاريع ضخمة لرفع مستوى المواطن المصرى، بفرص عمل جديدة وشقق سكنية لمحدودى الدخل.




بعد نجاحه فى الانتخابات ليترأس مصر فترة خامسة، أعلنت الحكومة عن المشروع القومى للشباب والذى سمى وفق البرنامج الانتخابى للرئيس، «مشروع مبارك لاسكان الشباب».

فى الوقت الذى تم الاعلان فيه عن المشروع بدأ الشباب فى تجهيز أوراقهم للتقدم، تامر كان أحدهم، دخل على موقع هيئة المجتمعات العمرانية على الإنترنت، وبحث عن شروط الحصول على شقة.

أن يكون سن المتقدم بين 20 إلى 50 سنة، وألا يزيد دخله على 1500 جنيه فى حالة اذا كان أعزب، أو 2500 إذا كان المتقدم متزوجا، بشرط ألا يكون قد سبق له الحصول على وحدة مدعمة من وزارة الاسكان، تلك كانت الشروط المعلنة رسميا.

قرأ «ت» خريج الحقوق الشروط بعناية، ولأنه كان قد استلم عمله فى أحد الفنادق حديثا فقد انطبقت عليه شروط الدخل والسن، واستعد للتقديم.

محاولات عديدة للحصول على شقة باءت كلها بالفشل، واقتربت سنوات المشروع من الانتهاء، «فضلت احاول لغاية ما قامت الثورة، وما نجحتش ولا مرة».

«توفير المسكن المناسب والملائم للشباب ذوى الدخل المحدود بتكلفة تتناسب مع مستوى دخله»، هكذا صاغت هيئة المجتمعات العمرانية التى تولت مهمة تنفيذ المشروع بعض أهدافه، وأعلنتها وزارة الاسكان عبر موقع الهيئة الالكترونى، وحددت فى وثيقة نشرتها على الموقع أيضا شروط الحصول على شقة وفق هذا المشروع، والمساعدات التى ستقدمها الدولة للشباب.

مليار جنيه سنويا كانت قيمة الدعم الذى قدمته الدولة لتنفيذ وحدات سكنية للشباب لا تزيد مساحتها على 65 مترا، بواقع دعم يسلم للمواطن مالك الوحدة قدره 15 ألف جنيه أو 25 ألف جنيه حسب السعر الاجمالى للوحدة.

نفذت الوزارة مشروعها وفق 7 محاور، راعت فيها عند التخطيط اختلاف امكانيات المواطنين وميولهم ومستوى دخلهم. وكان المحور الثالث هو تخصيص أراضٍ بالمدن الجديدة للمستثمرين أو المحافظات لتوفير وحدات سكنية مساحتها 63 مترا مربعا.

إلى جانب الدعم المادى قامت وزارة الاسكان بمنح تلك الشركات تسهيلات عدة كان أبرزها تقسيط ثمن الأرض الذى وصل إلى 70 جنيها للمتر على 10 سنوات، بواقع 10% مقدم وفترة سماح 3 سنوات ثم تقسيط باقى المبلغ على 7 سنوات.

مسكن فاخر بسعر مناسب

«جاءتنى رسالة على هاتفى المحمول تقول تملك شقة 80 مترا بمقدم 5 آلاف جنيه فقط، وقسط شهرى ألف جنيه، وتقسيط بدون فوائد»، تشجع الشاب لحجز الشقة، واتصل على الرقم المرفق بالرسالة للاستعلام.

تفاصيل مقتضبة قدمها موظف شركة مصر ايطاليا للاستثمار العقارى عبر الهاتف، وكانت كلها تؤكد أن نظام الدفع مناسب تماما لأى شاب، بالاضافة إلى أن مميزات المشروع تطابق الاحلام.

يقوم المواطن بسداد 5 آلاف جنيه كمقدم حجز للوحدة ثم يسدد قسطا شهريا بعد استلام الوحدة وقدره 160 جنيها تتزايد بنسبة 7.5% لمدة 20 سنة، هكذا قال موقع هيئة المجتمعات العمرانية عن نظم الدفع لوحدات مشروع مبارك لإسكان الشباب الذى أطلق عليه بعد الثورة «المشروع القومى لاسكان الشباب».

لكن ثمن الشقة فى الحى الإيطالى ونظام دفعه كان مختلفا تماما، «الموظف قال لى ان سعر الشقة بيختلف حسب الموقع والمنظر اللى بتطل عليه، أما نظام الدفع فهو بالتقسيط بدون فوائد»، ولأن الوحدات المتبقية قليلة العدد، أصر الموظف أن يدفع الشاب مبلغ المقدم 5 آلاف جنيه قبل أى كلام حتى يحجز له وحدة.

خصصت وزارة الاسكان أكثر من 6 آلاف و600 فدان لعدد 141 شركة وجهة، لتوفير حوالى 300 ألف وحدة سكنية ضمن مشروع اسكان مبارك للشباب فى 14 مدينة جديدة على مستوى الجمهورية، بحسب هيئة المجتمعات العمرانية.

وكانت شركة مصر ايطاليا احدى تلك الشركات والتى خصصت لها الوزارة 4.5 فدان، بحسب العقد المبرم مع هيئة المجتمعات العمرانية، والذى حصلت «الشروق» على صورة منه، بسعر 70 جنيها للمتر، وإجمالى مليون و323 ألف جنيه، واشترطت عليها بناء وحدات سكنية بمساحة 63 مترا بنسبة لا تقل عن 50% من المساحة المبنية.

5 آلاف جنيه بدت للشاب أنها مبلغ بسيط مقابل الحصول على شقة مدعمة داخل تجمع سكنى فاخر، وهو ما أقنعه به موظف المبيعات فى الشركة، ثم بدأ الحديث عن الاقساط.

«لن يتعدى القسط الشهرى 1500 جنيه، وفى المقابل انت تسكن فى كمباوند به ناد رياضى ومدرسة ومول تجارى»، هكذا كانت الاغراءات، وحدد الموظف مع «ت» موعدا لزيارة الموقع.

مع بداية طريق أسيوط الغربى تلفت عبارات الترحيب بالعيش فى الحى الإيطالى الانتباه، ولمدة 10 دقائق تقريبا بعد الطريق الرئيسى تظهر العمارات، ترتفع لأدوار خمسة، «بعضها يطل على بحيرات صناعية، والآخر يطل على حدائق»، هكذا تقول كتيبات الدعاية للمشروع، والصور التخيلية للموقع بعد الانتهاء منه.

10% فقط من ثمن الأرض هو ما تتقاضاه الدولة من الشركة لمدة 3 سنوات، وهو ما دفعته شركة مصر ايطاليا بواقع يزيد على 760 ألف جنيه، وبقى من المبلغ أكثر من 6 ملايين جنيه تدفعها الشركة على 7 سنوات، وفقا لعقد الشركة مع هيئة المجتمعات العمرانية والذى تحتفظ «الشروق» بصورة منه.

الواقع يختلف عن الرسومات

«فى الموقع ما كانتش الشقق لسه مبنية، لكن الموظف قال لى ان تسليم الموقع كله هيكون بعد 6 شهور كحد اقصى، وده شجعنى»، زيارة للموقع أعقبتها زيارة أخرى للشركة، طلب فيها الموظف مبلغ 15 ألف جنيه ليكتمل مقدم حجز وتخصيص الوحدة، ودفع «ت» المقدم خوفا من أن تضيع الفرصة من يديه.




على صفحات إعلانات الإسكان بالصحف القومية، برزت إعلانات مشروع «دجلة جاردنز» الذى يوفر شقق للشباب، بالتعاون مع وزارة الإسكان ضمن المشروع القومى للإسكان، وفى آخر الاعلان رقم مختصر لمزيد من المعلومات.

اتصال خال من المعلومات ثم زيارة لأحد فروع الشركة الستة، يمنحك بعدها الموظف رقم هاتفه الشخصى للاتصال به لاحقا وتحديد موعد للزيارة.

وكما سارت الامور فى الحى الايطالى، تسير أيضا فى مشروع دجلة جاردنز، فالكمباوند مشابه وشروط الدفع مشابهة كذلك.

الأرض لا تزال فى مرحلة الإنشاءات الأولية والتسليم عام 2015، لكن الحجز بدأ قبل أكثر من 3 أشهر، فى وحدات لا توجد إلا على الرسومات.

محمد موظف فى العشرينيات من عمره، ترك عمله بمجلس الدولة ووصل لمكتب الشركة من أجل الاستفسار عن بعض المعلومات الخاصة بالوحدة التى حصل عليها، فهو قام بشراء شقتين فى طابقين متتالين، لكن لديه بعض الاستفسارات حول التعديل فى ديكور الشقة وغيرها من التفاصيل.

محمد الذى انتظر نحو 20 دقيقة ليبدأ حديثه مع الموظف، كان يحفظ جيدا اسعار الوحدات، بعد أن اشترى الشقة بنظام التقسيط، ورغم تأخر الشركة فى التسليم لأكثر من 3 سنوات، لكنه قرر أن ينتظر بدلا من وضع أمواله فى شركة ليست مضمونة، مستندا إلى جودة الأعمال التى أقامتها من قبل رغم تباطؤ التنفيذ.

أسعار الوحدات فى دجلة جاردنز تبدأ من 127 الف جنيه للوحدة المدفوع ثمنها بالكامل، مقسمة على دفعتين يتم دفعهما فى خلال شهر واحد، وقد يصل سعرها إلى 196 الف جنيه فى حالة السداد على 10 سنوات، بينما تتراوح الأسعار بين الفئتين باختلاف فترة السداد، بحسب صورة حصلت عليها «الشروق» من أحد عقود الشركة.

أما نظام التقسيط فهو يتراوح بين عامين يصل فيها سعر الوحدة إلى 146 الف جنيه، و155 الف على ثلاث سنوات، و164 على أربع، و181 الفا على 6 سنوات، بالإضافة إلى 5% من قيمة التعاقد تضاف عند الاستلام كمصاريف صيانة خاصة بالمبانى، ويؤكد موظف المبيعات فى الشركة أن وزارة الإسكان تقوم بتوفير دعم 10 آلاف جنيه بعد التسليم كمساهمة منها فى عملية تشطيب الشقة.

سعر البيع غير محدد

فى العقد الذى أبرمه «ت» مع شركة مصر ايطاليا بلغ سعر الشقة «البالغ مسطحها 63 مترا مربعا تقريبا ومحملا عليها مساحة 22 مترا مربعا عبارة عن حصة الوحدة من الاجزاء المشتركة للمبني»، طبقا للعقد، وكان السعر الإجمالى 204 آلاف جنيه يتم دفعها على 8 أقساط.

لم تحدد الحكومة سعر بيع المتر للمواطن الذى يشترى وحدته التابعة للمشروع ذاته لكن عن طريق شركة استثمارية، واقتصر الأمر على اشتراطات المساحة والدعم فقط، تلك الحقيقة أكدها المهندس صلاح حسن المدير التنفيذى للمشروع القومى للإسكان الذى قال إن خطأ الوزارة فى التعاقد مع الشركات الخاصة كان عدم تحديد أسعار بيع الوحدات للمواطنين من الشركات، لكن هذا الوضع تم تصحيحه بعد الثورة وحددنا حد أقصى لبيع الشقق بنظام الكاش بأقصى سعر 106 آلاف جنيه، على أن يتم ترك نظام التقسيط للعلاقة بين الشركة والمواطن».

المفارقة الثانية كانت صرف مبلغ الدعم الذى لم يتعد 10 آلاف جنيه لكل مواطن، فى حين أن المواطن نفسه الذى استحق الدعم كان قادرا على شراء شقة يقترب ثمنها من 200 ألف جنيها، وهو ما رد عليه مدير المشروع الحالى قائلا «وزارة الإسكان أوقفت صرف الدعم للمواطنين على الوحدات السكنية اعتبارا من 30 سبتمبر 2011، حيث يتم تسليم الوحدات للمواطنين دون دعم الوزارة»، مع الاخذ فى الاعتبار ان ذلك التاريخ هو الذى كان محددا لنهاية المشروع بالتزامن مع نهاية فترة رئاسة مبارك بشكل طبيعى.

أما خالد على مدير المركز المصرى للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، قال إن العقود التى أبرمتها الدولة مع الشركات بها تحايل على القانون، «لماذا لم يتم تحديد سعر بيع الوحدات فى العقود، أيا كان نظام السداد؟، خاصة أن تكلفة المتر عندما تقسم على الأدوار الخمسة المبنية تصل إلى 14 جنيها، وهو ما يعنى أن سعر متر المبانى لا يتجاوز بعد توصيل المرافق والخدمات 400 جنيه»، ألمح على إلى أن الشركات حصلت على ربح تجاوز ضعفى ثمن الوحدة تقريبا.

فى الوقت الذى زاد فيه سعر المتر الذى باعته شركة مصر ايطاليا للشباب وفق مشروع مبارك للاسكان عن 3 آلاف جنيه للمتر الواحد، اعتبرت وزارة الاسكان ان ذلك المواطن من محدودى الدخل ويستحق الدعم المادى الذى تقدمه له الحكومة، وأكده مدير المشروع عندما قال «السعر الذى باعت به الشركات يناسب محدود الدخل».

لكن خالد على رأى من وجهة نظر قانونية أن «التكلفة الفعلية للشقة الواحدة لا تتجاوز 40 الف جنيه فى أفضل الأحوال، والأسعار الموجودة فى إعلانات المشاريع لا تعتبر لمحدودى الدخل، وصرف الدعم لمواطن يدفع 3 آلاف جنيه للمتر فى شقة مساحتها 63 مترا، ثم يدفع قسطا شهريا لها يتجاوز 3 آلاف جنيه أخرى، رغم ان شروط المشروع تحتم ألا يزيد دخل الأسرة على 2500 جنيه، هو اهدار للمال العام».

وبينما اختلف توصيف محدود الدخل بين الاثنين، قال المهندس صلاح حجاب خبير الإسكان المصرى إنه لا يوجد مصطلح واضح اسمه محدود الدخل فى العالم، «لكنه يعادل تصنيف ذوى الدخول المتوسطة، وكل دولة فى العالم تعلن سنويا عن متوسط الدخل، لذوى أدنى الدخول، وذوى الدخول المتوسطة وفوق المتوسطة، لكن فى مصر لا يتم الإعلان عن ذلك ومن ثم تفتقد مشاريع الإسكان هدفها».

اعتبر حجاب أن بيع الوحدات بأسعار تفوق 100 الف جنيه بسعر الكاش لا يناسب ذوى الدخول المتوسطة، «علميا يجب ألا يدفع المواطن أكثر من 25% من دخله للإسكان حتى يستطيع أن يعيش حياة كريمة ولا تتأثر حياته»، وحمل الدولة مسئولية متابعة الأسعار التى يتم بيع الوحدات السكنية بها، «خصوصا اذا كانت ضمن مشروع قومى»، مؤكدا على دورها فى التأكد من أن الدعم يصل إلى مستحقيه.

وكان رد المدير التنفيذى للمشروع القومى للإسكان أن الوزارة لم تعد تصرف الدعم، ولكن يمكن للشركات من خلال صندوق تمويل الدعم العقارى أن تقوم بتوفير دعم للشباب، «الوزارة أصبحت تتابع العمليات الإنشائية فقط للشركات ومدى التزامها بالعقود المبرمة».

واذا كانت العقود المبرمة للشركات مع هيئة المجتمعات العمرانية، تؤكد على أن تلك الوحدات مدعمة لمحدودى الدخل، وأن مستحق الدعم فقط هو المواطن الذى لا يزيد دخله على 1500 جنيه، فقد أقر المهندس صلاح حسن بأن الشركات التى تخالف تلك الشروط تعلن عن شقق مساحتها 80 مترا، «بينما شقق المشروع القومى للإسكان مساحتها 63 مترا فقط»، على حد تعبيره، وهو ما يخالف نص التعاقد الذى تبرمه الشركات مع المواطن والذى يثبت أن مساحة الشقق المعلن عنها 63 مترا فقط، والباقى محسوب ضمن منافع العقار الذى يتراوح ما بين 22 و17 مترا، من واقع أحد العقود التى حصلت عليها «الشروق»، وتلك الشركات صرفت مبالغ الدعم من الوزارة بصورة من أصل تلك العقود.

«نص العقد بين هيئة المجتمعات العمرانية والشركات الخاصة على أن تكون الوحدات للشباب محدودى الدخل يمنحها حق سحب الأرض إذ باعت بأسعار لا تكون فى مستوى رواتبهم، لأنها فى هذه الحالة تكون خالفت روح العقد واستغلت حاجة المواطنين للوحدات السكانية وقامت برفع الأسعار»، من وجهة نظر خبير الاسكان.

الشروط التى تشابهت بين شركتى مصر ايطاليا ودجلة، كانت هى ذاتها الشروط التى قدمها مشروع «بداية» الذى بدأ مؤخرا فى الإعلان عن تنفيذ مدينة متكاملة للشباب.

«الشروق» اتصلت بالمشروع وكان سعر الوحدات يبدأ من 117 الف جنيه حتى 170 الفا، بحسب المنظر الذى تطل عليه الوحدة والدور والمميزات، قال المندوب عبر الهاتف «سيتم تسليم الوحدات بعد مدة تتراوح بين عام وثلاثة أعوام، مع اختيار طريقة التقسيط المناسبة دون فوائد، وليس هناك دعم من الحكومة».

الفرق بين الاسكان الحر الذى باعت الدولة للشركات أرضه بسعر المتر 333 جنيها، واسكان الشباب كبير، فى المساحة والتكلفة وثمن البيع النهائى، ورغم تأكيد عقود هيئة المجتمعات العمرانية مع الشركات على ان نصف مساحة الأرض يجب تخصيصها لاسكان الشباب، الا أن المهندس صلاح حسن مدير المشروع القومى للاسكان قال إن الوزارة تحاسب الشركة التى خالفت شروط التعاقد فى المساحة أو عدد الوحدات باعتبارها ضمن الاسكان الحر.

ورغم ذلك دفعت الدولة أكثر من مليار جنيه لدعم تلك الوحدات المخالفة.

حق الوزراء وحق المواطن

اتاح التعاقد بين الحكومة والشركات تدبير الأموال اللازمة لتنفيذ المشروعات، وإمكانية أن تدبرها من شركات التمويل العقارى والبنوك الوطنية لصالح المشروع القومى للإسكان، مع النص صراحة على حق الوزارة فى فسخ التعاقد من تلقاء نفسه إذ خالفت الشركة التى حصلت على الأرض بنود التعاقد.

خالد على أوضح أن الشركات الخاصة وضعت خطة تسويق قائمة على حساب نسبة التكلفة وهامش الربح وغيرها من التفاصيل، وعلى أساسها قامت بتحديد سعر الوحدة، على العكس من وزارة الإسكان التى تركت كافة التفاصيل للشركات الأمر الذى ضاع معه حق المواطن فى الحصول على مسكن بسعر مناسب.

وينص التعاقد بين الشركات والمواطن على أنه فى حالة تأخر المشترى فى سداد قيمة القسط لمدة شهر تقوم الشركة بفسخ التعاقد، وعرض الشقة للبيع على أن يتم خصم 20% من ثمنها كمصاريف إدارية، وتعويض إدارى عن الفسخ غير خاضع لرقابة القضاء، على أن يكون إعادة ثمن الشقة للمشترى بنفس الطريقة التى قام بالسداد بها على أن تبدأ الشركة فى سداد المبلغ له بعد 3 شهور من تاريخ فسخ التعاقد.

أما فى حالة طلب المشترى فسخ قيمة التعاقد فتقوم الشركة بخصم 20% من قيمة التعاقد، بينما لا يحق للمالك التنازل عنها لاخر إلا بعد سداد 10% من قيمتها للشركة، بينما تترك الشركة المواطن للتعامل مع هيئة المجتمعات العمرانية للحصول على الدعم إذ انطبقت الشروط الموجودة بالمشروع القومى عليه.

ويتضمن التعاقد أيضا سداد 10% من قيمة الشقة كصيانة لها لدى الشركة وفى حالة عدم سداده يتم فسخ التعاقد، على أن يتحمل المالك أى ضرائب أو زيادات تضاف على المشروع، وتضاف إلى الثمن الوارد فى العقد وتعد جزءا مكملا له.

وقال خالد على إن شروط التعاقد مجحفة للغاية، وأن طريقة استرداد المبلغ المالى المدفوع والفترات التى يتم الدفع عليها ستمنع المشترى من فسخ التعاقد لما يسببه ذلك من خسائر عليه وصعوبة الحصول على الأموال التى دفعها بشكل طبيعى.

وأشار إلى أن الوزارة تركت الشباب ضحية لإذعان العقود المبرمة بينه وبين الشركات التى قامت بالتنفيذ على الرغم من السهولة التى منحت بها الشركات الخاصة الأراضى، وقامت بتخفيض الأسعار لها، من أجل توفير مسكن مناسب لمحدود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.