أجمع عدد من القضاة والمستشارين، على أن محكمة النقض هي الجهة الوحيدة التي تملك حق تقرير مصير المفرج عنهم في قضية موقعة الجمل، من خلال الطعن على الحكم ببراءتهم، مؤكدين أنه لا سبيل لإعادة محاكمتهم ثانية، إذا رفض الطعن. وأكدوا أن رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي، لا يمتلك صلاحيات قانونية تمكنه من إعادة محاكمتهم، كما أنه لا يجوز محاكمتهم مرتين لأن الحكم الصادر بحقهم يعتبر حكمًا نهائيًّا، إلا إذا ظهر متهمون جدد في القضية، وتم قبول الطعن المقدم من النيابة العامة على الحكم.
وقال المستشار زكريا عبد العزيز، رئيس نادي القضاة الأسبق: «الأمر الآن في يد محكمة النقض، ولها أن تؤيد الحكم الصادر من المحكمة الجنايات، وتغلق ملف القضية إلى الأبد، أو تقبل طعن النيابة العامة وترفض الحكم، وفي هذه الحالة تتم المحاكمة من جديد، أمام دائرة أخرى».
وأضاف عبد العزيز، «في حالة قبول طعن النيابة، فمن حق هيئة المحكمة الجديدة أن تعيد التحقيق مرة أخرى في القضية، والاستماع إلى أقوال الشهود والمتهمين مرة أخرى، ومن حقها أيضًا أن تعيد تحقيقات النيابة مرة ثانية إذا رأت ذلك».
وأضاف المستشار محمد عصمت، رئيس نادي القضاة ببني سويف، «ليس من حق الرئيس محمد مرسي إعادة محاكمة المتهمين مرة ثانية، والأمر الوحيد الذي أمامه هو قبول طعن النيابة العامة على الحكم الصادر بتبرئة المتهمين»، لافتًا إلى أن «رئيس الدولة قد يلجأ إلى محاكمة ثورية يعيد بها كافة المحاكمات من جديد، في هذه الحالة نتساءل عن مدى قانونية هذه المحاكمات الثورية!».
وأكد على أن ظهور أدلة جديدة من خلال لجنة تقصي الحقائق المشكلة بقرار من رئيس الجمهورية لا تفيد القضية، وإذا كان للجنة حقائق جديدة لماذا لم تقدمها إلى المحكمة قبل النطق بالحكم، لأنه من الممكن أن تدين التقارير والحقائق المقدمة من اللجنة نفسها، لأنها تكاسلت عن أداء عملها.
وأشار إلى أن أي إجراء بشأن المحاكمة، يُعد من اختصاص النيابة العامة، لأنها جهة التحقيق الوحيدة التى من حقها توجيه الاتهام، ويتوقف عملها على قبول الطعن من عدمه.
وأوضح أن من حق النيابة العامة أن تمنع المتهمين من السفر حتى تنتهي من الإجراءات التي تقوم بها من طعن على الحكم، لأنه من الممكن أن يقبل الطعن وتعود القضية للمحكمة الجنائية من جديد، وأشار إلى أن النيابة ربما تمنع المتهمين من السفر على خلفية اعتبارات أخرى مثل الفساد السياسي والتربح وتضخم الثروة.
من جهته، أكد المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق رئيس نادي قضاة أسيوط الأسبق، أن الحكم المفاجئ قانوني بنسية 100%.
وأضاف، إن إجراءات المحاكمة تبدأ بسماع الشهود، يعقبها سماع مرافعة النيابة العامة ثم طلبات المدعين بالحق المدني ثم مرافعة الدفاع للمتهمين، ويكون الدفاع عن المتهمين هو أخر من يتحدث في الدعوى ثم تخلو المحكمة للمداولة وتقضي في الدعوى.
وأشار، إلى أنه من حق هيئة المحكمة أيضًا أن تحدد جلسة أخرى للنطق بالحكم إذا كانت الدعوى تحتاج إلى فترة أطول في المداولة بين أعضاء الدائرة، موضحًا أن ما حدث في موقعة الجمل، هو أنه بعد سماع دفاع المتهمين تم رفع الجلسة للمداولة وانتهت المحكمة إلى براءتهم، وبالتالي عليها أن تلقي بالحكم على الفور.
وأكد المستشار رفعت السيد، أن دفاع المتهمين لابد وأن يكون أخر من يتكلم، ولو حدث وسمحت المحكمة للنيابة بالتعقيب لابد وأن تعطي الحق لدفاع المتهمين في التحدث من جديد ردًا على تعقيب النيابة.
وأوضح، أنه طالما أن المحكمة تيقنت في ضميرها أن النطق بالحكم لا يحتاج إلى دراسة، واذا كانت المحكمة ترى أنه ليس هناك جديد في الدعوى سواء كان مستندًا أو تقارير طبية أو تقارير خبراء ولا شاهد رؤية، مثلما حدث في موقعة الجمل فليس هناك أية أخطاء قانونية.
وأكد المستشار رفعت السيد أن 99% من جلسات الجنايات يحكم فيها نهاية الجلسة بعد سماع الدفاع، وأقل من 1% تحجزها هيئة المحكمة إلى جلسة أخرى للنطق بالحكم.
وفيما يتعلق بحصول مرتضى منصور، المتهم العاشر في القضية على حكم البراءة، ومعه نجله أحمد وابن شقيقته وحيد صلاح الدين، رغم أنهما ظلا هاربين، قال المستشار رفعت: "إن المحكمة تحكم من خلال الأوراق والمستندات والأدلة التي تقدمها النيابة العامة، فإذا كان المتهم غائبًا ولم يسمع دفاعه، فإن المحكمة تقضي حسبما تقول الأوراق سواء بالبراءة أو الإدانة، ولا تأثير لغياب المتهم على قرار المحكمة، وأشار إلى أن هناك الكثير من القضايا وخصوصًا في المخدرات والأسلحة التي يوجد بها أخطاء إجرائية من ناحية القبض والتفتيش يقضي فيها بالبراءة رغم غيبة المتهمين"، مؤكدًا أن أحكام البراءة للغائبين أمر طبيعي، ويكشف على أن المحكمة لا تكيل بمكيالين ولا تتعاطف مع من حضر ومن لم يحضر، بينما تحكم بما وقر في يقينها واطمأن إليه وجدانها.