أستاذة اقتصاديات التعليم لإكسترا نيوز: على الطلاب البحث عن تخصصات مطلوبة بسوق العمل    وزير الصناعة يبحث مع نظيره الروسي فرص زيادة الصادرات الزراعية بين البلدين خلال المرحلة المقبلة    الرعاية الصحية: ملتقى الصحة الأفريقي أصبح منصة مصرية أفريقية دولية    فاتى مصطفى لإكسترا نيوز: نستهدف الانتقال لمرحلة صناع التكنولوجيا    نائب محافظ الوادي الجديد تبحث إنشاء خريطة زراعية رقمية للمحافظة    فؤاد السنيورة: فتح إسرائيل جبهة لبنان يهدد بقاء الدولة    إنجلترا تسقط أمام أيسلندا بهدف فى الظهور الأخير قبل يورو 2024    محمود مسلم: إدارة فلسطين بعد 7 أكتوبر تحتاج سلطة أكثر شبابا    مصدر ليلا كورة: الغرافة القطري لم يفاوض الاتحاد لضم مابولولو    شهد مصطفى تحصد ذهبية بطولة العالم للمواي تاي باليونان    مصطفى عسل ونوران جوهر يتأهلان إلى نصف نهائى بطولة بريطانيا للاسكواش    «ولاعة» تودى بحياة طفلة وتصيب جديها في الإسكندرية    على طريقة سفاح الجيزة.. زوج يقتل زوجته بطلق ناري ويضع جثتها في المطبخ    رغم ارتفاع درجات الحرارة.. أحمد سعد يبدع في حفل إحدى الجامعات | صور    إعلام إسرائيلي: وحدات احتياط بالجيش بدأت البحث عن متطوعين للقتال فى غزة    عمرو أديب: محتاجين وزير «سوبر مان»    أنغام تكشف موعد ظهورها لإحياء أضخم حفلات «موازين» | صورة    أدعية ليالي العشر من ذي الحجة.. «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى»    أحكام الأضحية.. كيفية توزيع الأُضحِيَّة وهل توزع الأحشاء والرأس    الكشف على 8095 مواطناً خلال قافلة طبية بقرية بلقطر الشرقية بالبحيرة    أخبار مصر: 4 قرارات جمهورية هامة وتكليفات رئاسية حاسمة لرئيس الحكومة الجديدة، زيادة أسعار الأدوية، أحدث قائمة بالأصناف المرتفعة في السوق    كريم محمود عبد العزيز يشارك جمهوره صورة من محور يحمل اسم والده    سعر القصدير في السوق اليوم الجمعة 7 -6-2024    أسعار الأضاحي 2024 في محافظة الشرقية.. كيلو البقري القائم يبدأ من 150 جنيها    الكرملين: لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون قطب القوة الوحيد في العالم    نقص هذا الفيتامين يتسبب في الإرهاق ومشاكل في الأعصاب    الكرملين: لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون قطب القوة الوحيد في العالم    ورش فنية بمتحف كفر الشيخ للتعرف على عادات الذبح السليمة للأضحية (صور)    تنازل عن المحضر.. المطرب أحمد جمال يتصالح مع ضحية حادث التصادم على طريق الفيوم    مصرع شاب صعقا بالكهرباء بمركز صدفا في أسيوط    إسرائيل تزعم مقتل قيادي بارز في حماس برفح الفلسطينية    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    مسؤول حماية مدنية فى السويس يقدم نصائح لتجنب حرائق الطقس شديد الحرارة    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    نتيجة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية 2024 بالاسم "هنا الرابط HERE URL"    الأمم المتحدة: شن هجمات على أهداف مدنية يجب أن يكون متناسبا    استبعاد كوبارسي مدافع برشلونة من قائمة إسبانيا في يورو 2024    أوقفوا الانتساب الموجه    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    كيف تحمي نفسك من مخاطر الفتة إذا كنت من مرضى الكوليسترول؟    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    ميسي يعترف: ذهبت إلى طبيب نفسي.. ولا أحب رؤيتي    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    "الإفتاء": صيام هذه الأيام في شهر ذي الحجة حرام شرعا    الزمالك يقترح إلغاء الدوري    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزبة أبوقرن.. عشش بجوار بيوت الله
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 09 - 2012

تسير فى أحد الشوارع بعزبة أبوقرن بمنطقة مصر القديمة، وأنت حائر لا تستطيع تحديد إن كنت فى قرية أو فى مدينة، الفوضى بادية على المبانى ما بين العشش والعمارات، الخردة فى كل مكان، فالعديد من أهل المنطقة يعملون بها، عربات الكارو والحمير يجرونها، بعض الماشية التى يتم تجهيزها للذبح، سيعرف أهل المنطقة سريعا أنك غريب عنهم.

ينادينى ولد لا يبدو أنه يتجاوز الخامسة عشر من العمر: «أتريد شيئا؟»، بدت عيناه نصف ناعستين عندما اقتربت منه، أخبرته أننى صحفى وتبادلنا الحديث، فتح علبة كرتونية بجانبه ليكشف لى عما يبيعه، أخبرنى عن أسعار الأقراص والحشيش التى يبيعها، تحدث عن أنه يتمنى أن يترك المنطقة ويتخلص من كل هذا. هذا نموذج لأحد الشباب بمنطقة عزبة أبو قرن، ولكن ليس كل أهل المنطقة يفعلون ما يفعل أو يتمنون ما يتمنى، فكل شيء فوضوى فى العزبة حتى آراء الناس ولا شىء يمكن تعميمه.

وفقا لتقرير منظمة العفو الدولية فالجهات الرسمية فى مصر تعتبر «عزبة أبوقرن» منطقة غير آمنة من الدرجة الثانية، والدرجة الثانية وفقا لتعريف «صندوق تطوير المناطق العشوائية»: «المناطق التى توجد فيها ظروف غير ملائمة للسكنى، مثل العشش أو المبانى المقامة من فضلات مواد البناء أو المبانى المتصدعة، وهو ما يتطلب «التدخل السريع». أراضى عزبة أبوقرن من المفترض أن تكون مملوكة للدولة، من سنوات عديدة تتوارد الأخبار أن المنطقة ستخضع للتطوير فى سياق تطوير منطقة الفسطاط بالكامل، هذا التطوير الذى سيستدعى بالضرورة إخلاء العديد من سكان المنطقة.

عزبة أبوقرن تقع بمكان مميز فى القاهرة فهى بالقرب من مجموعة المبانى الأثرية الدينية بمصر القديمة والتى يطلق عليها مسجد عمرو بن العاص ومجموعة الكنائس ومعبدين عزرا اليهودى فيما يطلق عليه «مجمع الأديان»، ولكن رغم ذلك فالمتابعون لوسائل الإعلام ربما لا يذكرون المنطقة سوى بالأحداث التى تمت العام الماضى من القبض على «خنوفة» الذى عرف من خلال وسائل الإعلام كبلطجى وتاجر مخدرات... تلك الأحداث التى انتهت بما قيل عن انتحاره بسجن طرة. هناك أعمال منافية للقانون تتم بالفعل فى عزبة أبوقرن كأى مكان عشوائى بل كأى مكان على الإطلاق، ولكن أن يتم تعميم ذلك على أهل المنطقة كلهم لجعل بعض متلقى الأخبار من وسائل الإعلام يشعرون بالارتياح حين يأتى وقت الإخلاء.

يقول سامح الذى يعمل بأحد مقاهى المنطقة: «المكان ممتلئ بالقمامة وفيه لصوص ومخدرات، هناك أناس طيبون ولكنهم متعبون فى عيشتهم». يرغب سامح فى أن توفر له الحكومة مكان آخر يعيش فيه، ويقول: «هناك بالفعل عائلات تريد أن تبقى لكن هؤلاء أصحاب بيوت وعمارات». ألا يخشى من عدم وجود عمل لو قامت الحكومة بتهجيره لمكان بعيد؟ يرد: «من يريد أن يأكل عيش سيأكل فى أى مكان».

ولكن الشك فى كفاءة الحكومة أمر مطروح، إذ يشير العاملون بالمقهى إلى حديقة جامع عمرو بجانب العزبة ووراء جامع عمرو بن العاص، وكيف تحولت الحديقة من «قللية» أو مكان لصناعات الفخار إلى حديقة مُهمَلة لا يدخلها أحد، لم يتم تعويض من كانوا يعملون بالقللية كما يقول حاج أسامة الذى رفع قضية ليحصل على تعويض، هذا غير كونها أوقفت عمل أناس كثيرين كما يقول عصام الذى كان «صنايعى» بالمكان، هذا الذى يجعل السكان الذين يريدون أن يرحلوا يتشككون فيما يمكن أن تصنعه بهم الحكومة. ويتردد التساؤل: هل إخلاء مثل هذا المكان سيعود بالفائدة عليهم بالفعل أم فقط سيعود بالفائدة على السلطات على حسابهم؟

قنبلة موقوتة

يتابع حسن محمد عربات الكارو التى تروح وتجىء بالخردة التى يعمل بها، ويقول: «المشكلة ليست فى مكان النومة». العاملون فى الخردة تحديدا لا يجدون معنى لأن يذهبوا لمدينة جديدة، فهناك لا يوجد لف فى شوارع ولا مخازن للخردة.

فى تقرير منظمة العفو الدولية والذى كان يتحدث عن «الإخلاء القسرى» للمناطق العشوائية، سواء كان يتم فعليا أو من المنتظر إتمامه، هذا التقرير الذى صدر عام 2011 يتحدث عن أن القانون الدولى يقول إنه ليس من المسموح أن يتم الإخلاء القسرى إلا كملاذ أخير. هذا يشبه كثيرا رؤى بعض أهل منطقة أبو قرن عن إمكانية تطوير المنطقة. يتحدث جودة، أحد شباب المنطقة، عن تجربة مواطنى زينهم الذين تم تهجيرهم مؤقتا ثم إعادتهم مرة أخرى إلى منطقتهم بعد تطويرها. ويحاول أبوعمرو، الذى يعمل بالخردة، أن يجد فائدة أخرى من حديقة جامع عمرو: «فليجعلوننا نعيش فى الحديقة حتى يطوروا المنطقة ثم نعود إلى هنا مرة أخرى».

بغير هذا الحل يبدو أنه لن يكون من السهل أن يترك أهل المنطقة أماكنهم، ويذكر بعض سكان المنطقة كيف تم تهجير بعض أهل عزبة أبوقرن فى 2001 بسبب مشكلة فى المياه الجوفية، ثم أجر أهل المنطقة الشقق التى استلموها فى منطقة مثل المثلث فى حلوان وعادوا ليعيشوا فى عزبة أبوقرن. فهى محط نظر الجهات الرسمية كمكان عشوائى، لأنها قريبة من العديد من المشاهد السياحية البارزة فى مصر، وهى أيضا محط نظر العديد من الجهات الخدمية فى القاهرة، ربما لأن موقعها سهل نسبيا الوصول إليه، هكذا يقول هشام أبوالقاسم الذى عمل فى مجال الخدمات كعضو بجمعية «علشانك يا بلدى» لمدة أربع سنوات، من 2008 إلى 2012. ولكن رغم سهولة الوصول لعزبة أبو قرن يؤكد هشام أنه ليس من السهل أن تكتسب ثقة الناس هناك. ينفى أبوالقاسم وصمة البلطجة، أو بشكل أدق يرفض أن تعمم على كل أهل عزبة أبو قرن، مشيرا إلى أن ظروفهم الصعبة هى التى قد توحى بمثل هذا التصور، مؤكدا على أنه من الأفضل أن يظل الناس فى أماكنهم مع تطوير المنطقة. ويضيف: «عندما كنا نقوم بتوعية سياسية لأهل المنطقة أثناء الانتخابات الرئاسية وجدنا أن الناس تتجه لانتخاب وجوه غير محسوبة على النظام السابق، فى حين أن لى زملاء قاموا بذلك».

محمد لطفى أحد الذين عملوا فى تقرير منظمة العفو الدولية فى منطقة عزبة أبوقرن تحديدا، يشير إلى أن عزبة أبوقرن من مناطق العشش الموجودة فى نطاق الأماكن المهددة بالإخلاء، وفقا لمشروع «القاهرة 2050» وإن كانت الحكومة لم تحدد بالضبط ما الذى تريد عمله بالمكان بعد إخلاء سكانه. ويضيف لطفى: «الحكومة لا تنظر للمواطنين هناك على أنهم شركاء لها فى تطوير المنطقة، بل تنظر إليهم على أنهم مجرمون». ويشير إلى أن السلطات تكرس لمصطلحات مثل «القنبلة الموقوتة» أو «السرطان الذى يجب استئصاله» لمثل هذه العشوائيات حتى يكون ذلك مبررا لإخلائها والتعامل الأمنى القاسى مع سكانها. ويعلق: «بغض النظر عن رأى الناس حول البقاء أو الذهاب فأنهم جميعا يتفقون على ضرورة استشارة الحكومة لهم فيما يخص عملية الإخلاء أو التطوير كذلك بالنسبة للسكن البديل وعدم خسارتهم لعملهم، وإذا تم الإخلاء فليكن بدون عنف وبرضاهم». ومن جانبها توضح سعاد نجيب إسرائيل مديرة وحدة معاينة القاهرة الكبرى بصندوق تطوير المناطق العشوائية أن الصندوق لن يستطيع أن يهجر السكان فى العزبة بدون أن تصل له أوراق رسمية من المحافظة تثبت موافقة السكان على ذلك، وتضيف أن وجهة نظر الصندوق هى أن تقام منشآت لسكان عزبة أبو قرن فى الأرض الخاوية المجاورة للعزبة، إلا أن محافظة القاهرة لم تقدم للصندوق طلبا حتى الآن بتخطيط المنطقة، على حد قولها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.