كامل الوزير من مسقط: علاقات مصر وعُمان نموذج للتكامل الاقتصادي العربي    «كوانتم إنفستمنت بي في» تزيد حصتها في شركة إيديتا للصناعات الغذائية في صفقة تبلغ قيمتها 1.26 مليار جنيه    الجيش السوداني ينفذ ضربة نوعية على تمركزات الدعم السريع جنوب كردفان    دعوى أمام محكمة أمريكية تطعن في إنهاء حماية مواطني جنوب السودان من الترحيل    روساتوم تستعرض «الحلول النووية المتقدمة» في المنتدى العربي السابع بالأردن    ترتيب المجموعة الرابعة في أمم أفريقيا 2025 بعد انتهاء الجولة الأولى    بالأسماء، 9 مفقودين ما زالوا تحت أنقاض عقار إمبابة المنهار    الأرصاد الجوية ترصد تفاصيل الظواهر الجوية المتوقعة غدا الأربعاء .. اعرف التفاصيل    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة بأكثر من يوم باليوم الواحد؟.. أمين الفتوى يجيب    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    حسام عبدالغفار: التأمين الصحي الشامل يحظى باهتمام كبير من الدولة    كيف أسهمت مؤسسات الدولة في ضمان نزاهة الانتخابات البرلمانية وتصحيح المسار    جامعة بنها الأهلية تدخل التصنيف العربي للجامعات 2025 لأول مرة    خالد الجمل: انتهاك الخصوصية فى تغطية الجنازات يخالف كل الأعراف والأديان    أبو الغيط يدعو إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرة السلام السودانية المقدمة لمجلس الأمن    غرفة العمليات الحكومية الفلسطينية تحذّر من خطورة الوضع الإنساني بقطاع غزة    المصرية للاتصالات تختار "نايس دير" لإدارة خدمات الرعاية الصحية لموظفيها    نحو منظومة صحية آمنة.. "اعتماد الرقابة الصحية" تُقر معايير وطنية لبنوك الدم    محافظ المنيا يتابع الجاهزية الطبية ويشيد بجودة الخدمات المقدمة    جامعة عين شمس تناقش مقترحات الخطط الاستثمارية للعام المالى 2026/2027    إحالة للمفتي.. الحكم علي عاطل قام بخطف طفله وهتك عرضها في البحيرة    نجوم كبار يظهرون في صور تم الكشف عنها مؤخرًا في ملفات إبستين    تعرض محمد منير لوعكة صحية ونقله للمستشفى.. اعرف التفاصيل    مؤتمر أدباء مصر يُكرم الدكتور أحمد إبراهيم الشريف تقديرا لمسيرته الإبداعية    لأول مرة تجسد شخصية أم.. لطيفة تطرح كليب «تسلملي» | فيديو    وكيل تعليم القاهرة يتفقد مدارس إدارة منشأة ناصر التعليمية    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    رمضان 2026 |خالد مرعي مخرج «المتر سمير» ل كريم محمود عبدالعزيز    رئيس "سلامة الغذاء" يستقبل نقيب الزراعيين لتعزيز التعاون المشترك    ألمانيا: إيداع سائق السيارة المتسبب حادث السير بمدينة جيسن في مصحة نفسية    لقاء جماهيري بمحافظة القليوبية.. المحافظ يحقق مطالب الأهالي ويدعم ذوي الهمم    وزير الدفاع الإسرائيلي: إسرائيل لن تنسحب أبدًا من قطاع غزة    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    حكام مباراة الثلاثاء ضمن منافسات الدوري الممتاز للكرة النسائية    محمد منير بخير.. مصادر مقربة تكشف حقيقة شائعة تعرضه لوعكة صحية    وزير الدفاع الإسرائيلي يطرح احتمال إنشاء مستوطنات في شمال غزة    ميناء دمياط يضخ 73 ألف طن واردات في يوم حيوي    وزيرة التعاون الدولي ونظيرها الأرميني يترأسان أعمال الدورة السادسة للجنة المصرية–الأرمينية المشتركة    رئيس جامعة المنوفية والمحامي العام يناقشان آفاق التعاون المجتمعي    أمم إفريقيا - مؤتمر محرز: لا أعذار.. نريد كتابة تاريخ جديد لمنتخب الجزائر    أمم إفريقيا – مؤتمر مدرب السودان: أحيانا أسمع وفاة أحد أفراد أسرة لاعب في الفريق    مودى ناصر يوقع على رغبة الانتقال للزمالك وإنبى يحدد 15 مليون جنيه لبيعه    محافظ شمال سيناء يفتتح عددا من الوحدات الصحية بمدينة بئر العبد    هذا هو موعد جنازة الماكيير الراحل محمد عبد الحميد    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    ضبط شخصين بالمنيا لاتهامهما بالنصب على المواطنين    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    أبطال وصناع "ميد تيرم" ضيوف معكم منى الشاذلي الخميس    «الصحة» توقيع مذكرة تفاهم مع «فياترس» لتطوير مجالات الرعاية النفسية    ضبط صاحب شركة بالإسكندرية لتجارته غير المشروعة بالألعاب النارية والأسلحة    الأهلي في اختبار صعب أمام المحلة بكأس الرابطة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    وزارة التعليم: أحقية المعلمين المحالين للمعاش وباقون في الخدمة بحافز التدريس    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يريد السودان؟
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 09 - 2012

عقدت بالخرطوم فى الأسبوع الماضى ندوة كان السؤال الأساسى فيها هو: ماذا يريد السودان من مصر الجديدة؟ وما لفت نظرى فيها ليس موضوعها فقط، ولكن أننى قرأت تقريرا عنها فى صحيفة «الشرق الأوسط» (يوم 9/9) فى حين لم تشر إليها الصحف المصرية، وحين سألت عن المصريين الذين شاركوا فيها، قيل لى إن أحدا لم يحضرها من الباحثين المصريين، وإن السفير المصرى بالخرطوم دعى إليها ولم يحضر. ولم يتسن لى أن أتعرف على تفاصيل ما دار فيها إلا حين التقيت قبل أيام قليلة الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل القيادى فى حزب المؤتمر الحاكم ووزير الخارجية الأسبق، وكان مع السيد الصادق المهدى رئيس حزب الأمة من بين المتحدثين الرئيسيين فى الندوة، التى دعت إليها صحيفة «الأهرام اليوم» السودانية، وقد فهمت منه أن ندوة أخرى يفترض أن تعقدها جريدة «الأهرام» القاهرية لاستكمال مناقشة الموضوع.

الخلاصة التى وقعت عليها فى الصحيفة اللندنية والتى سمعت جانبا منها من الدكتور مصطفى عثمان أعادت إلى ذهنى ندوة أخرى دعت إليها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى مصر قبل نحو ربع قرن، (فى سينة 1989). وقد اشترك فيها آنذاك 35 باحثا من أساتذة الجامعات والخبراء فى البلدين، وافتتحها الدكتور بطرس غالى الذى كان حينها وزيرا للدولة للشئون الخارجية، وقد أصدرت الندوة كتابا تضمن أعمالها جاء فى 800 صفحة، ولايزال يعد مرجعا مهما فى تحرير العلاقة بين البلدين، ان اتسمت الأبحاث فيه بالعمق والمصارحة الشجاعة، الأمر الذى لابد أن يختلف من حيث الوزن إذا قورن بالندوة الصحفية التى عقدت مؤخرا بالخرطوم. مع ذلك فقد أثار دهشتى أننى وجدت أن بعضا من الأفكار المهمة التى أثيرت منذ ربع قرن لاتزال عالقة لم يحسم أمرها حتى الآن، الأمر الذى يرجع فى الأغلب إلى بعض رواسب التاريخ، فضلا عن ان ثمة عقبات تعترض تعاون البلدين، سواء فيما خص إدارة العلاقة أو فى الإرادة السياسية الحاكمة لها. من ذلك مثلا أن رصيد الثقة وحسن الظن بين البلدين على مستوى المثقفين خاصة، يحتاج إلى تعزيز، حيث يظن البعض أن لدى المصريين نظرة دونية تجاه نظرائهم السودانيين، وبالمقابل فلدى قطاعات من المثقفين اعتقاد بأن المصريين سلبيون ومستغلون ويفتقدون الشجاعة فى مواجهة النوازل. من ذلك أيضا أن قضية السودان تعد مسألة أمنية من جانب مصر، وملفها يظل بعيدا عن متناول الأجهزة والمؤسسات السياسية. من ذلك كذلك أن الخلاف حول الحدود المشتركة المتمثل فى مثلث منطقة حلايب يعطل المصالح المشتركة بين البلدين. ولا أمل فى حل الإشكال إذا أصر كل بلد على أن حلايب جزء منه. والحل المطروح لفض التعارض أن يتحول المثلث إلى منطقة تكامل اقتصادى بين البلدين. علما بأن استمرار تعليق الموضوع يعطل افتتاح الطريق الساحلى الذى يفترض أن يصل الإسكندرية بكيب تاون فى جنوب أفريقيا. وهو مشروع حيوى واستراتيجى من هذه الناحية، ما كان له ان ينتظر طويلا. من الأمور العالقة أيضا مصير اتفاقية الحريات الأربع، المتعلقة بالدخول والعمل والتملك والإقامة التى وقعها السودان ولم توقعها مصر. الأمر الذى يعنى أن السودان يفتح أبوابه على مصاريعها للمصريين، فى حين أن مصر لا تعامل السودان بالمثل.

حدثنى الدكتور مصطفى عثمان عن دور النظام السابق فى دعم المعارضة الذى انتهى بتقسيم السودان إلى شمالى وجنوبى، وقال إن الرئيس الإريترى أسياسى أفورقى أبلغه يوما ما بأن عناصر المعارضة التى قدمت إلى إريتريا ومارست منها نشاطها ضد حكومة الخرطوم تعمل بمساندة وتمويل المخابرات المصرية. وكان هؤلاء هم الذين أطلقوا فكرة حق تقرير المصير التى انتهت باستقلال الجنوب. وفى رأيه أن تقرير المصير يطرح حين تكون الشعوب خاضعة للاحتلال، ولا محل لها حين يتعلق الأمر بالمنازعات أو الخلافات التى تحدث بين مكونات الدول المستقلة.

فى ندوة الخرطوم الأخيرة قال السيد الصادق المهدى إن الوضع المستجد فى مصر يوفر فرصة أفضل لتفاهم البلدين خصوصا فيما تعلق بالعلاقة التكاملية بينهما. وأضاف أن الفجر الجديد فى مصر يوفر رأسمال معنوى كبير لمصر والسودان، والسؤال هو فى أى حساب يوضع ذلك المال المعنوى. وتحدث البروفيسور صفوف فانوس أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم عن ضرورة تعاون المجتمع المدنى فى البلدين لأجل إزالة الحواجز النفسية بينهما. وذكر الدكتور بشير رحمة القيادى بحزب المؤتمر الشعبى أن المرحلة الانتقالية التى يمر بها البلدان لا تسمح بإقامة علاقات استراتيجية بينهما تقوم على أساس من الندية والاحترام المتبادل.

أهم ما فى الندوة الأخيرة أنها جددت الحوار حول ما هو مسكوت عليه فى علاقات البلدين واستدعت ملفات ينبغى ألا تظل عالقة بين جارين وشقيقين بينهما أوثق الروابط. بالتالى فالسؤال ليس ما الذى يريده السودان من مصر، وإنما هو ماذا يريد كل بلد من الآخر. وهو إذا كان مطروحا فى علاقة مصر بالسودان، فهو مطروح أيضا وبنفس القدر فيما يتعلق بالعلاقة مع ليبيا. الأمر الذى يستدعى ملف المثلث الذهبى فى العالم العربى الذى لم ينل حظه من الاهتمام رغم دوره الحيوى فى مستقبل المنطقة. أدرى أن مصر مشغولة ومستغرقة فى ترتيب البيت، لكننى أزعم أن أهل السودان وليبيا يجب أن يعاملوا بحسبانهم من آل البيت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.