القس دوماديوس.. قصة كاهن أغضب الكنيسة ومنعه البابا من الظهور بالإعلام    سعر الدولار اليوم والعملات العربية والأجنبية أمام الجنيه الجمعة 21 يونيو 2024    سعر البصل والطماطم والخضروات بالأسواق الجمعة 21 يونيو 2024    إصابة شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في مخيم قدورة برام الله    واشنطن تعطي الضوء الأخضر لأوكرانيا باستخدام أسلحتها ضد روسيا في أي مكان عبر الحدود    آلاف الإسرائيليين يتظاهرون مجددا ضد حكومة نتنياهو    التعادل السلبي يحسم الشوط الأول بين الأرجنتين وكندا فى افتتاح كوبا أمريكا    ساليفان وأمين حلف الناتو يبحثان زيادة إنتاج الصناعات العسكرية الغربية    هل بيتعمل حساب ل الأهلي أكثر من الزمالك؟.. عضو اتحاد الكرة يجيب (فيديو)    كوبا أمريكا 2024.. التعادل السلبي يحسم الشوط الأول بين الأرجنتين وكندا    ووكر: يجب أن نرفع القبعة للهدف الذي استقبله شباك منتخبنا إنجلترا    كاف يحسم مكان السوبر الأفريقي بين الأهلي والزمالك خلال ساعات    جلسة صلح بين الخطيب ومصطفى يونس برعاية نجم الزمالك السابق (تفاصيل)    أميرة بهي الدين: تنبأت بعدم بقاء الإخوان بالسلطة الإ عام واحد فقط    اتحاد الكرة يعلن طاقم حكام مباراتي الأهلي والزمالك في الدوري    إصابة 4 أشخاص من أسرة واحدة بتسمم غذائي في بنها    مشاجرة إمام عاشور داخل مول الشيخ زايد تشعل السوشيال ميديا.. التفاصيل الكاملة    بداية الكوبا وقمة أوروبية.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    وفاة الممثل الشهير دونالد ساذرلاند نجم فيلم "كبرياء وتحامل"، ورئيس وزراء كندا ينعاه    بلا مشقة بالغة.. هبة عوف: الاستطاعة الصحية شرط أساسي للحج    موعد مباراة الأهلي والداخلية في الدوري المصري والقناة الناقلة    بوتين: لا جديد في الاتفاق مع كوريا الشمالية ولم نغير شيئًا في السابق    إسرائيل تبلغ واشنطن استعدادها لهجوم محتمل ضد حزب الله في جنوب لبنان    باستثناء السواحل الشمالية، الأرصاد تكشف عن موجة جديدة شديدة الحرارة تضرب البلاد    الانتهاء من تفويج 10200 حاج سياحة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة    سبق اتهامه فى 18 قضية.. أمن الأقصر يضبط عنصر إجرامي شقي بحوزته 2 كيلو مخدرات    مطرانية مغاغة والعدوة للأقباط الأرثوذكس تنعى عروس المنيا وتوجه رسالة إلى خطيبها    زيلينسكي يعلن العمل على تحويل أوكرانيا إلى الطاقة الشمسية    ننشر نص خطبة اليوم الجمعة    اليوم.. العالم يحتفل باليوم العالمي للموسيقى    وزارة الأوقاف تُنظَّم برامج بهدف تعزيز الوعي الديني والعلمي والتثقيفي    تجار البشر.. ضحايا فريضة الحج أنموذجًا    طريقة عمل البان كيك، زي الجاهز وبأقل التكاليف    أنت وجنينك في خطر، تحذير شديد اللهجة للحوامل بسبب الموجة الحارة    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان التشكيل الوزاري الجديد    أسامة قابيل يكشف حقيقة وجود أعمال سحرية على عرفات    تركي آل شيخ يروج لفيلم "جوازة توكسيك"    أول رد من حسام حبيب على التسجيل الصوتي المسرب له عن شيرين    الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة الغش والتدليس للحصول على بطاقة ائتمان    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    استشاري الطاقة الكهربية: من 2014 حتى الآن مصر أصبحت محور عالمي للطاقة الكهربية    بعد فوزها بجائزة أفضل مطور عقارى بالدلتا.. دلتا كابيتال تقيم حفل تامر حسني بمناسبة عيد الأضحى    وحيد أبوه وأمه.. غرق شاب بقارب صيد أثناء عمله في أسيوط    الاحتلال يعلن اعتراض هدف جوى أطلق من لبنان    «مش بتاع ستات بس».. أحمد سعد يثير الجدل بسبب تصريحاته حول ارتداء الحلق (فيديو)    شاهد.. فرقة "أعز الناس" تشعل ستوديو منى الشاذلى بأغنية للعندليب    مصرع شخص إثر حادث مرورى بدمياط    السياحة: الانتهاء من تفويج 10200حاج سياحة من مكة إلى المدينة    أخبار × 24 ساعة.. إجراء 2.2 مليون جراحة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    تامر أمين عن وفاة الطفل «يحيى» بعد نشر صورته في الحج: «ربنا يكفينا شر العين» (فيديو)    عيار 21 يسجل رقما جديدا.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 21 يونيو بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    إزالة 11 حالة تعدي على الأراضي الزراعية ومخالفات البناء بالغربية    مصطفى بكري: مصر موقفها واضح ومع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره    ضربة الشمس القاتلة.. كيف تسببت درجات الحرارة في وفاة مئات الحجاج؟    الأقصر.. توقيع كشف طبي على المواطنين في أرمنت ضمن خدمات عيد الأضحى    إنهاء قوائم الانتظار.. إجراء مليونين و245 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو سياسة خارجية مصرية عصرية
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 09 - 2012

كان من الإفرازات الايجابية لثورة يناير 2011 اهتمام جديد من جانب المراقبين بل ومن المواطنين غير المتخصصين بمستقبل وغايات وأدوات السياسة الخارجية المصرية فى المرحلة التاريخية الجديدة التى تعبرها مصر.

وقد رأيت ألا أتناول هذا الموضوع بالمنهج التقليدى للدوائر والأولويات ،لاعتقادى أن اعتبارات العولمة والسيولة الدولية والإقليمية جنبا إلى جنب الثورة بكل ما تحمله من تغيير، قد تؤدى إلى تعارض أو تقاطع الأولويات ومن ثم أهمية تبنى منهج مرن يسمح بتعديل أو تبديل الأولويات وبالتالى ضرورة امتلاك الأدوات المؤسسية والعلمية القادرة على التعامل مع هذه الأوضاع بكفاءة وسرعة.

لذلك سوف أتناوله من منظور المستجدات الدولية والإقليمية والوطنية، ومعها المعطيات الجديدة للثورة ، وما تتطلبه من فكر جديد للسياسة الخارجية المصرية بما يتواكب مع هذه المستجدات ويستجيب لمتطلبات المصالح المصرية الحقيقية.

●●●
ومن الواضح أن السياسة الخارجية المصرية تواجه فى القرن الواحد والعشرين تحديات جسيمة تفرضها متغيرات متسارعة من أهمها تطورات غير مسبوقة فى العلم والتكنولوجيا والمعرفة، وتوازنات دولية جديدة كان من أهم نتائجها لحاق عدد من الدول النامية بالدول المتقدمة بل وتجاوزها ومن ثم بدء تعديل المعادلة الدولية ككل، تعاظم ادوار المؤسسات عبر الوطنية جنبا إلى جنب مع بزوغ ادوار مؤثرة للاعبين من غير الدول non-state actors مثل المجتمع المدنى والقطاع الخاص، وتعاظم قوة الدين السياسى وانضمامه إلى أسباب وأدوات الصراعات داخل الدول وفيما بينها، ناهيك عن تحديات وأخطار الفقر والبيئة والقرصنة، والأزمات الاقتصادية العالمية والحالية والمتوقعة للطاقة والمياه.

وتكتمل الصورة فى حالة مصر بثورة يناير 2011 التى تعد رغم آثارها الجانبية وتداعياتها المتتابعة، بداية مرحلة تاريخية جديدة تشهد تغييرا جذريا فى شكل وجوهر الحكم وثقافة حياة الشعب المصرى بصفة عامة. ويقينى رغم كل التخوفات، أن الثورة حققت أمرين أساسيين سيمارسان تأثيرهما على المستقبل، هما استرداد شعب مصر لصكوك ملكية الوطن، وغرس أسس ديمقراطية حقيقية سوف تصل، مهما طال المدى، لأن تصبح أسلوب حياة وممارسة طبيعية فى كل مناحى الحياة.

ومحصلة التطورات والتغيرات السابقة تحتم إحداث تغيير شامل فى مفهوم السياسة الخارجية، وان تتحول مما يعتبره كثيرون أنها مجرد كائن مؤسسى يختص بالعلاقات الخارجية بمعزل عن الأوضاع المحلية، إلى أداة وطنية أساسية ترتبط بالقدرات الاقتصادية والاستقرار السياسى للمجتمع يتأثر بها وتؤثر فيها، ومن ثم ضرورة أن تشارك فى صياغة الغايات والأوليات الإستراتيجية للدولة وصولا إلى رفعة المواطن باعتباره الغاية النهائية من استثمار أدوات العمل الرسمى وغير الحكومى.

●●●

من هذا المنظور هناك ثلاثة اعتبارات رئيسية أرى أن تحكم الصياغة الجديدة للسياسة الخارجية:

الأول: أن الأوضاع الاقتصادية تمثل نقطة ارتكاز أساسية للسياسة الخارجية سواء كنا نتحدث عن التنمية الوطنية أو الاندماج فى الاقتصاد العالمى، وهو ما يمكن تسميته «السياسة الخارجية الاقتصادية» أو «الذراع الاقتصادية للسياسة الخارجية». واى حديث عن سياسة خارجية فعالة دون قاعدة اقتصادية قوية هو مجرد أوهام ودغدغة لمشاعر الجماهير. وعلينا أن نستفيد من تجارب غيرنا خاصة تركيا وكذلك نمور أسيا وأمريكا اللاتينية التى حققت طفرات اقتصادية انعكست فى سياسة خارجية عصرية ساهمت فى تعظيم تواجدها الإقليمى والدولى والانتقال بالمواطن إلى آفاق معيشية كريمة، بكل ما يعينه لذلك من تدعيم الاستقرار السياسى والمجتمعى لدولها وشعوبها.

الثانى: فرضت اعتبارات التاريخ والجغرافيا والموقع أن تمتلك مصر ذخيرة كامنة من التاريخ والثقافة والحضارة والفن والإبداع والعلم، والتى مكنتها عبر حقبات مختلفة من التاريخ القديم والحديث من النفاذ إلى وجدان وفكر شعوب المحيط الاقليمى والفضاء العالمى ككل.

ويطلق على هذه العوامل « القوة الناعمة» soft power التى يمكن إذا أحسن استثمارها أن تحقق نتائج ممتدة تتجاوز فى بعض الأحيان القدرات المادية hard power. وفى تقديرى أن تقاعسنا عن استثمار تلك القوة وانكفائنا للداخل ساهم بشكل جوهرى فيما يتردد عن تراجع الدور الاقليمى لمصر، وليس محاولات الآخرين لإضعاف هذا الدور.

وفى تقديرى أن ثورة يناير تتيح أمام مصر فرصة تاريخية لنبذ عزلتها الإقليمية واستعادة شرعيتها المستحقة فى التاريخ العربى وباعتبارها العاصمة الرئيسية للربيع العربى وبكل ما تملكه من قدرات مادية وبشرية ضخمة.

الثالث: أفرزت الثورة ديمقراطية ناشئة التى رغم نواقصها وتخوفاتها، فرضت واقعا جديدا يتمثل فى أن سياسة الدولة، بما فيها السياسة الخارجية، لم تعد تدار بعدد قليل من اللاعبين السياسيين أو نخبة سياسية تسيطر على مقدرات الحكم بمعزل عن الشعب والمؤسسات. وهذا الواقع الجديد يفرض على المجتمع الدولى خاصة الدبلوماسية الغربية أن تتوقف عن الاستمرار فى الاعتماد على نخبة وان تشرع فى بناء الجسور مع المجتمع ككل الذى أصبح جزءا لا يتجزأ من العملية السياسية الاقتصادية والاجتماعية.

●●●

ختاما، فلقد فتحت الثورة أمام مصر فرصة تاريخية لكى تشق طريقها بالديمقراطية والعلم ومواردها البشرية للحاق بالقطار الخاطف للتقدم، وفق غايات وطنية يتحقق لها توافق وطنى شامل. وتحقيق هذه الغايات بشكل عملى يحتاج فكرا جديدا يحكمه العلم والديمقراطية والحكم الرشيد ومفهوم العمل المؤسسى بصفة عامة. ويحتم ذلك إحداث تغيير شامل فى مفهوم ومعايير الأداء وقواعد واضحة للشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد، وبمشاركة متكاملة بين أجهزة الدولة، بما فيها الدبلوماسية المصرية العريقة، والأحزاب والمجتمع المدنى والقطاع الخاص، ومن ثم بدء الإمساك بمفاتيح التقدم الذى يمكن أن تصل بمصر وشعبها إلى المكانة التى يستحقها تحت الشمس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.