سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أكمل الدين إحسان أوغلو أمين عام منظمة التعاون الإسلامى: الغضب من الإساءة للإسلام لا يكون بالقتل والتخريب الفيلم عمل تحريضى بمعنى الكلمة والاعتداء على السفارات الأمريكية من التداعيات الخطيرة لإساءة استخدام حرية التعبير
بينما الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى يتحدث ل«الشروق» عن حاجة الدول الإسلامية لتحديث طريقة تعاملها مع المشكلات التى تواجهها سواء على الساحة الداخلية أو الخارجية، وبينما يشير لضرورة تحرك منظم سياسى وحقوقى لمواجهة أية إساءة تصدر ضد الإسلام والمسلمين تأتى الأخبار متلاحقة حول غضبة تعم عددا من الدول الإسلامية ضد فيلم مسىء للرسول الكريم وتحول هذه الغضبة إلى مظاهرات تهاجم مقار سفارات الولاياتالمتحدة فى العديد من الدول الإسلامية وصولا إلى مقتل سفير الولاياتالمتحدة فى ليبيا. الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى أكمل الدين إحسان أوغلو لم يتردد فى أن يدين بشدة ما وصفه ب«عملية القتل المأساوية» التى راح ضحيتها السفير الأمريكى وثلاثة من موظفى القنصلية الأمريكية فى بنغازى.
أوغلو قال للشروق إن ربط العنف بالإسلام هو إهانة غير مقبولة لرسالة التسامح التى رفعها الإسلام، ولكن رفض الأمة الإسلامية لأية اساءة تصدر بحق الرسول لا يتم التعبير عنه من خلال القتل أو التخريب أو النيل من احترام المعاهدات الدولية التى تفرض احترام السفارات الأجنبية فى أراضى الدول الإسلامية وحمايتها.
إحسان أوغلو قال إن ما حدث فى ليبيا على وجه الخصوص هو «عمل شنيع لا يوجد له أى مسوغ على جميع الأصعدة». كما أعرب الأمين العام للمنظمة الإسلامية عن صدمته مما جرى فى ليبيا فقد أعلن أيضا عن قلقه العميق مما وقع فى القاهرة، مشيرا فى الوقت نفسه إلى أن العنف نشأ عن المشاعر التى أثارها إنتاج فيلم أضر بالمشاعر الدينية للمسلمين.
وقائع الهجوم على السفارات الأمريكية فى عواصم عربية اتصالا بالفيلم المسىء لرسول الإسلام هو بحسب أوغلو من التداعيات الخطيرة لإساءة استخدام حرية التعبير من قبل البعض، خصوصا أن الفيلم يمثل «عملا تحريضيا بمعنى الكلمة».
أوغلو الذى أصر على أنه «لا يمكن التغاضى عن اللجوء إلى العنف الذى أدى إلى إزهاق أرواح بريئة» دعا إلى ضبط النفس وحث مسئولى إنفاذ القانون المعنيين لاتخاذ جميع التدابير اللازمة للسيطرة على الوضع بعيدا عن سيطرة المتطرفين على الجانبين؟
وعن سوريا وقضيتها قال الأمين العام «المشكلة الحقيقية فى سوريا أنه لا يوجد توافق دولى حول ما ينبغى عمله لوقف العنف وإنهاء إراقة الدماء، فأقصى ما يذهب اليه المجتمع الدولى فى التوافق حول سوريا يتعلق بأمور يقر الجميع بعدم جدواها بالنسبة للحالة السورية، وهذا لا يكفى».
أوغلو تحدث من مقر السفارة التركية بالقاهرة للشروق عقب انتهاء العاصمة من استضافة اجتماع رباعى ضم كبار المسئولين من مصر وتركيا وايران والسعودية لمناقشة الملف السورى بناء على مباردة كان الرئيس محمد مرسى طرحها على القمة الاستثنئاية لمنظمة المؤتمر الاسلامى فى مكة أغسطس الماضى.
اجتماع القاهرة هو تمهيد للقاء وزارى يضع خطة عمل مقترحة إذا ما تم الاتفاق عليها يمكن، حسب مصادر دبلوماسية شاركت فى الاجتماع الرباعى، أن يتم تبنيها على مستوى القمة من الدول الأربعة التى تتفق حول ضرورة إنهاء العنف ووقف إراقة الدماء فى سوريا وإن كانت حتى انتهاء اجتماعات القاهرة لم تتفق على آلية محددة لذلك فى ضوء الإصرار الإيرانى على رفض إزاحة الرئيس السورى بشار الأسد الذى يواجه معارضة متصاعدة، تحولت إلى اشتباكات مسلحة مع الجيش السورى، منذ شهر مارس 2011.
أوغلو الذى لم يشارك فى الاجتماعات، وإن كان قد التقى واستمع لبعض من شارك فيها اثناء وجوده فى القاهرة فى طريقه إلى الجزائر يومى الثلاثاء والأربعاء، قال انه لم يكن منتظرا من الاجتماع الذى عقد على مستوى كبار المسئولين أن يصل بالضرورة لتصور واضح بل هو فى الأساس مهمة عمل استكشافية تهدف لتقريب وجهات النظر.
فى الوقت نفسه أكد إحسان أوغلو الذى تحدث بينما كان المبعوث الأممى العربى المكلف بالملف السورى حديثا الأخضر الإبراهيمى، الدبلوماسى الجزائرى العتيد، يلتقى مسئولين بالجامعة العربية، أن مهمة الابراهيمى، شأنها شأن مبادرة مرسى، تمثل فرصة جديدة للتوافق حول إيجاد مخرج من الأزمة السورية. «هاتان فرصتان لا يجب أن نفقدهما ويجب أن نعظم الاستفادة منهما،» بحسب ما حدد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى.
وبحسب إحسان أوغلو فإن الحل للأزمة السورية لن يتم، ولا يمكن أن يتم، بعيدا عن مائدة تفاوض سورية بالأساس لأن الخارج يمكن أن يقدم اقتراحات ويدعم أفكار ويقدم تسهيلات ولكنه لا يمكن له أن يحل محل الكيانات السورية.
ورغم أن إحسان أوغلو ليس من أنصار فرض الحلول أو الإعلان المبتور عن اتفاقات غير قابلة للتنفيذ إلا أنه يصر فى حديثه للشروق أن الوقت اصبح ثمينا جدا ليس فقط بالنسبة لسوريا ولكن ايضا بالنسبة للمنطقة بكاملها وخصوصا بالنسبة للجوار السورى المباشر.
ويتفق تقدير إحسان أوغلو مع ما تقول به العديد من المصادر الإقليمية فى هذا الشأن والتى أرجع الكثير منها قرار كل من إيران وتركيا والسعودية القبول بالمبادرة المصرية لعقد لجنة رباعية حول الأزمة السورية يأتى بالاساس من منطلق الادراك بتبعات تفاقم الوضع السورى، ليس فقط من النواحى الإنسانية ولكن أيضا من نواحية بالغة الخطورة تتعلق بالاستقرار الإقليمى وربما الانزلاق لمواجهات موسعة فى الإقليم قد تكون إثنية أو مذهبية أو ربما أبعد من ذلك وهو ما يمثل، على حسب قول احد هذه المصادر: «كارثة لا يستطيع احد فى المنطقة التحمل بتبعاتها الاقتصادية أو السياسية أو بالتأكيد العسكرية».
ولا يخفى الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى قلقا على تداعيات الأزمة السورية على الساحة اللبنانية المجاورة والمتداخلة ويقول: «بالطبع لدينا قلقا إزاء لبنان ونحن نتابع بدقة ما يجرى هناك ونأمل ألا تنزلق الأمور وأن يبقى الجميع ممسكا بأسباب الاستقرار».
ويقول إحسان أوغلو أن الوقت قد حان لكل الدول الإسلامية أن تدرك أن الزمن الآن هو زمن الكلمة فيه للشعب والقيادة فيه من اختيار الشعب «وهذا هو درس الربيع العربى الذى شهدنا فى مصر وتونس وغيرهما»، ويضيف أنه كلما كان إدراك تلك الحقيقة سريعا، كلما ساعد ذلك فى تحقيق الاستقرار فى دول منظمة التعاون الاسلامى.
وبحسب إحسان أوغلو فإن اتباع هذه المبادئ سيؤدى بالدول الإسلامية للسير فى طريق بناء الدول الديمقراطية الحديثة وهو ما يتوافق مع متطلبات العصر ومع الفهم الوسطى للإسلام الذى يدعو لانتهاج الاعتدال واتخاذ أساليب الحداثة والتطور.