وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    الموقف التنفيذي للمشروعات التنموية والخدمية بمدينة العاشر من رمضان    المرحلة الثانية من الأتوبيس الترددي BRT.. موعد التشغيل والمحطات    مقابل 92 مليون جنيه..أكت فاينانشال تزيد حصتها في بلتون القابضة إلى 4.64%    بيت الزكاة يوزِّع لحوم الأضاحي على مليون مستحق من الأولى بالرعاية    "يتحدث نيابة عن نفسه".. الخارجية الأمريكية ترفض تصريحات سفيرها لدى إسرائيل بشأن الدولة الفلسطينية    هيغسيث: الولايات المتحدة تتابع عن كثب استخدام المسيرات في النزاع بأوكرانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم إطلاق النار بمدرسة بالنمسا إلى 11 قتيلًا    حماس تستنكر استهداف طاقم مسعفين بحي التفاح في غزة    قافلة الصمود تصل إلى الزاوية الليبية في طريقها لكسر الحصار عن غزة    بمشاركة وسام أبو علي.. منتخب فلسطين يفشل في التأهل لكأس العالم 2026    "مواجهة دبلوماسية في كرة القدم".. سفيرتا أمريكا وكولومبيا تستعرضان مهارتهما ببطولة خوفو    قبول دفعة ناجحين بالصف السادس الابتدائي للالتحاق بالمدارس الرياضية بالوادي الجديد    مصرع مهندسة وإصابة 4 من أسرتها في حادث مأساوي بسوهاج    يحيى الفخراني: مفاجآت بالجملة في العرض الثالث ل"الملك لير"    شيرين رضا تحتفل بعيد ميلاد ابنتها نور    أبرزهم أسماء جلال وتارا عماد.. 20 صورة لنجمات الفن في حفل زفاف أمينة خليل    محمد حماقي ينضم لنجوم مهرجان موازين    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    دهون الكبد، الأعراض والتشخيص وطرق العلاج والوقاية    رئيس الوزراء يطالب بتكثيف الجهود للقضاء على مرض الجذام    أول تعليق من نقيب المأذونين على فيديو زواج شاب مصاب بمتلازمة داون    القبض على لص «النقل الذكى»    في أول اختبار رسمي.. انطلاقة ناجحة لاختبارات SAT في مصر مشاركة 100% للطلاب دون أي مشكلات تقنية    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    عضو مجلس الزمالك: كنت واثقًا من التتويج بالكأس    لافيينا يحتفظ بمقعده في دوري المحترفين    الهلال الأحمر: غزة تواجه كارثة صحية وخروج أكثر من 30 مستشفى عن الخدمة    هآرتس لأول مرة تتحدث عن احتمالات زوال إسرائيل في 2040    ماستانتونو ضمن قائمة ريفر بليت فى مونديال الأندية رغم اقترابه من ريال مدريد    أسر الشهداء يشكرون وزارة الداخلية ومدير إدارة العلاقات الإنسانية على رعايتهم طوال موسم الحج (صور)    كواليس عطل ChatGPT والخدمة تبلغ المستخدمين بإجراء تحقيق .. اعرف التفاصيل    ابو المجد يعلن قائمة منتخب شباب اليد استعدادًا لمونديال بولندا    وزير الخزانة الأمريكي مرشح محتمل لخلافة جيروم باول في رئاسة «الاحتياطي الفيدرالي»    خبيرة أسواق الطاقة: خطة حكومية لضمان استقرار السياسات الضريبية على المدى الطويل    اقرأ غدًا في «البوابة».. انفرادات ساخنة حول غزة والنمسا وأزمة لوس أنجلوس ومفاوضات طهران    مواعيد قطارات طنطا - الإسكندرية اليوم الثلاثاء فى الغربية    تقرير عالمي يحذر إنتر ميامي من ثلاثي الأهلي.. ويستشهد بمواجهة باتشوكا    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    لطلاب الثانوية العامة.. مراجعات نهائية مجانية لكل المواد تبدأ فى سوهاج غدا    «ملحقش يلبس بدلة الفرح».. كيف أنهى عريس الغربية حياته قبل زفافه ب48 ساعة؟    الثقافة تحتفل بعيد الأضحى بحدائق أكتوبر ضمن برنامجها بالمناطق الجديدة الآمنة    هويسن: الانتقال لريال مدريد كان رغبتي الأولى    التقويم الهجري.. سبب التسمية وموعد اعتماده    الإجازات الرسمية المقبلة في 2025.. إليك القائمة الكاملة    التضامن الاجتماعي: فريق التدخل السريع تعامل مع 561 بلاغا في مختلف المحافظات خلال شهر مايو    السعودية في مهمة صعبة أمام أستراليا لاقتناص بطاقة التأهل لمونديال 2026    مدير معهد بحوث الإرشاد الزراعي يتفقد محطة بحوث كوم امبو    ماجد الكدواني ضيف معتز التوني في برنامج فضفضت أوي..غدا    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام    مستشفى القلب بجامعة أسيوط يستقبل 1856 حالة خلال شهر    وثائق بريطانية: إثيوبيا رفضت التفاوض مع نظام مبارك بشأن مياه النيل    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    أسعار طبق البيض اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مصر أهم»
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 09 - 2012

«مصر أهم» هو اسم حملة إعلامية، تعمل حاليا فى مختلف وسائل الإعلام، لتهاجم انتشار التظاهرات والاعتصامات، التى يرى المسئولون أنها تعطل عجلة الإنتاج، يأتى فى الإعلان شاب، يوحى مظهره بالجدية والإخلاص، ليسير حاملا لعلم مصر، وسط مجموعة من المواطنين البسطاء المعتصمين على شريط للسكة الحديد، ثم ينهض المعتصمون ليسيروا خلفه، فاضين لاعتصامهم، لأنهم اقتنعوا أن مصر أهم، بينما صوت المعلق يؤكد «لو ليك حق هتاخده»! طبعا لم يوضح لنا الإعلان ما هو سبب جلوس هؤلاء المواطنين على شريط السكة الحديد؟ ولم يوضح لنا أيضا ما هو الطريق البديل، الذى يقدمه لهم لأخذ حقوقهم.

طبعا أنا أتفق أن مصر أهم، ولكنى أتساءل «مصر أهم» من ماذا بالضبط؟ هل مثلا مصر أهم من المصريين؟ أو بسؤال آخر هل مصر هى معنى هلامى مجرد منفصل عن مصالح واحتياجات ملايين المصريين، الذين يجأرون بالشكاوى، للمطالبة بأبسط حقوقهم، وعندما يفيض بهم الكيل من تجاهل المسئولين لهم، ويضطرون للتظاهر أو الاعتصام أو الإضراب، نواجههم بحملات من قبيل «مصر أهم»، التى تحمل فى ثناياها اتهاما لهم بعدم الوطنية، وعدم الالتفات لمصلحة الوطن؟ ونواجههم أيضا بقوانين، تعاقب على قطع الطرق، وبمشاريع قوانين تعد حاليا لتلزم المظاهرات بأخذ إذن مسبق وإلا وقع المتظاهرون تحت طائلة القانون.

الحقيقة أننى تعرضت مرتين لمشاكل ناجمة عن قطع الطرق بسبب اعتصام المواطنين عليها، إحداهما عندما قطع عمال مصنع الطريق الصحراوى بين القاهرة والإسكندرية لأنهم لم يصرفوا رواتبهم لمدة ثلاثة أشهر، والثانية كانت بسبب قطع طريق السكة الحديد من أهالى قرية يعانون انقطاع المياه والكهرباء، لعدد من الأيام لا أعرفها بالضبط.. السؤال هنا، هل يستطيع أحد أن يلوم عاملا لا يصرف راتبه لشهور متتالية، أو مواطنا يعيش بلا مياه ولا كهرباء لأيام متتالية، عندما يقطع الطريق ليجد من يلتفت لمعاناته؟ هل يستطيع أحد أن يلومه أو يزايد عليه بشعار مثل «مصر أهم»؟ وهل يتخيل أى ممن يدينون ظاهرة الاعتصامات والإضرابات، مدى المعاناة والإحباط واليأس الذى يشعر به المواطنون حتى يضطروا لمثل هذه الخطوة، بعد أن تبح أصواتهم باستخدام غيرها من طرق الشكوى والاحتجاج دون أن يجدوا أى استجابة؟

●●●

المشكلة أن الاتجاه الذى يشير له مشروع القانون الذى تقدمه الداخلية حاليا لرئيس الجمهورية، لإلزام المظاهرات بأخذ إذن مسبق من الداخلية، وإلا تعرض المتظاهرون للعقوبة، وتشدد هذه العقوبة فى حالة تعطيل المرور، كل ذلك يدل على أن النية تتجه لرفع عصا الأمن الغليظة ضد الاحتجاجات بدلا من مواجهة الأسباب المعروفة والمتكررة لآلاف المظاهرات والاحتجاجات، والتى تنحصر بالأغلب فى البحث عن فرصة العمل، ولقمة العيش، وكوب الماء لمدة 4 سنوات متتالية، اثنتان منها قبل الثورة واثنتان بعدها، كانت بلادنا مسرحا لأعلى معدل للإضرابات فى العالم، أهم مطلب لهذه الإضرابات المتهمة بالفئوية هو تحسين الأجور، ولم يفكر السادة المسئولون المحترمون بعد كل هذه الإضرابات فى سن وتطبيق قانون حقيقى للحد الأدنى والحد الأقصى للأجور.. ولكنهم للأسف فكروا فى الخروج علينا بحملات إعلامية من قبيل «مصر أهم» وبمحاولة لعودة المواجهة الأمنية للمطالبين بحقوقهم.. لذلك حق علينا أن نذكرهم أن أشباه هذه المحاولات قد فشلت قبل الثورة.. فهل يتوقعون نجاحها بعد الثورة؟

بالفعل أنا أتفق أن «مصر أهم» ولكنها أهم فى رأيى من جشع «اللوبى» الذى نجح لحكومات متعاقبة بعد الثورة تماما كما نجح قبل الثورة فى رفض كل ما طالبنا به من فرض ضرائب تصاعدية، ووضع حد أقصى وحد أدنى للأجور، وفرض ضرائب على أرباح البورصة، وإلزام كبار رجال الأعمال بدفع ثمن الطاقة التى تستهلكها مصانعهم، خصوصا أن إنتاج هذه المصانع يباع فى الأسواق المصرية بأعلى من السعر العالمى.. طالبنا بهذه المطالب وبغيرها، حتى تستطيع الدولة أن تمول هيكلا عادلا لأجور العاملين، وحتى يجد المواطن كوب ماء نظيفا، وسقفا يستره، ومدرسة محترمة لابنه، ومستشفى نظيفا إذا مرض... لكن يبدو للأسف أن آذان المسئولين دائما ما يصيبها الصمم تجاه مطالبنا البسيطة.

●●●

ختاما أتمنى أن يجيبنى أحد موجهى وممولى حملة «مصر أهم»، هل هم مستعدون للتنازل عن جزء من مكاسبهم الطائلة، لتأسيس مجتمع العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، الذى ثار الشعب المصرى للمطالبة به، كطريق وحيد يكفل وقف ظاهرة الاحتجاجات والإضرابات، عن طريق تلبية مطالبها العادلة؟ أم أن هذا الوعظ الأخلاقى والمزايدة الوطنية موجه فقط للمواطنين البسطاء الذين نطلب منهم أن يعيشوا، دون أجر أو دون عمل، دون صحة ودون تعليم، وأحيانا دون مياه؟ أم أن السادة المسئولين يعتمدون على قوانين تقيد الحريات التى تعد لنا، والتى تنذر بمرحلة جديدة من القمع مثل تلك التى ثرنا عليها بالأمس القريب؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.