دفع انتخاب الدكتور محمد مرسي رئيسًا لمصر كثيرًا من المحللين السياسيين الإسرائيليين إلي إعادة التفكير من جديد في موقف إسرائيل من قطاع غزة. يأتي ذلك على خلفية العلاقات الوثيقة التي تربط الرئيس مرسي ابن جماعة الإخوان المسلمين بمنظة حماس التي تسيطر على القطاع, هذه العلاقات قد يكون لها أثرها على السياسة الإسرائيلية نحو قطاع غزة وخصوصًا مسألة حرية تنقل الأفراد بين القطاع والضفة الغربية أو انتقال البضائع عبر معبر كرم أبو سالم, وذلك في محاولة لكسب ود الإدارة المصرية الجديدة.
ويمكننا القول إن هناك ثلاثة آراء متابينة يطرحها المحللون الإسرائيليون حول السياسة التي ينبغي أن تنتهجا إسرائيل مع القطاع بعد التغييرات الأخيرة التي حدثت في مصر:
الرأي الأول يدعو إلى إجراء حوار مع حماس. ويتبنى هذا الرأي شلومو بروم وهو باحث كبير في معهد أبحاث الأمن القومي, الذي كتب مقالاً بعنوان "ماذا بعد انتخاب مرسي رئيسًا لمصر"، توقع فيه أن تغير مصر نهجها تجاه غزة طالما أن الأمر لا يضر بالمصالح الإستراتيجية لمصر. لكن ما يثير خوف إسرائيل أن تؤيد الإدارة الجديدة في مصر حماس على حساب السلطة الفلسطينية.
ولذلك يدعو شلومو بروم إسرائيل إلى إعادة النظر في منظومة علاقاتها مع الفلسطينيين, ودراسة ما إذا كان عليها أن تواصل سياستها الحالية تجاه حماس, أم يدفعها الربيع العربي وتغيير السلطة في مصر إلى إجراء حوار مع حماس. ولا يشترط -وفقًا لشلومو بروم- أن يكون الحوار مع حماس حوارًا مباشرًا منذ البداية, إذ يمكن أن يتم من خلال أعمال ترسل إشارات إيجابية لحماس مثل تغيير سياسة حرية التنقل من وإلى قطاع غزة.
ويقرر الباحث الإسرائيلي أن حماس استبدلت حلفاءها الجدد مصر وقطر، وربما السعودية بحلفائها القدامى سوريا وإيران, وسوف تضطر إلى توفيق سياستها مع سياسة حلفائها الجدد, أي أنها لن تؤيد الكفاح المسلح ضد إسرائيل, ولكن ستتبنى المسار السياسي والضغط على إسرائيل.
الرأي الثاني يدعو إلى إكمال خطة الانفصال عن القطاع. ويتبنى هذا الرأي الجنرال المتقاعد في الجيش جيورا إيلاند، الذي كتب مقالاً في صحيفة يديعوت أحرونوت بعنوان "الحاجة إلى سياسة جديدة مع غزة "New Gaza policy needed"، وفي هذا المقال دعا إيلاند إلى الاعتراف بقطاع غزة كدولة مستقلة معادية لإسرائيل ومسؤولة عن إطلاق النار عليها.
وزعم إيلاند أنه لا يوجد ما يلزم إسرائيل بالتبادل التجاري مع غزة وبيع الكهرباء لها, وأن على إسرائيل أن تشترط الهدوء الأمني من أجل السماح بانتقال الأفراد من غزة إلي الضفة الغربية.
الرأي الثالث يدعو إلى وقف الفصل بين غزة والضفة. ويتبنى هذا الرأي شاؤول مشعل أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب والمتخصص في الشؤون العربية والفلسطينية، ففي مقابلة له مع إذاعة الجيش الإسرائيلي انتقد الدعوات التي صدرت في إسرائيل مؤخرًا حول استغلال التقارب بين حماس ومصر من أجل الفصل النهائي بين قطاع غزة والضفة الغربية, وقال الباحث الإسرائيلي «لن تنشأ حالة يتم فيها الفصل بين غزة والضفة بالصيغة التي نريدها, أي قطع الحبل السري بين هاتين المنطقتين الجغرافيتين أو بين الخصمين السياسيين حماس وفتح».
جدير بالذكر، أن التقرير الأخير لمنظمة مجموعة الأزمات الدولية أيد الرأي الأخير الذي طرحه شاؤول مشعل, ورأى أن اتحاد الضفة وغزة مسألة ضرورية من أجل التوصل إلي حل الدولتين.