ازدواجية فى التعامل و بحث عن مشروع جديد حماس تخلط اوراق المشروع الصهيونى.. وتعيده للمربع الاول
باسم عبدالله ابو عطايا
بعد الاحداث التى وقعت فى غزة وهروب جزء كان من القيادة الفلسطينية الى الضفة وبعد بسط سيطرة حماس على كامل التراب الفلسطينى فى القطاع، تتجهمعظم الآراء واتجاهات التفكير المعبر عنها والغير معبر علانيه نحو رغبة واضحة وقوية فى اسرائيل _ وهي بديهية بالطبع _ لجهة محاولة استغلال وتوظيف ما حصل في قطاع غزة ومن ثم في الضفة الغربية، بأفضل وحتى بأبشع طريقة وصورة ممكنة، وبما يصب في جهة المصالح والأهداف "القومية" الإسرائيلية والصهيونية الثابتة والمعروفة وفي أبسطها تفتيت وتجزئة قضية الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني ومحاولة إعادتها إلى المربع الأول، كقضية صراع عربي- إسرائيلي.
لكن لا زالت هناك ضبابية واضحه وغموض فى كيفية التعامل مع الوضع القائم فى الجبهه الفلسطينية سواء على مستوى الوضع فى الضفة او فى غزة وان كانت الامور فى غزة اكثر حسما ووضحا لدى الجانب الاسرائيليى الذى يحاول الى استثمار هذا الوضع لخدمة مصالحة واهدفه والحقيقة ان هنا جدل وتخبط وعدم وضوح فى الموقف الاسرائيلى تجاه غزة والضفه وخلاف بين القيادات السياسيه نفسهاو من جهه اخري والقيادات العسكرية والامنيه فالوضع القائم فى غزة اوجد كيانين وحكومتين واحده تعلن اسرائيل رسميا العداء لها والعمل على انهاءها واخرى فى الضفه تتعامل معها اسرائيل بعين شك وريبه .
**ضبابيه وتخبط
حتى معظم الصحف الاسرائيلية الصادرة فى الاسابيع الاخيره التى اعقبت احداث غزة كانت تحمل اراء مختلفة ومتضاربه لسياسين ومحللين وعسكرين حول الاوضاع فى غزة وباستعراض هذه الصحف فى تلك الفتره تجد مدى التابين واختلاف الرؤى حول طريقة التعامل مع غزة واحداثها فقد كتب اليكيم هعتسني مستوطن وكاتب رأي يميني متطرف فى يديعوت احرونوت بتاريخ 7-9-2007 فنحن أمام العودة الي فترة التنظيمات. التنظيم الاول هو الذراع السياسية لحركة فتح والثاني هو الذراع السياسية لحماس.
واضاف ذلك لانه حتي اذا حملت حكومة سلام فياض لقب الحكومة الفلسطينية القانونية وواصلت حكومة هنية المُقالة التمسك بلقب الحكومة الرسمية، ليس لهذين الجسمين صلاحيات سياسية حقيقية. حكومة واحدة ترتكز علي نوايا اسرائيل الطيبة، والثانية تعتمد علي قوة السلاح لمنطقة جغرافية مسدودة جيدا. الاولي ربما تريد اجراء مفاوضات سياسية، إلا أنها لا تستطيع تطبيق نتائجها، والثانية تستطيع تطبيقها إلا انها لا ترغب في التفاوض.
واضاف مستهجنا خطوات اولمرت فى تقوية ابو مازن فتح قد تحصل علي 250 سجينا والمال للرواتب، ولكن حماس في الموقع الآخر هي التي ستستقبل السجناء الهامين مقابل اطلاق جلعاد شليط. عباس سيواصل في الضفة محاولة اقناع الاسرائيليين بأنه هو وحده القادر علي دفع السلام، إلا أن شليط مثل جونستون لن يعود إلا من خلال حماس وحدها شريطة أن تواصل فرض سطوتها علي العائلات الاجرامية في غزة. حكومة فياض لا تستطيع فرض القانون في غزة حتي في ايام الهدوء الرسمية.
هذا الواقع لا يمكنه أن يبيع الخدعة المتمثلة بوجود من يدير الشؤون الفلسطينية أو أنه يمكن اقامة دولتين فلسطينيتين منفصلتين. هذه الحالة جزء مما تعيش اسرائيل من ازداوجية فى طريقة التعامل مع الوضع الفلسطينى القائم الان فى غزة وفى الضفة
**البحث عن حلول
هناك كثيرون فى اسرائيل يؤمنون الان ان لا حل مع ابو مازن وحده وانه غير قادر على فرضت سلطته على الضفة علاوة على عزة التى طرد منها هو ورجاله وقواته فقد كتب بهذا الخصوص وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق، موشيه آرنس (محسوب على التيار المركزي في اليمين تحت عنوان "من يريد دولة كهذه؟!" (أي دولة فلسطينية مستقلة في حدود العام 67) قائلاً: لقد حان الوقت لإعادة النظر في نموذج الحل القائم على "دولتين لشعبين".
ودعا آرنس بشكل لا يقبل التأويل في تتمة مقالته إلى ضرورة تخلي صناع القرار في إسرائيل عن هذا "النموذج لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني" والبحث عن حلول وبدائل أخرى لم يستثنِ منها بشكل جازم تكريس "فصل" قطاع غزة (في ضوء سيطرة "حماس" على السلطة هناك) عن الضفة الغربية وتجزئة الحل حتى ولو كانت خيارات "إعادة المنطقتين إلى وضعهما السابق لحرب حزيران 1967" مطروحة في هذه الأثناء ك "مسائل نظرية".
وأكد قائلاً إن نموذج حل الدولتين الذي "بدا حتى الآن مسألة مفروغا منها أصبح محل علامة استفهام في أعقاب أعمال العنف الأخيرة في غزة". وتساءل آرنس "هل من المتوقع حقاً أن ينجح (الرئيس) محمود عباس في فرض سلطته في يهودا السامرة وأن يجتاز التحدي الأصعب المتمثل في استعادة السلطة في غزة من أيدي حماس؟!" وختم مقاله قائلاً "حسبما تبدو الأمور الآن، من الأفضل- لإسرائيل- الشروع بالبحث عن نموذج جديد للحل".
وهنا بقصد ارنس العودة الى الحل القديم الحديث الا وهو " الحل الاردنى " او اعطاء حكم ذاتى للفلسطينين مع بقاء السيطرة الامنية والعسكرية فى الايدى الاسرائيلية الاردنية **تباين سياسى وامنى هناك تباين واضح في مواقف المستويين السياسي والأمني، وأكثر من ذلك حالة التردد و"الحيرة" التي تعتري المؤسسة العسكرية الإسرائيلية "حيال مسألة كيفية التعاطي مع الوضع غير الواضح والضبابي الناشئ- في أعقاب ما حدث في غزة - في الضفة الغربية" حسبما ذكر الخبير الأمني (يوعز هندل).. كل ذلك يحيل إلى الاستنتاج، الذي أكده العديد من الخبراء الأمنيين والمراقبين الإسرائيليين وهو أن قدرة إسرائيل على استغلال وتوظيف "الشرخ" الراهن في السياسة والجغرافيا الفلسطينيين (في الضفة والقطاع) ستبقى محدودة للغاية وعلى المدى القصير وحسب، وأن "خيار العمل الواقعي" المتاح والمرجح إسرائيلياً هو الخيار الذي سبق أن رجحه الباحث البارز في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، شلومو بروم، ومؤداه أن "إسرائيل ستفضل- في الوقت الراهن على الأقل - عدم اتخاذ قرارات ما عدا الضرورية، والتعاطي مع الوقائع وفقاً لتطوراتها في الساحة الفلسطينية".
وعلى الرغم من أن إسرائيل، وفي مقدمها المستوى السياسي والأمني لا تدعي، ا نكار ، بأن ما حصل في قطاع غزة خاصةً جاء مباغتاً لها، و متجاوزاً لحسابات وتقديرات أجهزتها الاستخبارية المتعددة، التي حذرت مراراً منذ الانسحاب الإسرائيلي الأحادي من قطاع غزة قبل نحو عامين، من احتمال سيطرة حركة "حماس" على السلطة في فما حدث في غزة قد وقع على قادة إسرائيل وجنرالاتها على حين غرة دون أن يكونوا مستعدين عملياً ومجهزين بالحلول والأجوبة الملائمة للتعامل مع الوضع الناشئ، وهو ما تدل عليه كما أسلفنا حالة التخبط والتردد فى التعاطي مع هذا الوضع الجديد .
وقد عبر عن ذلك بوضوح الانقسام والتباين الذي ظهر بوضوح بين رأس المستوى السياسي (الحكومي) وبين المستوى العسكري والمخابراتي، حين عبر الجيش وجهاز المخابرات (الشاباك)، علناً عن معارضتهما لأية خطوات أو ما وصف ب "بادرات حسن نية" قيل إن إسرائيل ستقوم بها لدعم وتعزيز السلطة الشرعية الفلسطينية ممثلة برئيسها المنتخب محمود عباس "أبو مازن".
** لاشريك
هذا التخبط وانعدام وضوح الرؤيا لدى دوائر صنع القرار في المؤسستين السياسية والأمنية، فى ضوء المقولات التي سارت عليها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خلال السنوات الأخيرة والتي تجوهرت في محاولات الهروب إلى الأمام والادعاء ب "عدم وجود شريك فلسطيني" والتي تجسد في حقيقتها عدم جدية ورغبة الإسرائيليين وقادتهم المتنفذين في التوصل إلى تسوية سلمية عادلة ودائمة مع الشعب الفلسطيني.
فهل يفهم الفسسطينيون الدرس وهل يفهم ابو مازن وحكومة فياض ان ليس لسواد عيونهم ترعاهم حكومة اولمرت عليهم ان يعودا الى دائرتهم الاولى وان يعدلوا عن فكرة الارتماء فى احضان من لا يرحمهم وينظر اليهم كطابور لا يمكن الاعتماد عليه و لا يمكن اعطاءه دولة والشواهد كثيرة فليتقوف عباس عن الانتقام لنفسه وليتوقف عن الثار لكرامته وليفكر فى فلسطين التاريخية التى ستهزم على يديه وستضيع بقرار منه وحينها لن يرحمه التاريخ ولن ترحمه الاجيال المتعاقبه .