ترامب: المصريون والقطريون سيقدمون الاقتراح النهائي لإنهاء الحرب في غزة    "بوليتيكو": الولايات المتحدة توقف بعض شحنات الصواريخ والذخائر إلى أوكرانيا    دورتموند يضرب مونتيرى بثنائية جيراسى فى 10 دقائق بمونديال الأندية.. فيديو    احتفال أبيض.. لاعبو الزمالك يشعلون أجواء زفاف محمد شحاتة    تجهيز مركب بحرى يقل غواصين للبحث عن 4 مفقودين فى غرق حفار بترول جبل الزيت    شفط مياه الأمطار بشوارع الزقازيق والمحافظ يشكر الحماية المدنية والمرور    محافظ كفرالشيخ يجري جولة ويلتقى المصطافين ويستمع لملاحظاتهم حول مشروعات التطوير    «أدونا فلوسهم وناخد كأس العالم».. تعليق مثير من أحمد بلال على مقارنات الأهلي ب الهلال    ألونسو يكشف تطورات حالة مبابي.. ويشيد بثلاثي ريال مدريد    الجرام يتخطى 5200 جنيه.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    وزير المالية فى اليوم الأول لمؤتمر التمويل من أجل التنمية بأسبانيا: لا بد من التعاون والتنسيق على كافة المستويات    محاولات في الأهلي لتسويق أوبونج وريندوف.. وتوصية بقيد لاعب إيفواري    إصابة فتاة إثر سقوطها من الطابق السادس خوفًا من عائلتها في سوهاج    عزيز الشافعي: «أنغام مش طرف في أزمة شيرين.. وكفاية جلد لنجومنا»    الصحة: 4 وفيات و22 مصابًا في حادث غرق بارجة بخليج السويس.. ونقل المصابين جواً إلى مستشفى الجونة    بكام طن الشعير؟ أسعار الأرز اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025 بأسواق الشرقية    مصادر أمريكية: إيران أجرت استعدادات لتلغيم مضيق هرمز    عراقجي: إيران تسعى للحصول على تعويضات عن أضرار هجمات أمريكا وإسرائيل    هل ينجح ترامب في تحقيق السلام؟.. تحليل شامل للوضع الراهن وتحديات وقف إطلاق النار بالقطاع.. كيف يرى المحللون تنفيذ القرار على أرض الواقع ومن يتولى السلطة؟    كورتوا: مباراة يوفنتوس لم تكن سهلة بسبب الظروف الجوية    تقرير سويدي: الفلسطيني آدم كايد يصل القاهرة خلال أسبوع للتعاقد مع الزمالك    الكشف الطبي على المتقدمين لانتخابات الشيوخ 2025 بمستشفى الفيوم العام.. صور    مسلسل حرب الجبالي الحلقة 29، حرب ينتقم لوالده ووالد ثريا في أزمة    هاني فرحات: شيرين عبد الوهاب موهبة نادرة ولن تتكرر    حالة الطقس اليوم الأربعاء، انخفاض طفيف بدرجات الحرارة وارتفاع الرطوبة    أسعار المانجو اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025، ارتفاع السكري وصديقة وانخفاض الزبدية    مقترح برلماني باستثناء المستأجر الأصلي من قانون الإيجار القديم وربط إخلاء الجيل الأول بالسكن البديل    ترامب: إسرائيل وافقت على شروط هدنة في غزة مدتها 60 يومًا.. ومصر وقطر تعملان للمساعدة في إحلال السلام بغزة    ملف يلا كورة.. تفاصيل عقد فيريرا.. رحيل ميدو.. وتأهل ريال مدريد    د.حماد عبدالله يكتب: النفخ فى قربة مخرومة !!    أنغام: محجوزة فى المستشفى بسبب أزمة صحية من 4 أيام.. ولا أحب المهاترات    هل يجوز شرعًا صيام «عاشوراء» منفردًا ؟    هاشتاج #ارحل_يا_سيسي يتفاعل على التواصل مع ذكرى الانقلاب على الشرعية    مقتل مسن طعنًا على يد نجله في الدقهلية بسبب خلافات أسرية    6 مستشفيات.. وكيل صحة الشرقية يتابع أعمال الكشف الطبي لمرشحي الشيوخ بالزقازيق    رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات: كافة الاستعدادات اللوجستية لانتخابات الشيوخ جاهزة    نشرة التوك شو| أحمد موسى يهاجم الحكومة.. والبحر المتوسط يواجه ظواهر غير مسبوقة    بدء إجراءات تسليم مجزر كفر شكر الألي للتشغيل قريبا لتوفير اللحوم الحمراء    بينهم صلاح وحجازي.. 13 صورة لنجوم كرة القدم في المصيف    بعد تصدرها التريند وخلعها الحجاب.. من هي أمل حجازي؟    4 أبراج «بتتوقع الكارثة قبل ما تحصل».. أقوياء الملاحظة إذا حذروك من شيء لا تتجاهل النصيحة    خبير عقاري يطرح 3 سيناريوهات متوقعة ل قانون الإيجار القديم    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    المجلس الأعلى للجامعات يعلن البرامج الجديدة بالجامعات الحكومية..تعرف عليها (الرابط)    إيران تدرس شراء مقاتلات صينية متطورة (تفاصيل)    وكيل صحة دمياط يتابع استعدادات الكشف الطبى على مرشحى مجلس الشيوخ    حادث غرق الحفار إد مارين 12 .. التفاصيل الكاملة    مصرع عنصر إجرامي وحبس 8 آخرين لجلبهم المخدرات وحيازة أسلحة نارية بالقليوبية    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    بالصور.. محافظ بورسعيد يشهد حفل زفاف اثنين من أبطال ذوي الهمم    مهرجان إعلام 6 اكتوبر للإنتاج الإعلامى يكرم الفنان الكبير محمد صبحي وإبداعات طلاب كليات الإعلام    وفد من وزارة الشباب يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للخماسي الحديث    البابا تواضروس يبدأ زيارة رعوية إلى الإسكندرية غدا ويلقي العظة الروحية ب«عذراء سموحة»    أحمد بنداري: 75 منظمة تقدمت لمتابعة انتخابات "الشيوخ"    هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان استقرار؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: وسعوا على أهاليكم في يوم عاشوراء كما أوصانا النبي    بدء التشغيل الرسمي لمنظومة التأمين الصحي الشامل في محافظة أسوان    «الرعاية الصحية».. 6 سنوات من الإنجاز بمنظومة التأمين الصحي الشامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الإقالة للانتقال
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 08 - 2012

قرارات الرئيس مرسى بإقالة بعض القيادات العسكرية وعلى رأسها وزير الدفاع وقائد الأركان وقائد الشرطة العسكرية ورئيس المخابرات تمثل نقلة مهمة فى تأريخ العلاقات المدنية العسكرية فى مصر، غير أنها على أهميتها لا تكفى لضمان الانتقال لأوضاع تعالج الأخطاء السياسية للماضى.

أهمية الإقالات تكمن فى أنها أولى خطوات ترسيخ السيادة المدنية فى مواجهة السلطة العسكرية التى ظلت تتحكم فى مجرى الأمور بعيدا عن إرادة الجماهير منذ نشأة الدولة الحديثة، وأمام هذه الأهمية الرمزية للحدث جاز توارى الجدل حول دوافعه، وغض الطرف عن تقليد المقالين أرفع الأوسمة، ومع ذلك فلا ينبغى صرف النظر عن بقية الإجراءات المطلوب اتخاذها لتكون الإقالات جزءا من مسار الانتقال لأوضاع سعت الثورة لإيجادها.

•••

الانتقال لأوضاع جديدة لا يمكن أن يحدث بمجرد تغيير الأفراد، وإنما لا بد معه من تغييرات هيكلية، تتناول بنية الدولة، ومؤسساتها، وقوانينها التى سمحت بنشأة واستمرار أوضاع غير مرغوبة على الأصعدة المختلفة، والقدرة على إنفاذ هذه التغييرات الهيكلية تمثل التحدى الرئيس للثورات ومساعى التغيير، وهى أصعب من إقالة بعض الأشخاص، لأنها تهدد مصالح قطاعات أوسع من رجال النظام السابق، فتكون مقاومتها أشرس، كما أنها فى غالب الأحيان تهدد مصالح متجاوزة للقطر، بعضها إقليمى وبعضها دولى، وبقدر النجاح فى إنفاذ هذه التغييرات يكون الاقتراب من الأوضاع المرجوة.

وهذه التغييرات الهيكلية تمثل فى مساعى الانتقال عنصرا مضافا للعناصر الأخرى للعدالة وليس بديلا عنها، فيضاف لمعاقبة الجناة وتعويض الضحايا بالطرق المختلفة، ومجمل هذه الإجراءات تسمى بالعدالة الانتقالية، وهى العدالة العميقة التى لا تكتفى بالنظر فى الجرائم وإنما تتجاوز ذلك للنظر فى أسباب حصولها وتمحيصها، فتكون النتيجة محاكمة النظام بالأساس لا أفراده، ومن ثم التعامل مع بعض أفراده وموظفيه خاصة من هم فى الدرجات الأدنى باعتبارهم جناة وضحايا فى ذات الوقت، الأمر الذى قد يؤدى لتخفيف العقوبة عن بعضهم، وإلغائها بالكلية عن البعض، مع بقاء المسئولية السياسية عند كبار مسئولى النظام والمتورطين فى الجنايات.

ومثل هذه الإجراءات المنظمة للانتقال لابد لإنجاحها أن تتم وفق استراتيجية شاملة، إذ بدونها تصير إجراءات كالتى اتخذها الرئيس مرسى مرضية للثوار شافية لما فى الصدور تجاه المسئولين (سياسيا على الأقل) عن مقتل المئات من غير أن تكون مجدية فى ضمان التغيير الحقيقى وغلق الباب أمام تكرار الجرائم، وتحدد هذه الاستراتيجية نطاق التغيير المبتغى، كما تبين سبل إيجاد الشروط الموضوعية لإنجاح الانتقال، التى تنبئ بها تجارب الدول التى مرت بتحولات ناجحة وفاشلة على حد سواء.

•••

أول شروط نجاح الانتقال التعرف على حقيقة الأوضاع التى كانت قائمة، والمبتغى مفارقتها، وهو ما يتم فى غالب حالات الانتقال عن طريق لجنة تحقيق مستقلة ذات صلاحيات واسعة، يتحدد نطاق عملها فى ضوء التغيير المستهدف، ويكون فى جميع الأحوال شاملا الانتهاكات الحقوقية التى ارتكبتها السلطات بحق المواطنين، من إعدام خارج نطاق القانون، واحتجاز غير قانونى، وتعذيب، واختفاء قسرى، ومنع من السفر، وغير ذلك، والكشف عن الحقيقة الكاملة فى هذه الملفات ضرورى لضمان عدم تكرارها، ولتعويض المجنى عليهم، ولمعاقبة الجناة.

وإضافة لهذا الملف، ينبغى أن تتناول استراتيجية الانتقال فى مصر ثلاثة ملفات أخرى، أولها ملف الفساد السياسى، وهو ملف تورطت فيه بعض مؤسسات الدولة مع شبكات المصالح، فتم تزوير الانتخابات، وتسميم وتفجير الأحزاب السياسية، ومنع قيام الأحزاب الجادة، وتفريغ الكثير من المؤسسات السياسية (بما فيها البرلمان والحكومة) من مضامينها السياسية، وتوجيه الإعلام على نحو يخدم هذه المقاصد، وهو أمر تورطت فيه بعض الأجهزة القضائية، والكثير من الأجهزة الأمنية، والحزب الوطنى ورجال الأعمال المحيطين به، وغيرهم، ولابد من التحرى الدقيق لما جرى، وإلا استمر خطر ارتهان نزاهة الانتخابات، وصحة الحياة السياسية بإرادة الأطراف الموجودة فى السلطة.

ثانى الملفات هو المتعلق بالفساد الاقتصادى، ويتناول ما شهدته البلاد من نهب للموارد، سواء أراضى الدولة التى بيعت بأزهد الأسعار، أو الموارد التى تسيطر عليها المؤسسة العسكرية وتديرها بأسلوب أقرب للرق أو الإقطاع، أو الغاز الذى تم تصديره بكسور من قيمته السوقية، أو القطاع العام الذى تم خصخصته لصالح «المحاسيب» بأسعار تقل عن أسعار أصوله المجردة، أو ما تم تداوله بعد الثورة من معلومات عن موارد اقتصادية أديرت بعيدا عن الرقابة وموازنة الدولة وخصصت عوائدها لصالح مؤسسة الرئاسة وأسرة الرئيس، والتعامل مع هذا الملف لا ينبغى أن يقتصر على عقاب الفاسدين، وإنما ينبغى علاج الخلل الذى سمح بمثل هذا الفساد، سواء فى القوانين، أو فى آليات الرقابة، أو فى علاقة المؤسسات بعضها ببعض.

أما ثالث الملفات فهو المتعلق بالفساد الإدارى، أو الإهمال والتراخى الذى عم مؤسسات الدولة فأدى لمقتل آلاف المصريين، غرقا فى العبارة، أو حرقا فى القطار، أو تحت أنقاض مبان منهارة، أو مسرطنين بمبيدات استوردتها الدولة، أو بعمليات إرهابية عجزت الأجهزة الأمنية المشغولة بالسياسة عن دورها المهنى عن صدها، وتحرى الحقيقة الكاملة فى هذه الملفات ينتج عنه وضع اللوائح والقوانين، وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤسسات، وإعادة هيكلة آليات التشغيل، بما يضمن كفاءة أعلى، وأداء أوفى للمهام، وخدمة أفضل للمواطن.

•••

إن إجلاء الحقيقة الكاملة فيما يتعلق بهذه الملفات الأربعة ضرورى إن رام الرئيس والموجودون فى السلطة تغييرا حقيقيا يتممون به ما بدأ بإقالة القيادات العسكرية المحسوبة على نظام مبارك، وبقدر النجاح فى إجلائها وفى العلاج الهيكلى لأخطاء الماضى تتحقق أهداف الثورة، وبغير ذلك تكون الإجراءات التى اتخذها الرئيس تطييبا للخواطر واستبدالا لنخبة بنخبة من غير تغيير أسباب الفساد والاستبداد، وأما سبيل النجاح فى هذه التغييرات المطلوبة فربما يستحق الأفراد فى مقال مستقل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.