وزارة الري: السد الإثيوبي يحبس المياه ثم يصرفها فجأة بكميات كبيرة ويهدد مجرى النيل الأزرق    إعصار "فينا" يقطع الكهرباء عن الآلاف في أستراليا (فيديو)    كير ستارمر يعلق على قضية أندرو وجيفرى أبستين.. ماذا قال؟    المصري في مهمة صعبة أمام كايزر شيفز في الكونفدرالية    الأمطار الرعدية تضرب من جديد.. تحذير لهذه الأماكن    أخبار مصر: مصر ترد عمليا على إثيوبيا، حريق بالمنطقة الصناعية بالشرقية، قرارات ضد الخليجي قاتل مسن المنصورة، حل وشيك لأرض الزمالك    حفيدة جون كينيدي تكشف إصابتها بالسرطان وتنتقد ابن عمها روبرت كينيدي    قبل انطلاق ماراثون المرحلة الثانية، تطهير وتعقيم اللجان الانتخابية بالإسماعيلية (صور)    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    استطلاع: تراجع رضا الألمان عن أداء حكومتهم إلى أدنى مستوى    وزير الخارجية ونظيره التركي يبحثان تنفيذ مخرجات اجتماع مجموعة التخطيط المشتركة    وزارة الصحة: لا توجد فيروسات مجهولة أو عالية الخطورة في مصر.. والإنفلونزا الأعلى ب 66%    وزارة الداخلية المصرية.. حضور رقمي يفرض نفسه ونجاحات ميدانية تتصدر المشهد    إرشادات القيادة الآمنة لتجنب مخاطر الشبورة    كمال أبو رية: لو عاد بي الزمن لقرأت سيناريو «عزمي وأشجان» بشكل مختلف    وزير الكهرباء: وصلنا للمراحل النهائية في مشروع الربط مع السعودية.. والطاقة المتجددة وفرت 2 جيجا    أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن.. اليوم 23 نوفمبر    تعرف على أسعار الفاكهة اليوم الأحد الموافق 23-11-2025 فى سوهاج    بصورة من الأقمار الصناعية، خبير يكشف كيف ردت مصر على إثيوبيا بقرار يعلن لأول مرة؟    تنفيذ 3199 مشروعًا ب192 قرية فى المرحلة الأولى من حياة كريمة بالمنيا    الفن اللي كان، ميادة الحناوي تتألق في حفلها ببيروت برشاقة "العشرينيات" (فيديو)    قد تشعل المنطقة بالكامل، إسرائيل تستعد لهجوم واسع النطاق على إيران ولبنان وغزة    التعهد بزيادة الأموال للدول المتضررة من تغير المناخ في قمة البرازيل    تعرف على موعد امتحانات منتصف العام الدراسى بالجامعات والمعاهد    وزير الري: مصر تتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان حقوقها المائية في نهر النيل    استشهاد 24 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة    أبرزهم الزمالك والمصري وآرسنال ضد توتنهام.. مواعيد مباريات اليوم الأحد 23 - 11- 2025 والقنوات الناقلة    فوربس: انخفاض ثروة ترامب 1.1 مليار دولار وتراجعه للمرتبة 595 في قائمة أغنياء العالم    موعد مباراة الأهلى مع الإسماعيلى فى دورى نايل    طقس اليوم.. توقعات بسقوط أمطار فى هذه المناطق وتحذير عاجل للأرصاد    برواتب مجزية وتأمينات.. «العمل» تعلن 520 وظيفة متنوعة للشباب    السيسي يعد بإنجازات جديدة (مدينة إعلام).. ومراقبون: قرار يستدعي الحجر على إهدار الذوق العام    نقيب الموسيقيين يفوض «طارق مرتضى» متحدثاً إعلامياً نيابة ًعنه    تامر عبد المنعم يفاجئ رمضان 2025 بمسلسل جديد يجمعه مع فيفي عبده ويعود للواجهة بثنائية التأليف والبطولة    حسين ياسر المحمدي: تكريم محمد صبري أقل ما نقدمه.. ووجود أبنائه في الزمالك أمر طبيعي    ثلاث جولات من الرعب.. مشاجرة تنتهي بمقتل "أبوستة" بطلق ناري في شبرا الخيمة    وكيل صحة دمياط: إحالة مسئول غرف الملفات والمتغيبين للتحقيق    الصحة: علاج مريضة ب"15 مايو التخصصي" تعاني من متلازمة نادرة تصيب شخصًا واحدًا من بين كل 36 ألفًا    صوتك أمانة.. انزل وشارك فى انتخابات مجلس النواب تحت إشراف قضائى كامل    مانيج إنجن: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أمن المعلومات في مصر    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء قائد سيارة نقل ذكي على سيدة بالقليوبية    صفحة الداخلية منصة عالمية.. كيف حققت ثاني أعلى أداء حكومي بعد البيت الأبيض؟    : ميريام "2"    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!    دولة التلاوة.. هنا في مصر يُقرأ القرآن الكريم    محافظة الجيزة تكشف تفاصيل إحلال المركبة الجديدة بديل التوك توك.. فيديو    جامعة القناة تتألق في بارالمبياد الجامعات المصرية وتحصد 9 ميداليات متنوعة    فليك: فخور بأداء برشلونة أمام أتلتيك بيلباو وسيطرتنا كانت كاملة    السعودية.. أمير الشرقية يدشن عددا من مشاريع الطرق الحيوية بالمنطقة    روسيا: لم نتلقَّ أى رد من واشنطن حول تصريحات ترامب عن التجارب النووية    المتحدث باسم الصحة: الإنفلونزا A الأكثر انتشارا.. وشدة الأعراض بسبب غياب المناعة منذ كورونا    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    بث مباشر الآن.. مباراة ليفربول ونوتنغهام فورست في الجولة 12 من الدوري الإنجليزي 2026    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا مفر من انتفاضة ثالثة
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 06 - 2012

فى وقت سابق من هذا الشهر، وفى لقاء خاص مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبعض مستشاريه الأمنيين، حذرت مجموعة من خبراء الشرق الأوسط وضباط المخابرات السابقين من قرب اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة. وقالوا إن الموقف يمكن أن ينفجر بتخريب مسجد على يد مستوطنين إسرائيليين، مثل ذلك الذى أحرق الثلاثاء قبل الماضى؛ أو بناء مستوطنة سكنية جديدة. وأيا ما كان الفتيل، فإن السبب الضمنى للاحتقان الذى تشهده الضفة الغربية يتمثل فى الإجماع على أن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وصل إلى طريق مسدود.

●●●

وتقوم استراتيجية عباس السياسية على مبدأ يرى أن التعاون الأمنى بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية يجعل إسرائيل تشعر بأنها أكثر أمنا ويلغى مبررها للاستمرار فى احتلال الضفة الغربية، ويمهد الطريق من ثم لقيام دولة فلسطينية. ومن المثير للسخرية أن كثيرا من الإسرائيليين يتمتعون، بفضل نجاح جهوده، بترف نسيان وجود الاحتلال نسيانا تاما.

وبفضل السلام الممول من الأمريكيين والأوروبيين تمكنت حكومة السيد عباس من الاستمرار فى الضفة الغربية، ووصل الإسرائيليون كذلك إلى الاعتقاد بأن بإمكانهم أن يستأثروا بكعكتهم. وقال أغلبية المشاركين فى استطلاع أجرى فى وقت سابق من هذا العام إن دولتهم يمكن أن تظل يهودية وديمقراطية دون التخلى عن أى جزء من الضفة الغربية. وسمحت أعوام من السلام والهدوء فى تل أبيب بخروج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع الصيف الماضى للاحتجاج على ارتفاع أسعار الجبن، والإيجارات ودور الحضانة دون كلمة واحدة عن الفلسطينيين فى الضفة الغربية.

ولم تعد المسألة من بين اهتمامات إسرائيل الأمنية الأساسية. ولن يكون أمام السيد نتنياهو إلا الانتحار سياسيا أو التحلى استثنائيا بنظرة مستقبلية للابتعاد عن الوضع القائم الذى يرضى أغلبية كبيرة على ما يبدو.

●●●

فى المقابل، يرى الفلسطينيون قيادتهم اليوم وهى تخبط رأسها فى الحائط، على أمل أن يؤدى المزيد من حسن السلوك إلى قيام دولة مستقلة. ونتيجة لذلك، انتهى الجدل الذى ثار طويلا حول كيفية تحقيق التحرر الوطنى بالتهدئة مع إسرائيل أو مواجهتها. فلم يعد الفلسطينيون من كل الأطياف يتحدثون عن جعل الاحتلال الإسرائيلى أكثر كلفة أم لا، بل الحديث الآن عن كيف يتحقق ذلك. وخلال تسعينيات القرن الماضى، كان السيد عباس من المهندسين الأساسيين لعملية أوسلو للسلام التى وضعت التصور لاحتمال أن يؤدى انسحاب إسرائيلى على مراحل من الضفة الغربية إلى اتفاق للسلام الدائم (وإن كان من غير الضرورى قيام دولة فلسطينية). واليوم، ربما كان هو الوحيد الباقى على هذا الاعتقاد. وهو مضطر لتملق مطالب أولئك المطالبين بالمواجهة بتكرار تعهده بمواجهة إسرائيل بتفكيك السلطة الإسرائيلية أو رفض التفاوض إلا إذا جمدت إسرائيل بناء المستوطنات لا لشىء إلا ليتراجع عنها.

ومع اتساع الفجوة بين تصريحات الرئيس وأفعاله، اتسعت كذلك الفجوة بين سياساته ومشاعر الجماهير، وأدت إلى لجوء الحكومة إلى مزيد من القمع: تعذيب المعارضين السياسيين، إغلاق المواقع الإلكترونية والقبض على الصحفيين والمدونين الذين ينتقدون عباس. حتى المستشارين المقربين من السيد عباس يعترفون سرا بأنه معرض لأن يتحول إلى أنطوان لحد، قائد القوة المفوضة من إسرائيل أثناء احتلالها لجنوب لبنان، آخر. وقد اعترف المسئول الأول عن سياسات عباس، رئيس الوزراء غير المنتخب، سلام فياض، بما صار عليه الموقف بقوله: «أعتقد أننا سنخسر القضية، إن لم نكن قد خسرناها بالفعل». وصرح عباس نفسه بأن عملية السلام «أصابها العطب» وأن كل ما فعلته حكومته هو «تحسين وضع إسرائيل»، وأن هذه الأخيرة، التى حظيت بسنوات من التعاون غير المسبوق مع القوات الفلسطينية فى الضفة الغربية، ليس هناك ما يضطرها إلى الموافقة على أى تغيير.

لكن ليس لدى قوات الأمن الفلسطينية ما يدفعها للاعتقاد، هذه الأيام، بأن جهودها يمكن أن تخدم الأهداف الوطنية، ولا يمكن لإسرائيل أن تفترض أن السلطة الفلسطينية يمكنها تحقيق الأمن الدائم. والشهر الماضى، ومع عودة إطلاق النار إلى شوارع جنين، ودخول 1600 سجين فلسطينى فى إضراب عن الطعام للأسبوع الرابع، قال السيد عباس «لا يمكننى السيطرة على الموقف. إننى أخشى، لا سمح الله، أن ينهار نظام الأمن». ونجد صدى لهذا الشعور فى ملاحظات يوفال ديسكين، رئيس الأمن الإسرائيلى المتقاعد، عندما قال: «عندما تتركز أبخرة الغاز فى الجو بهذه الكثافة، فالسؤال الوحيد الذى يطرح نفسه هو متى ستأتى الشرارة التى تشعله».

●●●

إن السبب الجذرى لهذه الحالة من عدم الاستقرار هو أن الفلسطينيين فقدوا أى أمل فى أن تمنحهم إسرائيل دولة. وكل محاولة من جانب الفلسطينيين لاستخدام القليل الذى يملكونه من إمكانيات إما تفشل أو يثبت عدم جدواها. فمقاطعة العمل فى المستوطنات وكذلك منتجاتها لم تحظ بدعم جماهيرى، ولن توقف تنامى المستوطنات.

فى ظل هذا التعثر وفقدان الأمل يكون الخيار الثانى المطروح هو المواجهة المسلحة. وعلى الرغم من اللا مبالاة السائدة بين الفلسطينيين، واعتماد مئات الآلاف ماليا على استمرار وجود السلطة الفلسطينية، فإن هناك عددا كبيرا يمكن أن يرحب بالتصعيد، خاصة الكثير من مؤيدى حماس، الذين يرون أن العنف كان الوسيلة الأكثر فاعلية لإجبار إسرائيل والمجتمع الدولى على التحرك.

فهم يعتقدون أن الصواريخ وقذائف المولوتوف والاحتجاجات الجماهيرية هى التى دفعت إسرائيل للتوقيع على اتفاقيات أوسلو فى عام 1993، وأن الضربات المميتة التى تلقتها القوات الإسرائيلية فى لبنان هى التى اضطرت إسرائيل للانسحاب فى عام 2000، وأن الدماء التى سالت أثناء الانتفاضة الثانية هى التى جعلت جورج بوش يعلن تأييده للدولة الفلسطينية وحثت المجتمع الدولى على تقديم مبادرة السلام العربية، ومبادرة جنيف، وخارطة الطريق لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط. كما أنهم على قناعة بأن السلاح هو الذى اضطر آرييل شارون، رئيس الوزراء حينها، إلى إجلاء المستوطنين والقوات من غزة فى 2005.

وبالنسبة للزعماء الفلسطينيين الأكثر تشددا، الذين لم يؤمنوا أبدا بعملية السلام، كان الدرس واضحا، كما أخبرنى موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسى لمنظمة حماس: «لن يتحرر شبر واحد من الأرض طالما شعر الإسرائيليون بأن السيطرة عليها لن تكلفهم الكثير». ويرى ماتى شتاينبرج، كبير مستشارى قيادات الأمن الإسرائيليين السابق، فى السيد عباس أكثر القيادات الفلسطينية التى عرفها التزاما ورفضا للعنف ويحذر من التسليم بما يقول. وقال ماتى إن «الوسط فى إسرائيل يدور فى حلقة مفرغة، ويرى من غير الممكن تحقيق السلام فى ظل العنف، وعندما يختفى العنف لن يكون هناك سبب لإقرار السلام».

●●●

وسيذكر التاريخ للسيد عباس أنه تولى الحكم فى أكثر مراحل هذه الحلقة طهارة، لكنه مهد الطريق لمرحلة أكثر قبحا. فى غضون ذلك، لا تقف حماس مكتوفة اليدين. وقد أخبرنى باسم نعيم، وزير صحة حماس، عندما قابلته فى غزة نوفمبر الماضى أنه «كان أمام إسرائيل فرصة ذهبية لتوقيع معاهدة مع عباس. لكن الفرصة فاتت بالفعل. ولن تتاح لها مرة أخرى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.