يبدو أننا نعيش فى زمن الانفلات، أولا انفلات أمنى واضح وضوح الشمس ثم انفلات اعلامى كما يرى عدد كبير من الخبراء والمهتمين وانفلات رياضى راح ضحيته أكثر من 70 شابا مصريا والآن نحن على موعد مع ظاهرة الانفلات الاعلانى التى انتشرت بفضل القنوات الفضائية التى تتوسع وتظهر كل يوم، الإعلانات الجديدة التى تجدها على هذه القنوات تخطت كل الحدود، وتلاحق الذين يتابعون هذه القنوات بكثافة تشعر منها أنها لشركات كبرى ولكن حقيقة الأمر أن تواضع المقابل المادى لهذه الإعلانات هو ما يجعلها تنتشر وبقوة، أغلب هذه الإعلانات تعرض لمنتجات صحية وطبية، فمن ظاهرة اللاصقة العجيبة التى تشفى من كل الأمراض الى ظاهرة الدهانات التى تقلل الآلم وحتى المنشطات الجنسية التى يمكن أن تحدث بلا حرج فيها خاصة أن الإعلان عنها تخطى أى حدود للحرج وربما الأدب، والغريب ان الاعلانات عن هذه المنشطات اصبح صريحا ودون اية تلميحات كما كان يحدث فى إعلانات الكبسولات والأدوية قديما فهذه المرة يمكن أن ترى إعلانا يستمر لأكثر من خمس دقائق كاملة يفند ويوضح فوائد هذه المنشطات دون أى حرج، والغريب أن هذه النوعية من الأدوية إن جاز التعبير لها اشكال عديدة وإن كانت جميعها تعتمد على من يعانون من مشكلات صحية وعدم القدرة على استمرار الحياة الزوجية بصورة طبيعية! وتعتمد أيضا على اسلوب مباشر وصريح وأحيانا بجح إضافة إلى اعتمادها على تقنيات إخراجية متواضعة تؤكد أن الذين يهدفون لانتشار منتجاتهم لا يريدون إعلانا له طبيعة فنية بقدر ما يريدون إعلانا رخيصا لا يكلفهم شيئا فهم يعتمدون على شريحة مرئية غاية فى الفقر تم تصويرها بدون أية اهتمام مصاحب لها تعليق صوتى واحد تقريبا مع كل الإعلانات التى يبدو أنها تنتمى إلى مستورد واحد لكل هذه الادوية والمواد وحتى الأجهزة التى تعتبر منشطات وعلاجا للقصور الصحى والجسدى والجنسى والذى تشعر وانت تشاهد كل هذه الإعلانات أنها أصابت شريحة كبيرة من المصريين! ومن الإعلانات الطبية إلى إعلانات المفروشات ومستلزمات المطبخ والتى اتخذت اشكالا متعددة وكلها تفتقد للذوق والتذوق الفنى وهى أيضا إعلانات فقيرة إنتاجيا وإن كانت بدأت تشق طريقها إلى القنوات الكبيرة المشهورة، والتى ربما بسبب الكساد الاقتصادى ارتضت بقبول الإعلانات الرخيصة.
آخر هذه الهوجة من فوضى الإعلانات وإن كان له شكل فنى مختلف إلا أن له ايضا نفس المواصفات الخاصة بقلة الأدب وهى لماركة ملابس داخلية جديدة ترفع شعار «ملابس لكل الأوضاع» وهى أقل صراحة من إعلانات مناديل التقوية والمنشطات الجنسية إذ إنهم يلعبون على التورية بين ارتداء الملابس الداخلية فى أوضاع حركية مثل ركوب الخيل مثلا وهو إعلان بدأ كالعادة فى القنوات التى ترحب بأى نوع من الإعلانات دون أية ضوابط أخلاقية ونخشى أن يتحول هو الآخر إلى القنوات الكبيرة ويبدو أن اللجنة الجديدة لضوابط الإعلان أمامها مهام كثيرة من وضع ضوابط إعلامية وضوابط إعلانية أيضا.