رئيس حزب الوفد يوافق على تقرير تعديل قانون نقابة المهن الرياضية    الزراعة" تعلن خطة شاملة لتنمية التجمعات البدوية بالوديان.. توزيع 100 طن تقاوي شعير و33 ألف شتلة زيتون "بالمجان" لدعم مزارعي سيدي براني والسلوم بمرسى مطروح    مصر تواصل تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة إلى قطاع غزة.. "إكسترا نيوز" ترصد التفاصيل    شاهد.. مواجهة حاسمة بين مالي وزامبيا في انطلاق كأس أمم إفريقيا 2025    تباين أداء مؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات اليوم الإثنين    اتحاد المهن الطبية: 30 ديسمبر آخر موعد للاشتراك في مشروع العلاج    الاتحاد الأوروبي عن تعيين ترامب مبعوثا لجرينلاند: الحفاظ على سلامة الدنمارك وسيادتها أمر أساسي    وزير الاتصالات: زيادة الصادرات الرقمية 124% خلال 7 أعوام إلى 7.4 مليار دولار    المشدد 6 سنوات لمشرف جودة بتهمة حيازة مخدرات في القليوبية    مسلسلات رمضان 2026، خلافات بين أحمد داوود وميرنا جميل في هذا العمل    نائب محافظ الفيوم ومساعد وزير البيئة يفتتحان المركز البيئي المجتمعي بقرية شكشوك    مدرسة حسن عبد العزيز بمعصرة صاوي بالفيوم تقف دقيقة حدادا على روح تلميذين ضحايا حادث الإقليمي    أعياد رأس السنة تشعل أسعار الخضار.. مفاجآت في سوق العبور    رئيس جامعة طنطا يعلن إطلاق تطبيق رقمي جديد لتطوير منظومة عمل الإدارة الطبية    اقتربت من نهايتها .. مفاوضات الأهلي مع يوسف بلعمري مستمرة وهناك اتفاق على الخطوط العريضة مع إدارة الرجاء    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    بعد قليل.. أمين «البحوث الإسلامية» يشهد مراسم صلح في خصومة ثأريَّة بالأقصر    من هو قائد الجيش الباكستاني عاصم منير الذي مٌنح وسام الملك عبدالعزيز الرفيع؟    مجلس الوزراء يوضح حقيقة نقص أدوية البرد والأمراض المزمنة    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي الجيزة القاهرة    مواعيد مباريات اليوم.. مصر مع زيمبابوى في أمم أفريقيا ونهائى كأس السوبر الإيطالي    الهلال يخشى صحوة الشارقة في دوري أبطال آسيا النخبة    موعد مباراة بيراميدز ومسار في كأس مصر.. والقنوات الناقلة    الحضري: مجموعة مصر صعبة.. والشناوي الأنسب لحراسة مرمى المنتخب    رئيس شباب الشيوخ يستعرض تفاصيل تعديلات قانون المهن الرياضية    كامل الوزير يلتقى وزير التجارة والصناعة فى عمان    جيفرى إبستين.. العدل الأمريكية تدافع عن النشر الجزئى وعودة صورة ترامب المحذوفة    الداخلية تفتتح قسمًا جديدًا للجوازات داخل مول بالإسكندرية    البيت الأبيض يكشف عن الأموال التي حصلتها أمريكا من الرسوم الجمركية    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    المتحف القومي للحضارة يحتفي باليوم العالمي للغة العربية    شعبة الملابس الجاهزة تكشف ارتفاع الصادرات بأكثر من 21% منذ بداية 2025    روائح رمضان تقترب    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    نائب وزير الصحة والسكان يعقد اجتماعاً مع وفد رفيع المستوى من دولة ليبيا    مجلس قصر العينى يناقش سياسات تحديد ضوابط حجز الحالات ونطاق تقديم الخدمات    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    مصر تواصل جهودها المكثفة لاستجلاء موقف المواطنين المصريين المفقودين في ليبيا    الحكومة النيجيرية تعلن تحرير 130 تلميذا مختطفا    جريمة 7 الصبح.. قاتل صديقه بالإسكندرية: نفذت صباحا حتى لا يشعر أحد بالواقعة    تفاصيل المشروعات المزمع افتتاحها بالتزامن مع احتفالات العيد القومي لبورسعيد    اليوم .. ذكرى رحيل "كونتيسة المسرح" سناء جميل بعد رحلة فنية مميزة    ألمانيا تعلن تسجيل أكثر من 1000 حالة تحليق مشبوهة للمسيرات فى 2025 .. وتصاعد المخاوف الأمنية    شديد البرودة.. «الأرصاد» تكشف تفاصيل طقس اليوم    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    كأس الأمم الإفريقية| اليوم.. جنوب إفريقيا تفتتح مشوارها أمام أنجولا ضمن مجموعة مصر    بعد ارتفاعها 116%.. رئيس شعبة المعادن الثمينة يحذر من انكسار سريع لأسعار الفضة وينصح بالذهب    اليوم .. الإدارية العليا تفصل فى 48 طعنا على نتيجة 30 دائرة ملغاة بانتخابات النواب    بحضور أبطاله.. انطلاق العرض الخاص لفيلم «خريطة رأس السنة» في أجواء احتفالية    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    «المهن التمثيلية» تكشف تطورات الحالة الصحية للفنان إدوارد    مصرع طفلة متأثرة بإصابتها، ارتفاع عدد مصابي حادث تصادم طريق المنصورة بالدقهلية    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    تامر النحاس: سعر حامد حمدان لن يقل عن 50 مليونا وصعب ديانج يروح بيراميدز    بدون تدخل جراحى.. استخراج 34 مسمارا من معدة مريضة بمستشفى كفر الشيخ العام    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرنامج الغائب
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 07 - 2011

«هنومة»، نجمتنا القديرة، هند رستم، حسب اسمها فى رائعة يوسف شاهين «باب الحديد»، تبيع زجاجات الكازوزة فى قطارات محطة مصر. فاتنة، نشيطة، ذكية، خفيفة الظل، تريد أن تأكل عيشها بعمل حلال، لكن الشرطة تطاردها، تجرى وراءها، من رصيف لرصيف، وبين القضبان، وهى، تدافع عن رأسمالها المتمثل فى دلو وحيد، بكل قواها. وحين تخفى ضابط الشرطة، أنور وجدى، فى «ريا وسكينة» لصلاح أبوسيف، كى يعرف سر العصابة الموغلة فى الشر والجريمة، ارتدى الجلباب والجاكتة، وأخذ يبيع السجائر التى وضعها على طاولة يحملها فوق كفه. فاتن حمامة، الرقيقة، باعت أوراق اليانصيب فى «عائشة» لجمال مدكور.
فريد شوقى، البطل الشعبى، ملك الترسو، الهارب من فقر قريته، يصل للقاهرة، يبيع البطيخ جائلا فى الشوارع، لحساب الطاغية الصغير توفيق الدقن، فى «الفتوة» لصلاح أبوسيف. وأخيرا، يكاد محمد سعد فى «اللمبى» لوائل إحسان أن يوفق فى مهنته كبائع للكبدة، لكن البلدية، مدججة بالشرطة، تصادر عربته.
الباعة الجائلون، ولو على استحياء، وعلى نحو هامشى، اعترفت بهم السينما المصرية، الأمر الذى يحسب لها. لكن قنواتنا التليفزيونية تجاهلتهم، وصحافتنا استنكرتهم، فبينما لم نسمع لهم صوتا فى طوفان البرامج، لا نقرأ فى الجرائد إلا عن نجاح أجهزة الأمن فى طردهم من هذا المكان أو ذاك.. وتتوالى أخبار المواجهات، العنيفة غالبا، بينهم والثوار فى ميدان التحرير.. هكذا، كأن الباعة وأستغفر الله مجرد موبقات يجب التخلص منها، أو ميكروبات وجراثيم، يستحسن إبادتها. لكن، فى المقابل، بعزيمة من حديد، أثبت الباعة حضورهم الممتد، عبر التاريخ والجغرافيا، ما أن يطاردوا، ويقبض عليهم فى فترة معينة، ويتم تحرير مناطق، خاصة ذات الطابع الارستقراطى، منهم، حتى يظهروا من جديد.. وفى كل مرة، يشتد ساعدهم عما كانوا عليه، وأصبحوا الآن، على استعداد للنزال بالأسلحة البيضاء إذا دعت الضرورة.
جدنا العظيم، بيرم التونسى، بضميره الشعبى اليقظ، رسم بقلمه المرهف، فى العشرينيات، لوحة احتجاجية شجاعة، مطلعها: أربع عساكر جبابرة يفتحوا برلين/ ساحبين بتاعة حلاوة جاية من شربين/ شايلة على كتفها عيل عينيه وارمين/ والصاج على مخها يرقص شمال ويمين.. ومنذ ذلك الحين، يتوالى ذلك المشهد جوهريا، وإن اختلف فى بعض التفاصيل.. فى الستينيات، بدأت القاهرة تشهد بعض الزحام، وقيل أيامها إن الهجرة من الريف هى السبب، وإن القادمين يعملون باعة جائلين، وتفتق ذهن المحافظ، ووزير الداخلية، إلى حل تعيس.
ترحيل الغرباء، وغدا من المألوف أن ترى، فى الفجر، مجموعة من الرجال، ذيول جلابيبهم معقودة إلى بعضها بعضا، يساقون إلى خارج حدود القاهرة، وأصبح من المألوف أن ترى «ست غلبانة» تحاول، عبثا، أن تنقذ قفص البيض أو مشنة البلطى الصغير من براثن وحوش البلدية. وفى مشهد يخلو من كوميديا، تمر أمامك عربة شرطة كبيرة، تحمل عربة يد مصادرة، فوقها قدرة فول أو كوم ترمس.
مع تفشى البطالة، وندرة فرص العمل، دخل المهنة فئات جديدة، بعضها من المتعلمين، يبيعون الجوارب وملابس الأطفال، يفترشون بضاعتهم على الأرصفة، يدفعون إتاوات لأصحاب محال كى يخبئوا عندهم «رأسمالهم» حين تداهمهم الحملة.. الباعة الجائلون عرض لمرض أعمق غورا وأوسع انتشارا.. تجاهلته قنواتنا، سواء قبل أو بعد الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.