جامعة الإسكندرية تدعو الكليات للاستعداد الجيد للمشاركة بجائزة مصر للتميز الحكومي الجديدة    "الإحصاء": 12.87 مليون مشترك في "التأمينات".. 95% منهم ب "الخاص"    تصدير 4100 رسالة غذائية بنحو 185 ألف طن لعدد 1320 شركة    عاجل- 8 مبانٍ قابلة للتحويل إلى مشاريع فندقية في القاهرة والإسكندرية    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال الرصف بسيدي سالم ضمن مشروعات الخطة الاستثمارية    جيش الاحتلال: قواتنا سترد بقوة على البنية التحتية لحماس وعناصرها    بث مباشر ليفربول ضد مانشستر يونايتد اليوم في قمة الجولة الثامنة من الدوري الإنجليزي    إنجاز جديد.. مصر تتوج بلقب بطولة العالم للأساليب التقليدية برصيد 54 ميدالية    معتصم سالم: يورتيتيش هو بطل "أوضة اللبس" في بيراميدز    مشاجرة تنتهي بجريمة قتل.. ضبط المتهم بطعن شاب في قرية سندوة بالخانكة    مشاجرة عائلية بالشرقية تنتهي بإصابة سيدة واتهامات بتحريض العم ونجله    إنجي علاء تتألق في العرض الخاص لفيلم "Happy Birthday" بمهرجان الجونة    الرئيس السيسي: نخوض حاليا حرب لتغيير واقعنا الاقتصادي    وزير الثقافة يشهد ليلة النجم وائل جسار بمهرجان الموسيقى العربية في دورته الثالثة والثلاثين    أبو سمبل تتزين لإستقبال ضيوف تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    تأليف محمد سيد بشير.. تفاصيل مسلسل مي عمر في رمضان 2026    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    رئيس جامعة أسيوط يتفقد أعمال حملة التطعيم ضد فيروس الكبد الوبائي B بكلية التمريض    عاجل- «الصحة» تطلق حملة شاملة لمكافحة الطفيليات المعوية تستهدف 4 ملايين طالب بالمحافظات الزراعية    فيديو.. نقيب الإعلاميين يكشف لأول مرة رأيه في التناول الإعلامي لقضية إبراهيم شيكا    فودين يُعدد مزايا هالاند فى تسجيل الأهداف مع مانشستر سيتي    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    ضبط نصاب انتحل صفة رجل دين بالإسكندرية    6 أبراج تفضل أن تتعلم مدى الحياة    الداخلية تواصل جهودها لتيسير حصول المواطنين على الخدمات والمستندات    معهد الفلك يكشف موعد ميلاد هلال جمادي الأول وأول أيامه فلكياً    الاحتلال يشن غارة ثانية على مخيم النصيرات وسط غزة    رئيس البرلمان العربي يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ    حسين فهمي: يوسف شاهين أستاذي وفخور بمهرجان الجونة    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    مدرب الزمالك يتقدم باستقالتة والنادي يعلن رحيله    ياسمين الخطيب: «علمني أبي ألا أبكي أمام أحد.. فسترت آلامي كما لو أنها عورات»    شعبة الذهب تقدم نصيحة للمتعاملين.. شراء الذهب الآن أم التأجيل؟    منتخب المغرب يرفض مواجهة الأرجنتين لهذا السبب    إصابه سائق ومرافق في حادث انقلاب سياره تريلا محمله بالقمح في المنوفية    40 ندوة توعوية، محافظ الفيوم يتابع أنشطة الصحة خلال شهر سبتمبر الماضي    عصابة العسكر تنتقم…حكومة الانقلاب تعتقل صحفيا بتهمة الكشف عن سرقة أسورة فرعونية من المتحف المصرى    البنك التجارى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بمنتصف التعاملات    إبراهيم العامري يكشف تفاصيل انضمامه لقائمة الخطيب في انتخابات الأهلي    اندلاع حريق في مصفاة نفط روسية بعد هجوم بطائرات مسيرة    الاستخبارات التركية تساهم في وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    «الرقابة المالية» تنظم ورشة لمناقشة تطورات السوق غير المصرفية    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    اللواء طيار عمرو صقر: نسور مصر قادرون على تغيير الموازين    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    وزير الصحة: ميكنة جميع بنوك الدم بنهاية 2026 وربطها بغرفة الطوارئ والأزمات    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    تمهيدا لإدخالها غزة .. قافلة المساعدات ال52 تتحرك باتجاه منفذي كرم أبو سالم والعوجة    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    حنان مطاوع تخوض سباق رمضان 2026 بمسلسل "المصيدة"    50 جنيهًا للحصة.. إجراءات جديدة من التعليم لتنظيم عمل المعلمين بنظام الحصة في المدارس 2025-2026    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرنامج الغائب
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 07 - 2011

«هنومة»، نجمتنا القديرة، هند رستم، حسب اسمها فى رائعة يوسف شاهين «باب الحديد»، تبيع زجاجات الكازوزة فى قطارات محطة مصر. فاتنة، نشيطة، ذكية، خفيفة الظل، تريد أن تأكل عيشها بعمل حلال، لكن الشرطة تطاردها، تجرى وراءها، من رصيف لرصيف، وبين القضبان، وهى، تدافع عن رأسمالها المتمثل فى دلو وحيد، بكل قواها. وحين تخفى ضابط الشرطة، أنور وجدى، فى «ريا وسكينة» لصلاح أبوسيف، كى يعرف سر العصابة الموغلة فى الشر والجريمة، ارتدى الجلباب والجاكتة، وأخذ يبيع السجائر التى وضعها على طاولة يحملها فوق كفه. فاتن حمامة، الرقيقة، باعت أوراق اليانصيب فى «عائشة» لجمال مدكور.
فريد شوقى، البطل الشعبى، ملك الترسو، الهارب من فقر قريته، يصل للقاهرة، يبيع البطيخ جائلا فى الشوارع، لحساب الطاغية الصغير توفيق الدقن، فى «الفتوة» لصلاح أبوسيف. وأخيرا، يكاد محمد سعد فى «اللمبى» لوائل إحسان أن يوفق فى مهنته كبائع للكبدة، لكن البلدية، مدججة بالشرطة، تصادر عربته.
الباعة الجائلون، ولو على استحياء، وعلى نحو هامشى، اعترفت بهم السينما المصرية، الأمر الذى يحسب لها. لكن قنواتنا التليفزيونية تجاهلتهم، وصحافتنا استنكرتهم، فبينما لم نسمع لهم صوتا فى طوفان البرامج، لا نقرأ فى الجرائد إلا عن نجاح أجهزة الأمن فى طردهم من هذا المكان أو ذاك.. وتتوالى أخبار المواجهات، العنيفة غالبا، بينهم والثوار فى ميدان التحرير.. هكذا، كأن الباعة وأستغفر الله مجرد موبقات يجب التخلص منها، أو ميكروبات وجراثيم، يستحسن إبادتها. لكن، فى المقابل، بعزيمة من حديد، أثبت الباعة حضورهم الممتد، عبر التاريخ والجغرافيا، ما أن يطاردوا، ويقبض عليهم فى فترة معينة، ويتم تحرير مناطق، خاصة ذات الطابع الارستقراطى، منهم، حتى يظهروا من جديد.. وفى كل مرة، يشتد ساعدهم عما كانوا عليه، وأصبحوا الآن، على استعداد للنزال بالأسلحة البيضاء إذا دعت الضرورة.
جدنا العظيم، بيرم التونسى، بضميره الشعبى اليقظ، رسم بقلمه المرهف، فى العشرينيات، لوحة احتجاجية شجاعة، مطلعها: أربع عساكر جبابرة يفتحوا برلين/ ساحبين بتاعة حلاوة جاية من شربين/ شايلة على كتفها عيل عينيه وارمين/ والصاج على مخها يرقص شمال ويمين.. ومنذ ذلك الحين، يتوالى ذلك المشهد جوهريا، وإن اختلف فى بعض التفاصيل.. فى الستينيات، بدأت القاهرة تشهد بعض الزحام، وقيل أيامها إن الهجرة من الريف هى السبب، وإن القادمين يعملون باعة جائلين، وتفتق ذهن المحافظ، ووزير الداخلية، إلى حل تعيس.
ترحيل الغرباء، وغدا من المألوف أن ترى، فى الفجر، مجموعة من الرجال، ذيول جلابيبهم معقودة إلى بعضها بعضا، يساقون إلى خارج حدود القاهرة، وأصبح من المألوف أن ترى «ست غلبانة» تحاول، عبثا، أن تنقذ قفص البيض أو مشنة البلطى الصغير من براثن وحوش البلدية. وفى مشهد يخلو من كوميديا، تمر أمامك عربة شرطة كبيرة، تحمل عربة يد مصادرة، فوقها قدرة فول أو كوم ترمس.
مع تفشى البطالة، وندرة فرص العمل، دخل المهنة فئات جديدة، بعضها من المتعلمين، يبيعون الجوارب وملابس الأطفال، يفترشون بضاعتهم على الأرصفة، يدفعون إتاوات لأصحاب محال كى يخبئوا عندهم «رأسمالهم» حين تداهمهم الحملة.. الباعة الجائلون عرض لمرض أعمق غورا وأوسع انتشارا.. تجاهلته قنواتنا، سواء قبل أو بعد الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.