10.3 ألف شكوى خلال أبريل.. تكثيف الحملات الرقابية على الأسواق ومحطات الوقود    إدارة شئون البيئة بالإسماعيلية تعقد حلقات حوارية للصيادين ببحيرة التمساح (صور)    تعليم الأقصر يحصد 9 مراكز على مستوى الجمهورية في نشاط الكشافة    وزير الاتصالات يبحث سبل جذب استثمارات يابانية جديدة للسوق المصرية    «الضرائب»: رفع 1.5 مليار وثيقة على منظومة الفاتورة الإلكترونية    «التموين» تواصل صرف «الخبزالمدعم» الجمعة 9 مايو حتى الخامسة    المالك والمستأجر تحت قبة "النواب" الأحد.. جلسات البرلمان حول الإيجار القديم تفتح الباب لمقترحات الأحزاب: مطالب بإرجاء التحرير وتعديل الزيادات.. وتحذيرات من أزمة إنسانية إن لم تُراع البُعد الاجتماعى    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    رانيا المشاط: زيارة الرئيس لليونان تفتح آفاقًا لدفع شراكات الاقتصاد والتجارة والاستثمار    وزير الري يؤكد سرعة اتخاذ قرارات طلبات تراخيص الشواطئ دعما للمستثمرين    من هو مسعود أزهر.. الرجُل الذي وضع الهند وباكستان على حافة الحرب؟    البابا ليو الرابع عشر للكرادلة بالانجليزية: لقد دعوتوني لأحمل الصليب وتحل علي البركة    8 شهداء في قصف إسرائيلي متواصل على قطاع غزة    ماك أليستر لاعب الشهر في الدوري الإنجليزي    مصر أكتوبر: مشاركة الرئيس السيسي في احتفالات موسكو تعكس تقدير روسيا لدور مصر    رسميًا.. ماك أليستر لاعب شهر أبريل في الدوري الإنجليزي    منع وعقوبة رياضية.. قرار جديد من "كاف" بشأن مدربي الأندية والمنتخبات الإفريقية    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    الشباب والرياضة بالأقصر تنظم ورشة عمل الاكسسوارات والأعمال الحرفية    4 مصابين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالشرقية    دون وقوع إصابات... سقوط سلك كهرباء تيار عالي على 3 منازل بكفر الشيخ والحماية المدنية تخمد الحريق    ضبط 3 طن دقيق فاخر مجهول المصدر و185أسطوانة بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء في المنوفية    الهضبة في الكويت.. تفاصيل ما حدث بحفل عمرو دياب في "الأرينا" (صور)    مروان موسى: أنا مش سلعة علشان أقعد أتابع أرقام الأغاني    أحداث مشوقة ونجوم كبار.. "حرب الجبالي" على الأبواب    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز توت عنخ آمون استعدادا للافتتاح الرسمي    ووكر بيرسى.. ضائع فى هذا العالم    السفير الأمريكى لدى إسرائيل: ترامب يوجه بتوزيع الغذاء فى غزة عبر 400 نقطة    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    قصة وفاء نادرة.. كيف ردّ النبي الجميل لامرأتين في حياته؟    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بالنواب لتفقد مستشفى الناس    لطفل عمره 13 عامًا وشقيقته هي المتبرع.. نجاح أول عملية زرع نخاع بمستشفى أبوالريش المنيرة    إطلاق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد ومراكز الجهاز الهضمي باستخدام تكنولوجيا التطبيب «عن بُعد»    ميرتس يدعم اقتراح ترامب بعقد هدنة في أوكرانيا    بسبب حادث سير.. تغيير في طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا    سقوط شبكة دولية لغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات بمدينة نصر    الأمن يضبط شخصًا أشهر سلاحًا أبيض في مشادة بالإسكندرية    سنن النبي وقت صلاة الجمعة.. 5 آداب يكشف عنها الأزهر للفتوى    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    جدول امتحانات خامسة ابتدائي الترم الثاني 2025 بالقليوبية «المواد المضافة للمجموع»    حفيدة الشيخ محمد رفعت: جدى كان شخص زاهد يميل للبسطاء ومحب للقرآن الكريم    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    عودة الراعي، البابا تواضروس يحمل إلى القاهرة رسائل سلام من قلب أوروبا    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    إنفانتينو يستعد لزيارة السعودية خلال جولة الرئيس الأمريكي ترامب    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ يقف فى صف الديمقراطية
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 01 - 2011

سمعت ذات مرة مسئولا أوروبيا رفيع المستوى يقول إن مشكلة الديمقراطية تعود إلى أن الرئيس جورج بوش كان كبير مشجعيها. وكان الرجل محقا.
فالعراق كان قد غرق حديثا فى فوضى دموية. وبما أن الرئيس الأمريكى حينها كان هو كبير الدعاة، فقد كانت الديمقراطية سلعة يصعب بيعها.
منذ ذلك الحين، أصبحت القيم الغربية موضة قديمة. ففى البداية، جاء إدراك ما بعد العراق بأن فرض القيم الغربية بواسطة صواريخ كروز ليس بالأمر الهين. ثم أصبح واضحا بالنسبة للمحافظين الجدد والليبراليين الدوليين أن هناك ما يتجاوز صناديق الاقتراع بكثير.
فهناك مسائل صغيرة مثل حكم القانون، واستقلال القضاء، والمؤسسات الفاعلة. وعلينا ونحن ننجز كل هذا مراعاة الظروف الثقافية. والدرس المستفاد من أفغانستان هو أن الغرب ليس لديه الرغبة فى بناء الدولة.
وقد تغير توازن القوى العالمى بأسرع مما يتخيل إنسان. وكان من الأسهل دائما على الرئيس الأمريكى تسلق منبر الوعظ عندما تشعر واشنطن باستقرار هيمنتها. وقد خفف تراجع القوة الأمريكية، وسرعة صعود الصين والحكم المستبد فى روسيا الغنية بالنفط مما تبقى من الحماس التبشيرى.
ولا يزال الساسة الأمريكيون والأوروبيون يبشرون بمزايا الحرية والديمقراطية، لكن المواعظ تقدم بصوت مبحوح. وغالبا ما يلون يسار الوسط فى أوروبا القيم الديمقراطية بألوان الاستعمار الغربى. وفى ظل هذا الالتواء الغريب، يبدو الترويج لحقوق الإنسان عملا من أعمال القمع بشكل أو بآخر.
وقد شهد نجاح حركة حماس فى الانتخابات من يسمون أنفسهم بالواقعيين السياسيين وهم ينبهوننا بأن نكون حذرين فيما نتمناه. فالانتخابات لا بأس بها عندما تقدم الإجابات الصحيحة. ولكن الشرق الأوسط يقدم إلى حد كبير إجابة خاطئة.
وعلى أى حال، هناك مساومات جيوبوليتيكية وصفقات تجارية رابحة تعقد مع أنظمة قمعية. وفى عصر السياسة العملية الجديدة، تجاهر حكومة ديفيد كاميرون البريطانية بإشادتها بارتماء عملاق الطاقة BP فى أحضان روسيا فلاديمير بوتين. ويفرد الاتحاد الأوروبى البساط الأحمر لطغاة كالرئيس الأوزبكى إسلام كريموف.
وتُعرض الأحداث منذ زمن بعيد كنبوءات مبتذلة ومتغطرسة لمسيرة الديمقراطية التى لا يمكن مقاومتها، فى مرحلة ما بعد الحرب. وأيد الباحثون، الذين تخيلوا يوما عالما من الديمقراطيات المشرقة، كيانات أخرى يتصورون نجاحها. وهم يواجهون الآن تحدى نموذج جديد وواثق من نفسه لرأسمالية الدولة. ويمكنك أن تسمع هؤلاء النقاد يقولون إن المستبدين يجعلون الأمور تسير على الأقل.
تشهد الديمقراطية تراجعا على أرض الواقع. وترى فريدم هاوس، وهى مؤسسة أبحاث مقرها واشنطن تتابع مصائر التعددية السياسية، أن الحرية العالمية شهدت «فى عام 2010 تراجعا لخمس سنوات على التوالى».
فقد انخفض عدد البلدان التى يمكن وصفها ب«الحرة» من 89 إلى 87 بلدا، وتراجع عدد البلدان التى تتبنى الديمقراطية الانتخابية إلى 115 بعد أن كانت 123 فى عام 2005. ومن غير الضرورى أن تتفق مع منهج فريدم هاوس لتقر بأن المستبدين هم أصحاب اليد العليا.
وقبل خمس سنوات مضت، وعد السيد بوش بتحول ديمقراطى فى الشرق الأوسط. وقد تخلى عن طموح خطاب تنصيبه الثانى بمجرد الانتهاء من إلقائه تقريبا. إذ سرعان ما اتُفق على أن ترك الشارع العربى يعبر عن رأيه يهدد بتدعيم متطرفين كحماس. والأفضل أن نتسلل عائدين إلى وضع الحرب الباردة المريح حيث نهدهد الطغاة الودودين. وأمكن لمبارك، رئيس مصر، أن يقر عينا مرة أخرى.
لكن كانت هناك عقبة باستمرار. فالناس يحبون الديمقراطية حبا جما. والأمم الصاعدة تشجب تدخل الإمبريالية الأمريكية والأوروبية وتستاء من شعور الغرب المتأصل بتفوقه. لكن الحرية وحكم القانون والكرامة الإنسانية لها جاذبيتها الكبيرة خارج الغرب.
وهذا ما نشهده فى تونس. إذ كشفت الانتفاضة التى أنهت 23 عاما من حكم زين العابدين بن على ما كان الغرب يعرفه دائما، لكنه فضل أن ينساه. فحتى أكثر الطغاة الذين يبدون آمنين هم عرضة للسخط الشعبى.
وحتى اللحظة التى أُجبر فيها السيد بن على إلى الفرار من تونس، اختارت الديمقراطيات الغنية الوقوف إلى جانب «الاستقرار» ضد الشارع. وعبرت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، عن تشاؤمها. لكن الجميع تقريبا كانوا يغضون الطرف مادام النظام «مواليا للغرب».
ومن غير الممكن التنبؤ بتأثير ما حدث على مناطق أخرى من الشرق الأوسط. ويرى البعض فى الإطاحة بالسيد بن على شرارة فتيل بطىء الاحتراق مقارنة بمولد حركة تضامن فى بولندا فى ميناء جدانسك فى 1980. ويرى آخرون أن الأنظمة القمعية الأخرى التى تعد مصر أكثر ما يُذكر من بينها يمكن الإطاحة بها بصورة أسرع من ذلك بكثير. وفى كلتا الحالتين، من الواضح أن تزايد أعداد الشباب والمصاعب الاقتصادية والاستياء الشعبى تؤجج جمرة الديمقراطية.
إن الولايات المتحدة وأوروبا بحاجة إلى إعادة التفكير. وقد تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية، فى القاهرة، قبل سنوات قليلة عن الفشل الواضح لسياسة دعم الطغاة فى الشرق الأوسط التى دامت عقودا طويلة. فهى التى بذرت بذور التطرف العنيف وضحت بالاستقرار البعيد المدى فى سبيل المنفعة. وكانت كوندوليزا رايس محقة. ومن المؤسف أنها كانت تعمل مع السيد بوش.
تعد الانتفاضة التونسية تذكيرا بقوة الأفكار السياسية، وبجاذبية الديمقراطية. ولم ينزل المحتجون إلى الشارع دعما للقيم الأمريكية أو الأوروبية، بل فعلوا ذلك للمطالبة بالحرية والكرامة التى توفرها النظم الشعبوية.
ومن الأشياء الصادمة فى عالم اليوم انتشار الطغاة الذين يتظاهرون بالديمقراطية. حتى النظم التى تزدرى كل ما يمت بصلة للنموذج الغربى تود ادعاء الشرعية التى تضفيها الخيارات الديمقراطية.
وتتمتع بيجين بنظرة أكثر تدرجا مما يبدو. وقد شهد هذا الأسبوع الرئيس الصينى هو جنتاو وهو يقر بأن على الصين تحسين أوضاع حقوق الإنسان. وفى روسيا، حتى السيد بوتين وجد نفسه مضطرا للتعبير عن احترامه لحكم القانون.
وليس من هم من يحبذ حملة عسكرية على طريقة بوش. لكن على الغرب أن يظهر ثقته الكبيرة فى القيم العالمية. فهناك فارق بين أن تتعامل مع العالم كما هو، وأن تجد نفسك فى نفس فريق أمثال بن على. نهاية التاريخ لم تأت بعد. ولا يزال يقف مع ذلك فى صف الديمقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.