يدعى بعض رموز العمل السياسى فى مصر والكثيرون من المنتمين للطبقة الوسطى أن وعى المواطنين فى المناطق المحرومة اقتصاديا محدود وأن أصواتهم يسهل التلاعب بها فى الانتخابات إما بشراء الأصوات أو بالتوظيف غير الأمين للدين أو بتقديم وعود وهمية أو غيرها. والحقيقة أن مثل هذا الادعاء لا علاقة له بما ألمسه الآن على الأرض فى إطار العمل الانتخابى. فى الحوارات المباشرة واللقاءات العامة واستطلاعات الرأى تجمع أغلبية المواطنات والمواطنين على أن أصواتهم لن تباع وتشترى هذه المرة ويربطون بين إصرارهم على المشاركة فى الانتخابات بجدية وبين جدية الانتخابات نفسها. الأغلبية من بين من التقى لا تتوقع تزويرا فى الانتخابات وتخوفها من عنف أو بلطجة يرد عليه بأن الانتخابات لن تشهد عنفا إن شاركنا بها بكثافة.
الأغلبية تعترض على امتهان كرامتهم الإنسانية وانتهاك حقوقهم السياسية بمحاولة التأثير على سلوكهم التصويتى من خلال توزيع الهدايا العينية أو الهبات المالية. المبهر هو أن الكثير من المواطنين، وفقا لتقارير بعض منظمات المجتمع المدنى، رفضوا هدايا قدمت لهم من قبل مرشحين فى الانتخابات بما فى ذلك توزيع لحوم أيام العيد.
العدد الأكبر ممن أتحدث معهم لا يبحثون عن مرشحين يقدمون لهم اليوم هدايا عينية وبالغد إن نجحوا يعيدون صناعة النموذج الفاسد لنواب الخدمة بمضمونها غير التنموى والقائم على المحسوبية والفساد واستغلال أجهزة الدولة. هم يبحثون عن نواب يمثلون الدوائر لتحقيق التنمية ويمثلون الأمة لتحقيق الصالح العام. الوعى بحاجة مصر لبرلمان يتجاوز خبرة العقود الماضية ويقوم بعمل تشريعى ورقابى حقيقى منتشر بين المواطنات والمواطنين على اختلاف أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية بصورة تفوق بكثير توقعات النخبة والطبقة الوسطى.
هذه بداية رائعة ومبشرة للممارسة الديمقراطية فى مصر.